شارع العينية وأهل أول!!
شارع العينية وأهل أول!!
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
لا أكون مبالغا إذا قلت إن شارع العينية في المدينة المنورة هو أول «مول» في المملكة قد بني في العهد العثماني، حيث له بداية (الدرج الذي ينزل على باب السلام) وله نهاية (المناخة) وتصطف على جانبيه عشرات من المحلات والدكاكين بصورة منظمة وفي داخله كل ما يحتاجه الإنسان من أغراض والبائعون فيه هم أهل أول، ومن يشتري هم كذلك أهل أول الذين يتصفون بأنهم أهل الطيبة والرقة والهرج المدبدب الدقة وأنهم فل وكادي وكمل وأهل أدب وزوق وكلماتهم: عشت وبقيت ومجمل.
يختلف الناس في تعاملهم مع الماضي وحبهم لتذكره فمنهم من يتعامل معه بقسوة ولا يرغب على الإطلاق أن يتصفحه لأن أيامه ولياليه كانت مريرة عليه وفئة غالبة كبيرة تعتبره زمنا جميلا ولحظاته عبقا وظلالا يتفيأه لدرجة أنه يحلف ويقول عندما يتذكر أهل أول: ورب البيت وحشتوني من التاجر إلى السقا، لقد عصرت الحياة المادية الناس مع كل التقدم والحضارة يظل أنه على حساب المعاني الروحية والنفسية فالتلاحم والتراحم والتقارب والتحابب و «شيل» الناس لبعضها بالعاطفة والمشاركة الوجدانية وغيرها من معاني الفطرة والإنسانية تغيب هذه الأيام وأن وجدت تكون قليلة ومحدودة ومتصنعة، وأنا مع كل وسائل التقنية وهي نعم كبيرة على الإنسان وليس اليوم من دولة توازي اليابان في حضارتها لكنها صفر في الجوانب الفطرية حيث حولت الإنسان إلى رقم مجرد من الروحانية والعاطفة فهم يلهثون خلف التصنيع والإنسان بين أيديهم يضيع وتزداد نسبة الانتحار يوما بعد يوم وتشير كل الدراسات إلى أن أحد أسباب السعادة والعافية الإنسانية الاستقرار النفسي والجانب الروحي والزاد العاطفي وومض الماضي نستجدي منه المشاعر والقلوب والتعامل والتعاطف وليس الوقوف على الأطلال إلا بقدر ماتستجيش تلك الأطلال القلوب وتذكر بالمحبوب كما قال الشاعر:
وما حب الديار شغلن قلبي
ولكن حب من سكن الديار
المصدر: صحيفة عكاظ
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
لا أكون مبالغا إذا قلت إن شارع العينية في المدينة المنورة هو أول «مول» في المملكة قد بني في العهد العثماني، حيث له بداية (الدرج الذي ينزل على باب السلام) وله نهاية (المناخة) وتصطف على جانبيه عشرات من المحلات والدكاكين بصورة منظمة وفي داخله كل ما يحتاجه الإنسان من أغراض والبائعون فيه هم أهل أول، ومن يشتري هم كذلك أهل أول الذين يتصفون بأنهم أهل الطيبة والرقة والهرج المدبدب الدقة وأنهم فل وكادي وكمل وأهل أدب وزوق وكلماتهم: عشت وبقيت ومجمل.
يختلف الناس في تعاملهم مع الماضي وحبهم لتذكره فمنهم من يتعامل معه بقسوة ولا يرغب على الإطلاق أن يتصفحه لأن أيامه ولياليه كانت مريرة عليه وفئة غالبة كبيرة تعتبره زمنا جميلا ولحظاته عبقا وظلالا يتفيأه لدرجة أنه يحلف ويقول عندما يتذكر أهل أول: ورب البيت وحشتوني من التاجر إلى السقا، لقد عصرت الحياة المادية الناس مع كل التقدم والحضارة يظل أنه على حساب المعاني الروحية والنفسية فالتلاحم والتراحم والتقارب والتحابب و «شيل» الناس لبعضها بالعاطفة والمشاركة الوجدانية وغيرها من معاني الفطرة والإنسانية تغيب هذه الأيام وأن وجدت تكون قليلة ومحدودة ومتصنعة، وأنا مع كل وسائل التقنية وهي نعم كبيرة على الإنسان وليس اليوم من دولة توازي اليابان في حضارتها لكنها صفر في الجوانب الفطرية حيث حولت الإنسان إلى رقم مجرد من الروحانية والعاطفة فهم يلهثون خلف التصنيع والإنسان بين أيديهم يضيع وتزداد نسبة الانتحار يوما بعد يوم وتشير كل الدراسات إلى أن أحد أسباب السعادة والعافية الإنسانية الاستقرار النفسي والجانب الروحي والزاد العاطفي وومض الماضي نستجدي منه المشاعر والقلوب والتعامل والتعاطف وليس الوقوف على الأطلال إلا بقدر ماتستجيش تلك الأطلال القلوب وتذكر بالمحبوب كما قال الشاعر:
وما حب الديار شغلن قلبي
ولكن حب من سكن الديار
المصدر: صحيفة عكاظ