يومٌ يفيض حنانا وحبا
يومٌ يفيض حنانا وحبا!
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
من ليس في داخله أم يعرف صورتها ويحس بنسمات عبقها ويتذكر لحظات من حبها وحنانها فذاك اليتيم حقا أوجب الله عدم قهره (فأما اليتيم فلا تقهر)، لأن ما فيه من حرمان يكفي أن يمنحه حق صد أي قهر عنه، لأن اليتم هنا يتيم الحنان والعطف و «الأمومة» وليس اليتم الرسمي بفقدان الوالد. وكما يقولون «من ليس لديه أم حاله تغم»، وأولى من يستحق الصحبة في الحياة الدنيا هي «الأم» كما ورد بذلك الحديث الصحيح عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بالصحبة فقال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك.. لذلك فإن عيد الأم رضاها ويومها هو يوم تذكر حبها وعطفها وحنانها وما أسدته للأبناء والبنات من معروف لأنها هي بعد الله من هيأ كل أسباب الحياة منذ أن كان جنينا في أحشائها، تغذيه من دمها، وترعاه بأغشيتها، حتى إذا خرج للحياة حضنته واحتضنته وأرضعته ورعته، وفي كل لحظة من لحظات الحياة قلبها معه ومشغول عليه، إن يوم تذكرها هو يوم تذكر فيض الحنان والحب والعطف وهو يوم وفاء لها ولسنا من نشاز الأمم إن جعلنا لها يوما هو يوم الأم..
حضرت في يوم احتفاء أبناء وبنات بأمهم فإذا بهم يفاجؤونها بهدية وورد وكيكة مكتوب عليها «لك يا ست الحبايب منا كل الحب»، وإذا بالجو كله مشحون بكلمات جزلة والأم تغدو بينهم كعروس جميلة فرحة مسرورة، وعلى شاطئ الكورنيش في جدة شاهدت منظرين غريبين، أحدهما شاب يمسك بيد امرأة عجوز حتى أقعدها وأحضر لها من السيارة كرسيا خاصا وقدم لها شيئا من التغذية وكله اعتناء بها فقلت له ما تكون لك هذه؟ قال: والدتي أتيت بها في هذا اليوم يوم الأم لأمتعها بهذا الجو وهذا البحر وأتجاذب معها أطراف الحديث عن أيام حنانها وحبها وخدمتها لي، أريد أن أرد جزءا من الجميل فقلت له هل تفعل هذا فقط في يوم الأم أم خلال العام؟ فأكد أنه يفعله خلال العام، لكن تحديد يوم الأم يؤكد ذلك ويقره في داخلي ويكون الاعتناء بها أكثر فليس غير المسلم أحق بذلك من المسلم. أما المنظر الآخر فرأيت في يوم من الأيام سيارة فخمة تنزل منها امرأة عجوز قد احتفى بها خادمات يجلسنها ويؤكلنها ويخرجنها من السيارة ويرجعنها إليها، فقلت في نفسي لعلها امرأة ليس لها ولد ولا نسل إلا أن حب الاستطلاع قادني للحديث مع إحدى الخادمات التي أخبرتني أن لها ثلاث بنات وولدا، فقلت سبحان الله لعل بناتها مشغولات فلم تستطع إحداهن أن تحظى بصحبتها أرجو أن يتذكرن في يوم الأم الاحتفاء بها، إنه ليس عقوق ألا يحتفين بها لكنه إهمال وتفريط في يوم كريم هو يوم الأم.
أتمنى كل من لديه أم على قيد الحياة أن يجرب الاحتفاء بهذا اليوم لأجلها ليتذوق طعما خاصا هو طعم «الأم»، أما من أمه قد انتقلت إلى ربها ووافاها الأجل فيمكن أن يحتفي بها بالدعاء لها والصدقة عنها والتواصل ولو هاتفيا مع جميع أقاربها والعفو والصفح من أجلها عن كل من تربطهم بها قرابة من أجل خاطرها ويوم الاحتفاء بها، كما أن من حقها أن يسرد شيئا من سيرتها العطرة على الأبناء والبنات والأحفاد وجعلهم يتواصلون معها من خلال تذكيرهم بفضل الأم عليهم لأن يوم الأم هو يوم أمهم كذلك كما هو يوم أمه هو.
