الإقلاع عن التدخين يخفض معدل حدوث السكتة الدماغية بنسبة 50%
الإقلاع عن التدخين يخفض معدل حدوث السكتة الدماغية بنسبة 50%!
السيجارة تؤثر في جميع أعضاء الجسم ووظائفه والمضاعفات تزداد سوءا مع الإدمان عليها (1)
السيجارة تؤثر في جميع أعضاء الجسم ووظائفه والمضاعفات تزداد سوءا مع الإدمان عليها (1)
أ.د. جابر بن سالم القحطاني
قبل الحديث عن تأثير التدخين على صحة الإنسان ووسائل الإقلاع عنه يجب أن نعطي نبذة موجزة عن المحتويات الكيميائية لأوراق التبغ المستخدمة في التدخين وكذلك المحتويات الكيميائية الموجودة في دخان السيجارة .
إن أهم محتويات أوراق التبغ المستخدمة في التدخين هي قلويدات أكثرها فاعلية قلويد سائل عديم اللون يتطاير بتعرضه للهواء والحرارة ، ويستخلص هذا المركب من أوراق التبغ بواسطة التقطير وهو ما يعرف بالنيكوتين Nicotine وعند تعرضه للهواء فإنه يتأكسد ويعطي رائحة مميزة هي الرائحة المعروفة للتبغ. كما تحوي الأوراق قلويداً آخر يعرف باسم أنابازين Anabasine بالإضافة إلى مركبات صمغية وسكرية وعفصية وزيوت طيارة وأملاح معدنية وأحماض عضوية.
أما دخان الأوراق بعد إشعال السيجارة فتحتوي على نيكوتين الذي تصل نسبته إلى 9% وأول أكسيد الكربون وأمونيا وقطران وبيريدين ومركبات مثل حمض الهيدروسيانيك وهو من أخطر المواد السامة ، وحمض الفورميك وهو يسبب انتفاخاً وهيجاناً في الجلد ، ومواد الدهيدية متفرقة وتعتبر ضارة بخلايا الجسم ، والقار أو القطران والذي يترسب على الرئتين والجهاز التنفسي ، ولقد تبين أن البلعوم والرئتين يتعرضان إلى ما يقرب من رطل من القار سنوياً بين مفرطي التدخين ، ومواد هيدروكربونية متعددة الحلقات وتشمل تلك الأنواع المسببة لسرطان الرئة ، ومادة النيتروزامين والمحتمل أن تكون سبباً في بعض أنواع سرطانات الجهاز التنفسي والمعدة والمثانة والبنكرياس ، وخليط من الغازات والمواد الكيميائية المتبخرة وملايين الجزئيات الصغيرة والمواد الصلبة الضارة . والنيكوتين يمتص عن طريق الأغشية المخاطية المبطنة للفم والرئتين وكذلك الجلد ويقال انه يكفي وضع قطرة إلى ثلاث قطرات من النيكوتين على لسان إنسان غير مدخن فتقتله .
نعود إلى تأثير التدخين على صحة الإنسان ووسائل الإقلاع :
تؤكد الحقائق العلمية على أن التدخين يؤثر على أعضاء الجسم ووظائفها ، إما تأثيراً سريعاً تظهر علاماته وأعراضه عندما يبدأ الفرد في ممارسة التدخين أو تأثيراً يتضح ضرره على صحة الإنسان بعد الاستمرار في ممارسة التدخين لمدة طويلة ، حيث ينجم عن هذه الممارسة الإصابة بأمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي ، كما يساعد التدخين على تفاقم خطورة هذه الأمراض إذا كان الفرد المدخن مصاباً بمرض من هذه الأمراض أو مصاباً بمرض تتضاعف خطورته بممارسة التدخين مثل أمراض السكر والسمنة والتوتر النفسي . وقد يؤثر التدخين على فعالية الأدوية حيث يؤدي إلى تدني فعالية بعض الأدوية أو إلى تفاقم الخطر الناجم عن استعمال أدوية أخرى .
