• ×
admin

إضاءات على الغدة الكظرية في جسم الإنسان

إضاءات على الغدة الكظرية في جسم الإنسان

د. بسام صالح بن عباس

يعتبر نقص إفراز الغدة الكظرية من الحالات الاسعافية التي يجب الكشف المبكر عنها وكذلك العلاج المبكر لها. والهرمون الأهم الذي يفرز من الغدة الكظرية هو هرمون الكورتيزون ويسمى تجاوزا هرمون النشاط حيث يلعب دورا هاما في نشاط جسم الإنسان وكذلك في الكثير من التفاعلات الكيميائية المختلفة، وسنتطرق هنا إلى أسباب نقص هرمون الغدة الكظرية الكورتيزون وكذلك أعراض ذلك النقص وطرق تشخيصه وكيفية علاجه.

"أسباب نقص إفراز الغدة الكظرية"

بالرغم من أن هرمون الغدة الكظرية الكورتيزون يفرز من الغدة نفسها إلى أن الهرمون المتحكم بالغدة الكظرية وبإفرازها هو هرمون الغدة النخامية المسمى بالهرمون المتحكم بالغدة الكظرية، فمثلا لو كان إفراز الغدة الكظرية مرتفعا انخفض إفراز الهرمون المتحكم بالغدة الكظرية والعكس صحيح أي أنه لو كان إفراز الغدة الكضرية منخفضا زاد نشاط الغدة النخامية وزاد إفراز الهرمون المتحكم بالغدة الكظرية، فهناك توازن منتظم بين إفراز معظم الهرمونات من الغدد المختلفة وبين إفراز هرمونات الغدة النخامية التي تعتبر قائدة لهذه الغدد، ويمكننا تقسيم مسببات نقص هرمون الكورتيزون إلى أسباب مختلفة متوافقة مع مكان الخلل.

فمثلا نقص إفراز الكورتيزون قد يكون بسبب خلل في منطقة في المخ متحكمة هي الأخرى بالهرمونات تعرف بمنطقة تحت المهاد، فإذا كان هناك خلل وراثي أو خلل خارجي كالتهاب أو ورم ونحوه فقد يؤثر ذلك على إفراز هرمون الكورتيزون من الغدة الكظرية، وقد يكون الخلل في الغدة النخامية نفسها بسبب ورم أو ضمور ونحوه فيؤثر كذلك على إفراز الكورتيزون من الغدة الكظرية، ويمكن أن يكون الخلل في الغدة الكظرية نفسها والتي قد تتأثر فعل التهاب أو تكلس أو نزيف أو مسألة وراثية أو ضعف إنزيمي ونحوه، وقد لا يكون الخلل أو العطب في الغدد نفسها وإنما في المستقبلات المسؤولة عن استقبال هذه الهرمونات وتنشيط عملها. يمكن أن يكون السبب ضمورا أو خللا في تكون هذه الغدد المذكورة سابقا وهي الغدة النخامية أو الغدة الكظرية أو عطبا في نشأتها الأولى أثناء الحمل وتكون الجنين.

"أعراض انخفاض هرمون الغدة الكظرية الكورتيزون:"

قد نستطيع القول بأن أعراض انخفاض إفراز الغدة الكظرية الكورتيزون لا تظهر بصورة واضحة في بداية الأمر، وقد تكون هذه الأعراض عامة وغير واضحة ومثال ذلك الاحساس بالإعياء والتعب والكسل والخمول وقلة النشاط وكثرة النوم والرغبة في الاستلقاء، وكل هذه الأعراض كما هو واضح أعراض غير محددة ولا تصف مرضا معينا ولكنها أعراض مشتركة مع الكثير من الأمراض، ومع اهمال هذه الأعراض وعند استمرار المرض وعدم البدء بالعلاج قد تزداد هذه الأعراض في حدتها ويصاب عندها المريض بالغثيان والاستفراغ وألم البطن وقد يتطور الأمر الى انخفاض ضغط الدم والاغماء، وقد يلحظ المريض أو الطبيب حدوث اسمرار في لون الجسد وقد يكون ذلك في حالة كون الخلل في الغدة الكظرية نتيجة زيادة إفراز هرمون الغدة النخامية الملون للجسم، وقد يصاحب نقص إفراز الغدة الكظرية الكورتيزون نقص في هرمون أخر وهو نقص هرمون الألدوستيرون وهو هرمون يفرز أيضا من الغدة الكظرية ويؤثر بذلك على مستوى الأملاح في الدم مما يؤدي إلى أعراض أخرى نتيجة هذا النقص في الأملاح أو الخلل في مستواها ومن هذه الأملاح ملح الصوديوم وملح البوتاسيوم، ومن المعروف أن زيادة مستوى ملح البوتاسيوم قد يؤثر على نبضات القلب مما قد يؤثر على ضخه وبالتالي قد يؤدي إلى الوفاة لا سمح الله.

