الزهايمر.. المرض المؤلم!
الزهايمر.. المرض المؤلم!
د. ابراهيم بن حسن الخضير
مرض الزهايمر والذي يُعتبر من أكثر الأمراض العصبية والعقلية صعوبةً، ويؤثر بشكلٍ سلبي كبير على عائلة المريض وكذلك على المجتمع. للآسف مع التقدم في الرعاية الصحية فإن عدد مرضى الزهايمر يزداد عاماً بعد عام. وتُشير الدراسات إلى أن مرض الزهايمر سوف يُصبح مرضاً ينتشر بصورةٍ كبيرة في السنوات القادمة، حتى يصل إلى عدد كبير لا يستطيع المجتمع تحمّل علاجة ورعاية مرضاه في عام 2020.
مرض الزهايمر، هو مرض يؤثر على خلايا المخ ويُحدث تغيّرات على تركيب الدماغ ووجود مواد كيميائية تؤثر على القدرة العقلية للمريض بمرض الزهايمر.
الآن في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح العدد كبيراً ويُكلف الأهل والحكومة مليارات الدولارات. إن هذا المرض الذي يُصيب الأشخاص المتقدمين في العمر، خاصةً بعد سن الخامسة والستين، وتُشير الدراسات إلى أن حوالي 15% من الأمريكيين الذين تتجاوز أعمارهم 85 عاماً يُصابون بمرض الزهايمر.
مرض الزهايمر مرض مؤلم بشكلٍ صعب، والذين مروا بتجارب خاصة مع هذا المرض، كثير منا مروا بتجارب مع قريب ؛ سواءً كان أباً أو أماً أو جداً أو جدة، أو أي شخص قريب منا بدرجةٍ ما لنرى تجربته مع هذا القريب الذي عانى من مرض الزهايمر.
لقد مررت بتجربة لشخصٍ قريب لي عانى من مرض الزهايمر، لقد كان قد تجاوز السبعين من العمر . كان هذا الرجل شخصاً مُتزن الشخصية بشكلٍ كبير، يعمل مدُرساً قبل أن يعمل إدارياً في الحكومة ثم يُصبح إماماً لمسجد، حافظاً للقرآن، ثم بالتدريج بدأ يفقد القدرة على التذكّر، وينسى بشكلٍ ملاُحظ لجميع من يُحيطون به. أصبح ينسى حتى أسماء أقرب الناس له.
لقد مررت بتجربة لوالدي يرحمه الله عندما كان في آخر سنوات حياته وقد أُصيب بهذا المرض، ولكن لم أكن أعرف بشكلٍ كبير طبيعة هذا المرض. رأيته يعصر ذاكرته محاولاً تذّكر أسماء الأشخاص، وكذلك أصبح لا يعرف الشوارع، بل إنه لم يعد يعرف أن يذهب ويعود من المسجد، فقد أصبح لا يدل الطريق وأحياناً لا يستطيع العودة إلى المنزل فيتوه في الشوارع القريبة، وكان أثر ذلك عليّ كبيراً من ناحية نفسية وعاطفية، فالرجل الذي عرفته قوياً، عالماً، يتكلم بالأمور الدينية ويلجأ إليه الناس لحل مشاكلهم أصبح لا يستطيع أن يُجمّع كلماته، ليتكلم جملاً مفيدة.
بعد ذلك أصبح لديّ اهتمام بهذا المرض الذي يؤثر بشكل عاطفي سلبي على الأهل والأقارب للشخص الذي يُعاني من هذا المرض الصعب.
الآن أصبح الشخص الذي كان أحد والديه يُعاني من الزهايمر، يستطيع أن يجري بعض الفحوصات التي تُبين له عما إذا كان سوف يُعاني من مرض الزهايمر بشكلٍ تقريبي، حيث إن الشخص الذي لديه تاريخ أسري في العائلة، كون أحد والديه يُعاني من مرض الزهايمر، فوجدت الدراسات أن هذا الشخص قد يُعاني من أعراض الزهايمر في مرحلة منتصف العمر. وقد أشارت الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية بأن الأمريكيين الذين أجروا فحوصات وتبيّن أنهم ربما يُصابون بمرض الزهايمر، وأنهم يحملون مورثات «جينات» مرض الزهايمر، لم يتأثروا بهذه النتائج ولم تُشكل هذه المعلومات ضغوطاً نفسية عليهم!.
