تليف الرئة.. مرض مزمن يزداد عند المدخنين
تليف الرئة.. مرض مزمن يزداد عند المدخنين
أعراضها تبدأ بضيق في التنفس.. والحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج تبقى الزراعة الأمل العلاجي الوحيد
أعراضها تبدأ بضيق في التنفس.. والحالات المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج تبقى الزراعة الأمل العلاجي الوحيد
أ. د. أحمد سالم باهمام
هناك أمراض تصيب بعض الأعضاء الحيوية في الجسم وتؤثر على وظائفها ومن ذلك ما يعرف عرفا بالتليف. والتليف المعروف عند الكثير من القراء هو تليف الكبد ولكن ما يعرف بالتليف وهو تغير في نمط الخلايا وتوزيعها ووظائفها قد يصيب أعضاء أخرى مثل القلب والرئتين. وقد لا تكون الصورة واضحة بالنسبة للقارئ عن تليف الرئة وأعراض هذا المرض وأسبابه وطرق علاجه. ففي حين تسبب العدوى بفيروس الكبد تليفها في أكثر الحالات فإن السبب في تليف الرئة يكون في أكثر الحالات غير معروف السبب. ورغم أن المسبب في كثير من الأحيان يكون غير معروف إلا أن هناك تغيرات تحدث في الرئة تؤدي للتليف حيث يحدث التهابا في الرئة وبالذات في الحويصلات الهوائية والأنسجة التي حولها ينتج عنه تجمع خلايا الالتهاب وإفرازها مواد خاصة تؤثر على أنسجة الرئة وينتج عنها ظهور التغيرات التي تسبب ما يعرف بالتليف. وتليف الرئة ليس نوعا واحدا وإنما عدة أنواع ومعرفة نوع الالتهاب أساسي لتحديد نوعية العلاج ومدى استجابة التليف للعلاج.
أسباب تليف الرئة المعروفة:
وبالرغم من أن مرض تليف الرئة كما ذكرنا أعلاه يكون في الكثير من الحالات غير معروف السبب إلا أنه في حالات أخرى قد يصاحب بعض الأمراض مثل التهابات الروماتيزم المزمنة أو ما تعرف بالتهابات الأنسجة الضامة مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي والتهاب الذئبة الحمراء والتهاب تصلب الجلد وغيرها، أو الاستنشاق المزمن لبعض المواد العضوية أو غير العضوية مثل مادة السيليسكا والاسبيستوس، أو بعض الأدوية كمضادات الأورام أو بعض الأمراض المناعية. وتليف الرئة ببساطة شديدة هو التهاب يصيب الخلايا التي تبطن الحويصلات الهوائية والشعيرات الدموية الرئوية وغشاء القاعدة الفاصل بين الخلايا والشعيرات الدموية.
كيف يسبب الالتهاب تليف الرئة:
من المعلوم حاليا أن التليف يبدأ بالتهاب في الرئة وبالذات حول الحويصلات، وهذا يؤدي إذا لم يعالج إلى تحطيم الأنسجة ومن ثم التليف. ويحرص المعالجون على اكتشاف المرض في مرحلة الالتهاب قبل حصول التليف لأن الاستجابة للعلاج في هذه المرحلة تكون أفضل بكثير. لأن عدم علاج الالتهاب يؤدي إلى تطوره تدريجيا حتى يصل إلى مرحلة التليف والذي قد يؤثر على أكثر أجزاء الرئة وحين يصل إلى مرحلة متقدمة تتحطم الحويصلات الهوائية ويؤثر ذلك على قدرة الرئة على أداء عملها الأساسي في نقل الأكسجين من الحويصلات إلى الشعيرات الدموية المحيطة بها، وينتج عن هذا نقص مزمن في مستوى الأكسجين في الدم إذا لم يتم علاجه. ونقص الأكسجين المزمن له تأثيرات كثيرة أهمها زيادة الضغط الشرياني الرئوي والذي يضاعف مشاكل التنفس ويؤدي إلى نقص الأكسجين في الدم ويدخل المرض في حلقة مفرغة من نقص في الأكسجين وزيادة الأعراض. كما أنه قد يرفع من مستوى الهيموغلوبين في الدم إلى مستويات أعلى من الطبيعي بكثير وهذا يزيد من لزوجة الدم ويزيد من الخمول والتعب.
وكلمة تليف ليست دقيقة تماما حيث أن اللفظ الأفضل للاستخدام هو أمراض الرئة الخلالية لأن المرض يصيب الخلايا ويتخلل خلال الفراغات بين الخلايا.