"تشخيص نقص إفراز الغدة الكظرية"

إن تشخيص نقص إفراز الغدة الكظرية قد يكون بالأمر السهل إذا توقع الطبيب المعالج حدوث هذا الأمر وإصابة المريض بهذا المرض. فهنا يقوم الطبيب بقياس مستوى هرمون الغدة الكظرية الكورتيزون والهرمون المتحكم بالغدة الكظرية والذي يفرز من الغدة النخامية. ويكون عادة مستوى هرمون الكورتيزون منخفضا ومستوى الهرمون المتحكم بالغدة الكظرية والذي يفرز من الغدة النخامية مرتفعا وذلك إذا كان الخلل في الغدة الكظرية، ولكن لوكان الخلل في الغدة النخامية فيكون بذلك كلا الهرمونين منخفض. وعادة ما يلجأ الطبيب إلى عمل تحليل شامل يضم أملاح الدم وهرمون الألدوستيرون، ويتطلب الأمر عمل تحليل تحفيزي للغدة الكظرية لمعرفة قدرتها على إفراز هرموناتها. فإذا كان سبب نقص هرمون الكورتيزون من الغدة الكظرية خلل مناعي سببه أجسام مضادة للغدة الكظرية فهنالك يقوم الطبيب المعالج بقياس مستوى هذه الأجسام المضادة لتشخيص المرض، ويعرف هذا المرض والذي يكون بسبب خلل مناعي بمرض أديسون وهو من أكثر الأسباب شيوعا لنقص إفراز الغدة الكظرية وخاصة في البالغين مقارنة بالأمراض الوراثية والتي تسبب نفس المرض وهو نقص إفراز الغدة الكظرية والذي يصيب عادة الأطفال، ومن الإجراءات التشخيصية الأخرى هو عمل أشعة سواء صوتية أو مغناطيسية أو مقطعية للغدة الكظرية مما قد يتيح للطبيب معرفة بعض العوامل المسببة أخرى كالتكلس والنزيف في الغدة الكظرية.

"علاج نقص إفراز الغدة الكظرية"

إن علاج نقص إفراز الغدة الكظرية هو علاج اسعافي، ويعني ذلك وجوب الاسراع في تعويض المصاب بهذا المرض بهرمون الغدة الكظرية الكورتيزون والذي يقوم بدوره في ضبط الخلل في مستوى الأملاح. ويعطى الهرمون عادة وبداية عبر الوريد أو في العضل بغية الاسراع في وصول هذا العلاج الى جسم المريض، ومن ثم يمكن إعطاء العلاج عن طريق الفم وعادة ما يحتاج المريض الى جرعات مضاعفة لتعويض النقص ومن ثم يمكن خفض الجرعات تدريجيا حسب احتياج المريض ولا يسمح للمريض البتة القطع المباشر للعلاج مما قد يؤدي الى عواقب وخيمة مثل انخفاض ضغط الدم والغيبوبة نتيجة خلل مستوى الأملاح في الدم وكذلك مستوى السوائل في الجسم، وقد يحتاج المريض الى ما يعرف بالمغذي وهو السائل الذي يحوي أملاحا تعطى عبر الوريد.

وينصح المريض المصاب بنقص إفراز الغدة الكظرية الكورتيزون زيادة الجرعة عند الحاجة، ومن الأمثلة الهامة التي يجب أن يزاد في جرعة الكورتيزون عندها ارتفاع درجة حرارة الجسم بسبب التهاب ونحوه ويفضل الاستمرار على الجرعة الزائدة أو المضاعفة حتى انتهاء فترة إصابة المريض بالحرارة، وأيضا عند احتياج المريض الى عملية جراحية معينة فهنا يجب زيادة جرعة الكورتيزون وكذلك ينصح بإعطاء المريض جرعة كبيرة من الكورتيزون عند البدء بالعملية الجراحية وبعيد العملية الجراحية والتي قد تستمر الى عدة أيام ومن ثم ينصح بخفض الجرعة تدريجياً الى أن تصل الى الجرعة الطبيعية المنصوح بها، ويجب هنا التأكيد على أهمية حصول المريض على تقرير طبي مفصل من الطبيب المعالج يوضح إصابته بنقص إفراز الغدة الكظرية والذي قد يحتاج إليه المريض أثناء تنقله من مستشفى إلى آخر أو حتى عند سفره مثلا، ومن الملاحظ أن بعض المستشفيات الصغيرة أو المراكز الطبية المصغرة تفتقد إلى علاج هرمون الكورتيزون الوريدي أو العضلي وبالتالي قد يؤخر علاج المريض إلى عدة ساعات في غرفة الاسعاف حتى الحصول على علاج الكورتيزون. لذا ينصح أيضا بأن يوصف للمريض حقنة الكورتيزون العضلية بحيث تبقى معه عند تنقله أو ترحاله وبالتالي يمكن إعطاء المريض هذه الجرعة متى إحتاج إليها.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1323