• ×
admin

المقاصف المدرسية تزود الطالب بسعرات حرارية عالية

المقاصف المدرسية تزود الطالب بسعرات حرارية عالية تنذر بانتشار السمنة والأمراض في المجتمع السعودي
الناحية المالية تطغى على الجانب الصحي والغذائي (2)

د. عبدالله بن ابراهيم السدحان

الجهات التعليمية في الدول المتقدمة بصحة الطالب من الناحية التغذوية، منذ مرحلة ما قبل المدرسة، ومدى توفر احتياجات الطالب من العناصر الغذائية اللازمة للنمو، وتلافي سوء التغذية، مع متابعة جودة الأصناف الغذائية المقدمة، وغرس المفاهيم التغذوية لتصحيح العادات الغذائية للطلاب ورفع مستوى وعيهم وتحسين سلوكهم الغذائي، وتقديم المعلومات والخبرات عن سلامة الغذاء والوجبات المتوازنة ونقلها إلى الأسرة والمجتمع، إضافة إلى توجيه المجتمع غذائيا بما يتوافق مع التخطيط والأمن الغذائي الوطني، وتشجيع المجتمع على استهلاك الصناعات الوطنية والمنتجات الغذائية المحلية.

التغذية المدرسية ومراحل تنظيم المقاصف المدرسية

مرّت المقاصف المدرسية في وزارة التربية والتعليم بعدد من الطرق التشغيلية، حيث بدأت (فترة ماقبل عام 1403ه) بتوفير بعض الوجبات الخفيفة والمشروبات الغازية والساخنة إضافة إلى بعض المستلزمات المدرسية البسيطة، ويتم إعداد الغذاء وبيعه من قبل أحد المستخدمين في المدرسة وبمشاركة بعض الطلاب، وفي نهاية عام 1403ه تم وضع اشتراطات للمبنى والمواد الغذائية والعاملين وتنظيم المراقبة الصحية، وفي عام 1408ه بدأ العمل بتنظيم الجمعيات التعاونية المدرسية، حيث وضعت بعض الأنظمة المالية للمقصف، بتوزيع الأرباح في نهاية العام الدراسي (40% للطلاب المساهمين في الجمعية، 30% للنشاط المدرسي، 10% حوافز لأعضاء مجلس الإدارة، ولا يزيد على 20% لصيانة المدرسة)، وفي عام 1415ه بدأ العمل بنظام تشغيل المقاصف المدرسية، حيث وضعت المواصفات وأنواع ما يقدم من أغذية عن طريق لجنة النشاط المدرسي والصحة المدرسية (وليست إدارة التغذية)، ويصرف عائد المقاصف في الأوجه التالية (40% النشاط المدرسي، 20% جوائز وحوافز تشجيعية للمدرسين والطلاب المبرزين، 40% متطلبات وإصلاحات طارئة للمدرسة)، بعدها أرسلت وزارة الصحة في عام 1417ه إلى وزارة المعارف توصيات وتنظيمات المقاصف المدرسية، وفي عام 1421ه تم نقل مسؤولية المقاصف إلى إدارة التغذية بعد نقل الإدارة إلى الصحة المدرسية، ولكن استمر الوضع على ما هو عليه، فالتنظيم المالي والإداري يتبع النشاط المدرسي، والمتابعة والتنظيمات الصحية لإدارة الصحة المدرسية وليس إدارة التغذية، بعدها عادت إدارة التغذية بخفي حنين إلى الإدارة العامة لخدمات الطلاب.

إذا.. ومن خلال مراحل المقاصف المدرسية، نلاحظ أن أهم أسباب تردي خدمات المقصف المدرسي هو بسبب توجه الاهتمام إلى الناحية المالية في المقاصف، والذي طغى على الجانب الصحي والغذائي، وقد تم ذلك بسيطرة إدارة النشاط المدرسي بهدف الحصول على العائدات المالية لتمويل الأنشطة المدرسية، وهناك خلل واضح في عدم تكليف إدارة التغذية بمتابعة المقصف المدرسي طوال السنوات الماضية، كما أن الاتفاقات والعقود في نظام التشغيل المركزي للتغذية المدرسية تم مع الشركة المنفذة دون الرجوع إلى إدارة التغذية أو الإدارة العامة لخدمات الطلاب أو الصحة المدرسية في الجهاز المركزي بالوزارة!