التأثير الحاد ( السريع ) للتدخين :
عند بداية التدخين تظهر على الفرد المدخن علامات وأعراض مميزة مثل زيادة ضربات القلب وانخفاض درجة حرارة الجلد والتقيؤ والإسهال وارتخاء العضلات وتنشيط الجهاز العصبي المركزي والسعال ، وبعد ممارسة التدخين تختفي بعض هذه الأعراض مثل التقيؤ والإسهال . وجدير بالذكر أن معظم الأعراض التي تظهر عند بداية التدخين تكون بسبب تأثير مادة النيكوتين .
التأثير الناجم عن ممارسة التدخين :
تنتهي مرحلة التأثير الحاد للتدخين عادة بعد عدة أسابيع من ممارسة التدخين ، ليدخل المدخن في مرحلة جديدة لا يستطيع التخلي فيها عن التدخين ، ويرغب في زيادة ما يدخنه من السجائر تدريجياً حتى يشعر بنفس التأثير الأول من ارتخاء العضلات وانخفاض حدة التوتر وزيادة التركيز والاستمتاع بالتدخين .
وتعتمد شدة الآثار المزمنة للتدخين على مقاومة جسم المدخن ، فالمرضى الذين يشكون من أمراض الجهاز التنفسي أو أمراض القلب يكونون أشد تأثراً بإصابات التدخين عن الأشخاص الأصحاء ، كما أن هناك أفراداً أصحاء يكونون أكثر تأثراً بالإصابة بأمراض التدخين عن غيرهم . ويتوقف احتمال الإصابة وشدتها على طول المدة التي يمارس فيها الفرد التدخين وعلى عدد السجائر التي يدخنها يومياً بالإضافة إلى الطريقة التي تعود عليها في ممارسة التدخين ، فمدخنو السجائر بوجه عام أكثر تأثراً بالإصابة عن مدخني الغليون أو مدخني السيجار ، كما أن المدخن الذي يجذب أنفاساً عميقة من السيجارة أشد تأثراً من المدخن الذي يضع السيجارة في فمه مدة بدون تدخين أو المدخن الذي يجذب الدخان بالفم ثم يخرجه من أنفه دون أن تصل كمية كبيرة منه إلى الرئة . ويعتمد احتمال إصابة الفرد بمرض من أمراض التدخين وشدة هذا المرض على معامل التدخين ، وهو عدد ما يدخنه الفرد يومياً من سجائر X عدد سنوات التدخين ÷20 ، فكلما زاد معدل التدخين كلما زاد احتمال الإصابة .
التدخين وأمراض القلب والشرايين :
تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 400 ألف نسمة يموتون سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب نوبات قلبية ناجمة عن ممارسة التدخين ، كما تدل الدراسات على أن المصابين بأمراض القلب والشرايين من المدخنين ضعف عدد المصابين من غير المدخنين تقريباً وأن درجة الإصابة تتناسب تناسباً طردياً مع عدد السجائر التي يدخنها الفرد في اليوم وعدد السنوات التي مارس فيها التدخين ، بالإضافة إلى العمر الذي ابتدأ فيه التدخين .
وتتمثل خطورة التدخين على القلب والأوعية الدموية في وجود النيكوتين وغاز أول أكسيد الكربون في الدخان المتصاعد من السيجارة ، فالنيكوتين يؤدي إلى حدوث اضطرابات في القلب السليم ، وقد تؤدي هذه الاضطرابات إلى حدوث الوفاة في مرضى القلب ، ويسبب النيكوتين أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً في ضغط الدم قد يؤدي إلى حدوث إصابات في القلب ، كما يسبب النيكوتين ضيق الشرايين السطحية ، وهذا يؤدي إلى التعجيل بظهور التجاعيد في الجلد مما يؤثر على نضارة بشرة الوجه وحيويتها .
