الدورة الشهرية.. قد يصاحبها أكثر من 150 نوعاً من الأعراض المرضية!
الدورة الشهرية.. قد يصاحبها أكثر من 150 نوعاً من الأعراض المرضية!
شكوى النساء منها في تزايد مستمر والطب الحديث على تقدمه لا يجد أسباباً متفقاً عليها 1/3
أ.د. محمد بن حسن عدار
تعاني ملايين النساء في العالم من الأعراض النفسية المصاحبة للدورة الشهرية . وتلك الأعراض فهمها معقد جداً . فعلى سبيل المثال عبرت النساء المصابات بهذا الاضطراب في أحد البحوث الطبية المشهورة عن وجود أكثر من 150 نوعاً من الأعراض المرضية . إذ تتراوح تلك الأعراض بين أوجاع خفيفة وتخزن في الماء في أماكن مختلفة من البدن ، إلى أوجاع صداع الشقيقة والتعب الجسمي والإرهاق العصبي ، والحالات الشديدة التي تؤدي إلى الاكتئاب الشديد .
لقد أثبتت بعض الدراسات أن حوالي الثمانين بالمائة من نساء العالم في سن البلوغ والإنجاب قد جربن بعضا من تلك الأحاسيس والأعراض النفسية المصاحبة للدورة . وفي معظم الحالات تكون تلك الأعراض خفيفة الحدة أو متوسطة ، ولكن في بعض الأحيان تكون تلك الأعراض شديدة وعميقة وتحد من نشاطهن . والغريب في الأمر أن عدد النساء اللاتي يشتكين من تلك الأعراض في تزايد مستمر والطب الحديث على تقدمه لا يجد أسباباً متفقاً عليها لهذه الحالة . وبما أن الأطباء والعلماء لم يتفقوا بعد على الأسباب الأصلية لهذه الحالة ، فإنه لا يوجد علاج متفق عليه بصورة نهائية . بل هناك بعض العلماء الباحثين من يشكك في وجود تلك الحالة كمرض محدد أو وجوده كاضطراب مستقل بذاته ، بل هم يرونه مظهراً من مظاهر أمراض أخرى كالاكتئاب مثلاً . وبسبب ذلك نرى أن كثيراً من النساء المصابات بتلك الحالة لا يهتممن بها بصورة جدية كما يجب فهن لذلك يستمررن في المعاناة التي يضاف إليها الآن الشعور بالشك في أنفسهن وفي مقدرتهن على التعرف على ما يشعرن به في أجسامهن ومن ثم قد يصبن بالإحساس بالفشل وانعدام الأمل .
وتصنف الجمعية الأمريكية للطب النفسي في كتابها " المصنف التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية " الذي يعد الآن المرجع الأول في العالم في تصنيف الأمراض النفسية ، الاضطرابات النفسية المصاحبة للدورة تحت مجموعة " اضطرابات المزاج " وتسمى أحياناً ب " الاضطرابات الوجدانية أو العاطفية " . ويشرح ذلك المصنف تلك الحالة بأنها : تشكيلة من الأعراض الجسمية والنفسية في أوقات تتكرر في الأسبوع الأخير قبل الحيض التي تختفي أو تنخفض كثيراً في اليوم الأول أو الثاني من بدء الحيض " ويعتمد في تشخيص تلك الحالة تكرارها في أكثر من دورة شهرية ، ويفضل أن يأخذ الطبيب وصفاً للأعراض بصورة مستقبلية بتتبع المريضة وأعراضها لمدة شهرين على الأقل . ومن الناحية العملية يكون ترك المريضة بدون علاج للتأكد من التشخيص غير ممكن في كثير من الأحوال ، لذا يستحسن استخدام ورقة أو استمارة بيانات تملؤها المريضة وتشير فيها إلى الأيام التي تشعر فيها بتلك الأعراض . وعلى الرغم من أن كثير من النساء يشعرن في الحالات العادية ببعض الآلام الجسمية أو النفسية الخفيفة إلا أن حوالي 5% منهن تكون الأعراض عندهن من الشدة بما يمكن أن يوصف بأنه من "الاضطرابات المصاحبة للدورة الشهرية " أي أنها تكون من الحدة بحيث تشتمل على كل الخصائص والأعراض التي يجب توافرها في المصنف التشخيصي الإحصائي للجمعية الأمريكية للطب النفسي ، الذي سوف يأتي شرحه .
