عبد الرحمن بخش
عبد الرحمن بخش
عبد الله ابو السمح
أنا أزعم لنفسي أني شديد التجلد، وأنى أواجه الأحزان بعقلانية وصبر، وقليلا ما شعرت بمرارة الفقد على موت أحد، باعتبار (الموت) سنة الحياة وقانونها الذي لا محيد عنه، ولكن نبأ موت صديقي الدكتور عبد الرحمن بخش فاجأني وأشعرني بمرارة الفقد، لقد أحسست بأن تاريخا من عمري قد ذهب وتلاش، كان عبد الرحمن زميل طفولة من المدرسة الرحمانية الابتدائية في شارع المسعى في مكة المكرمة، كان زميلا مسالما طيبا خجولا يراقب زملاءه المشاغبين بابتسامة طفولية ولا يشاركهم ولم يكن يفتن عليهم ولهذا صار محبوبا، كان دائما على الحياد.. ينظر ولا يشارك، واكتشفت فيه أنه ذو إرادة قوية خفية، وأنه خطط لنفسه واستطاع أن يحقق كثيرا من ذلك التخطيط، وعندما اختار القسم العلمي في مدرسة تحضير البعثات، وهي كانت الثانوية الوحيدة في المملكة، قلت له إنه مجنون ورمى نفسه في متاهة المعادلات الرياضية، وفعلها ونجح وذهبنا مبتعثين إلى القاهرة، حيث لا ابتعاث آخر لإكمال الدراسة الجامعية، والتحق بكلية الطب، وهذه كانت مفاجأة أخرى، متزاملا مع د. أمين سراج وحسن العياف والكاف ومنصور فارسي وآخرين.
ونال شهادة الطب بإرادته الصلبة، ثم ذهب إلى لندن للتخصص، وظل مصرا على النجاح في عدة امتحانات، وعاد إلى المملكة ليؤسس صرحا طبيا كبيرا، وليكون رائدا في الاستعانة بكبار الأطباء العرب في زيارات قصيرة ليمكن المواطنين متوسطي الحال من مراجعتهم، وأنشأ قسما في مستشفاه للأطباء السعوديين في عيادات خاصة، لقد كان ــ رحمه الله ــ خلوقا عطوفا وفيا دائم الاتصال بزملائه ومميزا بلهجته المكاوية البلدية التي كانت أحيانا تجعلنا نتندر عليه، لكنه ــ رحمه الله ــ كان مثالا لحسن الخلق والطيبة وبذكاء حاد خفي أخرجه من أزمات عويصة، سأفتقد صوته في الهاتف يسأل: فينك يا واد ما تسأل؟ حسنا، سأدعو لك بالرحمة يا أبا طه الآن .
المصدر: صحيفة عكاظ
عبد الله ابو السمح
أنا أزعم لنفسي أني شديد التجلد، وأنى أواجه الأحزان بعقلانية وصبر، وقليلا ما شعرت بمرارة الفقد على موت أحد، باعتبار (الموت) سنة الحياة وقانونها الذي لا محيد عنه، ولكن نبأ موت صديقي الدكتور عبد الرحمن بخش فاجأني وأشعرني بمرارة الفقد، لقد أحسست بأن تاريخا من عمري قد ذهب وتلاش، كان عبد الرحمن زميل طفولة من المدرسة الرحمانية الابتدائية في شارع المسعى في مكة المكرمة، كان زميلا مسالما طيبا خجولا يراقب زملاءه المشاغبين بابتسامة طفولية ولا يشاركهم ولم يكن يفتن عليهم ولهذا صار محبوبا، كان دائما على الحياد.. ينظر ولا يشارك، واكتشفت فيه أنه ذو إرادة قوية خفية، وأنه خطط لنفسه واستطاع أن يحقق كثيرا من ذلك التخطيط، وعندما اختار القسم العلمي في مدرسة تحضير البعثات، وهي كانت الثانوية الوحيدة في المملكة، قلت له إنه مجنون ورمى نفسه في متاهة المعادلات الرياضية، وفعلها ونجح وذهبنا مبتعثين إلى القاهرة، حيث لا ابتعاث آخر لإكمال الدراسة الجامعية، والتحق بكلية الطب، وهذه كانت مفاجأة أخرى، متزاملا مع د. أمين سراج وحسن العياف والكاف ومنصور فارسي وآخرين.
ونال شهادة الطب بإرادته الصلبة، ثم ذهب إلى لندن للتخصص، وظل مصرا على النجاح في عدة امتحانات، وعاد إلى المملكة ليؤسس صرحا طبيا كبيرا، وليكون رائدا في الاستعانة بكبار الأطباء العرب في زيارات قصيرة ليمكن المواطنين متوسطي الحال من مراجعتهم، وأنشأ قسما في مستشفاه للأطباء السعوديين في عيادات خاصة، لقد كان ــ رحمه الله ــ خلوقا عطوفا وفيا دائم الاتصال بزملائه ومميزا بلهجته المكاوية البلدية التي كانت أحيانا تجعلنا نتندر عليه، لكنه ــ رحمه الله ــ كان مثالا لحسن الخلق والطيبة وبذكاء حاد خفي أخرجه من أزمات عويصة، سأفتقد صوته في الهاتف يسأل: فينك يا واد ما تسأل؟ حسنا، سأدعو لك بالرحمة يا أبا طه الآن .
المصدر: صحيفة عكاظ