المن.. غذاء ودواء
المن.. غذاء ودواء
عصارة سكرية متجمدة ذات طبيعة خاصة تسيل من شجر لسان العصفور أو الدردار
أ.د. جابر بن سالم القحطاني
المن طعام وشراب ليس للإنسان فيه عمل أو كد قال تعالي " وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ". إن المن في الإسلام يشمل أطعمة أخرى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ". فالمن إن أكل لوحده كان طعاماً وحلاوة ، وإن مزج صار نوعاً آخر . والمن طعام أنزله الله على قوم موسى عليه السلام آمراً إياهم بالأكل منه ( كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " . فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم .
أما المن عند أهل الكتاب فهو الغذاء الذي منحه الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل عندما تاهوا في القفار أربعين عاماً . وتتكون من رقائق صغيرة بيضاء ذات طعم يشبه طعم الخبز غير المخمر والمخلوط بالعسل . والمن مادة سكرية تفرزها بعض النباتات كالندى المنعقد ، إما طبيعياً ، وإما بتأثير قملة المن واسمه بالعربية " المن " وبالفارسية الشيرخشك ومعناه الحلاوة اليابسة وكذلك الترنجبين من الفارسية أيضاً ومعناه " عسل الندى " ويسمى " الحاج " وندى السماء ، والعسل السماوي ، وعسل الهواء ، وقيل إن لفظة " المن " عبرانية معناها " المغذي الإلهي " .
يطلق على كل طل ينزل من السماء على شجر أو حجر ، ويحلو وينعقد عسلاً ، ويجف جفاف الصمغ.
والمعروف بالمن أنه ما وقع على شجر البلوط وشجر الطرفاء والشيح والعاقول ونباتي الخطمي والدفله. يجمع المن من الأشجار المذكورة في الصباح الباكر حيث انه يذوب عند تعرضه لضوء الشمس .
المن في الطب القديم :
استعمل ديسقوريدس المن الذي يسميه " البوميلي " كمادة مسهلة ولإخراج الصفراء واستعمله الإيطاليون كغذاء .
أما " ابن سينا " فقال أجود المن الطري الأبيض ، وهو ملين ، وينفع من السعال ، ويلين الصدر ، ويسكن العطش ، ويسهل الصفراء .
وقال ابن البيطار في مفرداته " المن حار جلاء غسال إلا أن قوته تزيد وتنقص حسب الشجر الذي يقع عليه وهو جيد للصدر والرئة ، والواقع على شجر الطرفاء جيد للسعال والخشونة التي في الصدر .
وقال الطبيب " ابن جزلة " المن طل يقع على شجر أو حجر فيحلو وينعقد عسلاً ويجف جفاف الصموغ كالعسل المجلوب من بلاد قصران بالري ، وقوته مركبة من قوة حلاوته وقوة ما يسقط عليه . وأما المن الذي غلب عليه اسم المن أكثر من غيره فهو الذي يقع على شجر البلوط والدفلي . والذي يقع على شجر البلوط ينفع السعال نفعاً عظيماً وهو جيد للصدر والرئة حيث يجلو رطوبتها ويلين خشونتها والذي يقع على نبات الدفلة فهو رديء وينبغي تجنبه .
وقال التفليسي : المن هو طل يقع على حجر أو شجر وأجوده الأبيض النقي الحجري ، ينفع من السعال ويخرج البلغم ويلين الصدر .
ماذا قالت الأبحاث عن المن ؟
تقول الأبحاث الحديثة إن المن هو عصارة سكرية متجمدة ذات طبيعة خاصة تسيل من شجر لسان العصفور أو الدردار . ولأنه يشاهد على هيئة نقط على أوراق بعض الأشجار كان يظن أنه ناتج من الندى ، كما كان يظن أنه مادة حيوانية تصدر من حشرات تقف على ورق النبات ، ولكن البحث العلمي أظهر أن " المن " يخرج بشقوق تعمل في قشورها ، أو بفوهات تحدث بفعل بعض الحشرات . وقد أثبتت التجارب أن الإفراز من الشجر يتواصل رغم تغطيتها ، وعرف أن الإفراز من الشجر يتواصل رغم تغطيتها ، وعرف أن الإفراز لا يكون إلا في سن معينة لكل نوع من الشجر ، ويبدأ في التكوين عندما تبلغ الشجرة عشر سنوات من عمرها ، وللمن ثلاثة أنواع : منّ ربيعي ومنّ عام ومنّ دسم ولكل نوع شكل خاص ولون خاص وطعم يختلف عن غيره وإن كانت تشترك كلها في المادة السكرية الموجودة في الأنواع الثلاثة بنسب متفاوتة .
