جلطة القلب.. كيف يتم تشخيصها والتعرف عليها بدقة؟
جلطة القلب.. كيف يتم تشخيصها والتعرف عليها بدقة؟
أغلب آلام الصدر مع ارتفاع التروبونين قد تدل على الإصابة
د. خالد النمر
كثيرا ما أسأل: هل يادكتور اذا جاني الم في الصدر وكانت انزيمات القلب طبيعية تعني ان ما معي جلطة في القلب؟ وهل اذا كان تخطيط القلب الكهربائي طبيعيا ينفي وجود جلطة حادة في القلب؟.. ولأن هذه مفاهيم بسيطة وفي ذات الوقت مهمة في تشخيص وعلاج جلطات القلب الحادة ولأن وعي المريض الصحي له تأثير كبير في سرعة وتأثير علاج الجلطات القلبية الحادة فلابد من استعراض نقاط مهمة عن كيفية تشخيص جلطة القلب الحادة:
اولا: كان التعريف القديم لجلطات القلب يشترط توفر اثنين من ثلاثة عوامل لتشخيص الجلطة: الم الصدر، تغير في تخطيط القلب الكهربائي، ارتفاع في انزيمات القلب.. وعمر هذا التعريف يجاوز الاربعين سنة وهو ليس دقيقا.. حيث أنه من السهل السهو عن كثير من حالات الجلطات باستخدام هذا التعريف.. اما التعريف الحديث فيرتكز اساسا على مستوى بروتين معين من بروتينات عضلة القلب في الدم.. فاذا ارتفع تركيز هذا البروتين في الدم اعطى دلالة على وجود damage تأثيرعلى عدد من خلايا القلب.. سواء كان هذا التأثير من انقطاع الدم عن تلك الخلايا \"نقص تروية\" وهو ما يسبب الجلطة اذا استمر وقتا طويلا نسبيا وسبب ضررا في خلايا عضلة القلب او من التهاب في تلك العضلة او من كدمة في عضلة القلب بسبب حادث سيارة او من تسارع في نبضات القلب او التهاب في غشاء القلب او فشل في عضلة القلب.. وقد يرتفع تركيز هذا البروتين بسبب امراض في اعضاء الجسم الاخرى ولكنها تؤثر على القلب مثل التهابات الرئة الحادة أو فشل الكلى او جلطات الدماغ.. او بعد الصعق الكهربائي لعضلة القلب.. الخ، وبهذا يتضح مفهوم مهم وهو انه \"ليس كل ارتفاع في انزيمات وبروتينات القلب يعني ان هناك جلطة حادة في قلب ذلك المريض ولكن يجب ان تقيّم أهمية هذا الارتفاع في اطار أعراض المريض نوعية وتوقيتا\".
فاذا ارتفعت \"انزيمات وبروتينات القلب\" فإنها تشير الى جلطة في القلب اذا توفرت احد العوامل التالية: الم في الصدر، او تغيرات في تخطيط القلب، او ان هذا الارتفاع حدث ما بعد قسطرة الشرايين العلاجية، او في حالات اسباب الوفاة غير الواضحة والتي لها تبعات قانونية وذلك بوجود دليل مادي عيني على الجلطة القلبية وذلك بأخذ من عينة نسيجية من القلب.
ثانيا: يستغرق التروبونين على الاقل ساعتين للظهور في الدم من ابتداء الجلطة ويظل في الدم لمدة 10 ايام. ولذلك فقد يحدث عند الانسان جلطة ويكون تحليل البروتين سلبي (اي غير موجود في الدم) ولذلك هناك احتمالان لا ثالث لهما: اما ان المريض عمل له ذلك التحليل مبكرا جدا - خلال أول ساعتين من ابتداء الجلطة وليس ابتداء الالم - او أنه حضر متأخرا جدا بعد عشرة ايام من حدوثها.. وبهذا يتضح المفهوم الثاني المهم وهو أنه \"توقيت أخذ تحليل انزيمات وبروتينات القلب بالنسبة لأعراض المريض يحدد أهمية ومعنى ذلك التحليل\" وكلما زاد حجم الجلطة القلبية كلما زاد تأثيرها على عضلة القلب وبذلك زاد التروبونين ارتفاعا.
ثالثا: التروبونين ليس الطريقة الوحيدة لتشخيص جلطات القلب فهناك انزيمات مختلفة مثل، CK،LDH،AST وحديثا myoglobin والحمض الدهني المرتبط بعضلة القلب H-FABP ولكن التروبونين من اسرعها وادقها واكثرها حساسية واستخداما في الطب الحديث لرصد الجلطات بل ان هناك شرائح لقياسة في الدم مثل شرائح تحليل السكر bedside kit تعطيك النتيجة مباشرة وهل هي ايجابية ام لا؟ وذلك بدقة مقبولة ولا نشجع استخدامها في المنازل لأن اي اشتباه بجلطة قلبية يجب ان يعالج تحت رعاية طبية متخصصة في المستشفى.
