هل تدخل مصر عصر العلم؟
هل تدخل مصر عصر العلم؟
غازي عبداللطيف جمجوم
بهر شباب مصر العالم في الأسابيع القليلة الماضية بما حققوه من إزاحة سلمية للسلطة في بلادهم لعجزها عن تحقيق المستوى الذي كانوا يطمحون إليه من العيش الكريم رغم توليها زمام الأمور لثلاثين عاما. ثار هؤلاء الشباب على التسلط وعلى الحزبية والشللية والفساد وتغليب المحسوبية على الكفاءة وغياب المحاسبة، على القوانين العرفية التي تكتم الأنفاس وتضيع الحقوق، على الأنانية التي سمحت لفئة صغيرة تحظى بالقرب من السلطة بالاغتناء الفاحش بسبب التركيز على مشاريع استغلالية هدفها المصلحة الشخصية والكسب السريع على حساب مشاريع صناعية وزراعية وتجارية وسياحية وعمرانية ينتج عنها توفير فرص العمل لملايين العاطلين الذين يعيشون تحت خط الفقر وتوفير السكن والتعليم والخدمات الأساسية للمواطنين. بهرت ثورة هؤلاء الشباب العالم لأنها نبعت من القلب والجذور ولأنها عكست شعور الأغلبية العظمى من المواطنين وليس أفرادا أو مجموعات سياسية معينة، لأنها نبذت العنف، لأنها كانت مستعدة للتضحية بل ضحت بالفعل بـ 400 شهيد سقطوا من جانبها ومع ذلك فقد وقفت بحزم في وجه «التخويف» و «البلطجة» وأصرت على أن تبقى سلمية، لأنها أصرت على رفض التعنت والتطرف وعلى تغليب روح الأخوة والوطنية بين كافة فئات الشعب من مختلف الأديان والطوائف، لأنها استخدمت تقنية الاتصال الحديثة بذكاء في تنظيم تحركاتها، وبصفة عامة لأنها تصرفت بأسلوب إنساني حضاري متقدم.
على الرغم من الانبهار بما حدث يقر الجميع، وأولهم شباب الثورة المصرية، أن مصر الآن لا تزال في بداية الطريق وليس نهايتها، طريق جديد يلوح فيها الأمل والنمو والعدالة والحرية، ولكن الوصول إلى هذه الغايات لن يكون بالأمر السهل بل يحتاج إلى الكثير من العمل الشاق الدؤوب، مع التوفيق من الله العلي القدير.
تبحث الثورة المصرية الوليدة الآن عن طريقها وتحاول الاستعانة بعقلائها وحكمائها وخاصة أولئك الذين ليست لهم مصالح شخصية أو حزبية، أولئك الذين هم من خارج اللعبة السياسية السابقة التي لم توصل البلاد إلى المكانة التي كانت تطمح إليها. كثير من هؤلاء برزوا في خارج مصر حيث حققوا العديد من النجاحات في مختلف المجالات. من أبرز هؤلا العالم المصري الكبير أحمد زويل الأستاذ في جامعة كالتيك في كاليفورنيا والحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء وقبلها جائزة الملك فيصل العالمية وجوائز أخرى عديدة. عاد أحمد زويل إلى القاهرة مؤخرا ليشهد الثورة المصرية على ميدان الواقع. شاهدته مساء السبت الماضي في مقابلة طويلة على التلفزيون المصري قدم فيها رؤيته بأن نجاح مصر في الفترة القادمة لن يكون إلا عن طريق العلم، ويشمل ذلك التركيز على التفكير بصورة علمية، وتطبيق سياسات علمية، وعلى التعليم الجيد لكافة العلوم، وعلى البحث العلمي والتقدم العلمي. رجع زويل لكي يعيد طرح رؤيته لمصر خاصة والعالم العربي عامة لدخول عصر العلم، تلك الرؤية التي كتب وحاضر عنها كثيرا، مستشهدا على ذلك بالنهضة التي شهدتها في السنوات الأخيرة عدة دول منها كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وإيرلندا والصين والهند والتي يرجع الفضل فيها للتركيز على التقدم العلمي. كانت هناك مداخلات هاتفية من بعض المشاركين البارزين ومن ميدان التحرير طلبت منه العودة إلى وطنه الأصلي لمساعدته على تحقيق الآمال التي يطمح إليها ، ووعد هو بتقديم رؤيته إلى الحكومة الجديدة كخطة عمل لدخول مصر عصر العلم.
في الفترة القريبة القادمة ستنشغل مصر بتكوين حكومة مدنية ديموقراطية جديدة ويشمل ذلك تشكيل دستور ومجالس برلمانية جديدة وخلاف ذلك من خطوات كثيرة وعليها إعادة نمو اقتصادها بسرعة لتكفل لقمة العيش لشعبها الكريم، ولكن عليها في نفس الوقت أن تسرع في وضع خطاها على طريق التقدم العلمي والتكنولوجي إذا أرادت أن تلحق بركب التقدم العالمي وأن تضمن التنمية الحثيثة والمستدامة.
تمنياتنا الخالصة لمصر الشقيقة بتعويض كل ما فاتها، ودعاؤنا أن يكتب لها الله عز وجل الازدهار والاستقرار والتقدم وأن تدخل عصر العلم من أوسع أبوابه.
