الشره في الأكل
الشره في الأكل.. إفراط في تناول الطعام يعقبه إحساس بالذنب ومحاولات خاطئة للتخلص منه!
النوبة تبدأ بمشاعر الإحباط والحرمان والمرضى يشعرون بالخجل و يُحاولون إخفاء هذه السلوكيات
د. إبراهيم حسن الخضير
مرّ شهر رمضان المبارك ، وفيه تغيّر كثير من الأمور و العادات التي نسير عليها طيلة العام ، ولكن في هذا الشهر تتغيّر طرق وعادات كثيرة في حياتنا. تحدثنا عن تغيّر عادات النوم في شهر رمضان بشكلٍ كبير لدى قطاع كبير من الناس. الأمر الآخر هو هو تغيّر عاداتنا الغذائية. ففي شهر رمضان المبارك ، الذي يُفترض فيه أن نصوم و نشعر بالجوع ، كي نشعر بمعاناة الفقراء والمساكين. لكن ما يحدث هو أننا كثيراً ما نُفرط في الأكل خلال شهر رمضان المبارك ، نأكل كثيراً ، خاصةً الحلويات والنشويات ، و على عكس ما يُفترض بأن ينقص الوزن عندنا نرى أن الكثير منّا يكتسب بعض الوزن ، بل ربما يكتسب البعض منّا وزناً لا يُستهان به ، قد لا يستطيع أن يتخلّص منه خلال العام و ربما لن يستطيع أن يتخّلص منه أبداً.
بعض منّا يكون لديه اضطراب في الأكل ، حيث يُعاني البعض من فرط الشهية للأكل ، ولكن بعد ذلك يشعر بالذنب و ربما فعل أشياء خاطئة لتصحيح الوضع الخاطئ الذي وقع فيه من تناول كميات كبيرة من الأكل.
هناك اضطراب من اضطرابات الأكل ، يكون فيه الشخص شره في الأكل ، حيث يتناول كميات كبيرة من الطعام ، و خشيةً من زيادة الوزن فإنه يقوم بعمل أي شيء كي لا يزداد وزنه. طبعاً هذا لا ينطبق على جميع الأشخاص الذين يصومون رمضان ، وليس أيضاً على جميع الأشخاص الذين يُفرطون في تناول الطعام ، لكنه ينطبق على من يقوم بأكل كميات كبيرة من الطعام ، وفعل أشياء غير مقبولة للتخلص من هذا الطعام ، مثل أستخدام المسهّلات أو الاستفراغ المُتعمّد حتى لا يزيد عنده.
الأشخاص الذين يُعانون من اضطراب الأكل هذا ، والذي يُطلق عليه في اللغة الانجليزية Bulimia Nervosa ، تكون الأعراض الرئيسة عندهم هي نوبات شره للأكل بصورة غير طبيعية ، ومن ثم فعل شيء للتخّلص من الأكل الكثير الذي يتناوله كأن يقوم الشخص بإجبار نفسه على الإستفراغ أو أخذ أدوية أو مواد مُسهّلة حتى لا يكتسب وزناً زائداً. بالإضافة إلى هذا الأمر ، يقيّم الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب نفسه بحسب الشكل و زيادة الوزن ، فهو يتضايق وربما يكتئب إذا زاد وزنه ، ويقوم بعمل أي شيء لإنقاص وزنه مثل الإفراط في التمارين الرياضية ، ويكون هذا النهم و الشره في الأكل مع الاستفراغ أو استخدام المسهّلات مرتين على الأقل في الأسبوع و لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. عند الأكل بشراهة يجب أن يأكل الشخص كميات كبيرة من الطعام، بمعنى أن هذه الكميات التي يتناولها الشخص كبيرة بجميع المقاييس التي ينظر بها الأشخاص إلى الطعام ، و لا يأكلها الشخص العادي تحت أي ظروفٍ كانت. لا يجب النظر للشخص الذي يتناول أطعمة خفيفة بشكل متواصل على أنه شراهة في الأكل ، ولكن الشخص الذي يتناول طعاماً كثيراً في المطعم ثم يذهب إلى المنزل ويواصل تناول أطعمة دسمة فهذا يُعتبر شراهة في الأكل.
