الاحتيال الإلكتروني
الاحتيال الإلكتروني
عبدالله يحيى بخاري
صديقي رجل حذر جدا، حصيف جدا، لا ينقصه الذكاء والخبرة، ولكن قلبه أبيض وعطوف مثل قلب الطفل الصغير.
جاءت لصديقي رسالة عاجلة على بريده الإلكتروني، أرسلها له ابن أحد أصدقائه من أبردين / سكوتلاندا. فحوى الرسالة العاجلة أن ذلك الشاب فقد حقيبة يده وبها كل أوراقه وبطاقات الاعتماد الخاصة به، وأيضا جواز سفره، وكل ما يمتلكه من أموال نقدية، أي أنه قد أصبح بلا هوية ولا مال في بلاد الغربة. وذكر ذلك الشخص في رسالته أنه قد اتصل بالسفارة السعودية فأفادوه بأنهم سوف يساعدونه بتذكرة مرور لكي يعود فورا إلى المملكة، وأنه يحتاج الآن إلى مبلغ يساعده في شراء تذكرة عودة وتسديد غرفة الهوتيل، وسوف يرد إليه المبلغ بمجرد عودته.
حاول صديقي الاتصال بهاتف الشاب عدة مرات فوجده مغلقا، ورأى أن من واجبه ألا يتأخر عن مساعدة ابن صديقه بأية وسيلة وبشكل عاجل. أرسل إليه رسالة على بريده الإلكتروني يسأله عن المبلغ الذي يحتاج إليه، وكيفية استلامه. رد عليه الشاب أن المبلغ الذي يحتاجه فورا هو ألفا دولار أمريكي، يستطيع إرساله عن طريق شركة معروفة للتحويل العاجل باسم الشاب في مدينة أبردين، مع إفادته برقم التحويل لكي يمكنه استلام المبلغ من مكتب الشركة، وهكذا كان. بعدها بيوم استلم صديقي رسالة أخرى من ذلك الشاب بأنه استلم المبلغ شاكرا، وأنه قام بشراء التذكرة، ولكنه فوجئ بأنهم يطلبون منه الآن مبلغا آخر للتأمين، ويحتاج عاجلا إلى ألف وثمانمائة دولار أخرى!
هنا استيقظ الشك في ذهن صديقي، وأرسل رسالة إلى الشاب بأنه لا مانع لديه من تحويل المبلغ الآخر إليه فورا، ولكن فقط يريد منه أن يفيده باسم والدته لإثبات شخصيته، ولكي «يطمئن قلبي».
حينئذ انقطع الطرف الثاني عن المراسله ، وكأنه «فص ملح وذاب». اضطر صديقي إلى الاتصال بوالد الشاب، وكان محجما عن ذلك خوفا من أن يثير قلق صديقه وخوفه على ابنه، وسأل عن ابنه ومتى سيعود إلى جدة، أجابه صديقه أن ابنه موجود في جدة ولم يغادرها خلال الشهرين الماضيين!. هنا تأكد لصديقي أنه كان ضحية محتال كبير عرف كيف يختطف البريد الإلكتروني لابن صديقه، ويراسل جميع من وجد أسماءهم وعناوينهم الإلكترونية في صندوق بريد الابن، طالبا منهم العون بنفس الطريقة والأسلوب الذي استخدمه مع صديقي.
بالطبع تحرك الصديق وبدأ في تقديم شكوى ضد شركة التحويل النقدي العاجل، إذ كيف سمحت الشركة لنفسها أن تصرف المبلغ المحول دون أن تتأكد من هوية ذلك الشخص وتطلع على إثبات الهوية كالمعتاد في مثل هذه الحالات. ولكن هذه قضية أخرى أتمنى أن يستطيع من خلالها صديقي استعادة حقه، والأهم من ذلك معاقبة شركة التحويل النقدي العاجل على هذا الخطأ الكبير الذي قد ينم عن تواطؤ موظفي الشركة مع ذلك المحتال مجهول الهوية.
