المآسي وحالات التقصير!!
المآسي وحالات التقصير!!
يوسف الكويليت
هل صار لنا مواعيد متفرقة أو متقاربة مع حوادث الحرائق في المدارس، وحوادث السير لتذهب أرواح عشرات الطالبات نتيجة إهمال إداري لا يعي مسؤولياته الأدبية والعملية؟
فحادثة مدرسة جدة، تضاف إلى سجلات مدارس احترقت، وأحدثت مآسيَ كان من المفترض أن تكون درساً للإصلاح وتفقد هذه المنشآت لإدراك أن قيمة حياة الإنسان فوق اعتبارات المناصب والمنافع الشخصية، والغريب أن الجهات المسؤولة عن السلامة العامة تفتش الورش والعمارات والأسواق، ومدى صلاحيات وسائل أمنها وسلامتها ، وتهمل المدارس والجامعات وملاعب كرة القدم، وكل مراكز التجمعات البشرية، وإلا بماذا نفسر مدرسة يوضع على نوافذها وأسوارها قضبان الحديد، وأدراج محدودة لا تساعد على إجلاء من يتعرضون لمثل هذه الحوادث وتغيب عن فطنة من يهتمون بسلامتنا من دفاع مدني وغيره؟
لم تفصل إلا ساعات بين حادثة مدرسة جدة، حتى تقع كارثة أخرى لطالبات جامعيات قادمات من إحدى قرى حائل، والمأساة أن الطريق الذي تقادم عليه الزمن، ولا يملك مواصفات طريق يحظى بالأمان والسلامة، أن الناقل المتعهد يتحمل المسؤولية الأكبر، والذي غابت عنه رقابة المرور ورقابة الجامعة، وإلا كيف بحافلة ركاب لسبعة أو ثمانية أشخاص تُحمّل بثلاث عشرة فتاة، فالكراسي نزعت وفرشت أرض السيارة بالبُسط والسجاد حتى تحمل هذا العدد، ولذلك ماتت إحدى عشرة فتاة في الحادث، واثنتان ترقدان في غرف الإنعاش بمعنى أن العدد الكامل سيذهب للمقابر، والنهاية بالمسؤولية كلها، الترحّم عليهن وتعويض ذويهن بالرحمة؟!
تكرار هذه المآسي يبعث الحركة في الأجهزة الأمنية والإدارية، ويرسل المندوبين للتحقيقات والتحريات، لكن النهاية دفن الحادثة وتوابعها، ويقيناً أنه لو تكررت حرائق في المدارس الحكومية والأهلية سنرى نفس المآسي، والأمر ينسحب على متعهدي النقل، وأنا هنا لا أضيف شيئاً لمن كتبَ وناقش، لكن العتب الأساسي يلحق بالأجهزة الحكومية التي ظلت تتعامى عن هذه القضايا، ولو أن مسؤولاً فيها تعرضت ابنته أو ابنه لنفس المصير، لربما حرّك السواكن، ووظف كل قدراته من أجل إصدار قرارات إصلاحية تتجاوز كل معطلات الأوامر والقرارات الإدارية..
أذكر وأنا في وزارة المعارف سابقاً، أن حدثت حرائق في المدارس الجاهزة التي أنشئت في الطفرة الأولى، وجاء من يشتكي ويسأل في أي مدرسة يلحقون أبناءهم طالما تلك المدارس تعرضت للتلف، وكان الرد من المسؤول سلبياً، حتى إن وليّ أمر أحد الطلبة صاح بأعلى صوته، أبناء المسؤولين في المدارس الخاصة، وأبناؤنا في المدارس الجاهزة، وهنا تصاعدت الأصوات، وحلّ الأمر بافتراق الطرفين!!
الآن على من تقع المسؤولية، ومن يعلن نفسه، وبشجاعة أن التقصير جاء من إدارته ليحاسب كل متسبب بالإجراءات التي تحفظ لطلبتنا وطالباتنا أرواحهم، وكلّنا على علم أن كلّ الضجيج سيخفت وتُسجل القضايا ضد مجهول!!