نوعية الطعام تختلف أثناء نوبات الشراهة في الأكل ، لكن بوجهٍ عام تكون حلويات أو من المواد مرتفعة السعرات مثل الكربوهيدرات وغيرها من أنواع الطعام ، و العبرة ليس في نوعية الطعام أو اشتهاء أكلات مُعينة ولكن في الكميات الكبيرة التي يتناولها الشخص أثناء نوبة الشراهة.
في شهر رمضان ، و مع الصيام ، فإن بعض الأشخاص يمرون بهذه المشاعر و السلوكيات من الأكل بشراهة ، خاصة الحلويات والأطعمة عالية السعرات ، ولكن لا يستفرغون قسراً وكذلك لا يستخدمون مُسهّلات للتخلص من الأطعمة . تجد كثير من الأشخاص الذين يصومون شهر رمضان المبارك يتناولون على مائدة الإفطار كميات كبيرة من الحلويات و المواد الكربوهيدراتية ، وبحكم الامتناع عن الأكل لساعاتٍ طويلة ، خاصةً لمن لا ينام خلال النهار ، فإنه يشعر بجوع و لذلك يتناول كميات من هذه الأطعمة ولكن ليس معنى هذا أنه يُعاني من اضطراب في الأكل.
عادة ما يشعر الأشخاص الذين يُعانون من شره الأكل المرضي بالخجل من هذا السلوك ، و يُحاولون إخفاء هذه السلوكيات ، و يتجنبون الأكل بشراهة أمام الآخرين بقدر ما يستطيعون ، لذلك قد تجدهم يأكلون بشراهة بالسر ، و عادة لا يخططون لنوبات الأكل و يأكلون بسرعة كبيرة كميات عظيمة من الأطعمة حتى لا يراهم الآخرون ، ويستمر الأكل حتى يشعر الشخص بالألم من الشبع والأمتلاء من كثرة ما أكل من أطعمة.
عادة ما تبدأ نوبة الشره في الأكل بمشاعر الإحباط والكآبة أو ضغوط نفسية داخلية ، أو حرمان شديد من الطعام لفترةٍ طويلة ، يكون فيها الشخص يخضع لبرنامج إنقاص وزن فيحرم نفسه من الأكل لفتراتٍ طويلة ، ثم فجأة يُصاب بنوبات الشره على الأكل وبالصورة التي وصفناها من قبل .
عادةً الأكل بهذه الصورة الشرهة يرفع المزاج لفترة مؤقتة ثم يتبعه كآبة و شعور بالذنب.
نوبات الشره عادةً ترافقها مشاعر من عدم القدرة على السيطرة على النفس وعلى التصرفات. في أكثر الأوقات يصف الأشخاص الذين يمرون بمراحل الشره والأكل المرضي حالتهم النفسية ، خاصةً في بداية النوبات ، بأنهم يعيشون حالاتٍ من "الإنفصام" الروحي والنفسي ، بحيث أنهم لا يشعرون بما يقومون به من تناول كميات كبيرة من الأطعمة عالية السعرات!. بعد أن يتعودوا الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب لا يعودوا يشعرون بمشاعر " الانفصام" التي كانوا يشعرون بها في بداية الاضطراب ، ولكن يشعرون بعدم القدرة على السيطرة على نوبات الأكل بشراهة ، وعدم القدرة على مقاومة النوبة إذا بدأت ، فمثلاً إذا كان الشخص يتناول وجبة كبيرة من الطعام بشراهة و رن جرس الهاتف فإنه يُهمله ، ويواصل الأكل ، ولكن إذا جاء الزوج أو رفيق السكن إلى المكان فإن الشخص يتوقّف عن الأكل.