أتمنى أن تستطيع الجهات المسؤولة في المملكة تتبع الأمر وإعطاء درس قاس للشركة، منعا للاحتيال واستغلال المعاملات الإلكترونية في الابتزاز والسرقة والخديعة، وهو ما أصبح الآن من شيم معظم شركات المال والتعاملات المالية، وليست المظاهرات في أمريكا ضد أفعال «وول ستريت» والفساد البنكي إلا مجرد بداية.
الذي يهمنا في الموضوع هو أن يحذر المواطن السعودي من مثل هذه الحيل والخدع التي تأتي على مختلف الأشكال والأنواع، ومن مختلف الدول والقارات.
هذه حيلة تكررت كثيرا وراح ضحيتها كثيرون. وهناك حيل ووسائل سرقات أخرى لا بد أن بعض القراء قد واجهوها من قبل، مثل الفوز بجائزة يانصيب كبرى فجأة هكذا دون معرفتك، أو أن أحدهم يطلب منك رقم حسابك البنكي لكي يحول عليه بعض الأموال غير الشرعية وتقاسمها معك مستقبلا، أو إفادتك بفوزك بوسام الشرف لإنجازاتك العظيمة في دولة ما وطلب تحويل مبلغ من المال لإنهاء إجراءات سفرك وتتويجك بذلك الوسام الرفيع، وهكذا في كل يوم تظهر علينا تقليعة جديدة من الاحتيال والخداع. ولا تندهش يا عزيزي القارئ إذا ما وصلتك رسالة بأنك قد اخترت لتصبح زعيما لإحدى الجزر في محيط واق الواق، ومطلوب منك أن تحول مبلغا محددا لكي يتم تجهيز قصرك الزعامي وإعادة كسوة الحرس الخاص بك في جزيرتك.
حلم جميل قد لا يكلفك تحقيقه ــ حتى ولو لبضع ساعات ــ سوى خمسة أو عشرة آلاف دولار، تصبح خلالها زعيما لجزيرة «خيالية».
تعددت الأساليب، والهدف أموالك.
المصدر: صحيفة عكاظ
عبدالله يحيى بخاري
صديقي رجل حذر جدا، حصيف جدا، لا ينقصه الذكاء والخبرة، ولكن قلبه أبيض وعطوف مثل قلب الطفل الصغير.
جاءت لصديقي رسالة عاجلة على بريده الإلكتروني، أرسلها له ابن أحد أصدقائه من أبردين / سكوتلاندا. فحوى الرسالة العاجلة أن ذلك الشاب فقد حقيبة يده وبها كل أوراقه وبطاقات الاعتماد الخاصة به، وأيضا جواز سفره، وكل ما يمتلكه من أموال نقدية، أي أنه قد أصبح بلا هوية ولا مال في بلاد الغربة. وذكر ذلك الشخص في رسالته أنه قد اتصل بالسفارة السعودية فأفادوه بأنهم سوف يساعدونه بتذكرة مرور لكي يعود فورا إلى المملكة، وأنه يحتاج الآن إلى مبلغ يساعده في شراء تذكرة عودة وتسديد غرفة الهوتيل، وسوف يرد إليه المبلغ بمجرد عودته.
حاول صديقي الاتصال بهاتف الشاب عدة مرات فوجده مغلقا، ورأى أن من واجبه ألا يتأخر عن مساعدة ابن صديقه بأية وسيلة وبشكل عاجل. أرسل إليه رسالة على بريده الإلكتروني يسأله عن المبلغ الذي يحتاج إليه، وكيفية استلامه. رد عليه الشاب أن المبلغ الذي يحتاجه فورا هو ألفا دولار أمريكي، يستطيع إرساله عن طريق شركة معروفة للتحويل العاجل باسم الشاب في مدينة أبردين، مع إفادته برقم التحويل لكي يمكنه استلام المبلغ من مكتب الشركة، وهكذا كان. بعدها بيوم استلم صديقي رسالة أخرى من ذلك الشاب بأنه استلم المبلغ شاكرا، وأنه قام بشراء التذكرة، ولكنه فوجئ بأنهم يطلبون منه الآن مبلغا آخر للتأمين، ويحتاج عاجلا إلى ألف وثمانمائة دولار أخرى!
