• ×
admin

التوابل .. مكسبات الطعم الوقائية والقوة العلاجية

التوابل .. مكسبات الطعم الوقائية والقوة العلاجية!
الحصول على المزيد منها في نظامنا الغذائي يساعد في الحفاظ على سلامة الشرايين من الانسدادات 2_2

أ. د. جابر سالم القحطاني

استكمالا للحديث في الجزء الاول عن موضوع التوابل والذي اشرنا فيه الى ان التوابل صنعت التاريخ فلولا التوابل لما اكتشف كولومبس الولايات المتحدة الأمريكية ولا كان فيها من أهل الغرب اليوم إنسان. وذكر تاريخ التوابل وكيف كانت تجلب من الشرق الى بلاد الغرب

كما تطرقنا الى المصادر الطبيعية للتوابل وذكرنا ان الهيل والمعروف عند بعض البلدان بالحبهان والقرفة والمعروف بالدارسين الموطن الأصلي لهما من الهند وجزيرة سيلان . أما الزنجبيل والفلفل الأسود فمن الملاي . وجوزة الطيب وقشرتها المعروف بالميس والقرنفل فمن جزر مولاكاس بأندونيسيا . والفانيلا من المكسيك . والفلفل الأحمر المعروف بالشطة (chillis) فمن أمريكا الوسطى والجنوبية . والكراوية والمرمية والبقدونس والشبث والزعتر والخردل فتزرع في أفريقيا وجنوب أوروبا . واليانسون والسنوت والكمون والكزبرة والحبة السوداء فمن دول شرق البحر الأبيض المتوسط .

واشرنا الى ان التوابل استخدمت منذ آلاف السنين كمنكهات وعطور وأدوية وأصباغ ، فهي تحفز الشهية للطعام ومتبلة للأطعمة التي تعوزها النكهة وبالأخص الأسماك . واكدنا ان العديد من التوابل تحتوي على مضادات الأكسدة وهي مواد تثبط أضرار الجذور الحرة في الجسم ، والجذور الحرة هي جزئيات أكسجين ضارة تحدث ثقوباً في الخلايا الصحيحة محدثة أحياناً خللاً جينياً قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان. ويعد الكركم على سبيل المثال مصدراً غنياً بمضادات الأكسدة ،.

ويبدو أن لبعض التوابل قدرة فائقة على قتل خلايا السرطان كلية . ففي الدراسات المخبرية تم وضع مركبات مستخلصة من الزعفران على خلايا سرطانية بشرية . تشمل الخلايا التي تسبب اللوكيميا أو سرطان الدم ولم تتسبب هذه المركبات فقط في إيقاف الخلايا الخطرة عن النمو ، ولكن فيما يبدو أنها لم يكن لها أي أثر على الخلايا الصحيحة .

وطالما أن الأبحاث ما زالت ميدانية ، لا يستطيع الباحث الجزم بأن أي نوع من التوابل أو الكمية التي تحتاجها من مختلف التوابل لكي تقلل من خطر إصابة الشخص بالسرطان تقول \" بولك \" إن أفضل نصيحة يمكن أن تقدمها لك الآن هي أن تستخدم مجموعة متنوعة من التوابل خاصة كبديل للدهون والملح من غذائنا .

إن أكبر خطر يواجه صحتنا هو أمراض القلب التي انتشرت في السنين الأخيرة . ويعتبر المسئول الأول عن هذه الأمراض هو الكوليسترول ، تلك المادة الدهنية التي تجري في مجرى الدم والتي تعمل الكميات الكبيرة منها على الالتصاق بجدران الشرايين ، مما يعمل على الإبطاء من أو حتى إيقاف تدفق الدم إلى القلب .

وهناك دليل قوي يقول ان الحصول على المزيد من التوابل في نظامنا الغذائي يساعد في الحفاظ على سلامة الشرايين من الانسدادات ويعود السبب في ذلك إلى مضادات الأكسدة في التوابل التي تحول دون تدمير الشقوق الحرة للخلايا الصحيحة تمنعها كذلك من تدمير الكوليسترول وهذا الأمر مهم لأنه حين يتلف الكوليسترول يزداد خطر التصاقه بجدران الشرايين .