السلوك الآخر من الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب ، وقد ذكرناه من قبل ، هو استخدام طرق غير مقبولة للتخلّص من الأكل الذي تناوله ، و أكثر الطرق التي يستخدمها الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب هو التقيء القسري ، حيث يفعل ذلك مابين 80 إلى 90% من الأشخاص ، لأن الاستفراغ يُفرغ المعدة من الطعام ، فيشعر الشخص بالراحة و كذلك يطمأن إلى أنه لن يكتسب مزيداً من الوزن. وثمة احيان يكون التقيء القسرى هو الهدف ، حيث يقوم الشخص بتناول أطعمة بكميات كبيرة كي يستفرغ و أحيانا يستفرغ حتى ولو تناول كمية بسيطة من الطعام ، حيث إنه في هذه الحالة الاستفراغ هو الهدف!ٍ. ثمة أشخاص أخرين قد يشّكلون ثلث الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يستخدمون المسّهلات ولكن نادراً ما يستخدمون الحقن الشرجية.
أحياناً الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب يقومون بالإمتناع عن الأكل لمدة يوم أو أكثر لتعويض كثرة الأكل التي يمارسونها أو يمارسون رياضة عنيفة ولمدة طويلة قد تتعارض مع شؤون الشخص الحياتية أو يمارسها الشخص بغير الأوقات المناسبة أو أن يمارس التمارين الرياضية برغم إصابته بأضرار صحية لا تساعده على أن يقوم بمثل هذه التمارين الرياضية ، لكي يحرقوا أكبر قدر ممكن من السعرات الحرارية. في حالات قليلة قد يتناول بعض الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب هرمون الثيروكسين لكي يقوم بحرق السعرات الحرارية و زيادة الإحتراق داخل الجسم. هناك بعض المشاكل لمرضى السكر مثلاً الذين يُعانون من هذا الاضطراب في الأكل و يتناولون الانسولين ، فقد يلجأ مثل هؤلاء المرضى إلى التقليل من كمية الأنسولين التي يتعاطونها لكي تقل عملية الأيض أثناء عمليات الاكل بشراهة فلا تحترق الأطعمة بسهولة وبذلك يتجنّب الشخص اكتساب زيادة الوزن بعد أكل كميات كبيرة من الأطعمة عالية السعرات.
كما ذكرنا في مقدمة المقال بأن الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب يركّز بشكلٍ كبير على مظهره الخارجي و قوامه و زيادة وزنه أو نحافته. بالنسبة له الزيادة في الوزن أمرٌ في غاية الخطورة ، ويؤثر سلبياً على نفسياتهم ويدخلهم في اكتئاب قد يكون شديداً ، لذلك فإن هؤلاء الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب في الأكل يُقّيمون أي أمر في حياتهم بشكلهم الخارجي ، لذلك تراهم يستميتون في المحافظة على أوزانهم و يستخدمون أي طريقة لإنقاص وزنهم كما سبق و أن ذكرنا في هذا المقال.
عادة يبدأ هذا الاضطراب في أوآخر سن المراهقة ، أو بداية سن النضج. و عادةً تبدأ نوبات الأكل بشراهة بعد فترة يكون فيها الشخص يتّبع نظام غذائي خاص لإنقاص الوزن ، وفجأةً يبدأ الشخص المصاب بهذا الاضطراب بأكل بشراهة وفقدان السيطرة على موضوع الأكل ، خاصة الحلويات والمواد الكربوهيدراتيه و الأطعمة الآخرى عالية السعرات الحرارية. عادةً يستمر الاضطراب سبع سنوات قبل أن يطلب الشخص المصاب بهذا الاضطراب المساعدة من المختصين، وعادةً يكون هذا الاضطراب مزمناً.
العلاج من هذا الاضطراب يكون عن طريق علاج الاضطراب النفسي المُسبّب إذا كان هناك اضطراب نفسي مثل الاكتئاب. إذا لم يكن هناك أي اضطراب نفسي فيتم علاج الاضطراب عن طريق العلاج النفسي ، وأحياناً قد يحتاج الأمر إلى بعض الأدوية النفسية ، وهذا يعتمد على عوامل متعددة يُحددها الطبيب المعالج.