أعراض المرض:
تبدأ أعراض المرض بضيق في التنفس مع المجهود ويبدأ الازدياد في الأعراض تدريجيا على فترة أشهر وفي الحالات المتقدمة يشكو المريض من ضيق التنفس المستمر وبدون أي مجهود. ومع تقدم المرض تبدأ الأعراض الأخرى مثل السعال الجاف الذي في بعض الحالات قد يكون مستمرا وقد يصاحب ما سبق ضيق وعدم ارتياح في الصدر وضعف عام ونقص في الوزن. وفي حال ان كان التليف ناتجا عن أمراض أخرى كالروماتيزم فإن أعراض الروماتيزم في العادة تسبق أعراض الجهاز التنفسي. وتليف الرئة ولله الحمد مرض غبر شائع ولكنه مرض مزمن. ويصيب تليف الرئة غير معروف السبب في العادة متوسطي العمر ولكن في حالات نادرة قد يصيب الشباب كما أنه يزداد عند المدخنين. ومن خبرتنا مع المرضى فإن ظهور المرض بصورة وراثية عند أقارب المريض أو في عائلته يعتبر نادرا جدا ويكاد لا يذكر ولكن هناك تقارير تفيد بوجود هذا المرض في بعض العوائل.
تشخيص المرض:
وللتأكد من تشخيص المرض يحتاج المريض لإجراء بعض الفحوصات فهناك بعض الاختبارات التي تجرى للدم للكشف العام وفي حال اشتباه في وجود مرض روماتيزمي فقد يتم إجراء اختبارات خاصة بالروماتيزم. ويتم فحص وظائف الرئة لمعرفة مدى تأثر وظائف الرئة وتقييم قدرة الرئة على نقل الأكسجين للدم وقياس حجم الرئتين حيث أن المرض إذا لم يعالج يؤدي إلى نقص كبير في حجم الرئتين علما بأن أن المرض يصيب الرئتين وليس رئة واحدة. وتجرى كذلك اختبارات للجهد وقياس الأكسجين في الدم.
ويتم إجراء اختبارات شعاعية للرئة ومنها أشعة الصدر المقطعية لمعرفة توزيع المرض في الرئتين كما أن التغيرات في الأشعة تساعد المعالج في معرفة نوعية التليف ومدى استجابته للعلاج والموقع الأفضل لأخذ العينة النسيجية (الخزعة).
وفي بعض الحالات قد يتطلب الأمر أخذ عينة صغيرة من الرئة من خلال المنظار تحت التخدير الموضعي أو من خلال التدخل الجراحي تحت التخدير العام. والعينة تبين بشكل جيد نوع التليف أو مرض الرئة الخلالي حيث أن هناك أكثر من نوع من هذه الأمراض واستجابتها للعلاج تختلف حسب نوع المرض ففي حين أن هناك نسبة من هذه الأمراض تستجيب بصورة مقبولة للعلاج نجد أن هناك نوعا واحدا تكون استجابته للعلاج ضعيفة وفي حالات معينة قد لا يستجيب.
العلاج: الأدوية:
في حال وجود مرض مناعي أو روماتيزمي فإن علاجه يحسن أداء الرئتين. كما أن وقف العلاج المسبب للمرض قد يؤدي لتحسن الحالة.
والعلاج الدوائي في أساسه يتكون من مشتقات الكورتيزون مدعمة بأدوية المعالجات الكيميائية. وقد زادت خبرة المعالجين بهذا المرض لذلك فإن الاستجابة للعلاج أفضل من سنوات مضت. وقد يستخدم المريض العلاج لعدة أشهر ويحتاج خلال فترة العلاج لمتابعة مستمرة في مركز متخصص ومع طبيب ذي خبرة في علاج مثل هذه الحالات. وتتم إعادة بعض الاختبارات خلال فترة العلاج لتقييم مدى استجابة المريض للعلاج.
الأكسجين:
ويحتاج أصحاب الحالات المتقدمة لاستخدام الأكسجين في المنزل طوال اليوم للحفاظ على مستوى الأكسجين في الدم وتجنب الآثار الجانبية لنقص الأكسجين المزمن مثل زيادة ضغط الشريان الرئوي وزيادة لزوجة الدم.
زراعة الرئة:
وفي الحالات المتقدمة جدا التي لا تستجيب للعلاج يبقى الأمل العلاجي الوحيد هو زراعة الرئة حيث تتم زراعة رئة أو رئتين للمريض المصاب بالمرض. والزراعة تتم في مراكز متخصصة جدا لأنها تحتاج إعدادا طبيا جيدا للمريض قبل الزراعة ومتابعة دقيقة ومستمرة بعد الزراعة من قبل فريق طبي مختص وذي خبرة عالية، كما يحتاج المريض أن يتناول الأدوية المثبتة للزراعة والمتحكمة في مناعة الجسم بصورة دقيقة حسب وصف المختص.
المصدر: صحيفة الرياض