وجبات التشغيل المركزي

تقدم في وجبات التغذية المدرسية (التشغيل المركزي) معجنات جاهزة ومغلفة، ومن أهم الأصناف المقدمة هي: دونات الشوكولاته، دونات السكر، بيتزا، سوبر بيتزا، ميني دونات الشوكولاتة، فطيرة نقانق الدجاج. وعند تحليل العناصر الغذائية لهذه الأصناف نلاحظ ارتفاع كمية السعرات الحرارية بشكل كبير، حيث أن تناول حبة واحدة من المعجنات (شوكلاته 773سعرا حراريا) وشراب البرتقال - وليس العصير الطبيعي- (140 سعرا حراريا) تزود الطالب بمجموع (913 سعرا حراريا)، أي 65-75% من مجموع السعرات اليومية التي يحتاجها، وعند تناول الطالب حبتين خلال اليوم الدراسي، فذلك يعني تناوله أكثر من ضعف احتياجاته اليومية من السعرات الحرارية، وهذا قد يتسبب في سوء التغذية، وانتشار السمنة بين أطفال المدارس مع نقص كبير في احتياجاتهم اليومية من البروتينات وبعض الفيتامينات والمعادن، بينما في الجهة الأخرى تُعزى النحافة الشديدة بين بعض الطلاب بسبب تناول الأغذية عالية السعرات الحرارية وذات القيمة الغذائية المنخفضة، حيث يقلل من إقبالهم على الوجبات الرئيسية الأخرى، وعدم رغبتهم في تناول الوجبات المنزلية بسبب تشكل السلوك الغذائي الخاطئ لديهم، وبالتالي حرمان الطالب من العناصر الغذائية التي يحتاجها. وعلى وزارة التربية والتعليم أن تستفيد من تجربة جامعة الملك سعود التي دأبت على تقديم الوجبات الصحية لطلابها بأسعار رمزية، وكذلك الاستفادة من البرامج العالمية للوجبات المدرسية.

برامج التغذية المدرسية وبرنامج الأغذية العالمي

أظهر تقرير أصدره البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي الأهمية البالغة للتغذية المدرسية في إبقاء الأطفال في المدارس، وتحسين مستواهم التعليمي وصحتهم، وتعزيز الأمن الغذائي. ويقول التقرير الذي جاء بعنوان \"إعادة النظر في برامج التغذية المدرسية: شبكات الأمان الاجتماعي، ونمو الطفل، وقطاع التعليم\" إن برامج التغذية المدرسية تساهم في زيادة نسبة الحضور بالمدارس، وتساعد الأطفال في التعلم بصورة أكثر فاعلية، وتحفز على تحسين الأداء داخل الفصول الدراسية، وتعد برامج التغذية المدرسية من بين الحوافز الرئيسية لالتحاق الأطفال، ويتفق روبرت زوليك رئيس مجموعة البنك الدولي مع المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي جوزيت شيران بقوله \"اننا تخطينا الجدل بشأن جدوى التغذية المدرسية كوسيلة للوصول إلى الفئات الأكثر حرمانا\". ويجب أن ينصب تركيزنا في كيفية تصميم برامج التغذية المدرسية وتنفيذها بطريقة منخفضة التكاليف ومستدامة لإفادة وحماية الفئات الأشد احتياجا للمساعدة في الحاضر والمستقبل\". ويعكف برنامج الأغذية العالمي على العمل مع البلدان لصياغة برامج التغذية المدرسية التي تتسم بالاستدامة والفاعلية، بالاعتماد ما أمكن على ما ينتجه المزارعون المحليون\". ويعتمد النجاح في تحويل برامج التغذية المدرسية إلى برامج وطنية مستدامة بدمج التغذية المدرسية في السياسات الوطنية، لا سيما خطط قطاع التعليم. وأثبتت التجربة أن استخدام المحاصيل الزراعية المحلية في توفير احتياجات برامج التغذية المدرسية قد ساهم في زيادة دخل المزارعين، وحفز نمو الاقتصاد الوطني، وعزز الأمن الغذائي، وقلل من تكاليف التغذية المدرسية فضلا عن تحسن صحة الطلبة وتحصيلهم الدراسي.