يجنى المن مرة في كل يومين ويسيل من الشجرة من وسط النهار إلى المساء وهو سائل صاف ، لم يتجمد لا يجمع إلا في الصباح ليرطب ليلاً ، وفي أوقات المطر والضباب لا يسيل المن ، وللحصول على المن النقي توضع أنابيب من سوق القمح في الشقوق فيسيل من جوفها صافياً نقياً ، ومن هذا تصنع الأقراص والمربيات واللعوقات والعجينيات وهو أقل اسهالاً من غيره ويفيد كثيراً في أمراض الصدر .
ماذا يقول الطب الحديث عن المن ؟
لقد وجد أن المن يتركب من السكر والماء والمانيت وراتنج ومواد لعابية وحموض ومواد أزوتية . يذوب المن في الألكحول الحار ويرسب بالتبريد ويصبح كتلة متبلورة شديدة البياض ، اسفنجية القوام يفيد المن في الحميات ولإدرار البول والالتهابات البطنية والمعوية والنزلات والآلام العصبية والسعال التشنجي والزحار .
كيف يستعمل المن ؟
يؤخذ المن بعد إذابته في الماء البارد أو الحليب أو مصل الحليب حيث يؤخذ ما بين 48-64 جراما ويذوب في 125 ملليلترا من الماء أو الحليب ويستعمل مع شراب زهر البرتقال أو زهر الخوخ وعرق السوس . كما يصنع معجون من 16 جراما من المن ومثلها من السكر ، 8 جرامات من دهن اللوز الحلو .
كما يصنع شراب من 48 جراما من المن وجزء من كل من السنوت والزنجبيل و 176 جراما من السكر و 192 ملليلترا من الماء . كما تصنع أقراص من 20 جراما من المن و 40 جراما من السكر وتعجن بصمغ الكثيراء بماء زهر البرتقال .
هل شيد المن صناعياً ؟
نعم تمكن الإيطاليون من تشييد المن كيميائياً وعادة ما يستخدم الصيادلة هذا النوع في إضافته إلى المساحيق المسهلة ليزيدوا من خواصه .
المصدر: صحيفة الرياض
عصارة سكرية متجمدة ذات طبيعة خاصة تسيل من شجر لسان العصفور أو الدردار
أ.د. جابر بن سالم القحطاني
المن طعام وشراب ليس للإنسان فيه عمل أو كد قال تعالي " وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ". إن المن في الإسلام يشمل أطعمة أخرى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ". فالمن إن أكل لوحده كان طعاماً وحلاوة ، وإن مزج صار نوعاً آخر . والمن طعام أنزله الله على قوم موسى عليه السلام آمراً إياهم بالأكل منه ( كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " . فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم .
أما المن عند أهل الكتاب فهو الغذاء الذي منحه الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل عندما تاهوا في القفار أربعين عاماً . وتتكون من رقائق صغيرة بيضاء ذات طعم يشبه طعم الخبز غير المخمر والمخلوط بالعسل . والمن مادة سكرية تفرزها بعض النباتات كالندى المنعقد ، إما طبيعياً ، وإما بتأثير قملة المن واسمه بالعربية " المن " وبالفارسية الشيرخشك ومعناه الحلاوة اليابسة وكذلك الترنجبين من الفارسية أيضاً ومعناه " عسل الندى " ويسمى " الحاج " وندى السماء ، والعسل السماوي ، وعسل الهواء ، وقيل إن لفظة " المن " عبرانية معناها " المغذي الإلهي " .
يطلق على كل طل ينزل من السماء على شجر أو حجر ، ويحلو وينعقد عسلاً ، ويجف جفاف الصمغ.
والمعروف بالمن أنه ما وقع على شجر البلوط وشجر الطرفاء والشيح والعاقول ونباتي الخطمي والدفله. يجمع المن من الأشجار المذكورة في الصباح الباكر حيث انه يذوب عند تعرضه لضوء الشمس .
المن في الطب القديم :
استعمل ديسقوريدس المن الذي يسميه " البوميلي " كمادة مسهلة ولإخراج الصفراء واستعمله الإيطاليون كغذاء .
أما " ابن سينا " فقال أجود المن الطري الأبيض ، وهو ملين ، وينفع من السعال ، ويلين الصدر ، ويسكن العطش ، ويسهل الصفراء .
