خطر الصلاحية المطلقة
خطر الصلاحية المطلقة
محمد بن سليمان الأحيدب
تمتع المسؤول (وزير أو محافظ أو مدير) بالصلاحية المطلقة في التعامل مع موظفيه فيما يخص شأنهم الوظيفي مع غياب آلية مراقبة هذه الصلاحية والتأكد من حسن استغلالها ومع وجود بطء شديد في التعاطي مع قضايا التظلم الوظيفي تحديدا، أمر أقل ما يقال عنه أنه باب مشرع لاستغلال السلطة ودخول هوى النفس وخروج أعداد من المحبطين المظلومين الذين ربما كانوا من أكثر المخلصين.
كثير من الدول عانت من جور هذه الصلاحية والسلطة المطلقة ولم تنعكس فقط على سلوكيات بعض أفرادها بل أثرت في المجتمع ككل؛ في تعاملاته وطموحه وعدم تطوره بل تخلفه وتحوله إلى مجتمع يتعاطى بأسلوب من أنت؟! بدلا من ما هو مؤهلك وعلمك ومستوى تفكيرك؟ ومن أنت هنا؟ تعني من تعرف وما هي علاقاتك وسلطتك ونفوذك.
نحن وطن طموح تواق للتقدم والنمو وعلينا أن لا نكرر تجارب مدارس فشلت بسبب استفراد المدير أو حتى الوزير بمصير موظفيه، بحيث يمثل الموظف الإنسان الكادح الزارع والمدير أو الوزير قاطف كل الثمار ثم ما يلبث الموظف أن يلقى شبه جزاء سنمار دون أن يعلم عنه أحد، ودون أن نوجد له قناة الشكوى السالكة ولمديره وسائل فضح ممارساته ومنع تسلطه.
لا يمكننا أن نغلق الباب على مسؤول ومجموعة موظفين يمارس في حقهم ما يشاء، فيحبط هذا، ويسرق أفكار ذاك، ويستغل الثالث في مصالحه الخاصة، ويهين رابعا ثم نطمح في مؤسسة منتجة.
المسؤول أخذ ما يستحق على تحمل مسؤولياته وقيامه بدوره القيادي لمجموعة موظفيه، لكن القيادة لا تعني الانقياد والإذعان فلا بد من الاهتمام بالموظف، ذلك العنصر الفعال الذي هو لبنة البناء الأساسية وحفظ حقوقه وكرامته وفرصة بروزه بأفكاره وإبداعاته واستقلال شخصيته، وهذا لا يمكن أن يتم دون أن يسند ظهره بقناة شكوى تتيح له مقاضاة من يستغل سلطته ضده.
وإحقاقا للحق فإننا في هذا العهد الميمون نشهد اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ بأمر استغلال السلطة وسوء استخدام الصلاحيات وتوجيهاته الدائمة بمحاربتها وتغليظ عقوباتها في أكثر من مثال وهي واحدة من خطوات مليونية نحو مجتمع صحيح نفسيا قادر على تحقيق طموحات قادته.
المصدر: صحيفة عكاظ