المصدر: صحيفة الرياض
النوبة تبدأ بمشاعر الإحباط والحرمان والمرضى يشعرون بالخجل و يُحاولون إخفاء هذه السلوكيات
د. إبراهيم حسن الخضير
مرّ شهر رمضان المبارك ، وفيه تغيّر كثير من الأمور و العادات التي نسير عليها طيلة العام ، ولكن في هذا الشهر تتغيّر طرق وعادات كثيرة في حياتنا. تحدثنا عن تغيّر عادات النوم في شهر رمضان بشكلٍ كبير لدى قطاع كبير من الناس. الأمر الآخر هو هو تغيّر عاداتنا الغذائية. ففي شهر رمضان المبارك ، الذي يُفترض فيه أن نصوم و نشعر بالجوع ، كي نشعر بمعاناة الفقراء والمساكين. لكن ما يحدث هو أننا كثيراً ما نُفرط في الأكل خلال شهر رمضان المبارك ، نأكل كثيراً ، خاصةً الحلويات والنشويات ، و على عكس ما يُفترض بأن ينقص الوزن عندنا نرى أن الكثير منّا يكتسب بعض الوزن ، بل ربما يكتسب البعض منّا وزناً لا يُستهان به ، قد لا يستطيع أن يتخلّص منه خلال العام و ربما لن يستطيع أن يتخّلص منه أبداً.
بعض منّا يكون لديه اضطراب في الأكل ، حيث يُعاني البعض من فرط الشهية للأكل ، ولكن بعد ذلك يشعر بالذنب و ربما فعل أشياء خاطئة لتصحيح الوضع الخاطئ الذي وقع فيه من تناول كميات كبيرة من الأكل.
هناك اضطراب من اضطرابات الأكل ، يكون فيه الشخص شره في الأكل ، حيث يتناول كميات كبيرة من الطعام ، و خشيةً من زيادة الوزن فإنه يقوم بعمل أي شيء كي لا يزداد وزنه. طبعاً هذا لا ينطبق على جميع الأشخاص الذين يصومون رمضان ، وليس أيضاً على جميع الأشخاص الذين يُفرطون في تناول الطعام ، لكنه ينطبق على من يقوم بأكل كميات كبيرة من الطعام ، وفعل أشياء غير مقبولة للتخلص من هذا الطعام ، مثل أستخدام المسهّلات أو الاستفراغ المُتعمّد حتى لا يزيد عنده.
الأشخاص الذين يُعانون من اضطراب الأكل هذا ، والذي يُطلق عليه في اللغة الانجليزية Bulimia Nervosa ، تكون الأعراض الرئيسة عندهم هي نوبات شره للأكل بصورة غير طبيعية ، ومن ثم فعل شيء للتخّلص من الأكل الكثير الذي يتناوله كأن يقوم الشخص بإجبار نفسه على الإستفراغ أو أخذ أدوية أو مواد مُسهّلة حتى لا يكتسب وزناً زائداً. بالإضافة إلى هذا الأمر ، يقيّم الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب نفسه بحسب الشكل و زيادة الوزن ، فهو يتضايق وربما يكتئب إذا زاد وزنه ، ويقوم بعمل أي شيء لإنقاص وزنه مثل الإفراط في التمارين الرياضية ، ويكون هذا النهم و الشره في الأكل مع الاستفراغ أو استخدام المسهّلات مرتين على الأقل في الأسبوع و لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. عند الأكل بشراهة يجب أن يأكل الشخص كميات كبيرة من الطعام، بمعنى أن هذه الكميات التي يتناولها الشخص كبيرة بجميع المقاييس التي ينظر بها الأشخاص إلى الطعام ، و لا يأكلها الشخص العادي تحت أي ظروفٍ كانت. لا يجب النظر للشخص الذي يتناول أطعمة خفيفة بشكل متواصل على أنه شراهة في الأكل ، ولكن الشخص الذي يتناول طعاماً كثيراً في المطعم ثم يذهب إلى المنزل ويواصل تناول أطعمة دسمة فهذا يُعتبر شراهة في الأكل.