المصدر: صحيفة عكاظ
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
من ليس في داخله أم يعرف صورتها ويحس بنسمات عبقها ويتذكر لحظات من حبها وحنانها فذاك اليتيم حقا أوجب الله عدم قهره (فأما اليتيم فلا تقهر)، لأن ما فيه من حرمان يكفي أن يمنحه حق صد أي قهر عنه، لأن اليتم هنا يتيم الحنان والعطف و «الأمومة» وليس اليتم الرسمي بفقدان الوالد. وكما يقولون «من ليس لديه أم حاله تغم»، وأولى من يستحق الصحبة في الحياة الدنيا هي «الأم» كما ورد بذلك الحديث الصحيح عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بالصحبة فقال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك.. لذلك فإن عيد الأم رضاها ويومها هو يوم تذكر حبها وعطفها وحنانها وما أسدته للأبناء والبنات من معروف لأنها هي بعد الله من هيأ كل أسباب الحياة منذ أن كان جنينا في أحشائها، تغذيه من دمها، وترعاه بأغشيتها، حتى إذا خرج للحياة حضنته واحتضنته وأرضعته ورعته، وفي كل لحظة من لحظات الحياة قلبها معه ومشغول عليه، إن يوم تذكرها هو يوم تذكر فيض الحنان والحب والعطف وهو يوم وفاء لها ولسنا من نشاز الأمم إن جعلنا لها يوما هو يوم الأم..
حضرت في يوم احتفاء أبناء وبنات بأمهم فإذا بهم يفاجؤونها بهدية وورد وكيكة مكتوب عليها «لك يا ست الحبايب منا كل الحب»، وإذا بالجو كله مشحون بكلمات جزلة والأم تغدو بينهم كعروس جميلة فرحة مسرورة، وعلى شاطئ الكورنيش في جدة شاهدت منظرين غريبين، أحدهما شاب يمسك بيد امرأة عجوز حتى أقعدها وأحضر لها من السيارة كرسيا خاصا وقدم لها شيئا من التغذية وكله اعتناء بها فقلت له ما تكون لك هذه؟ قال: والدتي أتيت بها في هذا اليوم يوم الأم لأمتعها بهذا الجو وهذا البحر وأتجاذب معها أطراف الحديث عن أيام حنانها وحبها وخدمتها لي، أريد أن أرد جزءا من الجميل فقلت له هل تفعل هذا فقط في يوم الأم أم خلال العام؟ فأكد أنه يفعله خلال العام، لكن تحديد يوم الأم يؤكد ذلك ويقره في داخلي ويكون الاعتناء بها أكثر فليس غير المسلم أحق بذلك من المسلم. أما المنظر الآخر فرأيت في يوم من الأيام سيارة فخمة تنزل منها امرأة عجوز قد احتفى بها خادمات يجلسنها ويؤكلنها ويخرجنها من السيارة ويرجعنها إليها، فقلت في نفسي لعلها امرأة ليس لها ولد ولا نسل إلا أن حب الاستطلاع قادني للحديث مع إحدى الخادمات التي أخبرتني أن لها ثلاث بنات وولدا، فقلت سبحان الله لعل بناتها مشغولات فلم تستطع إحداهن أن تحظى بصحبتها أرجو أن يتذكرن في يوم الأم الاحتفاء بها، إنه ليس عقوق ألا يحتفين بها لكنه إهمال وتفريط في يوم كريم هو يوم الأم.
أتمنى كل من لديه أم على قيد الحياة أن يجرب الاحتفاء بهذا اليوم لأجلها ليتذوق طعما خاصا هو طعم «الأم»، أما من أمه قد انتقلت إلى ربها ووافاها الأجل فيمكن أن يحتفي بها بالدعاء لها والصدقة عنها والتواصل ولو هاتفيا مع جميع أقاربها والعفو والصفح من أجلها عن كل من تربطهم بها قرابة من أجل خاطرها ويوم الاحتفاء بها، كما أن من حقها أن يسرد شيئا من سيرتها العطرة على الأبناء والبنات والأحفاد وجعلهم يتواصلون معها من خلال تذكيرهم بفضل الأم عليهم لأن يوم الأم هو يوم أمهم كذلك كما هو يوم أمه هو.
المصدر: صحيفة عكاظ