مرضى القلب والعمليات الجراحية.. خيارات أحلاها مرّ!
مرضى القلب والعمليات الجراحية.. خيارات أحلاها مرّ!
المسنون يجب ألا يحرموا العلاج بسبب تقدم العمر والخوف من المضاعفات بل توزن المنافع والمضار
د. خالد عبد الله النمر
كما تعلمون رعاكم الله ان نبض عضلة القلب هو الدليل المادي الأول على وجود الحياة في الكائن البشري (الجنين) وتوقف ذلك النبض نهائيا هو الدليل المادي الأقوى على الوفاة الكاملة لذلك المخلوق...... وعموما إن الانسان يحتاج الى صحة قلبية تامة لتحمل العمليات الجراحية ذلك لأن العملية بحد ذاتها ترفع الضغط ونبضات القلب وجهد القلب وبالتالي كمية الاكسجين المستهلك بتلك العضلة .... أضف إلى ذلك تأثير عملية التخدير على القلب ... لذلك لابد من تجهيز المريض والكشف على صحة القلب في الحالات الجراحية غير الطارئة ....حتى يمكن تقليل المضاعفات القلبية المحتملة من جراء العملية وأخطرها بكل تأكيد الوفاة المفاجئة.
وتعالوا معا نستعرض طريقة عمل هذا القرار الطبي في حالة مثل حالة العم «عبد المحسن» !!
(عبد المحسن) رجل عمره اثنان وسبعون سنة يعاني من المتلازمات الثلاث الضغط والسكري والكلسترول ومصاب ايضا بالخرف المبكر(الزهايمر) حيث انه ينسى كثيرا ( يضيّع ) ولايستطيع التركيز ولا التفكير بوضوح ومع ذلك فهو يستطيع الحركة المحدودة الى دورة المياه وداخل حوش المنزل .....وكان قبل ثلاثة اشهر يشتكي من آلام في منطقة الصدر تنتقل الى الكتف والذراع الأيسر حيث انه من المشتبه ان تكون هذه الآلام من الذبحة الصدرية بسبب تضيق الشرايين التاجية خصوصا ان هذه الآلام تزداد مع المشي حتى عند الذهاب الى دورة المياه ....نصحه الطبيب في ذلك الوقت بعمل قسطرة استكشافية وعلاجية (عند الحاجه) لشرايين القلب ....ولكن ابناءه فكروا وقدروا... ثم قرروا عدم عمل القسطرة نظرا لكبر سنه والاكتفاء بالعلاج فقط .......وفي احد الايام وأثناء ذهابه الى دورة المياه انزلقت رجله وسقط على وركه الايمن وعند الذهاب به الى المستشفى اكتشف الطبيب ان لديه كسرا مضاعفا في الورك الايمن ...وعند التحضير للعملية وبعد إطلاع طبيب التخدير على امراضه المزمنة وأدويته .... طلب أخذ الضوء الأخضر من طبيب القلب بإمكانية أخذ المريض الى غرفة العمليات..... ولكن طبيب القلب أوضح ان الذهاب به الى غرفة العمليات مع وجود ذبحة صدرية بسبب تضيق في الشرايين غير متحكم فيه بالادوية قد يؤدي الى مضاعفات قلبية خطيرة أثناء العملية التي قد تكون جلطة قلبية وقد تكون وفاة قلبية...... وصار الحديث التالي بين ابن المريض وطبيبي القلب والعظام :
طبيب العظام : من جهتي يحتاج المريض إلى عملية في مفصل الورك وبدونها يتعرض للوفاة بنسبة 50 % خلال السنتين القادمتين حسب الدراسات الطبية المنشورة ....والوفاة في هذه المجموعة التي لا يتم فيها علاج كسر الورك جراحيا قد تكون من جلطات الساقين أو التهاب تقرحات الجلد بسبب عدم القدره على الحركهdecubitus ulcer وانتقال البكتريا الى الدم وبالتالي تسمم الدم وهبوط الضغط وفشل الاعضاء مثل الكلى والكبد واخيرا التهابات الصدر الحادة في كبار السن وبالتالي فان ترك كسر الورك في كبار السن بدون جراحة (مهما كان نوعها) يعرضه للهلاك على المدى البعيد.
طبيب القلب : من ناحية القلب اخذ المريض الى غرفة العمليات ولديه آلام في الصدر وعلامات نقص تروية في عضلة القلب مع عدم القدرة على التحكم بها بالادوية فقط يعرّض المريض لحوالي 15 % احتمالية مضاعفات قلبية خلال العملية الجراحية سواء كان على شكل توقف القلب او فشله او جلطة حادة..... اما اذا تم عمل قسطرة القلب ومعرفة وضع الشرايين وأماكن تضيقها عندئذ يمكن حسب الحاجه تحسين التروية باستخدام البالون فقط من دون دعامات وهذا يقلل المضاعفات القلبية سابقة الذكر إلى اقل من 4% .
ابن المريض : ولكن الوالد كبير في السن وخايف عليه من المضاعفات في كلتا العمليتين .
