التدفئة بإشعال الحطب والفحم يمكن أن تدمر خلايا المخ خلال دقائق
التدفئة بإشعال الحطب والفحم يمكن أن تدمر خلايا المخ خلال دقائق
غاز أول أكسيد الكربون.. القاتل الخفي بلا طعم ولا رائحة ولا لون!
غاز أول أكسيد الكربون.. القاتل الخفي بلا طعم ولا رائحة ولا لون!
د. خالد عبد الله المنيع
في هذه الفترة من كل عام ومع انخفاض درجات الحرارة يلجأ الناس الى استخدام وسائل التدفئة المختلفة ولعل أشهر تلك الوسائل اشعال الفحم أو الحطب حيث لا يكاد يخلو منزل من مكان مخصص له فتتجمع الاسرة حول دفء لهب النار وفي أحيان أخرى وخصوصا خلال اجازة نهاية الاسبوع يستمتعون بالجلوس حول الجمر في المخيمات يتبادلون أطراف الحديث ويستعيدون فيها ذكريات الأجداد. فأصبحت هذه الوسيلة التقليدية من التدفئة محبذة لجميع شرائح المجتمع بل ان نوع الحطب المستعمل للاشعال له دور رسم متعة التدفئة.
عندما يكون المكان الذي يشعل فيه هذا الحطب غير جيد التهوية فان الخطر كبير من خلال الغازات التي تنتج عن احتراق ذلك الفحم أو الحطب وعلى رأسها غاز أول أكسيد الكربون وهو ما يسمى القاتل الصامت ولقد كانت ضحاياه أسرا بأكملها نتيجة عدم تقيدهم بالتعليمات التي تصدرها المديرية العامة للدفاع المدني في عام.
وتكمن الخطورة في هذا الغاز أنه ليس له طعم ولا رائحة أو لون حيث يغزو رئتينا دون أن ندري فضلا على الغازات الاخرى التي تنبعث من السوائل التي تستخدم لاشعال الحطب او الفحم من كيروسين أو غيره.
الخطورة في استخدام الحطب كوسيلة للتدفئة ليس فقط في استنشاق الغاز السام وانما يتعدى ذلك الى حدوث حرائق راح ضحيتها وفيات عديدة. نستقبل العديد من الحالات في غرف الاسعاف وفي مثل هذه الفترة من السنة معظمهم اطفال اما ان يكونوا قد اصيبوا باختناق بسبب استنشاق غاز اول اكسيد الكربون او بسبب حريق حدث في غفلة من الاهل او بسبب شرب بعضهم لسائل الكيروسين المستخدم في اشعال الحطب او الفحم حيث يكون في متناول هؤلاء الاطفال الذين لا يدركون مدى خطورة هذه المركبات وتكون المسؤولية كاملة على من يرعاهم في البيت لحمايتهم بعد حماية الله سبحانه وتعالى من تلك المخاطر التي لاتحمد عقباها.
علامات وأعراض التسمم
ما يحدث طبيعيا خلال تنفسنا هو دخول الاكسجين الى الرئتين من خلال القصبة الهوائية حيث يصل الى الحويصلات الهوائية وفيها يحدث تبادل غاز الاكسجين بغاز ثاني اكسيد الكربون حيث يتم نقل الاكسجين بواسطة الدم الى اجزاء الجسم المختلفة واهمها الجهاز العصبي المركزي ممثلا في المخ كما يتم نقل غاز ثاني اكسيد الكربون وخلال الحويصلات الهوائية الى الى القصبة الهوائية ومن ثم طرده الى الخارج. غاز أول أكسيد الكربون يمكنه الدخول وامتصاصه من الرئتين الى الدم بسهولة ويزيد من خطورته مثلما ذكرنا سابقا ليس له طعم او لون او رائحة. ما يحدث عند التعرض الى هذا الغاز السام فانه يدخل في نفس المسار السابق مع الاكسجين ويمتص هذا الغاز من الدم مع الاكسجين ولكن قوة التصاق هذا الغاز بكريات الدم الحمراء اقوى من قوة التصاق جزيئات الاكسجين بها بمقدار 230 مرة وهذه العملية تحرم الانسجة حصولها على الكمية اللازمة من الاكسجين مما يؤدي الى اختناقها. تتراوح شدة الاعراض ونوعها تبعا الى تركيز غاز اول اكسيد الكربون التي تم التعرض لها.. ومن بعض الاعراض التي تظهر على الشخص المتسمم بشكل حاد ما يلي:
* صداع ودوخة وعدم تركيز، يكون الصداع غالبا في الجهة الامامية من الرأس وبشكل متواصل.
