• ×
admin

السنة الدولية للكيمياء

السنة الدولية للكيمياء (IYC 2011)

د. حمد بن عبدالله اللحيدان

من المسلمات غير القابلة للجدل ان الكيمياء أصبحت تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية وهي تزداد توغلاً فيه. كما ان اعتمادنا عليها تزداد وتيرته مع مرور الأيام، ومنذ استطاع الباحثون فك شفرة ذلك العلم وهو يتقدم بخطى متسارعة ويحقق إنجازات غير مسبوقة كما أنه يدخل كرديف أو مساعد لجميع التخصصات والعلوم وفروعها بصفته الشخصية أو من خلال منتجاته وكل ذلك يتم استخدامه لصالح تحسين مستوى الحياة البشرية وذلك على الرغم مما يكتنف بعض منتجات الكيمياء وتطبيقاتها من سوء استخدام وسلبيات وذلك مثل السموم وتلويث البيئة وصنع الأسلحة الكيميائية والتي تصنف على أنها من أسلحة الدمار الشامل المحرمة دولياً والتي يتم العمل على التخلص منها على مستوى العالم وعلى الرغم من وجود تلك السلبيات إلاّ أنها لا تشكل إلا خدوشاً خفيفة على وجه الكيمياء المسفر والذي يسر وحسن أموراً حياتية عديدة لا يمكن حصرها في مقال.

إن العالم شهد ويشهد ثورة كبرى في مجال الكيمياء تثبتها الأرقام والاستثمارات الضخمة في كل من البحوث والتنمية ذات العلاقة. هذا وقد أصبح من أهم معالم العصر الحاضر قيام شراكة ايجابية بين العاملين الفاعلين في هذا المجال من أكاديميين وصناعيين من أجل اضفاء طابع رسمي على إرادتهم بالعمل سوياً من أجل إيجاد حلول لمواجهة التحديات الكونية ذات المساس بالطاقة والتغير المناخي وشح المياه والتغذية والتنمية والمحافظة على الموارد والبيئة كما وقعوا اتفاقيات تعاون تجعلهم متكاملين، أما أهم التوجهات المستقبلية فإنها تركز على إنتاج مواد كيميائية نظيفة وصديقة للبيئة مقرونة بدراسة تأثير المواد المنتجة على كل من الصحة والبيئة وذلك اعتماداً على ان الكيمياء تعمل بصورة دائبة على فك رموز المادة التي تحيط بنا وتشكل بنيتنا ولذلك أصبحت رمزاً للتقدم بسبب دخولها جميع مجالات الحياة وشتى أنواع الصناعة. وهذا ما أهلها لأن تكون أحد مفاتيح المستقبل فهي تمثل محركاً أساسياً في التنمية الاقتصادية بجميع الصناعات. وبناء على هذه التوجهات ازداد توجه أصحاب هذه المهنة نحو تحسين البيئة الصحية والأمن وهم يمارسون بحوثهم وابتكاراتهم في مجالات عديدة تشمل السموم والمواد النانوية والمواد النووية والتكنولوجيا الحيوية والموارد المتحددة والتحفيز، ومصادر الطاقة، والطاقة البديلة ناهيك عن الاهتمام بالأمن المائي والغذائي لسكان الكرة الأرضية الذي يربو على ست مليارات نسمة من هذه المنطلقات يدعو العلماء إلى اقناع الرأي العام بأن الكيمياء علم حياة وعلم مستقبل كما أنه في الوقت نفسه مصدر ابتكار مفيد ومحرك اقتصادي هام. هذا وقد أدرك العالم ان الكيمياء قوة تخدم الإنسان وتتجه إلى تقديم مزيد من التسهيلات الحياتية في شتى الصور والمجالات. لذلك فالعاملون فيها هم الجنود والمجهولون الذين يسهرون على تحسين جودة الحياة فهم يقومون بمراقبة جودة الهواء والماء والتربة والعمل على منع تلوثها ويسعون من أجل إيجاد حلول لتلوثها هذا وقد امتدت خدمات الكيمياء إلى جميع مجالات الحياة والعلوم فهي تقدم خدماتها للمتاحف واستفاد منها المؤرخون وعلماء الآثار ناهيك عن خدماتها في مجالات الأدلة الجنائية وخدمة القضاء وكشف ومكافحة الجريمة والتزوير ليس هذا فحسب بل أصبح من المعروف ان الأمر لا يستقيم لأي علم من العلوم بدون استخدام المواد الكيميائية إلا ما ندر.