طبيب القلب: ونحن خايفين عليه أكثر من عدم علاجه على شريعة واضحة، وهناك مفهوم مهم ألا وهو أن كبر السن في حد ذاته لا يغير صلاحية المريض لعلاج امراض القلب قبل العملية ...لأن أحقية الحياة والتداوي حق اساسي لكل كائن بشري يستوي فيها الكبير والصغير والذكر والأنثى والعاقل والمجنون...وهو من الضروريات الخمس التي تواترت الاديان والكتب السماوية بالحفاظ عليها .....نعم بالنسبة لطريقة علاج كبار السن تتغير الطريقه والكيفية ولكن يظل المفهوم العام كما هو «تقليل المضاعفات القلبية خلال العملية الجراحية قدر الامكان» ......وعموما الطبيب والمريض وأهله لايملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا........وإنما هي اسباب نقدمها للمرضى كما امر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بها (تداووا عباد الله)....... ووجهة نظرنا في موضوع (عم عبد المحسن) ان هناك ثلاثة خيارات في الوقت الحالي امام عائلة المريض (لأن المريض مصاب بالخرف) وأمام الطبيبين ايضا .....
أولها نترك المريض بدون عملية ورك ولا قسطرة قلب...وهذا الخيار كما أوضح طبيب العظام مهلك لأي مريض كبير في السن وبالذات النساء .
ثانيها: نتوكل على الله ونجري عملية الورك من دون قسطرة علاجية مع الاستمرار على ادويته وهذا يعرضه الى نسبة مضاعفات 15% سواء خلال العملية او بعدها (وهذا القرار أقل خطورة من الخيار الاول بكل تأكيد)
ثالثها : ان نعقلها ونتوكل ...حيث يجرى للمريض قسطرة للشرايين وإذا كان بالإمكان توسيع الشرايين بالبالون لتحسين تروية القلب ومن ثم عمل عملية الورك على بينة من امرنا....ويكون لدى الفريق الطبي تصور واضح لشرايين القلب للتعامل مع المضاعفات حال حدوثها خلال او بعد العملية مباشرة وهذا الاحتمال يحمل نسبة مضاعفات 4%. (وهذا القرار اقل الخيارات الثلاثة خطورة ويظل الرأي الاول للمريض وأهله).
والخلاصة: ان كبار السن يجب الا يحرموا من امكانية العلاج بسبب كبر السن فقط والخوف من المضاعفات المحتملة وإنما توزن المنافع والمضار في كل حاله وتبسط بالتفصيل أمام الجميع ويظل القرار الاول والأخير للمريض وعائلته .
المصدر: صحيفة الرياض
المسنون يجب ألا يحرموا العلاج بسبب تقدم العمر والخوف من المضاعفات بل توزن المنافع والمضار
د. خالد عبد الله النمر
كما تعلمون رعاكم الله ان نبض عضلة القلب هو الدليل المادي الأول على وجود الحياة في الكائن البشري (الجنين) وتوقف ذلك النبض نهائيا هو الدليل المادي الأقوى على الوفاة الكاملة لذلك المخلوق...... وعموما إن الانسان يحتاج الى صحة قلبية تامة لتحمل العمليات الجراحية ذلك لأن العملية بحد ذاتها ترفع الضغط ونبضات القلب وجهد القلب وبالتالي كمية الاكسجين المستهلك بتلك العضلة .... أضف إلى ذلك تأثير عملية التخدير على القلب ... لذلك لابد من تجهيز المريض والكشف على صحة القلب في الحالات الجراحية غير الطارئة ....حتى يمكن تقليل المضاعفات القلبية المحتملة من جراء العملية وأخطرها بكل تأكيد الوفاة المفاجئة.
وتعالوا معا نستعرض طريقة عمل هذا القرار الطبي في حالة مثل حالة العم «عبد المحسن» !!
