الإنفلونزا.. المرض الأكثر شيوعاً بعد العودة من أداء المناسك
الإنفلونزا.. المرض الأكثر شيوعاً بعد العودة من أداء المناسك!
عند إصابتك بالرشح تجنب الاختلاط بأطفالك متدني المناعة دون اتخاذ سبل الوقاية
عند إصابتك بالرشح تجنب الاختلاط بأطفالك متدني المناعة دون اتخاذ سبل الوقاية
د. خالد عبد الله المنيع
بعد أن منّ الله على المسلمين قاصدي البيت العتيق بانتهاء مناسكهم تحت مظلة الأمن والخدمات الصحية العظيمة التي سخرتها الدولة - حفظها الله - لراحتهم يستعد الحجاج الى العودة الى ديارهم والالتقاء بأهليهم وأحبابهم راجين من الله القبول.
ملايين البشر اجتمعوا في أيام معدودة وفي مكان واحد ترعاهم عناية الله ثم جهود توجت بأكبر خطة لإدارة الحشود وخدمتهم. يصادف موسم الحج في هذه السنة طقسا باردا نسبيا وهو ما يزيد من فرصة ظهور وانتقال الفيروسات. بفضل الله تعالى ثم بما سخرته جميع القطاعات الصحية والخدمية بشكل عام فلم يكن هناك ولله الحمد انتشار لأي مرض وبائي وكان تتبع بؤرة أي مرض يتم مسحه ومعالجته في منافذ الدخول للمملكة وقبل الاحتكاك بالآخرين له الأثر الكبير بعد عناية الله في الوقاية من العديد من الأمراض الوبائية التي قد تنتشر بين الحجيج خاصة في ذلك الطقس البارد والملائم لانتشار الميكروبات.
قد يعود الحاج الى محيط بيته ببعض الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي ومن اكثرها شيوعا الانفلونزا الموسمية.
محور حديثنا اليوم هو القاء الضوء على ذلك المرض والتعرف على الفئات الاكثر تأثرا بالعدوى حيث تتفاوت مناعتهم. وقد يكون تأثر الحاج المصاب أقل من تأثر الطفل المنقول اليه العدوى خاصة اولئك الاطفال المصابين ببعض الامراض المزمنة التي سوف نتطرق اليهم لاحقا.
المناعة
تختلف مناعة الشخص البالغ عن مناعة الطفل بل ان مناعة الطفل خلال مراحل طفولته تتفاوت بشكل كبير. تشكل المناعة قدرة الجسم الحي على مقاومة الأمراض بطرق مختلفة والميكروبات الدخيلة وبسلسلة عمليات بيوكيميائية معقدة.
يعتبر الجهاز اللمفاوي في جسم الإنسان من الخطوط الدفاعية أو المناعية الأولى، ومن آليات جهاز المناعة أيضاً خاصية الالتهام أو الابتلاع التي تمارسها كريات الدم البيضاء في ابتلاع الميكروبات، أما الخاصية الأكثر تعقيداً فهي تكوين الأجسام المضادة Antibodies لمقاومة الكائنات المجهرية المهاجمة كالبكتيريا والفيروسات. ويمكن تقوية بعض آليات جهاز المناعة عن طريق إعطاء اللقاحات.
تنقسم المناعة إلى قسمين رئيسين: المناعة الطبيعية.. المناعة المكتسبة.
المناعة الطبيعية:
تشكل المناعة الفطرية الجلد، الدّموع، المخاط، اللّعاب، وكذلك عن طريق الالتهاب والذي يحدث بعد فترة وجيزة من الاصابة أو العدوى. هذه الآليات المناعية فطرية تعيق البكتيريا او الفيروس من الدخول الى داخل الجسم وانتشار الامراض فيها. ولكن في حالة استطاع الميكروب تجاوز خط الدفاع المناعي الذي سبق ان ذكرناه فان الخلايا، والجزيئات، وأجهزة النظام المناعي معدة خصيصا لتطوير دفاعات ضد تلك الجراثيم والأجسام الغازية..
المناعة المكتسبة:
تتميز ببعض الخصائص منها:
أولا: أنها لا تظهر الا في وجود الجسم الغازي او الجرثومة.
ثانيا: ذات نطاق محدود، فتتفرد باستجابة دفاعية لنوع محدد من الميكروبات.
ثالثا: تكون الاستجابة لمقاومة الميكروب في حالة تعرض الجهاز المناعي للهجوم الثاني أفضل من الاستجابة عند الهجوم حتى إن تعرض للهجوم بعد سنين وهذا يدخل في نطاق ذاكرة المناعة.
