• ×
admin

الرياض ومحاصرة التباعد

الرياض ومحاصرة التباعد


أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم

لا شك أن العراق نبض في جسم الأمة العربية، وبينه وبين الأمة الإسلامية وشائج أخوة، وقد طالت بين أهله ومن يمثلونهم من الكتل والتجمعات الحزبية فترة التلاقي وحل محلها التباعد، فجاء نداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لجميع الكتل العراقية السياسية للتلاقي في الرياض لمحاصرة هذا التباعد، والاجتماع للتفاهم في شأن هو في حقيقته يخدم الجميع ويحقق استقرارا سياسيا، وفي الاستقرار السياسي ما فيه من الأمن والحياة الطيبة للناس كل الناس، على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وقومياتهم وأجناسهم. واليوم، العراق أحوج ما يكون لهذا الأمن والاستقرار، وما دامت تلك الأحزاب والكتل السياسية رضيت بطريق الانتخابات، فعليها أن تصل إلى حل لتشكيل حكومة تأخذ في اعتبارها ما يحقق مصحلة الجميع، وقد حاولت وبذلت جهدا كبيرا في ذلك، إلا أن نداء المملكة الأخوي للاجتماع في الرياض إنما هو لتقريب وجهات النظر، يدفعها في ذلك حرصها وحرص ولي أمرها الملك عبد الله ــ حفظه الله ــ لأن تبقى العراق ذات سيادة وتحت مظلة حكومة شراكة تأخذ في اعتبارها مصحلة الشعب، كما أنها تعمل على تعزيز اللحمة بينها وبين أشقائها العرب، خاصة من لها معهم تاريخ ومجد وصداقة وعروبة، وبينها وبين الدول الإسلامية أخوة الدين.
إن على الساسة العراقيين أن يتنازلوا ما أمكن عن شروط ومتطلبات هي في حقيقتها لا تخدم إلا أجندة غير عراقية، وعليهم أن يجدوا مخرجا لأنفسهم من خلال هذا النداء، خاصة أن المملكة ذات تجربة ناجحة في لم الشمل والمبادرات الإنسانية، ومهما كرس الإنسان مفهوم الحزبية فإنه لا يطاله منها غير الخسران، خاصة دولة في حجم العراق مساحة وسكانا وتباينا في الانتماء الطائفي والفكري والقومي، إن إقصاء التباعد لا يتم إلا من خلال الحوار والمحبة وتغليب مصلحة الوطن على مصلحة الأفراد والتكتلات.
«هذه أيدينا ممدودة لكم ليصافح الوعي راحتنا فنعمل سويا من أجل أمن ووحدة واستقرار أرض وشعب العراق الشقيق».. بهذه العبارات الأخوية الرقيقة من خام الحرمين الشريفين ختم النداء للاجتماع في الرياض، الاجتماع المصحوب بـ«الوعي»، الوعي لما عليه العراق اليوم من الشتات والفرقة، والوعي لاضطراب حاله الأمني، والوعي لمن يصيد في مائه العكر، والوعي لحالة الإنسان ومتطلباته، لقد تعب الشعب العراقي كثيرا، وهو اليوم بحاجة لمن يريحه ويمنحه إكسير الحياة، ولا أحد مهيأ لذلك، مثل قياداته ومن يمثلونه سياسيا والمنوط بهم قبول نداء القلب.. نداء خادم الحرمين الشريفين.. نداء الرياض.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1151