إن مركب اليوجينول الذي يعتبر المركب الرئيسي في القرنفل يعد أحد مضادات الأكسدة القوية . كما أن مركب الكركمين المركب الرئيسي في الكركم يحمي الشرايين من الكوليسترول ويمكن للكركم توفير حماية مزدوجة لأنه لا يعمل فقط على تثبيط الشقوق الحرة ولكنه يستطيع كذلك خفض معدل الدهون الثلاثية (ترايجلسيسرايد) والتي تسبب الكميات الكبيرة منها في رفع خطر الإصابة بأمراض القلب .

وهناك طريقة أخرى تبقي بها التوابل معدلات الكوليسترول منخفضة ، وهي حبس المواد المحتوية على الكوليسترول في الأمعاء . فالحلبة مثلاً تحتوي على \"سابونين\" والتي تلتصق بالكوليسترول وتخرجه من الجسم . لقد وجد الباحثون في إحدى الدراسات التي أجريت على حيوانات التجارب التي أعطيت الحلبة انخفض لديها معدل الكوليسترول بنسبة مقدارها 18% على الأقل .

وليس الكوليسترول فقط هو المسئول الوحيد عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ولكن هناك عامل آخر يسبب نفس الخطر وهو الصفائح الدموية وهي عبارة عن مركبات خطيرة تشبه الخلايا في الدم والتي تساعد على التجلط . وفي حين أن الصفائح الدموية ضرورية لإيقاف النزيف إلا أنها قد تصبح في بعض الأحيان نشطة للغاية وتبدأ في تكوين تجلطات إضافية في مجرى الدم . وحينما تصبح أحد التجلطات كبيرة فإنها حينئذ تسد شرياناً وتكون النتيجة بالتالي أزمة قلبية أو سكتة دماغية .

لقد ثبت أن خمسة أنواع من التوابل على الأقل هي الكركم والقرنفل والزنجبيل والحلبة والفلفل الأحمر الحار تساعد في منع الصفائح الدموية من التكتل . وقد وجد أن الزيت الطيار الراتنجي في الزنجبيل له بنية كيميائية تشبه إلى حد ما بنية الأسبرين والذي يعد أحد العقاقير المستخدمة للقضاء على التجلطات.

لقد وجد الباحثون في المعهد القومي للسرطان بأمريكا أن الكركمين المركب الرئيسي في جذمور الكركم يساعد في منع فيروس نقص المناعة المكتسبة والذي يتسبب في الإصابة بمرض الإيدز من التكاثر . وقد أثبتت الأبحاث كذلك أنه عندما يتناول الأشخاص المصابون بالإيدز الكوركمين ، أصبح تطور المرض لديهم أكثر بطئاً . كما ثبت أن الكوركمين يحمي العينين من الشقوق الحرة والتي تعتبر أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالمياه البيضاء . وتقول إحدى الدراسات العلمية أن الكوركمين استطاع خفض تلف الشقوق الحرة للعينين بنسبة 52% . كما اكتشف الباحث في كلية الطب بجامعة ويلز أن نوعاً من الفلفل الأسود يسمى \" ويست أفريكان \" قد يحدث تغيرات في أمخاخ الفئران من شأنها أن تقلل من حدة النوبات.

تستخدم ثمار اليانسون والشمر والكمون والكراوية والكزبرة والنانخة واليانسون النجمي والشبث والبقدونس على نطاق واسع كمواد مشهية وطاردة للغازات ومضادة للتقلصات المعوية . وجميع هذه الثمار تدخل في صناعة المعجنات والخبز حيث تضفي نكهات متميزة على تلك المعجنات . وإذا نظرنا إلى الهيل والقرنفل والزنجبيل والزعفران فإنها تستخدم على نطاق واسع في الوطن العربي كمواد تضاف إلى القهوة العربية التي تعتبر رمز الضيافة عند العرب وأما الفلفل الأسود والقرفة الصينية والسيلانية والكركم والزعفران وجوزة الطيب والفلفل الأحمر الحار فبجانب استخدامها في علاج كثير من الأمراض إلا أنها كذلك تلعب دوراً هاماً في المطبخ العربي حيث تضاف إلى موائد الطعام كمكونات طبيعية للطعام وكمنكهه وفاتحة للشهية .

وبالرغم أن التوابل غنية بالمعادن إلا أنها تستخدم بكميات صغيرة ولذلك فإن قيمتها الغذائية منخفضة إذا ما قورنت باستخداماتها الدوائية وهي تحتل مكانة عالية في هذا المجال .

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1783