المصدر: صحيفة عكاظ
غازي عبداللطيف جمجوم
بهر شباب مصر العالم في الأسابيع القليلة الماضية بما حققوه من إزاحة سلمية للسلطة في بلادهم لعجزها عن تحقيق المستوى الذي كانوا يطمحون إليه من العيش الكريم رغم توليها زمام الأمور لثلاثين عاما. ثار هؤلاء الشباب على التسلط وعلى الحزبية والشللية والفساد وتغليب المحسوبية على الكفاءة وغياب المحاسبة، على القوانين العرفية التي تكتم الأنفاس وتضيع الحقوق، على الأنانية التي سمحت لفئة صغيرة تحظى بالقرب من السلطة بالاغتناء الفاحش بسبب التركيز على مشاريع استغلالية هدفها المصلحة الشخصية والكسب السريع على حساب مشاريع صناعية وزراعية وتجارية وسياحية وعمرانية ينتج عنها توفير فرص العمل لملايين العاطلين الذين يعيشون تحت خط الفقر وتوفير السكن والتعليم والخدمات الأساسية للمواطنين. بهرت ثورة هؤلاء الشباب العالم لأنها نبعت من القلب والجذور ولأنها عكست شعور الأغلبية العظمى من المواطنين وليس أفرادا أو مجموعات سياسية معينة، لأنها نبذت العنف، لأنها كانت مستعدة للتضحية بل ضحت بالفعل بـ 400 شهيد سقطوا من جانبها ومع ذلك فقد وقفت بحزم في وجه «التخويف» و «البلطجة» وأصرت على أن تبقى سلمية، لأنها أصرت على رفض التعنت والتطرف وعلى تغليب روح الأخوة والوطنية بين كافة فئات الشعب من مختلف الأديان والطوائف، لأنها استخدمت تقنية الاتصال الحديثة بذكاء في تنظيم تحركاتها، وبصفة عامة لأنها تصرفت بأسلوب إنساني حضاري متقدم.
على الرغم من الانبهار بما حدث يقر الجميع، وأولهم شباب الثورة المصرية، أن مصر الآن لا تزال في بداية الطريق وليس نهايتها، طريق جديد يلوح فيها الأمل والنمو والعدالة والحرية، ولكن الوصول إلى هذه الغايات لن يكون بالأمر السهل بل يحتاج إلى الكثير من العمل الشاق الدؤوب، مع التوفيق من الله العلي القدير.
تبحث الثورة المصرية الوليدة الآن عن طريقها وتحاول الاستعانة بعقلائها وحكمائها وخاصة أولئك الذين ليست لهم مصالح شخصية أو حزبية، أولئك الذين هم من خارج اللعبة السياسية السابقة التي لم توصل البلاد إلى المكانة التي كانت تطمح إليها. كثير من هؤلاء برزوا في خارج مصر حيث حققوا العديد من النجاحات في مختلف المجالات. من أبرز هؤلا العالم المصري الكبير أحمد زويل الأستاذ في جامعة كالتيك في كاليفورنيا والحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء وقبلها جائزة الملك فيصل العالمية وجوائز أخرى عديدة. عاد أحمد زويل إلى القاهرة مؤخرا ليشهد الثورة المصرية على ميدان الواقع. شاهدته مساء السبت الماضي في مقابلة طويلة على التلفزيون المصري قدم فيها رؤيته بأن نجاح مصر في الفترة القادمة لن يكون إلا عن طريق العلم، ويشمل ذلك التركيز على التفكير بصورة علمية، وتطبيق سياسات علمية، وعلى التعليم الجيد لكافة العلوم، وعلى البحث العلمي والتقدم العلمي. رجع زويل لكي يعيد طرح رؤيته لمصر خاصة والعالم العربي عامة لدخول عصر العلم، تلك الرؤية التي كتب وحاضر عنها كثيرا، مستشهدا على ذلك بالنهضة التي شهدتها في السنوات الأخيرة عدة دول منها كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وإيرلندا والصين والهند والتي يرجع الفضل فيها للتركيز على التقدم العلمي. كانت هناك مداخلات هاتفية من بعض المشاركين البارزين ومن ميدان التحرير طلبت منه العودة إلى وطنه الأصلي لمساعدته على تحقيق الآمال التي يطمح إليها ، ووعد هو بتقديم رؤيته إلى الحكومة الجديدة كخطة عمل لدخول مصر عصر العلم.
في الفترة القريبة القادمة ستنشغل مصر بتكوين حكومة مدنية ديموقراطية جديدة ويشمل ذلك تشكيل دستور ومجالس برلمانية جديدة وخلاف ذلك من خطوات كثيرة وعليها إعادة نمو اقتصادها بسرعة لتكفل لقمة العيش لشعبها الكريم، ولكن عليها في نفس الوقت أن تسرع في وضع خطاها على طريق التقدم العلمي والتكنولوجي إذا أرادت أن تلحق بركب التقدم العالمي وأن تضمن التنمية الحثيثة والمستدامة.
تمنياتنا الخالصة لمصر الشقيقة بتعويض كل ما فاتها، ودعاؤنا أن يكتب لها الله عز وجل الازدهار والاستقرار والتقدم وأن تدخل عصر العلم من أوسع أبوابه.
المصدر: صحيفة عكاظ