بررّ الدكتور روبرت قرين من جامعة بوسطن بأن الأشخاص الذين يتم فحصهم وتأتي النتائج إيجابية بأنهم يحملون مورثات مرض الزهايمر، لا يعتقدون بأنهم بالتأكيد سوف يُصابون بهذا المرض ولكن هناك احتمال، مثل أي مرضٍ آخر، ويتعرض للإصابة بمرض الزهايمر، الشخص الذي يحمل مورثات «جينات» مرض الزهايمر خمس مرات ضعف الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ عائلي بالإصابة بمرض الزهايمر .
ويقول دكتور قرين، بأنه عندما تمت تجربة آخرى، على عينة أخذت عشوائياً وتم عمل تحليل جيني، 51 شخصاً لم يتم إخبارهم بنتائج التحليل بينما 111 شخصاً من الذين ظهرت نتائجهم إيجابية تم إخبارهم بأنهم يحملون مورث مرض الزهايمر وأنه هناك احتمال خمسة أضعاف أن يُصابوا بمرض الزهايمر عند تقدمهم في العمر . بعد ستة أسابيع من إخبار الأشخاص الذين شاركوا في هذه التجربة تبيّن بأنهم عانوا من قلق شديد، واكتئاب وضغوط نفسية ذات علاقة بالاختبار. وهذا يعكس ما أظهرته الدراسة الأولى والتي نُشرت في نيو إنجلاند بتاريخ 16 يوليو عام 2009.
في مايو كلينك قالت دراسة بأن الأشخاص الذين لديهم قابلية للإصابة بمرض الزهايمر، يُعانون من مشاكل في الذاكرة وبعض أعراض الزهايمر الآخرى في الخمسينات من عمرهم .
في دراسة آخرى على 815 شخصاً بين سن 21 و97، فوجد أن من بين هؤلاء 498 يحملون مورثات للزهايمر، واحتمال اصابتهم بمرض الزهايمر أعلى خمس مرات من الأشخاص العاديين، الذين ليس لديهم تاريخ عائلي بمرض الزهايمر.
تم عمل اختبارات للأشخاص الذين يتوقع أن يُصابوا بمرض الزهايمر وكذلك للاشخاص الآخرين الذين لم يحملوا مورّث الزهايمر، وطلبوا منهم العودة بعد عدة سنوات.
بعد عدة سنوات تم عمل تقييم وفحص الحالة العقلية لكلا الفريقين، فوجدوا أن الفريق الذي كان يحمل مورثات لمرض الزهايمر قد تدهورت قدراتهم العقلية في منتصف الخمسينات من عمرهم، وكذلك استمر هذا التدهور في القدرات العقلية، حتى وإن كان في بعض الأحيان بسيطاً وغير ملاحظ من قِبل الآخرين.
للتأكد من هذا الأمر، أجُريت دراسة على التعرض للمبيدات الحشرية ومدى تأثير هذه المواد على القدرات العقلية والإصابة بمرض الزهايمر، فقد تم فحص عينة أكثر من 4000 شخص يعيشون في بيئة زراعية في ولاية يوتاه، تزيد أعمارهم عن 65 عاماً. تم سؤال كل مشارك في البحث عما اذا كان تعرّض لمواد كيميائية سواء مُبيدات حشرية أو مُخصبات للزرع. سبعمائه وخمسون شخصاً أجابوا بأنهم يعملون في مجال الزراعة التي تعتمد على الكيماويات . تم فحص الحالة العقلية لهؤلاء الأشخاص وأعُيد فحص الحالة العقلية بعد ست إلى سبع سنوات، فوجد بأن أكثر من 53% منهم يُعانون من أعراض مرض الزهايمر مقارنةٍ بالأشخاص الذين لا يعملون في مجال لا يتعرض فيه الشخص لمواد كيميائية الذين لم يظهر عليهم أعراض مرض الزهايمر، وقد أشارت هذه الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يعملون في مجال يتعرضون فيه للتعّرض لمواد كيميائية قد يُصابون بمرض الزهايمر وتزيد الأمور سوءاً فيما لو كان الشخص يُعاني من تاريخ عائلي وراثي لمرض الزهايمر.
المصدر: صحيفة الرياض