جسر الصين العظيم
جسر الصين العظيم
د. محمد الحربي
ليست مبالغة أنني شعرت بأسى شديد ربما شعر به غيري عندما شاهدت افتتاح الصين لأطول جسر بحري في العالم، والذي يبلغ طوله 42.2 كيلو متر، ويربط مدينة تشينغداو الساحلية بضاحية هوانغداو عبر خليج جياوزو، ويتجاوز طوله عرض بحر المانش الفاصل بين بريطانيا وفرنسا، والبالغ عرضه 32 كيلو مترا، حيث يتفوق الجسر الصيني الجديد على حامل الرقم القياسي السابق جسر بحيرة بونتشارتين في ولاية لويزيانا الأمريكية، واستغرق العمل في بناء الجسر أربع سنوات، بكلفة تجاوزت عشرة مليارات يوان (ما يعادل 1.55 مليار دولار)، ويبلغ عدد الدعائم التي شيد عليها 5200، وطاقته أكثر من 30 ألف سيارة يوميا، وسيوفر 30 دقيقة في الرحلات بين تشينغداو وهوانغداو، ولكن المحزن أن هذا الجسر لن يفرح طويلا بهذه الأرقام والإنجازات ولن يحتفظ بلقب أطول جسر في العالم لفترة طويلة، لأن الصين قررت أن تنافس نفسها، إذ بدأت عام 2009م، ببناء جسر يربط إقليم غوانغدونغ الجنوبي، بمدينتي هونغ كونغ وماكاو سيتفوق على جسر تشينغداو في الطول، وسيفتتح هذا الجسر عام 2016م. شعرت بالأسى لأن طائرة الداكوتا التي غادرت «ميدان الطيارة» لم تعد إليه حتى الآن، ومشروع النفق تعرقل لسنوات بسبب ــ حسب المشرف على مشاريع الأمانة في تصريح سابق ــ أن «أولى الإشكاليات التي تعرضنا لها كانت في مشروع نفق ميدان الطائرة إذ فوجئت الشركة المنفذة بعد حفرها لمسافة عميقة في الأرض لوضع 600 وتد للحفاظ على تماسك المشروع، فوجئت، بعدم تماسك التربة مما أدى لتقليل سرعة الإنجاز والاستعانة بأجهزة حديثة لوضع الأوتاد بشكل صحيح». ونقل المشرف بشارة لأهل جدة عام 2008م، «بدأنا في وضع عدة تصاميم نهائية لشكل الطائرة فوق النفق وسيتم اختيار الشكل النهائي خلال الأيام القادمة».
وما زالت الداكوتا تنتظر الهبوط في منزلها القديم ولا يعلم إلا الله متى ستعود!
وما زالت الكباري والأنفاق في طريق الأمير ماجد وشارع التحلية تنتظر الفرج من عند الله لسنوات طويلة، وما زالت المشاريع التي يقولون إنها أنجزت تنتظر استكمالها، فالكوبري الذي أنجز قبل قرابة العامين في تقاطع شارع حراء مع طريق الأمير ماجد تعاني طرق الخدمة على جانبيه من تجاهل وإهمال يشعرك وأنت تمر بها كأنك في عصر ما قبل اكتشاف الأسفلت! وما زال مدخل مدينة أبها ينتظر معجزة لينجز، وغيرها الكثير من المشاريع المعطلة.
قارنوا الأرقام والتواريخ وحجم المنجز بين ما لدينا وبين ما أنجزته الصين في مشروعها «جسر الصين العظيم».
لماذا نحن؟ لدينا واحد من أكبر الاقتصادات في العالم، ولدينا مشروع طموح لمحاربة الفساد، هل الخلل في الإمكانيات، أم في المقاولين، أم من؟!
مجرد أسئلة مشروعة لإجابات لم ولن تأتي.
المصدر: صحيفة عكاظ
د. محمد الحربي
ليست مبالغة أنني شعرت بأسى شديد ربما شعر به غيري عندما شاهدت افتتاح الصين لأطول جسر بحري في العالم، والذي يبلغ طوله 42.2 كيلو متر، ويربط مدينة تشينغداو الساحلية بضاحية هوانغداو عبر خليج جياوزو، ويتجاوز طوله عرض بحر المانش الفاصل بين بريطانيا وفرنسا، والبالغ عرضه 32 كيلو مترا، حيث يتفوق الجسر الصيني الجديد على حامل الرقم القياسي السابق جسر بحيرة بونتشارتين في ولاية لويزيانا الأمريكية، واستغرق العمل في بناء الجسر أربع سنوات، بكلفة تجاوزت عشرة مليارات يوان (ما يعادل 1.55 مليار دولار)، ويبلغ عدد الدعائم التي شيد عليها 5200، وطاقته أكثر من 30 ألف سيارة يوميا، وسيوفر 30 دقيقة في الرحلات بين تشينغداو وهوانغداو، ولكن المحزن أن هذا الجسر لن يفرح طويلا بهذه الأرقام والإنجازات ولن يحتفظ بلقب أطول جسر في العالم لفترة طويلة، لأن الصين قررت أن تنافس نفسها، إذ بدأت عام 2009م، ببناء جسر يربط إقليم غوانغدونغ الجنوبي، بمدينتي هونغ كونغ وماكاو سيتفوق على جسر تشينغداو في الطول، وسيفتتح هذا الجسر عام 2016م. شعرت بالأسى لأن طائرة الداكوتا التي غادرت «ميدان الطيارة» لم تعد إليه حتى الآن، ومشروع النفق تعرقل لسنوات بسبب ــ حسب المشرف على مشاريع الأمانة في تصريح سابق ــ أن «أولى الإشكاليات التي تعرضنا لها كانت في مشروع نفق ميدان الطائرة إذ فوجئت الشركة المنفذة بعد حفرها لمسافة عميقة في الأرض لوضع 600 وتد للحفاظ على تماسك المشروع، فوجئت، بعدم تماسك التربة مما أدى لتقليل سرعة الإنجاز والاستعانة بأجهزة حديثة لوضع الأوتاد بشكل صحيح». ونقل المشرف بشارة لأهل جدة عام 2008م، «بدأنا في وضع عدة تصاميم نهائية لشكل الطائرة فوق النفق وسيتم اختيار الشكل النهائي خلال الأيام القادمة».
وما زالت الداكوتا تنتظر الهبوط في منزلها القديم ولا يعلم إلا الله متى ستعود!
وما زالت الكباري والأنفاق في طريق الأمير ماجد وشارع التحلية تنتظر الفرج من عند الله لسنوات طويلة، وما زالت المشاريع التي يقولون إنها أنجزت تنتظر استكمالها، فالكوبري الذي أنجز قبل قرابة العامين في تقاطع شارع حراء مع طريق الأمير ماجد تعاني طرق الخدمة على جانبيه من تجاهل وإهمال يشعرك وأنت تمر بها كأنك في عصر ما قبل اكتشاف الأسفلت! وما زال مدخل مدينة أبها ينتظر معجزة لينجز، وغيرها الكثير من المشاريع المعطلة.
قارنوا الأرقام والتواريخ وحجم المنجز بين ما لدينا وبين ما أنجزته الصين في مشروعها «جسر الصين العظيم».
لماذا نحن؟ لدينا واحد من أكبر الاقتصادات في العالم، ولدينا مشروع طموح لمحاربة الفساد، هل الخلل في الإمكانيات، أم في المقاولين، أم من؟!
مجرد أسئلة مشروعة لإجابات لم ولن تأتي.
المصدر: صحيفة عكاظ