أسباب الحالة :
كما أوضحنا من قبل فإن الأسباب الحقيقية لهذه الحالة غير معروفة بصورة قطعية متفق عليها ، ولكن هناك كثير من الأبحاث الطبية التي تشير إلى أن اضطرابات الهرمونات لها تأثير مباشر في تسبب الحالة . ومن البديهي أن نتوقع أن التغيرات البيولوجية الهرمونية التي تصاحب الدورة لها الدور الأول في الحالة لأنه بانعدام الدورة تختفي الأعراض . وهذه الأعراض لا توجد قبل سن البلوغ وتختفي أثناء الحمل وبعد سن انقطاع الخصوبة .
وبمراجعة مئات الأبحاث التي أجريت في هذا المجال نرى أن هناك خللاً في كثير من الهرمونات في هذه الحالة . ولم يكن هذا الخلل في أي من تلك الهرمونات شديداً بدرجة تجعل تشخيص الحالة بمعرفة أسبابها سهلاً كما أن الباحثين لم يتفقوا على تفسير واحد أو مقنع لنتائج تلك الأبحاث . ولقد كشفت تلك الأبحاث عن اختلال في الهرمونات التي تتعلق بصورة مباشرة بالوظائف الجنسية عند المرأة ، مثل هرمون الاستروجين والبروجستيرون أو الهرمون المحفز للحويصلات أو الهرمون الباني .كما أن هناك بعض الهرمونات التي لا تتعلق بصورة مباشرة بالوظائف الجنسية مما يعني أن هناك بعضا من الاختلاف فيها . مثال ذلك هرمون التستستيرون وهو هرمون الذكورة الذي يوجد عند المرأة بكميات قليلة ولكنه مهم جداً عند المرأة لأنه المسؤول عن تحفز وإثارة الشهوة الجنسية عندها ، وقد يضطرب هرمون الكورتيزول . كما أن هناك من يشير إلى بعض من الخلل في مستقبلات الأفيون في الجسم أو في المادة الكيماوية التي تسمىبالسيروتونين . وقد يستغرب البعض وجود مستقبلات الأفيون في الجسم ، ولكن ذلك طبيعي لأن هناك مواد كيماوية في الجسم الإنساني تشبه في تأثيرها بالأفيون ولها وظائف مهمة في العمليات الحيوية في الجهاز العصبي وغيره.
ولقد لوحظ لسبب ما أن النساء اللاتي يشكين من تغيرات كبيرة في المزاج عند تناولهن حبوب منع الحمل ، أو النساء اللاتي يصبن باكتئاب ما بعد الولادة يكن أكثر عرضة للإصابة بالحالات المصاحبة للدورة من غيرهن ، كذلك يكون الحال عند النساء اللاتي يعانين من حالات الاكتئاب العادية غير المتعلقة بالدورة . وهذا يعني أن التي تشكو من مرض الاكتئاب العادي تكون في حالة أشد من حيث حدة الأعراض عند اقتراب الدورة الشهرية لها . كما لوحظ أن الاضطرابات المصاحبة للدورة تسري في النساء من القريبات مما يشير إلى أهمية العوامل الوراثية في هذه الحالة . وقد لوحظ أن كثيرا ممن يأتين إلى عيادات الأطباء بسبب الأعراض المصاحبة للدورة ثبت على الأغلب وجود أمراض نفسية أخرى مثل : اضطرابات الاكتئاب بأنواعها ، أو اضطرابات القلق والمزاج ، أو ممن تسبب اكتئاب ما بعد الولادة في وجود تلك الحالة عندهن . ومن هنا كانت أهمية الفحص الدقيق للطبيب النفسي والتأكد من وجود أو عدم وجود اضطرابات نفسية أخرى . كما أن الفحص الطبي العام وأخذ تاريخ الأمراض الطبية والفحص النسائي مهم جداً للتعرف على أمراض أخرى من الممكن أن تؤدي أو تسبب نفس نوع الأعراض التي نراها في اضطرابات الدورة ، منها مثلاً انتشار بطانة الرحم أو مرض صداع الشقيقة ، أو الصرع ، أو مرض الذئبية ، أو آلام الألياف العضلية أو أمراض الغدة الدرقية ، أو حتى أمراض القولون مثل القولون العصبي .