الوجبات المدرسية في الدول المتقدمة

من الملاحظ أن برامج التغذية المدرسية أشمل ما تكون في البلدان المرتفعة والمتوسطة الدخل. فعلى سبيل المثال، يحصل أكثر من 50% من أطفال المدارس في واشنطن العاصمة على وجبات مدرسية مجانية، كما تتمتع اليابان بواحدة من أشمل برامج التغذية المدرسية في العالم، بينما تقدم الوجبات المدرسية المجانية في الصفوف الثلاثة الأولى في اسكتلندا، وتقدم الوجبات المدرسية المجانية لجميع طلاب المرحلة الابتدائية في مقاطعتي نيوهام ودورهام في انجلترا، بينما تقدم وجبات التغذية المدرسية بأسعار مخفضة أو مجانية في الولايات المتحدة.

ولكن ما هي الأطعمة التي يمكن تقديمها في المدرسة، أسئلة تتبادر إلى الأذهان، فالوجبات المدرسية تسهم بدرجة مؤثرة في مقدار ما يتناولونه من عناصر غذائية، خاصة لدى الأطفال الذين لا يشعرون بالجوع في الصباح الباكر، ولا يقبلون على وجبة الإفطار المنزلي، وهنا يمثل الإفطار المدرسي حلا مثاليا. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تخضع الوجبات المدرسية للوائح المنظمة من الحكومة الأمريكية، حيث صممت أنماط الوجبات وفقا للهرم الغذائي الذي صممته وزارة الزراعة الأمريكية، وحرصت على تزويد الطفل بربع احتياجاته من العناصر الغذائية الرئيسية في الإفطار المدرسي، وحوالي ثلث هذه الاحتياجات في وجبة الغداء المدرسي. ولقد كان لبرنامج خدمة تقديم الطعام بالمدارس \"وهو برنامج حكومي تابع لوزارة الزراعة الأمريكية\" دور بارز في مساعدة الأطفال والمراهقين على اختيار الأغذية الصحية المناسبة، وتقديم وجبات غذائية جذابة للطلاب، مع التوجيهات والإرشادات الغذائية المناسبة.

وكانت معظم برامج التغذية المدرسية في أمريكا موجهة لإضافة المزيد من الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة، وتعديل النظام الغذائي إلى نظام أقل في كمية الدهون، مع مراعاة ظروف الطالب الصحية عند إصابته بالحساسية أو بعض الأمراض المزمنة، وتحظى معظم برامج التغذية المدرسية في الولايات المتحدة بدعم مالي فيدرالي، وبذلك فإن الطلاب والطالبات (مهما كان مستوى دخل عائلاتهم) يستطيعون الحصول على وجبات مغذية أثناء اليوم الدراسي بتكلفة منخفضة، بينما يستطيع بعض الأطفال (ذوي الظروف المادية الضعيفة أو المتعثرة) في الحصول على وجبات مجانية أو بأسعار رمزية للوجبات، كما يرتبط برنامج التغذية المدرسي (ارتباط اختياري وغير إلزامي) بخدمة الحصول على تأمين صحي مجاني أو مخفض للطلاب في برنامج الرعاية الطبية (Medicaid) أو برنامج الدولة للتأمين الصحي للأطفال (SCHIP). بحيث تكون فرصهم أكبر في الحصول على رعاية طبية منتظمة ويقل احتمال غيابهم عن المدرسة بسبب المرض، ولعل هذه الطريقة أفضل من وضع الصحة المدرسية الحالية، والذي يعتبرها البعض هدرا ماليا، حيث لم تقدم خدمات صحية متكاملة لأبنائنا الطلاب، مع ازدواج خدمات الرعاية الصحية البسيطة التي تقدمها مع خدمات وزارة الصحة.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  2073