ويعتبر غاز أول أكسيد الكربون ، الناجم عن احتراق التبغ ، من أخطر الغازات السامة ، وتتمثل خطورة هذا الغاز في أنه يعرقل وصول الأكسجين إلى الأنسجة ، وبذلك تتدنى كمية الأكسجين بالأنسجة على أثر التدخين ، وينعكس أثر هذا التدني على سلامة القلب والشرايين ، فقلة وصول الأكسجين إلى القلب يسبب حدوث تقلصات في الشريان التاجي الذي يغذي عضلة القلب بالدم ، كما ينجم عن هذه التقلصات حدوث آلام الذبحة الصدرية ولذلك يحذر الأطباء مرضى الذبحة الصدرية من خطورة التدخين ومخالطة المدخنين ومن التواجد في الأماكن التي تقل فيها نسبة الأكسجين ، كما يسبب غاز أول أكسيد الكربون حدوث إصابات في الأغشية المبطنة للشرايين نظراً لقلة وصول الأكسجين إليها . وينجم عن إصابات هذه الأغشية ترسيب مادة الكولسترول وبعض المواد الأخرى وتراكمها داخل الشرايين ، مما يؤدي إلى حدوث ضيق أو انسداد في الشرايين . وتعتمد درجة إصابة الشرايين على عدد السجائر التي يدخنها الفرد يومياً وعلى طول المدة التي مارس فيها التدخين . تشمل إصابات الشرايين الشريان التاجي للقلب الذي يصاب بالجلطة التي تؤدي إلى حدوث النوبات القلبية وهبوط القلب وعطب القلب ، وقد تسبب الإصابة وفاة المريض . وربما تتكون الجلطة في شرايين المخ فتسبب حدوث الشلل أو السكتة الدماغية .
وتشير نتائج الدراسات التي أجريت على آلاف المدخنين أن نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية الناتجة عن انسداد شرايين المخ بالجلطة تعادل ثلاثة أضعاف نسبة الإصابة في غير المدخنين ، كما أن نسبة حدوث السكتة الدماغية بسبب نزيف المخ في المدخنين تعادل من أربعة إلى ستة أضعاف النسبة في غير المدخنين ، وينخفض معدل الإصابة بدرجة ملحوظة عندما يقلع المدخن عن التدخين ، فلقد دلت الدراسات على أن احتمال حدوث السكتة الدماغية الناجمة عن نزيف المخ يزداد بزيادة عدد سنوات التدخين ، وينخفض بمقدار 50% في الأفراد الذين أقلعوا عن التدخين .
ولعل من أهم الأسباب التي تؤثر على لياقة المدخن البدنية وتحد من حركته انسداد شرايين الساق ، الذي يؤدي في بادئ الأمر إلى صعوبة في المشي مع حدوث آلام مبرحة في الساق . وقد يتطور المرض بعد ذلك في حالة الاستمرار في التدخين ، حيث يحدث انسداد كامل في شرايين الساق ، وهذا يسبب مرض الغنغرينا الذي يعالج ببتر الجزء المصاب .
وإذا كان المدخن يشكو من ارتفاع ضغط الدم ، فإن التدخين قد يؤدي إلى حدوث إصابات سريعة في الشرايين ، وقد تكون هذه الإصابات في شرايين المخ ، حيث ينجم عنها حدوث نزيف قد يكون سبباً آخر من أسباب السكتة الدماغية .
وقد يسبب التدخين الإصابة بجلطة وريدية قد تصل إلى الوريد الرئوي حيث تستقر في الرئة وتسبب حدوث الوفاة .
وتزداد خطورة التدخين على القلب والشرايين في المدخنين المصابين بمرض السكر أو البدانة . والرياضة البدنية والتدخين متضادان .. فالرياضة ترفع مستوى السكر اللياقة البدنية والتدخين يخفضها ، والرياضة تساعد في علاج مرض السكر والبدانة ، والتدخين يسهل حدوث مضاعفاتهما على القلب والشرايين .
ولذلك فإن للتمرينات الرياضية دوراً كبيراً في تحسين صحة المدخن بعد الإقلاع عن التدخين ، حيث تقلل ممارسة الرياضة من احتمال حدوث إصابات في القلب والشرايين ، كما يساعد تنشيط الدورة الدموية على تخليص أنسجة الجسم من المواد الكيميائية التي تراكمت في هذه الأنسجة على أثر التدخين . وتساعد التمرينات الرياضية أيضاً في رفع مستوى كفاءة الرئة بعد الإقلاع عن التدخين ، وهذا يؤدي إلى سهولة إمداد الأنسجة بالأكسجين اللازم لحيوية الجسم وتجديد خلاياه .
المصدر: صحيفة الرياض