• ×
admin

عش بقناعة .. تسعد

عش بقناعة .. تسعد


هند المسند

الحياة عبارة عن رحلة نخوضها منذ أن نخرج لهذه الدنيا حتى نعود لباطنها ... ورحلة الإنسان غريبة وقلما من يتعظ بها فهو يبدأ في حيز صغير يكاد يكفيه وهو متقوقع على نفسه يقتات من جسد أمه ... ليعود لحيز أيضا يكفيه لكن هذه المرة سوف يُقتات منه.
وبالرغم من معرفة هذا المفهوم لدى جميع البشر إلا أنهم مازالوا في تخبط .. مازالوا في مشاحنات ... مازالوا في كيل وغدر وكره ... والبعد عن كل ما هو جميل.
قلما تجد من البشر من يحيا هذه الحياة بقناعة تامة .. راضياً بما كتبه الله عليه .. وبما قسمه له .. بعيداً عن الحرام قريبا من الحلال .. يتحرى الصدق في تعامله وكلامه وسائر حياته.
فالأغلب لا يجد الراحة أبداً في طريق حياته ... فهو يريد هذا ويريد ذاك ... المال هو شريان حياته .. والسفور وتقليد الغرب حتى في ألفاظه هو التطور في عينه.
ناهيك عمن كرس حياته للعمل طوال الوقت ولم يعط نفسه حقها.
ومما يؤسف عليه ذلك النوع الذي أوقف حياته عند مسار معين ولم يحاول الخروج منه بل وقف كالمتفرج ليرى حياة الجميع تمر من أمامه وهو يرثى لحاله.
هذا على سبيل الحصر فقط من الأنواع التي تصادفنا يومياً ... فهل فكر أحدنا بعد قراءة هذا المقال من أي صنف هو؟ وهل حقاً علم أنه خرج من مكان ضيق ليعود لمكان أضيق إن لم ينعم الله عليه بأن يفسح له في قبره.
والعجب أن الكل يعلم أن الله قد قسم الرزق ... فلن يأخذ أي أحد من هذه الحياة إلا ما قسم الله له ..... فلم التناحر؟
لماذا الكيد ؟ لماذا الغدر ؟ لماذا الكره؟ لماذا؟؟؟؟؟
لطالما كان فكر الإنسان محصوراً في تغيير نمط حياته. فالكل يبحث عن نواقصه والكل يبحث عن استقرار حياته التي لا تنتهي أبداً حتى يوضع في مكانه الأخير.
الكل يحمل الهموم لغد ... هموم تنوعت أشكالها وأهدافها ... يموت وهو مازال متعلقا بهذه الدنيا التي لن يطال منها إلا ما قسمه الله له ... فلم الهم ؟ لا أعلم ..
وجميع من ذكرت في السابق هم اولئك الذين سيحملون الهم معهم أينما ذهبوا لأنهم حملوا الدنيا في قلوبهم ... وزرعوا حب المال في نفوسهم ... وجعلوا اعتلاء المناصب وحب السلطة محض تفكيرهم .. الذين جعلوا البشر أمثالهم يسيرون حياتهم .. وفي الأخير جميعهم سيودعون لمكانهم الضيق ... والحساب على قدر العمل. أما ذاك الصنف الذي اقتنع بأن الحياة ستنتهي به كما بدأت فهو ذاك الصنف الذي يحيا بسعادة ... يحيا بقناعة ... يحيا ولم يحمل في قلبه إلا همّ مثواه الأخير .
ومع ذلك تجده يسعد بهذه الدنيا وينهل من خيرها ويعيشها بسعادة غامرة ورضا بما كُتب له فيها
فمرحى لمن وجد الاستقرار في حياته ... وشكر الله عليها..
مرحى لمن رزقه الله المال والبنين الصالحين .. فقر عينه بمن يذكره بعد موته.
مرحى لمن لم يجعل الدنيا والمال أكبر همه .... فأضاع حياته وسعادته في النهل منهما .... فثقُل عليه الحساب
ومرحى لمن لم يحاسب هذا ولا ذاك بما فعلوه له ... وكان قلبه هو الذي يملي عليه جميل الطبائع.
ويا لسعادة من وجد الحب الصادق في جميع من حوله ... ووجد الصاحب الناصح في حياته ... والعائلة المتفهمة والمتواجدة دوماً حوله.
فلا تبكي على ما مضى من عمرك ... بل ابن لك طريقاً جديداً تواصل فيه مع نفسك وقيم احتياجاتك وعش بقناعة أن الله قسّم كل شئ ... حتى تعيش بسعادة فيما تبقى من عمرك.

المصدر: صحيفة اليوم
بواسطة : admin
 0  0  1709