توقعات أزمة المياه المستقبلية.. مرعبة
توقعات أزمة المياه المستقبلية .. مرعبة
د. غازي عبداللطيف جمجوم
المقالات والتقارير التي صدرت بمناسبة اليوم العالمي للمياه في 22 مارس المنصرم تثير القلق الشديد إن لم يكن الرعب الكامل. ولأن الماء هو العامل الأساسي في إنتاج الغذاء فقد اختارت منظمة الأمم المتحدة عنوان «الماء من أجل الأمن الغذائي» شعارا لهذا العام.
الجفاف
هو السبب الأساسي في المجاعات التي تفوق كل الكوارث الطبيعية الأخرى في عدد الوفيات التي تسببها. تسعون في المائة ( 90%) من الماء المستهلك يذهب لإنتاج المحاصيل الغذائية والأعلاف وتربية الماشية لإنتاج الألبان واللحوم والمنتجات الأخرى. يعيش (6 و 1) مليار شخص من سكان العالم حاليا في مناطق تشح فيها المياه، ومن المرجح أن يتضاعف هذا العدد ثلاث مرات في السنوات المقبلة ليصل إلى حوالى ثلثي سكان العالم، أي (6) مليار من (9) مليار نسمة في عام 2050م. مع ذلك فإن ما يبذل من جهود للاستعداد لهذا الوضع الخطير لا يرقى أبدا إلى ما هو مطلوب.
المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم شحا في المياه، وهي مهددة أكثر من غيرها لأن تتفاقم فيها مشكلة ندرة المياه مستقبلا. وتقع 13 دولة عربية من بين أكثر 19 دولة تعاني من شح المياه. ومن المرجح أن يؤدي شح المياه إلى النزاعات بين الدول المتجاورة بسبب الخلاف على حصصها من المصادر المائية.
ماذا يمكن أن نفعل لتفادي الكارثة المائية المقبلة؟..
أولا: يجب رفع شعار «لا.. لإهدار الطعام» لأن عملية إنتاج الطعام كما أسلفت، هي أكبر مستهلك للماء.
ثانيا: منع استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة في الإنتاج الزراعي والمحافظة على المخزون المائي وتنميته، مع تطوير طرق الري التي توفر استهلاك الماء مثل الري بالتنقيط وغيره، وقد مررنا بتجربة قاسية في استنفاد المياه الجوفية بسبب التوسع غير المدروس في زراعة القمح. ثالثا: يجب أن نتعلم ونطبق كافة الطرق الممكنة لترشيد استخدام المياه في كافة نواحي حياتنا اليومية، مثل الاستحمام والصرف الصحي وتنظيف السيارات وغسل الملابس وغير ذلك.
رابعا: من الضروري وبسرعة أن نقوم بمعالجة أكبر كمية من ماء الصرف الصحي إن لم يكن كله وإعادة استخدامه في الري الزراعي، وكذلك بالنسبة لتدوير مياه الصرف الصناعي.
خامسا: زيادة الطاقة الإنتاجية لتحلية المياه المالحة ببناء المزيد من محطات التحلية لمواجهة الزيادة السكانية.
ومن المحبذ تطوير محطات التحلية التي تستخدم الطاقة الشمسية، كما بدأت في عمله بعض الدول مثل دولة الإمارات الشقيقة، وكما هو مخطط له في جزيرة فرسان في بلادنا. وينبغي الاستفادة القصوى من مياه المطر ببناء السدود، وهو ما قطعنا شوطا كبيرا فيه، وباستخدام الطرق الحديثة الأخرى لجمع ماء المطر وتخزينه..
وأخيرا.. فإن إصلاح الهدر الحاصل في شبكات تمديد المياه والخزانات الأرضية يمكن أن يوفر كمية كبيرة من الماء الضائع سدى. من الواضح أن أهمية الماء تتزايد كل يوم في العالم، وعلى الأخص في العالم العربي المتعطش إلى الماء ومن ضمنه بلادنا. وربما أصبحت ثروة الماء تفوق في أهميتها ثروة النفط وغيره من الثروات. حقيقة إن سيناريوهات ندرة الماء في المستقبل القريب تبدو مروعة، ومع ذلك لا نرى، للأسف، في أي من الدول النامية المستوى الضروري من الوعي والجدية في التخطيط والتنفيذ ما يكفي لمواجهة هذه الكارثة بصورة فاعلة.
