• ×
admin

أهمية الدعم النفسي لمريض السرطان

أهمية الدعم النفسي لمريض السرطان

حنان عبدالله اليافاوي

إن مريض السرطان كغيره من المرضى المصابين بالأمراض المستعصية يمر بمجموعة من المراحل وأصعبها مرحلة عدم التصديق، والقلق والتوتر ومرحلة تقبل المرض والتعايش معه سواء كان تعايشا إيجابيا أو سلبيا. فرد الفعل الأولى للسرطان هو الموت. وتتدرج الأسئلة " هل سأموت؟

هل هناك علاج؟ ماذا أفعل لأتغلب على المرض؟".

لقد وجدت التساؤلات كثيرة وبحثت عن الاجابات فوجدت أن أفضل السبل هي مشاركتكم وعرض أهم المقالات التي وجدتها في هذا الجانب؛ ففي مقالة للدكتور عبدالهادي مصباح نشرت في جريدة الشرق الأوسط العدد 11156 (أصبح من المؤكد والثابت علمياً أن الحالة النفسية لمريض السرطان من أهم مقومات شفائه ونجاح علاجه، وأن إرادة الشفاء بداخله هي العامل الأساسي الذي يحفز الجهاز المناعي بداخله لكي يتصدى ويقضي على هذا المرض، فإحساس مريض السرطان بالهزيمة، واليأس من شفائه يؤثر بالسلب على الجهاز العصبي وخاصة منطقة ما تحت المهاد، التي ترسل وتستقبل إشارات دائمة إلى الجهاز المناعي عن طريق أسطول من الهرمونات التي تسمى بهرمونات الانفعال والتوتر، فتؤثر سلبيا على أسلحة المناعة الأساسية التي تقاوم السرطان من مجموعة السيتوكاينز، وإنترليوكين 2، وانترفيون، وعامل تليف الأورام TNF

وقد اهتمت المجتمعات الغربية بدراسة أمراض الأورام السرطانية باعتبارها أهم الأمراض المهددة للحياة، وما يصاحبها من تأثيرات نفسية قد تصل إلى درجة الألم النفسي الشديد، وما يوازي درجة الألم العضوي الأمر الذي دفع إلى إحداث نقلة نوعية في التعامل مع هذه الأمراض العضوية السرطانية وخصوصا من الناحية النفسية، ولقد كانت محصلتها قيام ذلك الفرع من علم الأورام السرطانية والذي أطلق عليه (علم نفس الأورام Psycho-oncology) وهناك الآن بالفعل فرع علمي آخر أعتقد أنه سوف يكون من أهم تخصصات الطب يسمى Psychoneuroimmunology، يشمل تأثير كل من الحالة النفسية والعصبية للمريض وعلاقتها بكل من جهازي المناعة والغدد الصماء في الجسم البشري.

ولعل من أهم الأبحاث الحديثة التي أجريت في هذا المجال، هو ذلك البحث الذي أجرته د. باربرا أندرسون أستاذة علم النفس بجامعة ولاية أوهايو الأميركية على 115 من السيدات المصابات بسرطان الثدي في المرحلتين الثانية والثالثة، حيث تعاملت مع نصف هذه المجموعة من خلال العلاج النفسي Psychotherapy الذي يساعد المريض على الاسترخاء والإقلال من التوتر، والتكيف مع الانفعال، بينما تركت النصف الآخر ليتلقى علاجه بالأسلوب العادي دون تدخل لتحسين حالته النفسية.

ولقد أثبتت نتائج هذا البحث أن المجموعة التي كانت حالتها النفيسة أفضل من خلال العلاج النفسي، كانت نسبة هرمونات الانفعال عندها - وخاصة الكورتيزول - أقل بمقدار 25% عن التي لم يتم التدخل لدعمها نفسيا، وذلك بعد 4 - 8 شهور من إجراء الجراحة).

وفي مقالة للدكتور ناصر الحجيلان نشرت في جريدة الرياض العدد 15177 (تشير الدراسات الطبية الحديثة انتشار مرض السرطان أصبح ملحوظًا في منطقة الشرق الأوسط في السنوات القليلة الماضية، والواقع أن السعودية مازالت في مرحلة جمع المعلومات والإحصاءات عن أنواع المصابين وأعدادهم ولا توجد إحصائيات رسمية منشورة حديثة يمكن الاعتماد عليها، فكل مركز أبحاث وكل باحث يقوم ببحثه الخاص).

ونجد أن الدراسات التي بحثت في هذا الموضوع شحيحة نوعا ما، فهناك دراسة أجراها د. عبد الله حسن الفقيه، وهي دراسة تناولت موضوع الأعراض النفسية المصاحبة للأمراض المهددة للحياة (السرطان كمثال). وكان الهدف من الدراسة معرفة الفروق بين مرضى السرطان وبين الأسوياء في حدة الأعراض النفسية.

أوصت الدراسة بضرورة جعل الرعاية النفسية لمرضى الأورام جزءًا من بروتوكولات العلاج، جنبًا إلى جنب مع الرعاية الطبية للتخفيف من حدة الأعراض النفسية التي يعاني منها هؤلاء المرضى نتيجة إصابتهم بمرض السرطان، مع ضرورة نشر الوعي الصحي بهذه الأمراض والمصاحبات النفسية لها.

