ازرقاق الأطفال.. قد يكون علامة لأمراض خطيرة في القلب
ازرقاق الأطفال.. قد يكون علامة لأمراض خطيرة في القلب
نتيجة نقص شديد في نسبة الأكسجين في الدم والذي تقاس نسبته عن طريق جهاز صغير يتم توصيله إلى الأصبع في اليد أو الرجل
نتيجة نقص شديد في نسبة الأكسجين في الدم والذي تقاس نسبته عن طريق جهاز صغير يتم توصيله إلى الأصبع في اليد أو الرجل
د. خالد عبد الله العمران
حضر عندي في العيادة طفل عمره ستة أشهر مع والديه تم تحويله إلى عيادة القلب من أحد الزملاء وذلك بسبب الازرقاق للشفتين واللسان، وبعد أخذ قصة المرض تبين أن هذه المشكلة قد لاحظتها الأم من بعد الولادة وتزيد مع الأيام ، وقد ذهبوا بالطفل للمركز الصحي لإعطاء التطعيمات الأساسية وأخبرهم الطبيب بوجوب الذهاب إلى المستشفى وأخذ رأي طبيب متخصص في أمراض القلب، ولكن الوالدين لم يهتموا بالأمر، وظنوا أن الموضوع بسيط وسوف يتحسن مع الوقت ولكن بعد الكشف على الطفل وعمل التخطيط الكهربائي للقلب والأشعة فوق الصوتية تبين أنه مصاب بعيب خلقي في القلب عبارة عن تضيق شديد في الصمام الرئوي وثقب كبير في القلب يسمى برباعية \"فالوت\" وهذا التشوه يحتاج عملية قلب مستعجلة ولو أن الأهل اهتموا بالموضوع من البداية لكان بإذن الله نسبة نجاح العملية أكبر والمضاعفات بعد العملية الجراحية أقل بكثير.
لهذا أحببت أن أوضح هنا الأمراض التي يمكن أن تكون عندما يكون الطفل مائلا إلى الزرقة، فالازرقاق في اللسان والشفتين يحدث بسبب نقص شديد في نسبة الأكسجين في الدم، ونسبة الأكسجين الطبيعية في جسم الإنسان عموما بين 95 و 100% ويقاس هذا عن طريق جهاز صغير يتم توصيلة إلى الأصبع في اليد أو الرجل .
إن أسباب قلة الأكسجين في الدم تكون بسبب أمراض وتشوهات خلقية في القلب، والسبب الآخر أمراض في الجهاز التنفسي، أو قد يكون مرضا في الجهاز العصبي والمخ.
وسوف نركز هنا على الأمراض التي تصيب القلب وتسبب قلة الأكسجين في الدم وكيفية علاجها .
فمن أكثر الأمراض :
- انعكاس الشرايين الرئيسية في القلب (TGA) ففي هذه الحالة يكون الشريان الرئوي خارجا من البطين الأيسر والشريان الأورطي من البطين الأيمن وهذا بعكس الوضع الطبيعي للقلب الذي يكون الشريان الرئوي من البطين الأيمن والشريان الأورطي من البطين الأيسر، وفي هذه الحالة تكون هناك دورتان دمويتان مفصولتين عن بعضهما فالدم الذي يأتي من الوريد الأجوف العلوي والسفلي يمر خلال الصمام الثلاثي إلى البطين الأيمن ثم إلى الشريان الأورطي ثم إلى جميع أجزاء الجسم ثم يرجع عن طريق الأوردة مرة أخرى إلى القلب بدون أن يذهب إلى الرئتين لتتم عملية الأكسدة، ومن جهة أخرى فإن الدم القادم من الرئتين عن طريق الأوردة الرئوية يذهب إلى البطين الأيسر عن طريق الصمام المايترالي ثم إلى الشريان الرئوي ثم إلى الرئتين مرة أخرى دون أن يغذي الجسم ، وبعد الولادة وأثناء اكتشاف المرض يجب أن يعطى المريض دواء \" البروستاقلاندين \" (PROSTAGLANDIN) ليحفظ القناة الشريانية التي توصل بين الشريان الرئوي والشريان الأورطي مفتوحا حتى تتم عملية خلط الدم المؤكسد وغير المؤكسد ويستفيد الجسم من ذلك وترتفع نسبة الأكسجين في الدم ويبقى المريض على هذا الدواء عن طريق الوريد إلى أن تتم