الانفلونزا
الانفلونزا من الامراض المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وفي جميع أوقات السنة لا سيما عند تغير الفصول، وتكثر في الشتاء، وتصيب الذكور والإناث والصغار والكبار، تحدث العدوى عن طريق الرذاذ مباشرة من المريض إلى السليم، وهي عدوى سريعة جدا، إذ يكفي وجود الشخص بضع دقائق في حجرة المريض لكي يلتقط العدوى ويشعر المريض بآلام شديدة في الجسم عامة، وفي الظهر والمفاصل خاصة ويحس بصداع وفقدان للشهية وإمساك ويميل إلى النوم ومن الأعراض أيضا القيء والشعور بهزال وضعف شديدين.
وهي من أكثر الامراض شيوعا التي قد يصاب بها الحاج ومن ثم ينقلها معه الى أسرته. هناك ثلاثة انواع من الانفلونزا: أ، ب، ج ويشكل النوعان الاولان السبب الاكبر لانتشار الاعراض المعروفة للانفلونزا حيث تظهر بشكل حاد على المصابين بهما في حين تمر الاعراض بشكل غير ملحوظ مع المصابين بالنوع الثالث.
الاصابة الاولى بفيروس الانفلونزا لا تعطي المصاب مناعة ضد الاصابة للمرة الثانية لان الفيروس يتغير باستمرار وهذا التغير يمكن الفيروس من مهاجمة الجسم عدة مرات.
فعند الاصابة الاولى بالانفلونزا ينتج الجهاز المناعي للانسان اجساما مناعية ولكن الاخيرة لا تستطيع التعرف على الفيروس في الاصابة الجديدة وهكذا يبقى الشخص عرضة للاصابة بفيروس الانفلونزا طول حياته.
ينقسم النوع (أ) الى عدة سلالات فرعية تبعا لنوع البروتين الموجود على سطح تلك الفيروسات حيث يوجد نوعان من البروتينات (هيماجلوتينين) ويرمز له بالحرف H والآخر(نيورامينيديز) ويرمز له بالحرف N وتمر تلك الفيروسات بنوعين من التغيرات احدهما تدريجي والآخر فجائي، ويحدث خلالهما تغيير في هيكل الفيروس وشكله. تتشابة فيروسات الانفلونزا (أ) و(ب) و(ج) بالتركيب العام. بكون شكل الفيروس كرويا في معظم الأحيان بقطر يتراوح بين ٨٠ - ١٢٠ نانومتر. وبعض الأحيان تكون الفيروسات - خاصة ج - على شكل شعيرات يصل طولها إلى 500 ميكرومتر. وعلى الرغم من هذه الاختلافات في الشكل إلا أن التركيب الجزيئي متشابه.
الاعراض
ارتفاع درجة الحرارة، احتقان بالحلق، رشح، صداع، ألم في العضلات، اعياء واجهاد حاد.
يتم التعافي عادة من تلك الاعراض خلال عشرة ايام لكن قد تظهر بعض المضاعفات ومنها الالتهاب الرئوي الحاد وخاصة عند الاطفال متدني المناعة او في من يشكو من بعض الامراض المزمنة.
الوقاية
يمكن انتقال العدوى الى الآخرين بسهولة عن طريق الرذاذ.. غسل اليدين واستعمال الكمامة من سبل الوقاية. اللقاح يوصى باعطائه لمن لديهم احتمالية عالية للتعرض لمضاعفات المرض عند الاصابة بالعدوى وهم: المصابون بامراض مزمنة في القلب، مرضى الكلى، مرضى السكر، مرضى الانيميا المنجلية، من هم أكبر من عمر 65 سنة، الاطفال الاكبر من 6 اشهر الذين يتناولون دواء الاسبيرين على المدى الطويل.
يعطى للاطفال فوق عمر ستة اشهر. تشير الدراسات الى ان فاعلية هذا اللقاح في منع الاصابة بالانفلونزا تتراوح بين 70 - 90%. من الممكن ان ينشط الفيروس في أي وقت خلال العام ولكن الفترة الاكثر شيوعا ما بين شهري نوفمبر الى ابريل من كل عام ثم تقل فترة النشاط حتى شهر ديسمبر في حين يعود النشاط ما بين شهري يناير ومارس وينبغي تلقي اللقاح بين شهر سبتمبر وحتى منتصف نوفمبر والوقت المثالي لتلقي اللقاح لمن هم عرضة للمضاعفات ما بين شهر اكتوبر حتى منتصف نوفمبر حيث يبدأ انتاج الاجسام المضادة لفيروس الانفلونزا خلال اسبوعين من تلقي اللقاح.
المصدر: صحيفة الرياض