رابعا: ليس كل الم في الصدر يعني ان المريض لديه جلطة قلبية ولكن اغلب آلام الصدر مع ارتفاع التروبونين تكون من الجلطة.. وهناك اسباب اخرى لارتفاع التروبونين مع آلام الصدر يجب للطبيب الانتباه اليها لأن علاجها يختلف تماما عن علاج الجلطة مثل: التهاب غشاء القلب التاموري او عضلة القلب اوالجلطة الرئوية الحادة.
خامسا: في المرضى الذين يشتكون من آلام الصدر في الطوارئ فإنه لا يعني عدم وجود دليل كيميائي (بارتفاع الانزيمات) او كهربائي (بتغيرات في تخطيط القلب) على وجود الجلطة القلبية الحادة: زوال المريض عن منطقة الخطر، فقد يكون المريض لديه ذبحة صدريةunstable angina بسبب تضيق شرايين القلب مسببا نقص التروية القلبية من غير ارتفاع في انزيمات القلب وبروتيناته.. ولذلك لابد من اجراء جهد كهربائي او نووي للقلب لمعرفة اداء الشرايين قبل الحكم على المريض بعدم وجود خطر تضيق في شرايين القلب وبالتالي اخراجه من المستشفى.. وهذه النقطة تحديدا هي احدى اهم نقاط الشكاوى القانونية في علاج مرضى الجلطات حيث يأتي المريض الى الطوارئ وتكون انزيمات القلب والتخطيط طبيعية ثم يقوم الطبيب المعالج بإخراج المريض من الطوارئ.. ثم يرجع الى الطوارئ بعد عدة ساعات بجلطة حادة في القلب.. وهذه النوعية من الحالات تحدث في حوالي 2% من زيارات مرضى جلطات القلب الحادة الى الطوارئ في الدراسات الطبية.. وفي العلم الحديث من الممكن تشخيص الجلطة خلال ساعة بالتصوير النووي ثم عمل الجهد النووي خلال ساعتين وبالتالي خروج المريض خلال ثلاث ساعات اذا ثبت انه ليس لديه جلطة وكانت تروية القلب طبيعية.
وأخيرا فإنه لا غنى عن رؤية الطبيب المختص عند الشكوى من آلام الصدر حتى تتم معرفة المسبب لذلك الالم وبالتالي علاجه.. وحماكم الله من كل مكروه.
المصدر: صحيفة الرياض
أغلب آلام الصدر مع ارتفاع التروبونين قد تدل على الإصابة
د. خالد النمر
كثيرا ما أسأل: هل يادكتور اذا جاني الم في الصدر وكانت انزيمات القلب طبيعية تعني ان ما معي جلطة في القلب؟ وهل اذا كان تخطيط القلب الكهربائي طبيعيا ينفي وجود جلطة حادة في القلب؟.. ولأن هذه مفاهيم بسيطة وفي ذات الوقت مهمة في تشخيص وعلاج جلطات القلب الحادة ولأن وعي المريض الصحي له تأثير كبير في سرعة وتأثير علاج الجلطات القلبية الحادة فلابد من استعراض نقاط مهمة عن كيفية تشخيص جلطة القلب الحادة:
اولا: كان التعريف القديم لجلطات القلب يشترط توفر اثنين من ثلاثة عوامل لتشخيص الجلطة: الم الصدر، تغير في تخطيط القلب الكهربائي، ارتفاع في انزيمات القلب.. وعمر هذا التعريف يجاوز الاربعين سنة وهو ليس دقيقا.. حيث أنه من السهل السهو عن كثير من حالات الجلطات باستخدام هذا التعريف.. اما التعريف الحديث فيرتكز اساسا على مستوى بروتين معين من بروتينات عضلة القلب في الدم.. فاذا ارتفع تركيز هذا البروتين في الدم اعطى دلالة على وجود damage تأثيرعلى عدد من خلايا القلب.. سواء كان هذا التأثير من انقطاع الدم عن تلك الخلايا \"نقص تروية\" وهو ما يسبب الجلطة اذا استمر وقتا طويلا نسبيا وسبب ضررا في خلايا عضلة القلب او من التهاب في تلك العضلة او من كدمة في عضلة القلب بسبب حادث سيارة او من تسارع في نبضات القلب او التهاب في غشاء القلب او فشل في عضلة القلب.. وقد يرتفع تركيز هذا البروتين بسبب امراض في اعضاء الجسم الاخرى ولكنها تؤثر على القلب مثل التهابات الرئة الحادة أو فشل الكلى او جلطات الدماغ.. او بعد الصعق الكهربائي لعضلة القلب.. الخ، وبهذا يتضح مفهوم مهم وهو انه \"ليس كل ارتفاع في انزيمات وبروتينات القلب يعني ان هناك جلطة حادة في قلب ذلك المريض ولكن يجب ان تقيّم أهمية هذا الارتفاع في اطار أعراض المريض نوعية وتوقيتا\".