المصدر: صحيفة الرياض
شكوى النساء منها في تزايد مستمر والطب الحديث على تقدمه لا يجد أسباباً متفقاً عليها 1/3
أ.د. محمد بن حسن عدار
تعاني ملايين النساء في العالم من الأعراض النفسية المصاحبة للدورة الشهرية . وتلك الأعراض فهمها معقد جداً . فعلى سبيل المثال عبرت النساء المصابات بهذا الاضطراب في أحد البحوث الطبية المشهورة عن وجود أكثر من 150 نوعاً من الأعراض المرضية . إذ تتراوح تلك الأعراض بين أوجاع خفيفة وتخزن في الماء في أماكن مختلفة من البدن ، إلى أوجاع صداع الشقيقة والتعب الجسمي والإرهاق العصبي ، والحالات الشديدة التي تؤدي إلى الاكتئاب الشديد .
لقد أثبتت بعض الدراسات أن حوالي الثمانين بالمائة من نساء العالم في سن البلوغ والإنجاب قد جربن بعضا من تلك الأحاسيس والأعراض النفسية المصاحبة للدورة . وفي معظم الحالات تكون تلك الأعراض خفيفة الحدة أو متوسطة ، ولكن في بعض الأحيان تكون تلك الأعراض شديدة وعميقة وتحد من نشاطهن . والغريب في الأمر أن عدد النساء اللاتي يشتكين من تلك الأعراض في تزايد مستمر والطب الحديث على تقدمه لا يجد أسباباً متفقاً عليها لهذه الحالة . وبما أن الأطباء والعلماء لم يتفقوا بعد على الأسباب الأصلية لهذه الحالة ، فإنه لا يوجد علاج متفق عليه بصورة نهائية . بل هناك بعض العلماء الباحثين من يشكك في وجود تلك الحالة كمرض محدد أو وجوده كاضطراب مستقل بذاته ، بل هم يرونه مظهراً من مظاهر أمراض أخرى كالاكتئاب مثلاً . وبسبب ذلك نرى أن كثيراً من النساء المصابات بتلك الحالة لا يهتممن بها بصورة جدية كما يجب فهن لذلك يستمررن في المعاناة التي يضاف إليها الآن الشعور بالشك في أنفسهن وفي مقدرتهن على التعرف على ما يشعرن به في أجسامهن ومن ثم قد يصبن بالإحساس بالفشل وانعدام الأمل .
وتصنف الجمعية الأمريكية للطب النفسي في كتابها " المصنف التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية " الذي يعد الآن المرجع الأول في العالم في تصنيف الأمراض النفسية ، الاضطرابات النفسية المصاحبة للدورة تحت مجموعة " اضطرابات المزاج " وتسمى أحياناً ب " الاضطرابات الوجدانية أو العاطفية " . ويشرح ذلك المصنف تلك الحالة بأنها : تشكيلة من الأعراض الجسمية والنفسية في أوقات تتكرر في الأسبوع الأخير قبل الحيض التي تختفي أو تنخفض كثيراً في اليوم الأول أو الثاني من بدء الحيض " ويعتمد في تشخيص تلك الحالة تكرارها في أكثر من دورة شهرية ، ويفضل أن يأخذ الطبيب وصفاً للأعراض بصورة مستقبلية بتتبع المريضة وأعراضها لمدة شهرين على الأقل . ومن الناحية العملية يكون ترك المريضة بدون علاج للتأكد من التشخيص غير ممكن في كثير من الأحوال ، لذا يستحسن استخدام ورقة أو استمارة بيانات تملؤها المريضة وتشير فيها إلى الأيام التي تشعر فيها بتلك الأعراض . وعلى الرغم من أن كثير من النساء يشعرن في الحالات العادية ببعض الآلام الجسمية أو النفسية الخفيفة إلا أن حوالي 5% منهن تكون الأعراض عندهن من الشدة بما يمكن أن يوصف بأنه من "الاضطرابات المصاحبة للدورة الشهرية " أي أنها تكون من الحدة بحيث تشتمل على كل الخصائص والأعراض التي يجب توافرها في المصنف التشخيصي الإحصائي للجمعية الأمريكية للطب النفسي ، الذي سوف يأتي شرحه .
