• ×
admin

المرأة العاملة.. ضغوط الوظيفة والمنزل تحد من مقاومتها للأمراض

المرأة العاملة.. ضغوط الوظيفة والمنزل تحد من مقاومتها للأمراض!
عليها أن تتعلم كيفية الاسترخاء الجسدي والعقلي وممارسة الرياضة والقراءة وتناول غذاء صحي

أ. د. محمد بن حسن عدار

يتزايد يوماً بعد يوم في جميع أنحاء العالم عدد النساء اللواتي يدخلن مجال العمل وتشير الإحصائيات إلى ان حوالي 70% من النساء في الولايات المتحدة وكندا هن من العاملات وحوالي 30% فقط منهن كرسن أنفسهن للعمل المنزلي. وفي الدول العربية يقل عدد النساء العاملات عنه في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأقصى مثل اليابان والصين وغيرها. إلا أن أعدادهن تتزايد باضطراد. كما أن هناك تفاوتاً بين نسب النساء العربيات اللواتي يعملن في القطاعين الرسمي والخاص بين كل بلد عربي وآخر. وفي مجتمعنا تعمل الغالبية العظمى من السيدات في مجال التعليم وهناك نسبة قليلة منهن يعملن في مجالات حيوية ضرورية مثل الطب وطب الأسنان والتمريض بالإضافة إلى بعض المهن الاحترافية والأكاديمية. واستطاعت المرأة بشكل عام بالدخول في سوق العمل تدريجياً متجاوزة بعض العادات والمعوقات الاجتماعية مع التزامها التام بالأمور الشرعية. وتلعب الضرورات الاقتصادية سبب رئيسي لانخراط المرأة في العمل التي تقضي بمساعدة الأسرة مادياً وتوفير مستوى تعليمي أفضل لأبنائهن وتحسين شروط ومستوى حياة الأسرة. ويؤمن العمل بالنسبة للكثيرات خبرات جديدة ومسؤوليات اكبر واشمل ويتيح لهن تبادل المعارف وتقوية الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس وتملك المبادرة الشخصية وكذلك الكثير من المهارات والتنظيم والدقة وأصول التعامل مع الناس وهذا يساعدها على إدارة منزلها والاهتمام بأولادها وعائلتها على نحو أفضل بسبب خبراتها العملية وسعة حكمتها ومواكبتها مجريات الحياة العامة. كما أن المرأة العاملة تزداد ثقتها بنفسها عندما يصبح لديها دخل منتظم وتصبح قادرة على اتخاذ قرارات جريئة وحكيمة من دون خوف أو تردد كذلك يمنحها الإحساس بالأمن والرضى الشخصي وعدم الخوف على الأولاد.

إن الضغط النفسي والإجهاد والتعب هي من أهم الأعراض التي تتعرض لها المرأة العاملة ومصادر هذه الضغوط كثيرة في مقدمتها الجمع بين مسؤولية أعباء العمل المنزلي ومسؤولية العمل خارج المنزل في آن واحد، وفي الماضي كانت المرأة العاملة تعتمد على والدتها وأقاربها ورفيقاتها لمساعدتها في أعباء المنزل ورعاية الأطفال ولكن الكل أصبح لديه مشاغله وهمومه وأصبحت تعتمد على العاملة المنزلية التي تختلف في عادتها وتقاليدها في العناية بالأطفال والمنزل مما يجعلها في قلق دائم ومستمر يزيد من همومها والضغط النفسي.

تصل المرأة العاملة في نهاية النهار إلى منزلها منهكة ومتعبة فتواجهها مسؤوليات وأعباء جديدة وكأن يوما ثانياً من العمل بدأ بالنسبة لها وهذه الأعباء غير المحتملة تجعلها تشعر بالعصبية وتعاني من الإجهاد والضغط النفسي المستمر فلا تعود قادرة على التعايش بنجاح مع مختلف المطالب التي تقع على كاهلها وعندما تتضارب مسؤوليات المنزل مع مطالب العمل يكون ذلك عبئاً ثقيلاً عليها وتكون النتيجة سلبية مما يؤدي إلى إحساسها بالإحباط وبالتالي إلى إلحاق الضرر بصحتها. إن الضغط الحاد الذي يستمر عند المرأة لأكثر من عدة أيام أو أسابيع تكون له آثار خطيرة على صحتها وتكمن خطورة الضغط في انه يحد من مقاومة الأمراض ومن أهم الأمراض المرتبطة بالضغط قرحة المعدة وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وسرعة النبض والسكري والأمراض النفسية المعقدة.