فاذا ارتفعت \"انزيمات وبروتينات القلب\" فإنها تشير الى جلطة في القلب اذا توفرت احد العوامل التالية: الم في الصدر، او تغيرات في تخطيط القلب، او ان هذا الارتفاع حدث ما بعد قسطرة الشرايين العلاجية، او في حالات اسباب الوفاة غير الواضحة والتي لها تبعات قانونية وذلك بوجود دليل مادي عيني على الجلطة القلبية وذلك بأخذ من عينة نسيجية من القلب.
ثانيا: يستغرق التروبونين على الاقل ساعتين للظهور في الدم من ابتداء الجلطة ويظل في الدم لمدة 10 ايام. ولذلك فقد يحدث عند الانسان جلطة ويكون تحليل البروتين سلبي (اي غير موجود في الدم) ولذلك هناك احتمالان لا ثالث لهما: اما ان المريض عمل له ذلك التحليل مبكرا جدا - خلال أول ساعتين من ابتداء الجلطة وليس ابتداء الالم - او أنه حضر متأخرا جدا بعد عشرة ايام من حدوثها.. وبهذا يتضح المفهوم الثاني المهم وهو أنه \"توقيت أخذ تحليل انزيمات وبروتينات القلب بالنسبة لأعراض المريض يحدد أهمية ومعنى ذلك التحليل\" وكلما زاد حجم الجلطة القلبية كلما زاد تأثيرها على عضلة القلب وبذلك زاد التروبونين ارتفاعا.
ثالثا: التروبونين ليس الطريقة الوحيدة لتشخيص جلطات القلب فهناك انزيمات مختلفة مثل، CK،LDH،AST وحديثا myoglobin والحمض الدهني المرتبط بعضلة القلب H-FABP ولكن التروبونين من اسرعها وادقها واكثرها حساسية واستخداما في الطب الحديث لرصد الجلطات بل ان هناك شرائح لقياسة في الدم مثل شرائح تحليل السكر bedside kit تعطيك النتيجة مباشرة وهل هي ايجابية ام لا؟ وذلك بدقة مقبولة ولا نشجع استخدامها في المنازل لأن اي اشتباه بجلطة قلبية يجب ان يعالج تحت رعاية طبية متخصصة في المستشفى.
رابعا: ليس كل الم في الصدر يعني ان المريض لديه جلطة قلبية ولكن اغلب آلام الصدر مع ارتفاع التروبونين تكون من الجلطة.. وهناك اسباب اخرى لارتفاع التروبونين مع آلام الصدر يجب للطبيب الانتباه اليها لأن علاجها يختلف تماما عن علاج الجلطة مثل: التهاب غشاء القلب التاموري او عضلة القلب اوالجلطة الرئوية الحادة.
خامسا: في المرضى الذين يشتكون من آلام الصدر في الطوارئ فإنه لا يعني عدم وجود دليل كيميائي (بارتفاع الانزيمات) او كهربائي (بتغيرات في تخطيط القلب) على وجود الجلطة القلبية الحادة: زوال المريض عن منطقة الخطر، فقد يكون المريض لديه ذبحة صدريةunstable angina بسبب تضيق شرايين القلب مسببا نقص التروية القلبية من غير ارتفاع في انزيمات القلب وبروتيناته.. ولذلك لابد من اجراء جهد كهربائي او نووي للقلب لمعرفة اداء الشرايين قبل الحكم على المريض بعدم وجود خطر تضيق في شرايين القلب وبالتالي اخراجه من المستشفى.. وهذه النقطة تحديدا هي احدى اهم نقاط الشكاوى القانونية في علاج مرضى الجلطات حيث يأتي المريض الى الطوارئ وتكون انزيمات القلب والتخطيط طبيعية ثم يقوم الطبيب المعالج بإخراج المريض من الطوارئ.. ثم يرجع الى الطوارئ بعد عدة ساعات بجلطة حادة في القلب.. وهذه النوعية من الحالات تحدث في حوالي 2% من زيارات مرضى جلطات القلب الحادة الى الطوارئ في الدراسات الطبية.. وفي العلم الحديث من الممكن تشخيص الجلطة خلال ساعة بالتصوير النووي ثم عمل الجهد النووي خلال ساعتين وبالتالي خروج المريض خلال ثلاث ساعات اذا ثبت انه ليس لديه جلطة وكانت تروية القلب طبيعية.
وأخيرا فإنه لا غنى عن رؤية الطبيب المختص عند الشكوى من آلام الصدر حتى تتم معرفة المسبب لذلك الالم وبالتالي علاجه.. وحماكم الله من كل مكروه.
المصدر: صحيفة الرياض