ثقافة وثقافة مضادة
ثقافة وثقافة مضادة
د. صالح بن سبعان
الفساد المالي والإداري ليس ظاهرة سعودية بقدر ما أصبح ظاهرة عالمية تؤرق المنظمات الدولية وكافة الدوائر السياسية والاقتصادية الدولية، وقد قالتها منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية في تقريرها السنوي للعام 2010م الذي يرصد مستوى الفساد في دول العالم، بأن ( 75 في المائة) من الدول تصنف باعتبارها شديدة الفساد، وقبلها صرح السناتور الأمريكي ريتشارد لوغار، إن الفساد كلف البنك الدولي الذي يمول مشاريع للمساعدة على التنمية في الدول الفقيرة حوالى (100 مليار دولار) من الأموال المخصصة لقروض المساعدة على التنمية، نحن إذن أمام ظاهرة أو داء يجتاح دول العالم كلها، لأن لهذه الأوضاع آثارها الاجتماعية والسياسية السلبية من حيث إشاعة السخط وعدم الاستقرار.
فمن حيثما جئته هو آفة لا تهدد اقتصاد الدولة وتتسبب في إجهاض طموحاتها في التنمية والعدالة في توزيع الفرص والثروة بين المواطنين فحسب، بل ويتسبب الفساد المالي والإداري ــ وهو أخطر من ذلك ــ في هدم منظومة القيم الأخلاقية والسلوكية التي ما بعث الله الأنبياء والرسل إلا لترسيخها في حياة الأفراد والمجتمعات، وقد لخص المبعوث بالحق عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم ذلك بقوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
فثقافة الفساد التي انتشرت واستشرت بين الناس تحتاج إلى ثقافة مضادة، ثقافة تعلي من شأن القيم الروحية ومخافة الله ومراقبة النفس، ثقافة تعزز الشفافية والصدق في التعامل والحرص على المال العام، وهنا يلعب الدين الدور الأكبر..
إذن.. فنحن أمام تحد اجتماعي تقع مسؤوليته على كل أحد، فالقوانين وحدها لا تجتث الجريمة، والأمن الاجتماعي في حقيقة الأمر هو مسؤولية الناس جميعا، فالمسألة تبدأ من الأسرة والتربية التي يتغذى بها الفرد أخلاقيا، ومن ثم المدرسة، لا أدري لماذا نهمل التربية الوطنية في مدارسنا على النحو الذي يجعلها مادة ثانوية رغم أهميتها الكبيرة؟!!. لو فعلنا كل ذلك، ثم طبقنا القوانين بصرامة ضد كل من تسول له نفسه خرقها، أو استغلال وظيفته لتحقيق مآربه الخاصة، مع التشديد على توجيه خادم الحرمين الشريفين «كائنا من كان»، فإننا سنحقق نتائج إيجابية في الحد من هذه الآفة التي ابتلي البعض بها، وتظل التربية الدينية هي حجر الزاوية في هذا الأمر برمته.
المصدر: صحيفة عكاظ
د. صالح بن سبعان
الفساد المالي والإداري ليس ظاهرة سعودية بقدر ما أصبح ظاهرة عالمية تؤرق المنظمات الدولية وكافة الدوائر السياسية والاقتصادية الدولية، وقد قالتها منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية في تقريرها السنوي للعام 2010م الذي يرصد مستوى الفساد في دول العالم، بأن ( 75 في المائة) من الدول تصنف باعتبارها شديدة الفساد، وقبلها صرح السناتور الأمريكي ريتشارد لوغار، إن الفساد كلف البنك الدولي الذي يمول مشاريع للمساعدة على التنمية في الدول الفقيرة حوالى (100 مليار دولار) من الأموال المخصصة لقروض المساعدة على التنمية، نحن إذن أمام ظاهرة أو داء يجتاح دول العالم كلها، لأن لهذه الأوضاع آثارها الاجتماعية والسياسية السلبية من حيث إشاعة السخط وعدم الاستقرار.
فمن حيثما جئته هو آفة لا تهدد اقتصاد الدولة وتتسبب في إجهاض طموحاتها في التنمية والعدالة في توزيع الفرص والثروة بين المواطنين فحسب، بل ويتسبب الفساد المالي والإداري ــ وهو أخطر من ذلك ــ في هدم منظومة القيم الأخلاقية والسلوكية التي ما بعث الله الأنبياء والرسل إلا لترسيخها في حياة الأفراد والمجتمعات، وقد لخص المبعوث بالحق عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم ذلك بقوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
فثقافة الفساد التي انتشرت واستشرت بين الناس تحتاج إلى ثقافة مضادة، ثقافة تعلي من شأن القيم الروحية ومخافة الله ومراقبة النفس، ثقافة تعزز الشفافية والصدق في التعامل والحرص على المال العام، وهنا يلعب الدين الدور الأكبر..
إذن.. فنحن أمام تحد اجتماعي تقع مسؤوليته على كل أحد، فالقوانين وحدها لا تجتث الجريمة، والأمن الاجتماعي في حقيقة الأمر هو مسؤولية الناس جميعا، فالمسألة تبدأ من الأسرة والتربية التي يتغذى بها الفرد أخلاقيا، ومن ثم المدرسة، لا أدري لماذا نهمل التربية الوطنية في مدارسنا على النحو الذي يجعلها مادة ثانوية رغم أهميتها الكبيرة؟!!. لو فعلنا كل ذلك، ثم طبقنا القوانين بصرامة ضد كل من تسول له نفسه خرقها، أو استغلال وظيفته لتحقيق مآربه الخاصة، مع التشديد على توجيه خادم الحرمين الشريفين «كائنا من كان»، فإننا سنحقق نتائج إيجابية في الحد من هذه الآفة التي ابتلي البعض بها، وتظل التربية الدينية هي حجر الزاوية في هذا الأمر برمته.
المصدر: صحيفة عكاظ