أسهل لغة في العالم
أسهل لغة في العالم
فهد عامر الأحمدي
سألني أحد الأصدقاء مؤخرا: ما هي أسهل لغة يمكن تعلمها؟
ابتسمت وقلت: سؤال غير وجيه على الإطلاق.. قال مستغربا: ولماذا؟
قلت: لأن تعلم أي لغة لا يجب أن يتعلق بالأبسط والأصعب، ولا حتى بالأكبر والأصغر، بل بالأكثر انتشارا وتداولا بين شعوب العالم المختلفة.. فلو سألتني مثلا عن أكثر اللغات أهمية في التواصل هذه الأيام لأجبتك بلا تردد "الانجليزية".. فرغم أنها ليست اللغة الأكبر في العالم حيث تتفوق عليها المندرين الصينية والأسبانية اللاتينية - ورغم أنها ليست اللغة الأكثر سهولة - حيث تجاوزت مفرداتها المليون - إلا أنها الأكثر انتشارا وتداولا بين شعوب العالم المختلفة.. فهي لم تعد فقط لغة العلوم والتجارة والعلاقات الدولية، بل تحولت الى (لغة أفراد) يلجأ إليها عامة الناس وملايين المواطنين حول العالم، بحيث يمكنك في كوريا مصادفة رجل من المكسيك فتتحدثان باللغة الانجليزية مع سائح فنلندي!!
أما بخصوص "أبسط لغة في العالم" فأعتقد أن الأمور تصبح نسبية وتعتمد أولا على هوية لغتك الأم.
فأبسط لغة في نظري هي التي تربطها علاقة تاريخية بلغتك الأم وتملك معها جذورا ومفردات مشتركة.
وبما أنك الآن تقرأ هذا المقال ب"اللغة العربية" سيسهل عليك تعلم اللغة الفارسية والعبرية والتركية والأردية والمالاوية والأمهرية - بل وحتى الآرامية والكنعانية القديمة ان أردت.
فاللغات الفارسية والتركية والكردية والأردية والمالاوية (في اندونيسيا وماليزيا) أخذت كثيرا من مفرداتها ومصطلحاتها من اللغة العربية.. كما أنها تكتب مثلنا من اليمين لليسار وتستعمل الحروف العربية - رغم أن المالاوية والتركية استبدلتا الأبجدية العربية بالأبجدية اللاتينية في النصف الأول من القرن العشرين.
أما اللغة العبرية (في اسرائيل) والأمهرية (في الصومال) والآرامية (التي كان يتحدث بها السيد المسيح وشارفت الآن على الانقراض) فتعد سهلة بالنسبة لنا كونها تملك جذورا تاريخية مشتركة مع اللغة العربية؛ التي تفرعت معها من اللغة السامية الكبرى!!
وتفرع اللغات الكبرى ظاهرة تاريخية تتيح لمن ينحدر من أي عائلة لغوية كبرى تعلم شقيقاتها بسهولة (ومثال ذلك العائلة اللاتينية والجرمانية والسلافية والأفريقية الوسطى والهندوربية الأكثر قدما).
فكما تفرعت اللغة السامية القديمة الى العربية والعبرية والقبطية والأمهرية والآرامية؛ تفرعت اللغة اللاتينية القديمة (التي كانت حتى فترة قريبة لغة العلم والأدب في أوروبا) الى اللغات الفرنسية، والإيطالية، والأسبانية، والبرتغالية.. في حين تفرعت الجرمانية القديمة إلى الألمانية والانجليزية والنرويجية والسويدية الحديثة.
وهذا يعني أن المواطن النرويجي يمكنه تعلم اللغة الانجليزية بسهولة، والمواطن الايطالي اللغة الأسبانية والفرنسية البرتغالية بسهولة أكبر، بل اكتشفت أن مواطني هذه الدول يمكنهم التفاهم بشكل أفضل مما نفعل نحن مع بعض اللهجات العربية (وأبحث في الانترنت عن مقال سابق بعنوان: اللهجة المغربية هل تحولت للغة مستقلة!؟).
وقبل نهاية المقال دعونا نلخص بسرعة إجابتنا على أول سؤال:
أبسط لغة في العالم هي اللغة الأقرب للغتك العربية من حيث الجذور التاريخية (كاللغة العبرية) أو المفردات المشتركة (كاللغة الفارسية).
أما أهم لغة فهي الانجليزية عطفا على استخدامها كلغة تفاهم بين شعوب العالم وامتلاكها النسبة الأكبر من الإرشيف العلمي والمحتوى الإلكتروني في فضاء الانترنت!!
ولك أن تنسى كل هذا وتتذكر أن "الابتسامة" هي اللغة التي يفهمها الجميع.