ومن خلال ذلك التراكم المعرفي الكيميائي واتساع مجالات تطبيقاته جاء قرار الجمعية العومية للأمم المتحدة بتخصيص عام (2011م) كسنة دولية للكيمياء (IYC 2011) وذلك تزامناً مع الذكرى المئوية لتأسيس الرابطة الدولية للجمعيات الكيميائية الذي أصبح فيما بعد الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية. كما أنه يصادف الذكرى المئوية لحصول ماري كوري على جائزة نوبل في الكيمياء هذا وقد أخذت كل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية (IUPAC) على عاتقها تنظيم هذا الحدث الهام. وقد وضع شعار لتلك المناسبة هو «الكيمياء حياتنا، الكيمياء مستقبلنا» ومن المفترض ان تستمر فعاليات ذلك الاحتفال سنة كاملة تمتد من 2010/12/1م إلى 2011/12/1م في مختلف دول العالم المشاركة بهذه المناسبة الاحتفالية من جانب آخر أصدر اتحاد الكيميائيين العرب مطوية عن السنة الدولية للكيمياء جاء فيها: تهدف السنة الدولية للكيمياء (IYC 2011) إلى الاحتفاء بإنجازات علم الكيمياء واسهاماته في تطور الحضارة البشرية إلى جانب بث الوعي العام بأهمية دور الكيمياء لدى جميع شرائح المجتمع مع التركيز على تحفيز جيل الشباب واستقطابهم من أجل الاهتمام بالكيمياء وذلك لما يمثله من أهمية في التنمية المستدامة. كما ان الاحتفال بالكيمياء يهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى المسؤولين وأصحاب القرار بدور الكيمياء في حل كثير من المشاكل الحياتية والبيئية والصناعية الهامة.

هذا وقد ذكر اتحاد الكيميائيين العرب ان أهم الفعاليات التي يرغب الاتحاد إقامتها في تلك المناسبة تتمثل في:

* المسابقات الكيميائية.

* المحاضرات والندوات.

* تنظيم الزيارات الميدانية.

* اعداد بعض الإصدارات مثل المطويات والبوسترات التعريفية.

* البرامج التوعوية من خلال وسائل الإعلام.

* عروض كيميائية شيقة.

* تنظيم أسبوع المهنة في مجال الكيمياء.

بالإضافة إلى عقد الندوات والمؤتمرات، وهذه المنظومة من المناشط والفعاليات والاحتفالات سوف تعم جميع دول العالم المشاركة بهذه الاحتفالية ولعل أهم الهيئات والدوائر المهتمة بهذا الحدث يتمثل في الجمعيات الكيميائية وأقسام الكيمياء في الجامعات ووزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والشركات الكبرى العاملة في مجال الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية ومصانع الأدوية بالإضافة إلى وسائل الإعلام والمتخصصين والمحبين للكيمياء والهاوين لها.

نعم ان هذه الاحتفالية سوف تبين وتبرز أهمية الكيمياء في حياتنا ودورها في حاضرنا ومستقبلنا كما أنها سوف تلقي الضوء على الجانب المضيء لذلك العلم والجانب المظلم منه وذلك من أجل تعزيز الايجابيات والحد من السلبيات. بالإضافة إلى تكريم جيل الرواد في مجال الكيمياء من السابقين واللاحقين والتنويه بمساهماتهم في خدمة الإنسانية. كما ان هذه الاحتفالية سوف تكون موسما مناسبا لدعوة ومناشدة الشركات الكيميائية الرأسمالية الضخمة من أجل الالتزام بميثاق يضع صحة الإنسان وان البيئة على قائمة أولوياتها والعمل على إنتاج مواد ومستلزمات كيميائية نظيفة صديقة للبيئة والكائنات الحية. وهذا لن يتحقق إلاّ من خلال التحول إلى ما يسمى في عالم اليوم الكيمياء الخضراء والتي يتم السعي حثيثاً من أجل تعميم فوائدها.

وعلى العموم فإن الكيمياء الخضراء هي فرع حديث من فروع علم الكيمياء، يهدف إلى تقليل الانبعاثات والملوثات الضارة الناتجة عن عمليات التصنيع الكيميائية المختلفة إلى أقل حد ممكن كما انه يسعى إلى ابتكار وتحضير مركبات ومواد كيميائية جديدة ومواد كيميائية بديلة للمواد الضارة المتوفرة حالياً وتكون أنظف وأكثر صداقة للبيئة والصحة.

وتعود ممارسة الكيمياء الخضراء والاهتمام بها إلى بداية التسعينات من القرن المنصرم حيث سنت في أمريكا بعض القوانين التي تحد من التلوث، كما تم التشجيع على تطوير المنتجات الكيميائية من خلال المعاهد والجامعات المختلفة لتقليل المخاطر المختلفة للمواد الكيميائية. وقد رصدت في سبيل تحقيق ذلك الأموال والمنح لذلك أصبح تعميق مفهوم الكيمياء الخضراء هدفا ينشده الجميع لأنها تسعى لجعل علم الكيمياء علماً متكاملاً عن طريق تقليل ما يسببه التصنيع الكيميائي للمواد الصيدلانية والدوائية والبترولية والبلاستيكية والمبيدات الحشرية والايروسول والمذيبات والملونات والمضافات الغذائية وغيرها مما يتماس مع حياة الناس والبيئة أقل ضرراً وأكثر نفعاً فبقدر ما نمنع الأضرار نتعزز الفوائد والمكاسب.

والله المستعان،،،

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  6599