فما هي أهمية الدعم النفسي للأمراض الخطيرة؟

وحسب موقع برنامج حياة للدعم النفسي لمرضى السرطان فإن اكتشاف الإصابة بالسرطان لا يمثل فقط للكثير من الناس مواجهة مرض يهدد حياتهم، بل ما يشعر به المريض من الحزن والخوف وهو شعور طبيعي تماما. في هذه اللحظات العصيبة من حياتهم. فيحتاج المرضى لمساعدة اخصائيين نفسيين يعبرون بهم هذه المرحلة الحرجة ويهيئونهم للعودة لحياتهم الطبيعية بعد انتهاء فترة العلاج.

فالمريض يناضل من أجل الشفاء، ويحتاج إلى من يدفعه ويشجعه، ويستمع إليه وكثير من المرضى يشعرون بعدم الراحة من كثرة الأسئلة الموجهة لهم وهنا يكون دور الأخصائي النفسي في إعطائه إجابات مختصرة وشافية، وتعويده على المرور بخبرة الأسئلة ومهارة الرد عليها دون الشعور بالألم، والمشاعر السلبية المختلفة.

أيضاً بعض المرضى لا يستطيع أخذ قرار بالعلاج الكيميائي إلا بعد مشورة نفسية متخصصة ودعم مستمر وذلك لمواجهة الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي. فالدعم النفسي يوازن بين الاحتياجات النفسية والطبية للمريض.

وحسب موقع المستشار الالكتروني فالسرطان يؤثر في كل أفراد الأسرة وليس فقط فى المريض. والدعم النفسي يتعامل ليس فقط مع المريض وإنما يتعامل أيضا مع المحيطين به، أبويه، وأطفاله، وزوجته، أو أصدقائه الذين لهم علاقة بعلاج المريض.

ان الدعم النفسي يقوم بتقديم اساليب العون والعلاج النفسي لاقرباء المريض لاسيما افراد اسرته الذين يعانون مع مسيرة المرض معاناة شديدة، ذلك ان تحسين الجو العائلي يخدم الجميع وبالدرجة الاولى المريض وعملية علاجه.

وعودة إلى الحديث عن مرض السرطان في السعودية، فإنه على الرغم من توفّر العلاج ولله الحمد في مستشفياتنا، إلاّ أنه لا توجد جهة تدعم مرضى السرطان وعوائلهم وتهتم باحتياجاتهم النفسية.

ولكن الأمر لدينا في هذا الجانب غامض، فليس ثمة دعم ولا مشاركة، يأتي المريض إلى المستشفى، فيلتقي بالممرض ويأخذ العلاج الكيماوي ثم يذهب حتى دون أن يرى الطبيب. وإن التقى بالطبيب فيكتفي بالكلام عن المرض وطرق العلاج.

لا نستطيع أن نقول إن الأمر لا يعنينا لأن أحدًا مما نعرف لم يصب بهذا المرض، ولكن هذه مشكلة ضمير إنساني لأن مرضى السرطان في السعودية يعيشون في صمت رهيب، يبحثون عن الدعم والعناية النفسية، ويعيشون اضطرابًا بين ما يجب أن يقوموا به في حياتهم العامة، وبين ما يعانون منه شخصيًا، ولا يفهمون نظرة الناس لهم.

وحسب الكاتبة أماني الشوبكي ونقلاً عن مدونتها فالصحة النفسية بشكل عام تحتاج إلى مزيد من البرامج والتوعية، لما لها من أهمية وأثر إيجابي في جميع المجالات، لذا من المهم التركيز على هذا الجانب في كل المستويات، فمثلا من الممكن إنشاء فرق دعم نفسي داخل المستشفيات للتعامل مع الحالات المرضية الصعبة، والتي قد تطول مدة علاجها، كما يمكن التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة بعمل برامج تلفزيونية وإعلامية تركز على التوعية النفسية، بالإضافة إلى الكثير من الوسائل التي تساعد في تنمية هذا الجانب وتشجيع الاطباء المشاركين على تطوير خطط للمساعدة النفسية لكافة المصابين بالامراض العضال الاخرى غير السرطان. وهذا ما يوجب القيام بحملة توعية صحية للمرضى والاطباء على حد سواء لتوضيح اهمية العلاج النفسي والدعم الروحي في مواجهة الامراض. كما أن الجانب النفسي للمريض له دور مهم ليس فقط في العلاج بل أيضا في المساعدة على الوقاية في الكثير من الحالات المرضية، وهو مكون أساسي في كيان الإنسان، ولا يمكن تجاهل تأثير الضغوطات النفسية المتكررة على الصحة بشكل عام وعلى الحالة المرضية وتطورها بشكل خاص. فالصحة هي، ليست فقط الخلو من المرض، ولكن الصحة تكمن في السلامة النفسية والعقلية والاجتماعية، وتزويد المريض بالدواء ليس كافياً ما لم يكن متوجاً بالعلاج النفسي.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  2231