المصدر: صحيفة الرياض
فهد عامر الأحمدي
سألني أحد الأصدقاء مؤخرا: ما هي أسهل لغة يمكن تعلمها؟
ابتسمت وقلت: سؤال غير وجيه على الإطلاق.. قال مستغربا: ولماذا؟
قلت: لأن تعلم أي لغة لا يجب أن يتعلق بالأبسط والأصعب، ولا حتى بالأكبر والأصغر، بل بالأكثر انتشارا وتداولا بين شعوب العالم المختلفة.. فلو سألتني مثلا عن أكثر اللغات أهمية في التواصل هذه الأيام لأجبتك بلا تردد "الانجليزية".. فرغم أنها ليست اللغة الأكبر في العالم حيث تتفوق عليها المندرين الصينية والأسبانية اللاتينية - ورغم أنها ليست اللغة الأكثر سهولة - حيث تجاوزت مفرداتها المليون - إلا أنها الأكثر انتشارا وتداولا بين شعوب العالم المختلفة.. فهي لم تعد فقط لغة العلوم والتجارة والعلاقات الدولية، بل تحولت الى (لغة أفراد) يلجأ إليها عامة الناس وملايين المواطنين حول العالم، بحيث يمكنك في كوريا مصادفة رجل من المكسيك فتتحدثان باللغة الانجليزية مع سائح فنلندي!!
أما بخصوص "أبسط لغة في العالم" فأعتقد أن الأمور تصبح نسبية وتعتمد أولا على هوية لغتك الأم.
فأبسط لغة في نظري هي التي تربطها علاقة تاريخية بلغتك الأم وتملك معها جذورا ومفردات مشتركة.
وبما أنك الآن تقرأ هذا المقال ب"اللغة العربية" سيسهل عليك تعلم اللغة الفارسية والعبرية والتركية والأردية والمالاوية والأمهرية - بل وحتى الآرامية والكنعانية القديمة ان أردت.
فاللغات الفارسية والتركية والكردية والأردية والمالاوية (في اندونيسيا وماليزيا) أخذت كثيرا من مفرداتها ومصطلحاتها من اللغة العربية.. كما أنها تكتب مثلنا من اليمين لليسار وتستعمل الحروف العربية - رغم أن المالاوية والتركية استبدلتا الأبجدية العربية بالأبجدية اللاتينية في النصف الأول من القرن العشرين.
أما اللغة العبرية (في اسرائيل) والأمهرية (في الصومال) والآرامية (التي كان يتحدث بها السيد المسيح وشارفت الآن على الانقراض) فتعد سهلة بالنسبة لنا كونها تملك جذورا تاريخية مشتركة مع اللغة العربية؛ التي تفرعت معها من اللغة السامية الكبرى!!
وتفرع اللغات الكبرى ظاهرة تاريخية تتيح لمن ينحدر من أي عائلة لغوية كبرى تعلم شقيقاتها بسهولة (ومثال ذلك العائلة اللاتينية والجرمانية والسلافية والأفريقية الوسطى والهندوربية الأكثر قدما).
فكما تفرعت اللغة السامية القديمة الى العربية والعبرية والقبطية والأمهرية والآرامية؛ تفرعت اللغة اللاتينية القديمة (التي كانت حتى فترة قريبة لغة العلم والأدب في أوروبا) الى اللغات الفرنسية، والإيطالية، والأسبانية، والبرتغالية.. في حين تفرعت الجرمانية القديمة إلى الألمانية والانجليزية والنرويجية والسويدية الحديثة.
وهذا يعني أن المواطن النرويجي يمكنه تعلم اللغة الانجليزية بسهولة، والمواطن الايطالي اللغة الأسبانية والفرنسية البرتغالية بسهولة أكبر، بل اكتشفت أن مواطني هذه الدول يمكنهم التفاهم بشكل أفضل مما نفعل نحن مع بعض اللهجات العربية (وأبحث في الانترنت عن مقال سابق بعنوان: اللهجة المغربية هل تحولت للغة مستقلة!؟).
وقبل نهاية المقال دعونا نلخص بسرعة إجابتنا على أول سؤال:
أبسط لغة في العالم هي اللغة الأقرب للغتك العربية من حيث الجذور التاريخية (كاللغة العبرية) أو المفردات المشتركة (كاللغة الفارسية).
أما أهم لغة فهي الانجليزية عطفا على استخدامها كلغة تفاهم بين شعوب العالم وامتلاكها النسبة الأكبر من الإرشيف العلمي والمحتوى الإلكتروني في فضاء الانترنت!!
ولك أن تنسى كل هذا وتتذكر أن "الابتسامة" هي اللغة التي يفهمها الجميع.
المصدر: صحيفة الرياض