نوعية الطعام تختلف أثناء نوبات الشراهة في الأكل ، لكن بوجهٍ عام تكون حلويات أو من المواد مرتفعة السعرات مثل الكربوهيدرات وغيرها من أنواع الطعام ، و العبرة ليس في نوعية الطعام أو اشتهاء أكلات مُعينة ولكن في الكميات الكبيرة التي يتناولها الشخص أثناء نوبة الشراهة.
في شهر رمضان ، و مع الصيام ، فإن بعض الأشخاص يمرون بهذه المشاعر و السلوكيات من الأكل بشراهة ، خاصة الحلويات والأطعمة عالية السعرات ، ولكن لا يستفرغون قسراً وكذلك لا يستخدمون مُسهّلات للتخلص من الأطعمة . تجد كثير من الأشخاص الذين يصومون شهر رمضان المبارك يتناولون على مائدة الإفطار كميات كبيرة من الحلويات و المواد الكربوهيدراتية ، وبحكم الامتناع عن الأكل لساعاتٍ طويلة ، خاصةً لمن لا ينام خلال النهار ، فإنه يشعر بجوع و لذلك يتناول كميات من هذه الأطعمة ولكن ليس معنى هذا أنه يُعاني من اضطراب في الأكل.
عادة ما يشعر الأشخاص الذين يُعانون من شره الأكل المرضي بالخجل من هذا السلوك ، و يُحاولون إخفاء هذه السلوكيات ، و يتجنبون الأكل بشراهة أمام الآخرين بقدر ما يستطيعون ، لذلك قد تجدهم يأكلون بشراهة بالسر ، و عادة لا يخططون لنوبات الأكل و يأكلون بسرعة كبيرة كميات عظيمة من الأطعمة حتى لا يراهم الآخرون ، ويستمر الأكل حتى يشعر الشخص بالألم من الشبع والأمتلاء من كثرة ما أكل من أطعمة.
عادة ما تبدأ نوبة الشره في الأكل بمشاعر الإحباط والكآبة أو ضغوط نفسية داخلية ، أو حرمان شديد من الطعام لفترةٍ طويلة ، يكون فيها الشخص يخضع لبرنامج إنقاص وزن فيحرم نفسه من الأكل لفتراتٍ طويلة ، ثم فجأة يُصاب بنوبات الشره على الأكل وبالصورة التي وصفناها من قبل .
عادةً الأكل بهذه الصورة الشرهة يرفع المزاج لفترة مؤقتة ثم يتبعه كآبة و شعور بالذنب.
نوبات الشره عادةً ترافقها مشاعر من عدم القدرة على السيطرة على النفس وعلى التصرفات. في أكثر الأوقات يصف الأشخاص الذين يمرون بمراحل الشره والأكل المرضي حالتهم النفسية ، خاصةً في بداية النوبات ، بأنهم يعيشون حالاتٍ من "الإنفصام" الروحي والنفسي ، بحيث أنهم لا يشعرون بما يقومون به من تناول كميات كبيرة من الأطعمة عالية السعرات!. بعد أن يتعودوا الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب لا يعودوا يشعرون بمشاعر " الانفصام" التي كانوا يشعرون بها في بداية الاضطراب ، ولكن يشعرون بعدم القدرة على السيطرة على نوبات الأكل بشراهة ، وعدم القدرة على مقاومة النوبة إذا بدأت ، فمثلاً إذا كان الشخص يتناول وجبة كبيرة من الطعام بشراهة و رن جرس الهاتف فإنه يُهمله ، ويواصل الأكل ، ولكن إذا جاء الزوج أو رفيق السكن إلى المكان فإن الشخص يتوقّف عن الأكل.