المصدر: صحيفة عكاظ
د. غازي عبداللطيف جمجوم
المقالات والتقارير التي صدرت بمناسبة اليوم العالمي للمياه في 22 مارس المنصرم تثير القلق الشديد إن لم يكن الرعب الكامل. ولأن الماء هو العامل الأساسي في إنتاج الغذاء فقد اختارت منظمة الأمم المتحدة عنوان «الماء من أجل الأمن الغذائي» شعارا لهذا العام.
الجفاف
هو السبب الأساسي في المجاعات التي تفوق كل الكوارث الطبيعية الأخرى في عدد الوفيات التي تسببها. تسعون في المائة ( 90%) من الماء المستهلك يذهب لإنتاج المحاصيل الغذائية والأعلاف وتربية الماشية لإنتاج الألبان واللحوم والمنتجات الأخرى. يعيش (6 و 1) مليار شخص من سكان العالم حاليا في مناطق تشح فيها المياه، ومن المرجح أن يتضاعف هذا العدد ثلاث مرات في السنوات المقبلة ليصل إلى حوالى ثلثي سكان العالم، أي (6) مليار من (9) مليار نسمة في عام 2050م. مع ذلك فإن ما يبذل من جهود للاستعداد لهذا الوضع الخطير لا يرقى أبدا إلى ما هو مطلوب.
المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم شحا في المياه، وهي مهددة أكثر من غيرها لأن تتفاقم فيها مشكلة ندرة المياه مستقبلا. وتقع 13 دولة عربية من بين أكثر 19 دولة تعاني من شح المياه. ومن المرجح أن يؤدي شح المياه إلى النزاعات بين الدول المتجاورة بسبب الخلاف على حصصها من المصادر المائية.
ماذا يمكن أن نفعل لتفادي الكارثة المائية المقبلة؟..
أولا: يجب رفع شعار «لا.. لإهدار الطعام» لأن عملية إنتاج الطعام كما أسلفت، هي أكبر مستهلك للماء.
ثانيا: منع استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة في الإنتاج الزراعي والمحافظة على المخزون المائي وتنميته، مع تطوير طرق الري التي توفر استهلاك الماء مثل الري بالتنقيط وغيره، وقد مررنا بتجربة قاسية في استنفاد المياه الجوفية بسبب التوسع غير المدروس في زراعة القمح. ثالثا: يجب أن نتعلم ونطبق كافة الطرق الممكنة لترشيد استخدام المياه في كافة نواحي حياتنا اليومية، مثل الاستحمام والصرف الصحي وتنظيف السيارات وغسل الملابس وغير ذلك.
رابعا: من الضروري وبسرعة أن نقوم بمعالجة أكبر كمية من ماء الصرف الصحي إن لم يكن كله وإعادة استخدامه في الري الزراعي، وكذلك بالنسبة لتدوير مياه الصرف الصناعي.
خامسا: زيادة الطاقة الإنتاجية لتحلية المياه المالحة ببناء المزيد من محطات التحلية لمواجهة الزيادة السكانية.
ومن المحبذ تطوير محطات التحلية التي تستخدم الطاقة الشمسية، كما بدأت في عمله بعض الدول مثل دولة الإمارات الشقيقة، وكما هو مخطط له في جزيرة فرسان في بلادنا. وينبغي الاستفادة القصوى من مياه المطر ببناء السدود، وهو ما قطعنا شوطا كبيرا فيه، وباستخدام الطرق الحديثة الأخرى لجمع ماء المطر وتخزينه..
وأخيرا.. فإن إصلاح الهدر الحاصل في شبكات تمديد المياه والخزانات الأرضية يمكن أن يوفر كمية كبيرة من الماء الضائع سدى. من الواضح أن أهمية الماء تتزايد كل يوم في العالم، وعلى الأخص في العالم العربي المتعطش إلى الماء ومن ضمنه بلادنا. وربما أصبحت ثروة الماء تفوق في أهميتها ثروة النفط وغيره من الثروات. حقيقة إن سيناريوهات ندرة الماء في المستقبل القريب تبدو مروعة، ومع ذلك لا نرى، للأسف، في أي من الدول النامية المستوى الضروري من الوعي والجدية في التخطيط والتنفيذ ما يكفي لمواجهة هذه الكارثة بصورة فاعلة.
المصدر: صحيفة عكاظ