(عبد المحسن) رجل عمره اثنان وسبعون سنة يعاني من المتلازمات الثلاث الضغط والسكري والكلسترول ومصاب ايضا بالخرف المبكر(الزهايمر) حيث انه ينسى كثيرا ( يضيّع ) ولايستطيع التركيز ولا التفكير بوضوح ومع ذلك فهو يستطيع الحركة المحدودة الى دورة المياه وداخل حوش المنزل .....وكان قبل ثلاثة اشهر يشتكي من آلام في منطقة الصدر تنتقل الى الكتف والذراع الأيسر حيث انه من المشتبه ان تكون هذه الآلام من الذبحة الصدرية بسبب تضيق الشرايين التاجية خصوصا ان هذه الآلام تزداد مع المشي حتى عند الذهاب الى دورة المياه ....نصحه الطبيب في ذلك الوقت بعمل قسطرة استكشافية وعلاجية (عند الحاجه) لشرايين القلب ....ولكن ابناءه فكروا وقدروا... ثم قرروا عدم عمل القسطرة نظرا لكبر سنه والاكتفاء بالعلاج فقط .......وفي احد الايام وأثناء ذهابه الى دورة المياه انزلقت رجله وسقط على وركه الايمن وعند الذهاب به الى المستشفى اكتشف الطبيب ان لديه كسرا مضاعفا في الورك الايمن ...وعند التحضير للعملية وبعد إطلاع طبيب التخدير على امراضه المزمنة وأدويته .... طلب أخذ الضوء الأخضر من طبيب القلب بإمكانية أخذ المريض الى غرفة العمليات..... ولكن طبيب القلب أوضح ان الذهاب به الى غرفة العمليات مع وجود ذبحة صدرية بسبب تضيق في الشرايين غير متحكم فيه بالادوية قد يؤدي الى مضاعفات قلبية خطيرة أثناء العملية التي قد تكون جلطة قلبية وقد تكون وفاة قلبية...... وصار الحديث التالي بين ابن المريض وطبيبي القلب والعظام :
طبيب العظام : من جهتي يحتاج المريض إلى عملية في مفصل الورك وبدونها يتعرض للوفاة بنسبة 50 % خلال السنتين القادمتين حسب الدراسات الطبية المنشورة ....والوفاة في هذه المجموعة التي لا يتم فيها علاج كسر الورك جراحيا قد تكون من جلطات الساقين أو التهاب تقرحات الجلد بسبب عدم القدره على الحركهdecubitus ulcer وانتقال البكتريا الى الدم وبالتالي تسمم الدم وهبوط الضغط وفشل الاعضاء مثل الكلى والكبد واخيرا التهابات الصدر الحادة في كبار السن وبالتالي فان ترك كسر الورك في كبار السن بدون جراحة (مهما كان نوعها) يعرضه للهلاك على المدى البعيد.
طبيب القلب : من ناحية القلب اخذ المريض الى غرفة العمليات ولديه آلام في الصدر وعلامات نقص تروية في عضلة القلب مع عدم القدرة على التحكم بها بالادوية فقط يعرّض المريض لحوالي 15 % احتمالية مضاعفات قلبية خلال العملية الجراحية سواء كان على شكل توقف القلب او فشله او جلطة حادة..... اما اذا تم عمل قسطرة القلب ومعرفة وضع الشرايين وأماكن تضيقها عندئذ يمكن حسب الحاجه تحسين التروية باستخدام البالون فقط من دون دعامات وهذا يقلل المضاعفات القلبية سابقة الذكر إلى اقل من 4% .
ابن المريض : ولكن الوالد كبير في السن وخايف عليه من المضاعفات في كلتا العمليتين .
طبيب القلب: ونحن خايفين عليه أكثر من عدم علاجه على شريعة واضحة، وهناك مفهوم مهم ألا وهو أن كبر السن في حد ذاته لا يغير صلاحية المريض لعلاج امراض القلب قبل العملية ...لأن أحقية الحياة والتداوي حق اساسي لكل كائن بشري يستوي فيها الكبير والصغير والذكر والأنثى والعاقل والمجنون...وهو من الضروريات الخمس التي تواترت الاديان والكتب السماوية بالحفاظ عليها .....نعم بالنسبة لطريقة علاج كبار السن تتغير الطريقه والكيفية ولكن يظل المفهوم العام كما هو «تقليل المضاعفات القلبية خلال العملية الجراحية قدر الامكان» ......وعموما الطبيب والمريض وأهله لايملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا........وإنما هي اسباب نقدمها للمرضى كما امر سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بها (تداووا عباد الله)....... ووجهة نظرنا في موضوع (عم عبد المحسن) ان هناك ثلاثة خيارات في الوقت الحالي امام عائلة المريض (لأن المريض مصاب بالخرف) وأمام الطبيبين ايضا .....
أولها نترك المريض بدون عملية ورك ولا قسطرة قلب...وهذا الخيار كما أوضح طبيب العظام مهلك لأي مريض كبير في السن وبالذات النساء .
ثانيها: نتوكل على الله ونجري عملية الورك من دون قسطرة علاجية مع الاستمرار على ادويته وهذا يعرضه الى نسبة مضاعفات 15% سواء خلال العملية او بعدها (وهذا القرار أقل خطورة من الخيار الاول بكل تأكيد)
ثالثها : ان نعقلها ونتوكل ...حيث يجرى للمريض قسطرة للشرايين وإذا كان بالإمكان توسيع الشرايين بالبالون لتحسين تروية القلب ومن ثم عمل عملية الورك على بينة من امرنا....ويكون لدى الفريق الطبي تصور واضح لشرايين القلب للتعامل مع المضاعفات حال حدوثها خلال او بعد العملية مباشرة وهذا الاحتمال يحمل نسبة مضاعفات 4%. (وهذا القرار اقل الخيارات الثلاثة خطورة ويظل الرأي الاول للمريض وأهله).
والخلاصة: ان كبار السن يجب الا يحرموا من امكانية العلاج بسبب كبر السن فقط والخوف من المضاعفات المحتملة وإنما توزن المنافع والمضار في كل حاله وتبسط بالتفصيل أمام الجميع ويظل القرار الاول والأخير للمريض وعائلته .
المصدر: صحيفة الرياض