هل يمكن للدماغ اختراع مايفوقه ذكاء؟
هل يمكن للدماغ اختراع مايفوقه ذكاء؟
فهد عامر الأحمدي
شخصي المتواضع مشترك بكافة الصحف السعودية (باستثناء ما يوزع منها مجاناً في الكوفيهات).. وقبل يومين صادفت خبرا مشتركا في معظم الصحف يتحدث عن \"تعادل\" الذكاء الصناعي مع الذكاء البشري في مباراة تتعلق بالثقافة والمعلومات وسرعة البديهة .. ففي برنامج \'\'جيباردي\'\' للمعلومات العامة تعادل بطل سابق يدعى \"براد روتر\" مع منافس إلكتروني يدعى \"واتسون\'\' ابتكرته شركة IBM الأمريكية ليفوز كل منهما بخمسة آلاف دولار وتتبقى حلقتان لتحديد الفائز بالجائزة النهائية التي تبلغ قيمتها مليون دولار...
وتصف شركة IBM جهازها \'\'واتسون\'\' بأنه ثمرة جهود متقدمة لتطوير الذكاء الصناعي، واختارته لخوض هذه المنافسة بالذات كون الأسئلة الموجهة له في هذا البرنامج التلفزيوني تتم (باللغة المتداولة بين البشر) وتمثل تحديا أكبر من الحسابات المنطقية في مسابقات الرياضيات أو الشطرنج مثلا..
وهذا \"الواتسون\" بالمناسبة هو النسخة المطورة من جهاز \'\'ديب بلو\'\' الذي صنعته الشركة عام 1996 وفاز حينها على بطل العالم في الشطرنج الروسي جاري كاسباروف (وكنت يومها في جريدة المدينة حيث كتبت مقالا تساءلت فيه إن كان هذا الفوز سيشكل نقطة تحول لصالح الذكاء الصناعي وقرب ظهور شبكة سكاي نت التي تفكر بذاتها / كما حدث في رواية الترمنيتور الخيالية)!!
... وأنا شخصيا كلما سمعت عن منافسات من هذا النوع يبرز في ذهني سؤال قديم وحائر بخصوص (قدرة الدماغ الإنساني على ابتكار ما يفوقه ذكاء وفطنة)؟
... والإجابة عن هذا السؤال لا تشكل تحديا تقنيا فقط ، بل وتحديا فلسفيا وأخلاقيا يصعب الاتفاق عليه ..
فعقل الانسان أذكى وأنبل ماخلق الله (على الأقل، فوق كوكب الأرض) وبالتالي هل يمكن للإنسان ذاته اختراع مايتفوق على هذا الإبداع الإلهي؟
القسم الأول يقول (لا) بلا تردد أو تفكير، في حين لا يرى القسم الثاني في هذا الانجاز مايمس القدرة الإلهية (بدليل نجاح الإنسان في ابتكار ما هو أسرع من القدمين، وأقوى من اليدين، وأكثر حدة من العينين والأذنين...) . وبخصوص الكمبيوتر بالذات نلاحظ أن أجهزتنا هذه الأيام أصبحت أكثر قدرة من الانسان في الحساب والتحليل والتذكر واسترجاع المعلومات والتعرف على الوجوه والأصوات... وبسبب هذه المزايا بالذات طالبت باستعادة مسمى (العقل الإلكتروني) الذي كان شائعا قبل ربع قرن قبل أن نستبدله باسم أجنبي غير دقيق يدعى (كمبيوتر).. فبمرور الأعوام تطور \"الكمبيوتر\" وتعددت مهاراته ولم تعد مهمته قاصرة على إنجاز العمليات الحسابية . وكلما تطور اكثر تحول اسم حاسب، وحاسوب، وحاسبة (وهي الاشتقاقات المعربة لكلمة كمبيوتر) الى ثوب ضيق لايعبر عن حقيقة هذا الجهاز العجيب ومهامه المتعددة.. فالكمبيوتر هذه الأيام (وهذه آخر مرة أستعمل فيها هذه التسمية) تطور إلى أكثر من مجرد نظامة ورتابة وحسابة (وهي المسميات التي اقترحتها مجمعات اللغة العربية ولم يتبناها أحد) وتحول إلى مايشبه نظاما عقليا متكاملا يشمل أنظمة التذكر والتحليل والمعالجة والقدرة على التعلم ناهيك عن النطق والرؤية والقراءة والتعرف على الأصوات والملامح أفضل من الانسان بكثير..
وحين تتضاعف وتتطور هذه العناصر مستقبلا ، يصبح من غير المستبعد تبلورها ك(وعي ذاتي، وذكاء مستقل) يفاجئ البشر ولا ينتظر رأيهم في ولادته ..
