إدارة ضغوط الحياة
إدارة ضغوط الحياة!
د. محمد بن محمد الحربي
إذا كنت قد وصلت لمرحلة لا يمكنك أن تفعل شيئا للتغلب على الضغوط التي تواجهها في حياتك بطريقة صحيحة أو كانت استراتيجياتك الحالية للتعامل معها لا تكفي لتحقيق نتائج إيجابية؛ فإن هذا الكتاب قد يمدك بالمعلومات التي تحتاجها لتسيطر على ضغوط الحياة، وتشعر بالسلام الداخلي.
هذه مقدمة كتاب الدكتورة (L.Leyden) الذي يدور حول استراتيجيات إدارة الضغوط، والتمتع بالصحة والسلام الداخلي. وهي قضايا حياتية أصبحت تثير اهتمام الكثيرين، خاصة ممن يتعرضون لضغوط متعددة، زادت وتيرتها مع صخب الحياة وإيقاعها اليومي.
ترى المؤلفة بأننا أكبر مصدر للتوتر الذي يجلب لحياتنا أمراضا نفسية وجسدية عديدة، وذلك بسبب ما نقوله لأنفسنا عن أنفسنا من أفكار سلبية، على الرغم من معرفتنا أن الغالبية العظمى منها مجرد تحريفات للواقع؛ فهناك دائما خيارات واستراتيجيات إيجابية علينا التحول إليها. وعندما نشعر بالضغوط، والغضب، والقلق، والخوف وعدم الأمان، ثم الاكتئاب أو بخليط من هذه المشاعر، يصبح لدينا ميل للبقاء على هذه الحالة، والتركيز على أفكارنا ومشاعرنا السلبية تجاه الشخص أو الموقف الذي نلقي عليه اللوم، ثم نقضي وقتا طويلا للتحليل والتبرير، وإصدار الأحكام أو الشعور بأننا ضحايا!!
وتؤكد الكاتبة أن الهدف من عقاقير العلاج النفسي هو السيطرة على الأعراض، لكنها لا تعالج سببها. مما يحتم اللجوء لبرامج وأساليب علاجية غير تقليدية للسيطرة على التوتر والضغوط، تركز على التفاعل بين العقل والجسد، من منطلق أنهما مرتبطان بشدة، حيث أظهرت الأبحاث أن كل فكرة نفكر فيها تنتج رد فعل كيميائي في العقل ينتقل خلال ثوان لكل خلية في الجسد. وهو ما يؤكد الارتباط الوثيق بين صحتنا النفسية، وصحتنا الجسدية.
وقد أجرت الكاتبة دراسة مسحية على عينة عشوائية من عملاء عيادتها النفسية، باستخدام استراتيجية التفاعل بين العقل والجسد، وأظهرت النتائج أن 93 في المائة منهم تمكنوا من السيطرة على توترهم، وشعروا بصحة نفسية وجسدية أفضل، وأن 78 في المائة حققوا مستوى مرتفعا من الصحة والسلام الداخلي، ونجحت مجموعة كبيرة منهم في الاستغناء تماما عن العقاقير.
المدهش أن بعض خبراء العلاج النفسي يؤكدون بأننا نحتاج إلى الضغوط في حياتنا! فبدونها ستصبح الحياة كئيبة، وغير مثيرة؛ فهي تدفعنا للتحدي، والبحث المستمر عن فرص النجاح. لكنهم يحذرون في نفس الوقت من خطورة الضغط الزائد الذي يؤثر على سلامتنا البدنية والعقلية، ولذلك علينا أن نجعل ضغوط الحياة تعمل لصالحنا وليس ضدنا، وأن نستخدم ما يعرف بفنون إدارة الضغوط و تخفيفها، وهو ما سنتطرق إليه في المقال القادم بمشيئة الله تعالى.
المصدر: صحيفة عكاظ