السلوك الآخر من الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب ، وقد ذكرناه من قبل ، هو استخدام طرق غير مقبولة للتخلّص من الأكل الذي تناوله ، و أكثر الطرق التي يستخدمها الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب هو التقيء القسري ، حيث يفعل ذلك مابين 80 إلى 90% من الأشخاص ، لأن الاستفراغ يُفرغ المعدة من الطعام ، فيشعر الشخص بالراحة و كذلك يطمأن إلى أنه لن يكتسب مزيداً من الوزن. وثمة احيان يكون التقيء القسرى هو الهدف ، حيث يقوم الشخص بتناول أطعمة بكميات كبيرة كي يستفرغ و أحيانا يستفرغ حتى ولو تناول كمية بسيطة من الطعام ، حيث إنه في هذه الحالة الاستفراغ هو الهدف!ٍ. ثمة أشخاص أخرين قد يشّكلون ثلث الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب يستخدمون المسّهلات ولكن نادراً ما يستخدمون الحقن الشرجية.
أحياناً الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب يقومون بالإمتناع عن الأكل لمدة يوم أو أكثر لتعويض كثرة الأكل التي يمارسونها أو يمارسون رياضة عنيفة ولمدة طويلة قد تتعارض مع شؤون الشخص الحياتية أو يمارسها الشخص بغير الأوقات المناسبة أو أن يمارس التمارين الرياضية برغم إصابته بأضرار صحية لا تساعده على أن يقوم بمثل هذه التمارين الرياضية ، لكي يحرقوا أكبر قدر ممكن من السعرات الحرارية. في حالات قليلة قد يتناول بعض الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب هرمون الثيروكسين لكي يقوم بحرق السعرات الحرارية و زيادة الإحتراق داخل الجسم. هناك بعض المشاكل لمرضى السكر مثلاً الذين يُعانون من هذا الاضطراب في الأكل و يتناولون الانسولين ، فقد يلجأ مثل هؤلاء المرضى إلى التقليل من كمية الأنسولين التي يتعاطونها لكي تقل عملية الأيض أثناء عمليات الاكل بشراهة فلا تحترق الأطعمة بسهولة وبذلك يتجنّب الشخص اكتساب زيادة الوزن بعد أكل كميات كبيرة من الأطعمة عالية السعرات.
كما ذكرنا في مقدمة المقال بأن الشخص الذي يُعاني من هذا الاضطراب يركّز بشكلٍ كبير على مظهره الخارجي و قوامه و زيادة وزنه أو نحافته. بالنسبة له الزيادة في الوزن أمرٌ في غاية الخطورة ، ويؤثر سلبياً على نفسياتهم ويدخلهم في اكتئاب قد يكون شديداً ، لذلك فإن هؤلاء الأشخاص الذين يُعانون من هذا الاضطراب في الأكل يُقّيمون أي أمر في حياتهم بشكلهم الخارجي ، لذلك تراهم يستميتون في المحافظة على أوزانهم و يستخدمون أي طريقة لإنقاص وزنهم كما سبق و أن ذكرنا في هذا المقال.
عادة يبدأ هذا الاضطراب في أوآخر سن المراهقة ، أو بداية سن النضج. و عادةً تبدأ نوبات الأكل بشراهة بعد فترة يكون فيها الشخص يتّبع نظام غذائي خاص لإنقاص الوزن ، وفجأةً يبدأ الشخص المصاب بهذا الاضطراب بأكل بشراهة وفقدان السيطرة على موضوع الأكل ، خاصة الحلويات والمواد الكربوهيدراتيه و الأطعمة الآخرى عالية السعرات الحرارية. عادةً يستمر الاضطراب سبع سنوات قبل أن يطلب الشخص المصاب بهذا الاضطراب المساعدة من المختصين، وعادةً يكون هذا الاضطراب مزمناً.
العلاج من هذا الاضطراب يكون عن طريق علاج الاضطراب النفسي المُسبّب إذا كان هناك اضطراب نفسي مثل الاكتئاب. إذا لم يكن هناك أي اضطراب نفسي فيتم علاج الاضطراب عن طريق العلاج النفسي ، وأحياناً قد يحتاج الأمر إلى بعض الأدوية النفسية ، وهذا يعتمد على عوامل متعددة يُحددها الطبيب المعالج.
المصدر: صحيفة الرياض