قد لا يكون هناك حل سهل لكل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والعائلية التي تواجهها المرأة العاملة والتي تسلمها فريسة للضغط والاحتقان النفسي ولكن بعض الخطوات التي يمكن للمرأة العاملة ان تتخذها لحماية صحتها هي ان تتعلم كيفية الاسترخاء الجسدي والعقلي وممارسة الوسائل التي تشعر المرأة بالراحة والاطمئنان والانتعاش مثل المشي والرياضة والقراءة والاستمتاع بوسائل الترفية المتوفرة لديها. كما ان تناول وجبات غذائية متوازنة وصحية قد يعزز جهاز المناعة والوقاية من الكثير من الأمراض. ويجب الابتعاد عن الضوضاء والمشاكسات التي تسبب العصبية والاضطراب كما أن الاستمتاع بالنوم العميق والمريح يريح الدماغ ويمد بالقوة والنشاط استعداداً لليوم التالي كما أن طلب المساعدة والمشورة ومناقشة بعض الهموم مع الصديقات والأقارب يساعد كثيراً على إزالة بعض هذه الضغوط.

هناك العديد من الأمراض المهنية التي تقوم بها المرأة العاملة التي قد تؤثر على صحتها بشكل أو بآخر ليس فقط أثناء العمل بل وأحيانا لفترات طويلة بعد تركها العمل وأحيانا أخرى تتعرض المرأة لحوادث طرق مميتة خصوصاً للعاملات في مناطق تبعد مئات الكيلو مترات عن مقر إقامتهن وهذه للأسف ملاحظ في مجتمعنا.

ان المجهود الذي تبدله المرأة العاملة في الدوائر الرسمية وغير الرسمية جلوساً لساعات طويلة خلف المكاتب ولسنوات طويلة لابد أن يؤثر على صحتها وقد تبين من بعض الدراسات الميدانية أن الجلوس الطويل غير الصحيح وغير المريح والعمل على أجهزة الكمبيوتر التي غزت مختلف الميادين قد أدى إلى زيادة العوارض الجسدية التي تعاني منها المرأة مثل ضعف في النظر ووجع في الرأس وضيق التنفس والألم في الظهر والكتفين والعنق والذراعين والمعصمين بالإضافة لعوارض نفسية أهمها التعصيب والإحساس بالخوف والرجفة ودقة القلب السريعة والنسيان وغيرها.

إن العمل في المستشفيات وسائر القطاعات الصحية قد يشكل خطراً على صحة المرأة علماً بان الغالبية العظمى من القوى العاملة في المؤسسات الصحية من النساء وهن يعملن في مجالات مختلفة مثل التمريض وغرف الأشعة وغرف الطوارئ والصيدليات وتركيب الأدوية وغرف العمليات والعزل الصحي وكذلك في أقسام الطب الشعاعي والنووي وقد تتعرض المرأة في بعض هذه الأقسام إلى مخاطر جدية على صحتها خاصة غرف الولادة والأشعة وطب الأسنان وغرف العمليات مما يعرضها إلى خطورة العدوى بالأمراض وإلى إجهاض تلقائي إذا كانت حاملا أو إلى إصابتها بداء الربو بسبب الغازات المخدرة أو بسبب تنشقها للمواد الكيماوية المستخدمة على شكل واسع في التنظيف والتطهير والتعقيم. وتصاب بعض الممرضات بأوجاع في الرقبة والظهر والساقين بسبب الوقوف الطويل والسهر الكثير وخدمة المرضى ورفعهم وجر عربات المرضى ونقلهم من غرفهم الى غرف العمليات، وبالنسبة للعاملات في غرف الولادة يبذلن جهدا جسديا وفكريا في مساعدة المرأة الحامل على الولادة ومراقبتها والاعتناء بنظافتها والاهتمام بتعقيم غرف الولادة وكلها أعمال شاقة ومرهقة وتعاني الطبيبات من مشكلة الدوام الطويل والمناوبات والسهر.

لذلك على إدارات المستشفيات أن تؤمن جميع وسائل الأمان للعاملين فيها تبعاً لأحدث التقنيات العلمية والإرشادات الصحية والوقاية العمالية وتشمل هذه الإرشادات والنظم حماية الطبيبات والممرضات من العدوى وتلقيحهن ضد الأمراض المعدية الأكثر انتشاراً وإجراء الكشف الطبي الدوري وتوفير التأمين الطبي الشامل لهن في حالة العدوى والعجز. أما الحوامل فيجب إحاطتهن بالعناية ونقلهن للعمل في مكان آمن أو قسم من أقسام الطبابة السهلة وتوفير وسائل النقل الآمنة والمريحة.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  2664