المصدر: صحيفة الرياض
يوسف الكويليت
هل صار لنا مواعيد متفرقة أو متقاربة مع حوادث الحرائق في المدارس، وحوادث السير لتذهب أرواح عشرات الطالبات نتيجة إهمال إداري لا يعي مسؤولياته الأدبية والعملية؟
فحادثة مدرسة جدة، تضاف إلى سجلات مدارس احترقت، وأحدثت مآسيَ كان من المفترض أن تكون درساً للإصلاح وتفقد هذه المنشآت لإدراك أن قيمة حياة الإنسان فوق اعتبارات المناصب والمنافع الشخصية، والغريب أن الجهات المسؤولة عن السلامة العامة تفتش الورش والعمارات والأسواق، ومدى صلاحيات وسائل أمنها وسلامتها ، وتهمل المدارس والجامعات وملاعب كرة القدم، وكل مراكز التجمعات البشرية، وإلا بماذا نفسر مدرسة يوضع على نوافذها وأسوارها قضبان الحديد، وأدراج محدودة لا تساعد على إجلاء من يتعرضون لمثل هذه الحوادث وتغيب عن فطنة من يهتمون بسلامتنا من دفاع مدني وغيره؟
لم تفصل إلا ساعات بين حادثة مدرسة جدة، حتى تقع كارثة أخرى لطالبات جامعيات قادمات من إحدى قرى حائل، والمأساة أن الطريق الذي تقادم عليه الزمن، ولا يملك مواصفات طريق يحظى بالأمان والسلامة، أن الناقل المتعهد يتحمل المسؤولية الأكبر، والذي غابت عنه رقابة المرور ورقابة الجامعة، وإلا كيف بحافلة ركاب لسبعة أو ثمانية أشخاص تُحمّل بثلاث عشرة فتاة، فالكراسي نزعت وفرشت أرض السيارة بالبُسط والسجاد حتى تحمل هذا العدد، ولذلك ماتت إحدى عشرة فتاة في الحادث، واثنتان ترقدان في غرف الإنعاش بمعنى أن العدد الكامل سيذهب للمقابر، والنهاية بالمسؤولية كلها، الترحّم عليهن وتعويض ذويهن بالرحمة؟!
تكرار هذه المآسي يبعث الحركة في الأجهزة الأمنية والإدارية، ويرسل المندوبين للتحقيقات والتحريات، لكن النهاية دفن الحادثة وتوابعها، ويقيناً أنه لو تكررت حرائق في المدارس الحكومية والأهلية سنرى نفس المآسي، والأمر ينسحب على متعهدي النقل، وأنا هنا لا أضيف شيئاً لمن كتبَ وناقش، لكن العتب الأساسي يلحق بالأجهزة الحكومية التي ظلت تتعامى عن هذه القضايا، ولو أن مسؤولاً فيها تعرضت ابنته أو ابنه لنفس المصير، لربما حرّك السواكن، ووظف كل قدراته من أجل إصدار قرارات إصلاحية تتجاوز كل معطلات الأوامر والقرارات الإدارية..
أذكر وأنا في وزارة المعارف سابقاً، أن حدثت حرائق في المدارس الجاهزة التي أنشئت في الطفرة الأولى، وجاء من يشتكي ويسأل في أي مدرسة يلحقون أبناءهم طالما تلك المدارس تعرضت للتلف، وكان الرد من المسؤول سلبياً، حتى إن وليّ أمر أحد الطلبة صاح بأعلى صوته، أبناء المسؤولين في المدارس الخاصة، وأبناؤنا في المدارس الجاهزة، وهنا تصاعدت الأصوات، وحلّ الأمر بافتراق الطرفين!!
الآن على من تقع المسؤولية، ومن يعلن نفسه، وبشجاعة أن التقصير جاء من إدارته ليحاسب كل متسبب بالإجراءات التي تحفظ لطلبتنا وطالباتنا أرواحهم، وكلّنا على علم أن كلّ الضجيج سيخفت وتُسجل القضايا ضد مجهول!!
المصدر: صحيفة الرياض