وقال ابن البيطار في مفرداته " المن حار جلاء غسال إلا أن قوته تزيد وتنقص حسب الشجر الذي يقع عليه وهو جيد للصدر والرئة ، والواقع على شجر الطرفاء جيد للسعال والخشونة التي في الصدر .
وقال الطبيب " ابن جزلة " المن طل يقع على شجر أو حجر فيحلو وينعقد عسلاً ويجف جفاف الصموغ كالعسل المجلوب من بلاد قصران بالري ، وقوته مركبة من قوة حلاوته وقوة ما يسقط عليه . وأما المن الذي غلب عليه اسم المن أكثر من غيره فهو الذي يقع على شجر البلوط والدفلي . والذي يقع على شجر البلوط ينفع السعال نفعاً عظيماً وهو جيد للصدر والرئة حيث يجلو رطوبتها ويلين خشونتها والذي يقع على نبات الدفلة فهو رديء وينبغي تجنبه .
وقال التفليسي : المن هو طل يقع على حجر أو شجر وأجوده الأبيض النقي الحجري ، ينفع من السعال ويخرج البلغم ويلين الصدر .
ماذا قالت الأبحاث عن المن ؟
تقول الأبحاث الحديثة إن المن هو عصارة سكرية متجمدة ذات طبيعة خاصة تسيل من شجر لسان العصفور أو الدردار . ولأنه يشاهد على هيئة نقط على أوراق بعض الأشجار كان يظن أنه ناتج من الندى ، كما كان يظن أنه مادة حيوانية تصدر من حشرات تقف على ورق النبات ، ولكن البحث العلمي أظهر أن " المن " يخرج بشقوق تعمل في قشورها ، أو بفوهات تحدث بفعل بعض الحشرات . وقد أثبتت التجارب أن الإفراز من الشجر يتواصل رغم تغطيتها ، وعرف أن الإفراز من الشجر يتواصل رغم تغطيتها ، وعرف أن الإفراز لا يكون إلا في سن معينة لكل نوع من الشجر ، ويبدأ في التكوين عندما تبلغ الشجرة عشر سنوات من عمرها ، وللمن ثلاثة أنواع : منّ ربيعي ومنّ عام ومنّ دسم ولكل نوع شكل خاص ولون خاص وطعم يختلف عن غيره وإن كانت تشترك كلها في المادة السكرية الموجودة في الأنواع الثلاثة بنسب متفاوتة .
يجنى المن مرة في كل يومين ويسيل من الشجرة من وسط النهار إلى المساء وهو سائل صاف ، لم يتجمد لا يجمع إلا في الصباح ليرطب ليلاً ، وفي أوقات المطر والضباب لا يسيل المن ، وللحصول على المن النقي توضع أنابيب من سوق القمح في الشقوق فيسيل من جوفها صافياً نقياً ، ومن هذا تصنع الأقراص والمربيات واللعوقات والعجينيات وهو أقل اسهالاً من غيره ويفيد كثيراً في أمراض الصدر .
ماذا يقول الطب الحديث عن المن ؟
لقد وجد أن المن يتركب من السكر والماء والمانيت وراتنج ومواد لعابية وحموض ومواد أزوتية . يذوب المن في الألكحول الحار ويرسب بالتبريد ويصبح كتلة متبلورة شديدة البياض ، اسفنجية القوام يفيد المن في الحميات ولإدرار البول والالتهابات البطنية والمعوية والنزلات والآلام العصبية والسعال التشنجي والزحار .
كيف يستعمل المن ؟
يؤخذ المن بعد إذابته في الماء البارد أو الحليب أو مصل الحليب حيث يؤخذ ما بين 48-64 جراما ويذوب في 125 ملليلترا من الماء أو الحليب ويستعمل مع شراب زهر البرتقال أو زهر الخوخ وعرق السوس . كما يصنع معجون من 16 جراما من المن ومثلها من السكر ، 8 جرامات من دهن اللوز الحلو .
كما يصنع شراب من 48 جراما من المن وجزء من كل من السنوت والزنجبيل و 176 جراما من السكر و 192 ملليلترا من الماء . كما تصنع أقراص من 20 جراما من المن و 40 جراما من السكر وتعجن بصمغ الكثيراء بماء زهر البرتقال .
هل شيد المن صناعياً ؟
نعم تمكن الإيطاليون من تشييد المن كيميائياً وعادة ما يستخدم الصيادلة هذا النوع في إضافته إلى المساحيق المسهلة ليزيدوا من خواصه .
المصدر: صحيفة الرياض