أسباب الحالة :
كما أوضحنا من قبل فإن الأسباب الحقيقية لهذه الحالة غير معروفة بصورة قطعية متفق عليها ، ولكن هناك كثير من الأبحاث الطبية التي تشير إلى أن اضطرابات الهرمونات لها تأثير مباشر في تسبب الحالة . ومن البديهي أن نتوقع أن التغيرات البيولوجية الهرمونية التي تصاحب الدورة لها الدور الأول في الحالة لأنه بانعدام الدورة تختفي الأعراض . وهذه الأعراض لا توجد قبل سن البلوغ وتختفي أثناء الحمل وبعد سن انقطاع الخصوبة .
وبمراجعة مئات الأبحاث التي أجريت في هذا المجال نرى أن هناك خللاً في كثير من الهرمونات في هذه الحالة . ولم يكن هذا الخلل في أي من تلك الهرمونات شديداً بدرجة تجعل تشخيص الحالة بمعرفة أسبابها سهلاً كما أن الباحثين لم يتفقوا على تفسير واحد أو مقنع لنتائج تلك الأبحاث . ولقد كشفت تلك الأبحاث عن اختلال في الهرمونات التي تتعلق بصورة مباشرة بالوظائف الجنسية عند المرأة ، مثل هرمون الاستروجين والبروجستيرون أو الهرمون المحفز للحويصلات أو الهرمون الباني .كما أن هناك بعض الهرمونات التي لا تتعلق بصورة مباشرة بالوظائف الجنسية مما يعني أن هناك بعضا من الاختلاف فيها . مثال ذلك هرمون التستستيرون وهو هرمون الذكورة الذي يوجد عند المرأة بكميات قليلة ولكنه مهم جداً عند المرأة لأنه المسؤول عن تحفز وإثارة الشهوة الجنسية عندها ، وقد يضطرب هرمون الكورتيزول . كما أن هناك من يشير إلى بعض من الخلل في مستقبلات الأفيون في الجسم أو في المادة الكيماوية التي تسمىبالسيروتونين . وقد يستغرب البعض وجود مستقبلات الأفيون في الجسم ، ولكن ذلك طبيعي لأن هناك مواد كيماوية في الجسم الإنساني تشبه في تأثيرها بالأفيون ولها وظائف مهمة في العمليات الحيوية في الجهاز العصبي وغيره.
ولقد لوحظ لسبب ما أن النساء اللاتي يشكين من تغيرات كبيرة في المزاج عند تناولهن حبوب منع الحمل ، أو النساء اللاتي يصبن باكتئاب ما بعد الولادة يكن أكثر عرضة للإصابة بالحالات المصاحبة للدورة من غيرهن ، كذلك يكون الحال عند النساء اللاتي يعانين من حالات الاكتئاب العادية غير المتعلقة بالدورة . وهذا يعني أن التي تشكو من مرض الاكتئاب العادي تكون في حالة أشد من حيث حدة الأعراض عند اقتراب الدورة الشهرية لها . كما لوحظ أن الاضطرابات المصاحبة للدورة تسري في النساء من القريبات مما يشير إلى أهمية العوامل الوراثية في هذه الحالة . وقد لوحظ أن كثيرا ممن يأتين إلى عيادات الأطباء بسبب الأعراض المصاحبة للدورة ثبت على الأغلب وجود أمراض نفسية أخرى مثل : اضطرابات الاكتئاب بأنواعها ، أو اضطرابات القلق والمزاج ، أو ممن تسبب اكتئاب ما بعد الولادة في وجود تلك الحالة عندهن . ومن هنا كانت أهمية الفحص الدقيق للطبيب النفسي والتأكد من وجود أو عدم وجود اضطرابات نفسية أخرى . كما أن الفحص الطبي العام وأخذ تاريخ الأمراض الطبية والفحص النسائي مهم جداً للتعرف على أمراض أخرى من الممكن أن تؤدي أو تسبب نفس نوع الأعراض التي نراها في اضطرابات الدورة ، منها مثلاً انتشار بطانة الرحم أو مرض صداع الشقيقة ، أو الصرع ، أو مرض الذئبية ، أو آلام الألياف العضلية أو أمراض الغدة الدرقية ، أو حتى أمراض القولون مثل القولون العصبي .
المصدر: صحيفة الرياض