وحين يحدث هذا لن يصبح السؤال: هل يمكن للعقل البشري اختراع ما يفوقه ذكاء بل:
- عند أي نقطة حرجة ستبدأ العقول الإلكترونية بتطوير ذكائها ووعيها بذاتها ، وهل ستملك بعد ذلك سقفاً تتوقف عنده أم تستمر في تطوير نفسها بلا نهاية ؟
المصدر: صحيفة الرياض
فهد عامر الأحمدي
شخصي المتواضع مشترك بكافة الصحف السعودية (باستثناء ما يوزع منها مجاناً في الكوفيهات).. وقبل يومين صادفت خبرا مشتركا في معظم الصحف يتحدث عن \"تعادل\" الذكاء الصناعي مع الذكاء البشري في مباراة تتعلق بالثقافة والمعلومات وسرعة البديهة .. ففي برنامج \'\'جيباردي\'\' للمعلومات العامة تعادل بطل سابق يدعى \"براد روتر\" مع منافس إلكتروني يدعى \"واتسون\'\' ابتكرته شركة IBM الأمريكية ليفوز كل منهما بخمسة آلاف دولار وتتبقى حلقتان لتحديد الفائز بالجائزة النهائية التي تبلغ قيمتها مليون دولار...
وتصف شركة IBM جهازها \'\'واتسون\'\' بأنه ثمرة جهود متقدمة لتطوير الذكاء الصناعي، واختارته لخوض هذه المنافسة بالذات كون الأسئلة الموجهة له في هذا البرنامج التلفزيوني تتم (باللغة المتداولة بين البشر) وتمثل تحديا أكبر من الحسابات المنطقية في مسابقات الرياضيات أو الشطرنج مثلا..
وهذا \"الواتسون\" بالمناسبة هو النسخة المطورة من جهاز \'\'ديب بلو\'\' الذي صنعته الشركة عام 1996 وفاز حينها على بطل العالم في الشطرنج الروسي جاري كاسباروف (وكنت يومها في جريدة المدينة حيث كتبت مقالا تساءلت فيه إن كان هذا الفوز سيشكل نقطة تحول لصالح الذكاء الصناعي وقرب ظهور شبكة سكاي نت التي تفكر بذاتها / كما حدث في رواية الترمنيتور الخيالية)!!
... وأنا شخصيا كلما سمعت عن منافسات من هذا النوع يبرز في ذهني سؤال قديم وحائر بخصوص (قدرة الدماغ الإنساني على ابتكار ما يفوقه ذكاء وفطنة)؟
... والإجابة عن هذا السؤال لا تشكل تحديا تقنيا فقط ، بل وتحديا فلسفيا وأخلاقيا يصعب الاتفاق عليه ..
فعقل الانسان أذكى وأنبل ماخلق الله (على الأقل، فوق كوكب الأرض) وبالتالي هل يمكن للإنسان ذاته اختراع مايتفوق على هذا الإبداع الإلهي؟
القسم الأول يقول (لا) بلا تردد أو تفكير، في حين لا يرى القسم الثاني في هذا الانجاز مايمس القدرة الإلهية (بدليل نجاح الإنسان في ابتكار ما هو أسرع من القدمين، وأقوى من اليدين، وأكثر حدة من العينين والأذنين...) . وبخصوص الكمبيوتر بالذات نلاحظ أن أجهزتنا هذه الأيام أصبحت أكثر قدرة من الانسان في الحساب والتحليل والتذكر واسترجاع المعلومات والتعرف على الوجوه والأصوات... وبسبب هذه المزايا بالذات طالبت باستعادة مسمى (العقل الإلكتروني) الذي كان شائعا قبل ربع قرن قبل أن نستبدله باسم أجنبي غير دقيق يدعى (كمبيوتر).. فبمرور الأعوام تطور \"الكمبيوتر\" وتعددت مهاراته ولم تعد مهمته قاصرة على إنجاز العمليات الحسابية . وكلما تطور اكثر تحول اسم حاسب، وحاسوب، وحاسبة (وهي الاشتقاقات المعربة لكلمة كمبيوتر) الى ثوب ضيق لايعبر عن حقيقة هذا الجهاز العجيب ومهامه المتعددة.. فالكمبيوتر هذه الأيام (وهذه آخر مرة أستعمل فيها هذه التسمية) تطور إلى أكثر من مجرد نظامة ورتابة وحسابة (وهي المسميات التي اقترحتها مجمعات اللغة العربية ولم يتبناها أحد) وتحول إلى مايشبه نظاما عقليا متكاملا يشمل أنظمة التذكر والتحليل والمعالجة والقدرة على التعلم ناهيك عن النطق والرؤية والقراءة والتعرف على الأصوات والملامح أفضل من الانسان بكثير..
وحين تتضاعف وتتطور هذه العناصر مستقبلا ، يصبح من غير المستبعد تبلورها ك(وعي ذاتي، وذكاء مستقل) يفاجئ البشر ولا ينتظر رأيهم في ولادته ..
وحين يحدث هذا لن يصبح السؤال: هل يمكن للعقل البشري اختراع ما يفوقه ذكاء بل:
- عند أي نقطة حرجة ستبدأ العقول الإلكترونية بتطوير ذكائها ووعيها بذاتها ، وهل ستملك بعد ذلك سقفاً تتوقف عنده أم تستمر في تطوير نفسها بلا نهاية ؟
المصدر: صحيفة الرياض