* غثيان وتسارع في ضربات القلب وهبوط في الضغط الشرياني.
* المشي بغير اتزان تشنجات وفقد الوعي.
* توقف التنفس والوفاة.
* في حالة التعرض المزمن لغاز أول اكسيد الكربون ولكن بشكل بسيط قد تظهر بعض الاعراض العصبية مثل الصداع، الاكتئاب وضعف الذاكرة غالبا هذه الاعراض تزول عند التخلص من هذا الغاز السام ولكن تبقى الخطورة أشد على الاطفال، الاشخاص المصابين بأمراض الشرايين التاجية والنساء الحوامل.
* قد يحدث التسمم بهذا الغاز تدميرا لخلايا المخ ينتج عنها صعوبات في التعلم، ضعف الذاكرة، وضعف في الحركة.
العلاج
* المعالجة الاولية للمريض المتسمم من غاز أول اكسيد الكربون هو ابعاده عن محيط الغاز.
* عمل الانعاش القلبي الرئوي للاشخاص فاقدي الوعي.
* اعطاء الاكسجين من خلال الكمامة للمصاب يعمل على تقصير مدة تأثير ذلك الغاز السام من 350 دقيقة الى 80 دقيقة.
* الاطفال والنساء الحوامل بحاجة الى وضع الاكسجين لمدة أطول من غيرهم نتيجة للمخاطر الاشد التي يحتمل ان يتعرضوا لها.
* استعمال الضغط العالي للاكسجين يخفض مدة تأثير سمية الغاز من 350 دقيقة الى 20 دقيقة فقط.
* معالجة الاعراض الاخرى من التشنجات او عدم انتظام ضربات القلب.
الوقاية
حددت المديرية العامة للدفاع المدني على موقعها تعليمات السلامة التي ينبغي اتباعها ومراعاتها عند استخدام الفحم أو الحطب في المخيمات البرية وهي:
1- يجب مراعاة أن يشعل الفحم أو الحطب خارج الخيام.
2- الحذر عند اشتداد الهواء أو الرياح من إشعال الفحم أو الحطب ويفضل عدم إشعالهما لخطورة تبدد الشرار وارتفاع ألسنة اللهب وحدوث حريق في المكان.
3- عند إدخاله إلى المكان المراد تدفئته تفتح النوافذ والأبواب لمرور تيار الهواء النقي لتفادي الاختناق أو التسمم بغاز أول أكسيد الكربون.
4- إبعاد الفحم أو الحطب عن المواد سريعة الاشتعال كالفرش أو الملابس أو رواق المخيمات.
5- التأكد التام من إطفاء الفحم أو الحطب عند النوم.
6- مراقبة الأطفال ومنعهم من الاقتراب أو العبث في مخلفات الفحم أوالحطب.
7- عدم رمي مخلفات الفحم أو الحطب في صناديق النفايات حتى يتم التأكد من إطفائه تماماً.
* المدفأة الغازية
هي أحد أنواع التدفئة المستخدمة وهي لا تقل خطورة عن طريقة التدفئة بالحطب نتيجة الغاز الذي قد ينبعث منها فضلا عن امكانية حدوث تسرب للغاز من خلال اتصال الانبوب باسطوانة الغاز أو في أي نقطة من التمديدات بين الاسطوانة والمدفأة. ويجب عدم وضع اسطوانة الغاز بالقرب من قطع الاثاث.
* التدفئة بالكيروسين
نوع تقليدي من التدفئة يستخدم فيه سائل الكيروسين لانتاج الطاقة ويحمل نفس المخاطر للاختناق.
* المدفأة الكهربائية
وهي أقل الانواع خطرا اذا اتخذت الاحتياطات اللازمة في توخي الحذر والحرص على سلامة التمديدات الكهربائية وعدم تحميل مقسم الكهرباء مالا يحتمله من قدرة وكذلك عدم وضع المدفأة قريبة من الاغطية او الاثاث سريع الاشتعال والحرص على الاطفال ومراقبتهم.
* التدفئة من خلال مكيفات الهواء
وهي أكثر وسائل التدفئة أمانا اذا تمت صيانتها بشكل دوري. حيث انها تبقى بعيدة عن متناول الاطفال ولا تعتمد طاقتها الحرارية في انتاج أي غاز سام.
ختاما.. نأمل أن يكون شتاء هادئا يحظى الجميع بدفء وأمان، كما نأمل ألا نغفل عن رقابة أطفالنا لحمايتهم من الاضرار التي يمكن الوقاية منها كالحوادث المنزلية التي أودت بأرواح العديد من الاطفال الابرياء نتيجة غفلتنا أو تساهلنا.
المصدر: صحيفة الرياض