• ×
admin

العالم الأول على أرضنا.. فماذا نحن فاعلون؟

العالم الأول على أرضنا.. فماذا نحن فاعلون؟


خالد الفيصل بن عبد العزيز

قبل حوالي سنتين طرحت شعار \"نحو العالم الأول\" في مشروع استراتيجية التنمية في منطقة مكة المكرمة. تفاجأ الجميع بهذا الشعار، واعتبره البعض أحلام شاعر، حتى إنني كنت أتلقى النظرات والابتسامات في تهكّم شامت وإشفاق محب، إلى أن قال لي أحدهم: \"صعّبتها كثيراً يا أمير\".
واليوم تفتتح \"جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية\" في \"ثُوَلْ\"، أحدث جامعة بحثية في مجالات العلوم والتقنية في العالم، جامعة عالمية، بإدارة عالمية، وبفكرٍ ومنهجٍ عالميين.
لم نعد اليوم بحاجة إلى شعار \"نحو العالم الأول\"، لقد اختصر علينا الملك عبدالله بن عبدالعزيز الزمان وقرب المكان فأصبح العالم الأول على أرضنا.. فماذا نحن فاعلون؟
هل نستوعب هذا الحدث العظيم؟
هل نتعامل معه بعقل وحكمة، ونستفيد؟
هل تتواصل معه جامعاتنا الأخرى وتنقل منه العدوى العلمية والبحثية والإدارية والتقنية إلى حَرَمِها وساحاتها وقاعاتها؟ وأهم من هذا وذاك، إلى عقول إداريّيها وأساتذتها؟
هل يستفيد المجتمع في ثول، وجدة، ومنطقة مكة المكرمة بل وفي المملكة بأسرها من هذه الوثبة العالمية الكبيرة في العالم الأول؟
أم إننا سوف نسجنها داخل سورها ونُحكمُ عليها الأقفال من الخارج، ونستمر نتحدث عنها بإعجاب لكن عن بعد ونبقيها جزيرة متطورة متفوقة في بحرٍ من التخلف العلمي والإداري والمالي، كما فعلنا بالجزر السعودية الأخرى مثل: أرامكو، الجبيل وينبع، المدن العسكرية في حفر الباطن وتبوك وخميس مشيط، والحي الدبلوماسي في الرياض؟
المفارقة العجيبة أن هذه الجزر المتطورة كلها سعودية مئة في المئة، إذا دخلتها تشعر أنك في عالم آخر من التنظيم والإدارة والتخطيط والتنفيذ والخدمات المميزة، أما إذا خرجت من أسوارها فكأنك خرجت من كل ذلك إلى خلاف ذلك.
السؤال الذي يقفز أمام كل ناظر هو: لماذا لا تكون الوزارات الخدمية الكبيرة في المملكة على مستوى الإدارات الخدمية الصغيرة في هذه الجزر؟
هل المشكلة في إمكانات وقدرات الأشخاص؟ أم في النظام الإداري؟ أم النظام المالي؟ أم فيها كلها أو ربما غيرها؟
لقد تعودنا على أن تكون الأفكار والمشاريع والإنجازات الكبيرة والناجحة كلها مبادرات من القيادة، ولولا تبني القيادة لها ومتابعتها الشخصية ما نجحت، ولكن إلى متى؟
وهل نحمّل القيادة كل كبيرة وصغيرة وننتظر مبادراتها ومتابعاتها دون مواكبة هذا التألق القيادي ولو بقليل من المجاراة على نفس المستوى ونفس التوجه؟؟
أما آن الأوان لوزارة الخدمة المدنية أن تطرح مبادرة لإعادة النظر في النظام الإداري، مثلاً، وتحاول أن تستفيد من نظام أرامكو؟
أما آن الأوان لوزارة المالية أن تعيد النظر في النظام المالي مستفيدة أيضاً من نظام أرامكو؟
أما آن الأوان لوزارات الخدمات أن تقلد ما يحدث في أرامكو والجبيل وينبع والمدن العسكرية؟ لا تخجلوا، صدقوني، ليس في ذلك ما يعيب. حاولوا مجاراتهم حتى ولو كانوا أصغر منكم.
أما آن الأوان لإعادة النظر في نظام المناطق وتعزيز الإدارة المحلية بصلاحيات تمكنها من إدارة مشاريعها وتحميل مجالس المناطق المسؤولية، حتى يمكن محاسبتهم على التقصير؟
الإنسان السعودي قادر على الانتقال بذاته وببلاده إلى العالم الأول، لو أن الجميع: الوزراء وأمراء المناطق والمسؤولين في القطاعين الحكومي والأهلي ارتقوا بتفكيرهم وجهدهم وعطائهم إلى مستوى القيادة..
مستوى عبدالله وسلطان، والله المستعان.

المصدر: صحيفة الوطن
بواسطة : admin
 0  0  1746