هنا استيقظ الشك في ذهن صديقي، وأرسل رسالة إلى الشاب بأنه لا مانع لديه من تحويل المبلغ الآخر إليه فورا، ولكن فقط يريد منه أن يفيده باسم والدته لإثبات شخصيته، ولكي «يطمئن قلبي».
حينئذ انقطع الطرف الثاني عن المراسله ، وكأنه «فص ملح وذاب». اضطر صديقي إلى الاتصال بوالد الشاب، وكان محجما عن ذلك خوفا من أن يثير قلق صديقه وخوفه على ابنه، وسأل عن ابنه ومتى سيعود إلى جدة، أجابه صديقه أن ابنه موجود في جدة ولم يغادرها خلال الشهرين الماضيين!. هنا تأكد لصديقي أنه كان ضحية محتال كبير عرف كيف يختطف البريد الإلكتروني لابن صديقه، ويراسل جميع من وجد أسماءهم وعناوينهم الإلكترونية في صندوق بريد الابن، طالبا منهم العون بنفس الطريقة والأسلوب الذي استخدمه مع صديقي.
بالطبع تحرك الصديق وبدأ في تقديم شكوى ضد شركة التحويل النقدي العاجل، إذ كيف سمحت الشركة لنفسها أن تصرف المبلغ المحول دون أن تتأكد من هوية ذلك الشخص وتطلع على إثبات الهوية كالمعتاد في مثل هذه الحالات. ولكن هذه قضية أخرى أتمنى أن يستطيع من خلالها صديقي استعادة حقه، والأهم من ذلك معاقبة شركة التحويل النقدي العاجل على هذا الخطأ الكبير الذي قد ينم عن تواطؤ موظفي الشركة مع ذلك المحتال مجهول الهوية.
أتمنى أن تستطيع الجهات المسؤولة في المملكة تتبع الأمر وإعطاء درس قاس للشركة، منعا للاحتيال واستغلال المعاملات الإلكترونية في الابتزاز والسرقة والخديعة، وهو ما أصبح الآن من شيم معظم شركات المال والتعاملات المالية، وليست المظاهرات في أمريكا ضد أفعال «وول ستريت» والفساد البنكي إلا مجرد بداية.
الذي يهمنا في الموضوع هو أن يحذر المواطن السعودي من مثل هذه الحيل والخدع التي تأتي على مختلف الأشكال والأنواع، ومن مختلف الدول والقارات.
هذه حيلة تكررت كثيرا وراح ضحيتها كثيرون. وهناك حيل ووسائل سرقات أخرى لا بد أن بعض القراء قد واجهوها من قبل، مثل الفوز بجائزة يانصيب كبرى فجأة هكذا دون معرفتك، أو أن أحدهم يطلب منك رقم حسابك البنكي لكي يحول عليه بعض الأموال غير الشرعية وتقاسمها معك مستقبلا، أو إفادتك بفوزك بوسام الشرف لإنجازاتك العظيمة في دولة ما وطلب تحويل مبلغ من المال لإنهاء إجراءات سفرك وتتويجك بذلك الوسام الرفيع، وهكذا في كل يوم تظهر علينا تقليعة جديدة من الاحتيال والخداع. ولا تندهش يا عزيزي القارئ إذا ما وصلتك رسالة بأنك قد اخترت لتصبح زعيما لإحدى الجزر في محيط واق الواق، ومطلوب منك أن تحول مبلغا محددا لكي يتم تجهيز قصرك الزعامي وإعادة كسوة الحرس الخاص بك في جزيرتك.
حلم جميل قد لا يكلفك تحقيقه ــ حتى ولو لبضع ساعات ــ سوى خمسة أو عشرة آلاف دولار، تصبح خلالها زعيما لجزيرة «خيالية».
تعددت الأساليب، والهدف أموالك.
المصدر: صحيفة عكاظ