العملية الجراحية التي يعمل فيها تعديل لأماكن الشرايين فيقص الشريان الرئوي فوق الصمام وينقل إلى الجهة اليمنى ويقص الشريان الأورطي وينقل إلى الجهة اليسرى من الخلف وهذه العملية الجراحية يجب أن تعمل خلال أيام بعد الولادة ونسبة نجاح هذا ا لنوع من العمليات كبير ويجب المتابعة في عيادة القلب بصورة مستمرة بعد العملية على فترات تتراوح بين ستة شهور وسنة ويعمل الأشعة الصوتية للقلب مع التخطيط لاكتشاف أي مشاكل قد تحدث مستقبلا ، ومن الأشياء التي قد تحدث مع تطور العمر هو تغير فوق الصمام الرئوي أو فوق الصمام الأورطي أو قد يكون هناك خلل في النبضات التي تحتاج علاجا بالأدوية أو القسطرة القلبية حسب الحالة ، أما إذا لم يتم عمل العملية الجراحية خلال أيام قبل الولادة فإن حالة الطفل تسوء جدا ويكون هناك نقص شديد في الأكسجين في الدم مع حموضة في الدم وهذا يؤدي إلى الوفاة . إن وجود ثقب بين البطينين في حالة إنعكاس الشرايين يجعل ظهور الازرقاق في الجسم أقل وضوحا وهبوط القلب في هذه الحالات هي الأكثر شيوعا وتظهر الأعراض بصورة سرعة في التنفس وزيادة تعرق وصعوبة في إكمال الرضاعة .
- رباعية فالوت (TOF) وهو عبارة عن ثقب كبير بين البطينين مع تغير في الشريان الرئوي وتضخم في البطين الأيمن من القلب وهذا التشوه الخلقي يمثل نسبته 10% من نسبة التشوهات الخلقية عند الأطفال ، وفي الغالب فإن ازرقاق الشفايف واللسان عند الطفل يبدأ بعد الولادة مباشرة أو بعد أيام قليلة من ذلك وتعتمد شدة النقص في الأكسجين عند الطفل المصاب على شدة التضيق في الصمام الرئوي ، فإذا كان التضيق شديدا فإنه يؤدي إلى سرعة ظهور الازرقاق في الجسم وذلك بسبب النقص في الأكسجين في الدم، وبالكشف على الطفل في هذه الحالة من قبل طبيب الأطفال فإن صوت اللغط في القلب يكون مسموعا ، وبعد ذلك يتم عمل الأشعة السينية والتخطيط الكهربائي للقلب والأشعة فوق الصوتية الخاصة بالقلب لعمل التشخيص الدقيق للمرض ، وإذا لم يهتم الأهل بإحضار الطفل للطبيب المختص أو لم يتم اكتشاف ذلك المرض فما الذي يحدث ؟ ... سوف تتطور الحالة ونسبة الأكسجين سوف تقل بصورة تدريجية إلى أن تصل إلى نسبة ضعيفة جدا والتي تؤدي إلى الوفاة وقبل ذلك تصبح زيادة في كريات الدم الحمراء وهذا يؤدي إلى مشاكل منها التهاب الخراج في الدماغ، إو التهاب داخل القلب. علاج مرض رباعية \"فالوت\" هو الجراحة (عملية قلب مفتوح) حيث يتم عمل إغلاق للثقب الموجود داخل القلب وتوسيع الشريان الرئوي ويجب عدم التأخر في العملية الجراحية أما وقتها فيعتمد على شدة التضيق في الشريان الرئوي ونسبة الأكسجين في الدم أو وجود مشاكل أخرى داخل القلب .
بعض الأطفال المصابين بهذا المرض يحدث عندهم نقص الأكسجين الحاد المفاجئ (hypoxic spells) وهذا يحتاج إلى أدوية معينة تؤخذ في المستشفى عن طريق الوريد وإذا لم يتم علاجه بصورة إسعافية فإنه قد يؤدي إلى الوفاة المفاجئة. إن بعض الأطفال يكون الشريان الرئوي ضامرا جدا (pulmonary atresia) ولا يمر الدم خلاله ويكون تغذية الرئتين بالدم عن طريق القناة الشريانية التي تصل بين الشريان الرئوي والشريان الأورطي وفي هذه الحالات يجب أن تتم العملية الجراحية خلال أيام بعد الولادة .
المصدر: صحيفة الرياض