مشكلة المياه
مشكلة المياه
علي طلال زارع
الماء هو مادة الحياة الذي بدونه لأستحالت الحياة على الأرض. وهو ضروري للكائنات الحية جميعها ولا تستطيع أن تعيش بدونه. قال تعالى :{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ {30} (سورة الأنبياء). وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْه شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ {10} يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُل الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {11} ِّ (سورة النحل).
ويتكون جزيء الماء من ارتباط ذرة أكسجين مع ذرتين هيدروجين. ويشكل الماء حوالي 70% من مساحة سطح الأرض ولكن جزء ضئيل من هذا الماء يمكن الإستفادة منه. ويشكل الماء تقريباً 65% من وزن الإنسان والكائنات الحية. وللماء وظائف عديدة من أهمها له دوراً هاماً في عمليات التنفس والتمثيل الغذائي والإخراج وتنظيم درجة حرارة الجسم، وهو أساس لجميع الإفرازات والعصارات والتفاعلات التي تحدث بالجسم..
ويعتبر الوضع المائي العربي من أسوأ الأوضاع في العالم سواء في الوقت الحاضر أو في الإحتمالات المستقبلية. وتعاني المملكة العربية السعودية من مشكلة قلة المياه وتعرضها الدائم للتلوث. ويعد الماء في المملكة موضوعاً هاماً لكونه ثروة وطنية يجب المحافظة عليها. وتعتمد المملكة في تأمين المياه من المصادر التالية: مياه الأمطار والمياه الجوفية (الآبار) والسيول والسدود ومياه البحر المحلاة ومياه الصرف الصحي المعالجة. وتتميز المملكة بمناخها الصحراوي الذي من أهم صفاته قلة هطول الأمطار وإرتفاع درجات الحرارة. وتعتبر المياه الجوفية أهم مصادر المياه العذبة. ولقد أقيمت مشاريع سدود عديدة في المملكة منها سد وادي جازان وسد أبها. والبحار والمحيطات هي المصدر الرئيسي لمياه الأمطار التي تتصاعد منها بالتبخير بحرارة الشمس وفعل الرياح. إلا أن أغلب مياه الأمطار لا يستفيد منها الإنسان على الوجه الأكمل ويتسرب جزء كبير منها إلى البحر مرة أخرى. ومياه البحار والمحيطات بطبيعة الحال لا تصلح للشرب أو الزراعة. ويوجد طرق عديدة لتحلية مياه البحار من أهمها: التحلية بإستخدام البخار أو التجميد أو التبريد أو التحليل الكهربائي..
وتتم معالجة مياه الصرف الصحي لإعادة إستخدامها في ري النباتات والأغراض الصناعية. ومن أهم شروط إستعمال مياه الصرف الصحي المعالجة هو معالجة المياه معالجة ثنائية على الأقل ويفضل المعالجة الثلاثية إن أمكن ذلك. ومن الضروري التأكد قبل إستخدامها خلوها من المواد الضارة سواء كان ذلك بالنسبة للإنسان أو النبات أو الحيوان.
كما أن المملكة تواجه مشكلة تلوث مصادر المياه بالملوثات المختلفة مثل المخلفات الصناعية والمواد البترولية والكيماوية والفضلات البشرية والمبيدات الحشرية. ويعد الماء ملوثاً إذا لم يعد صالحاً للإستعمالات المختلفة كالأغراض المنزلية أو الصناعية أو الزراعية. والإنسان هو المسؤول الأول عن التلوث. وعندما تتلوث المياه تصبح غير صالحة لحياة كثير من الحيوانات والنباتات، والإنسان بدوره هو فريسة ذلك التلوث لأنه يتغذى على هذه الكائنات الملوثة.
وبالرغم من تعدد مصادر المياه بالمملكة إلا ما تنتجه هذه المصادر غير كاف لتلبية الإحتياجات المائية المتزايدة. وبإستمرار التنمية في المجالات المختلفة في المملكة يقترن ذلك بزيادة الطلب على الماء لشتى الأغراض المنزلية والزراعية والصناعية. وطبعاً إذا أستمر الحال على ماهو عليه فإن وضع المملكة المائي المحتمل في المستقبل سيكون كارثي وصعب إذا لم تتخذ الإجراءات الملائمة لتفادي ذلك. وأكد البحث العلمي عدة حقائق كان فيما بينها أن إستثمار هذه المياه يشبه أي عملية تعدين لإستغلال ثروة قابلة للنفاذ وهذه الحقيقة هامة ويجب عدم التبذير بهذه الثروة وإحتياطها والمحافظة عليها من التلوث.
ولكن سيكون وضع المملكة أفضل بكثير إذا تنبه أبناء المملكة والمسؤولين فيها لذلك الخطر المحدق بهم وعملوا على مواجهته بشكل إيجابي.
ومن أهم الخطوات التي يجب إتخاذها لتحقيق ذلك ما يلي: التقيد بترشيد إستهلاك المياه في جميع المجالات، ويجب أن تكون هي الإستراتيجية المميزة لعملية التنمية في المملكة. فيجب وضع الترتيبات اللازمة للمحافظة على المياه وترشيد إستهلاك المياه الجوفية كإنتهاج أسلوب حديث للري تستغل فيه كميات صغيرة نسبياً من المياه مثل العمل على إستبدال الوايتات المستخدمة في عملية ري النباتات بشبكات ري نظامية تشغل أتوماتيكياً ويفضل أن تكون وفق نظام الببلرز (النبع) أو التنقيط أو الرذاذ. وإختيار نباتات تتحمل الملوحة أوالجفاف أو ذات إحتياجات مائية قليلة. والإستفادة إلى أكبر حد من مياه الأمطار بتجميعها والإستفادة منها عن طريق حفر الآبار السطحية أو إنشاء السدود. وإستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة والصناعة بشرط ألا تكون المعالجة أقل من المرحلة الثانية. والتوسع في محطات التحلية ولقد تأكد لدي المملكة أن تحلية المياه من البحر والإستفادة من التكنولوجيا في هذا الميدان كفيل بحل مشكلة الماء فيها. ومع أن ثمة صعوبات أمام هذا الحل ومنها: إرتفاع كلفة تشغيل محطات التحلية وعمرها لا يتجاوز 15-25 عاماً وهذا يعني أنه لابد من تبديلها من حين لآخر وهذه كلفة يجب حسابها أيضاً. ولعل يتم التمكن من توليد طاقة كهربية رخيصة عن طريق إستغلال أشعة الشمس أو غيرها، وبهذه الطاقة الكهربية يمكن الإستفادة منها في تحلية مياه البحر أو رفع الماء الجوفي الصالح للشرب.. كما ينبغي نشر الوعي البيئي في المجتمع، وعلى كل فرد أن يحافظ على البيئة ويحمي مكوناتها المختلفة من التلوث ويحسن إستغلال مواردها. فيجب ترشيد إستهلاك الماء والمحافظة على نظافته كما حثنا على ذلك ديننا الإسلامي الحنيف.
المصدر: منتديات علوم الأحياء