الأدباء هناك نجوم
الأدباء هناك نجوم
فهد عامر الأحمدي
كل من سافر الى أوربا وأمريكا بدرجة أقل يدرك هوس الناس هناك بالقراءة .. ففي القطارات والباصات والطائرات والحدائق العامة تجد الجميع يحمل كتاباً أو قصة لا يكاد يشيح ببصره عنها .. وفي حين ينحصر نجومنا المفضلون في عالم الغناء والكرة ينحصر نجوم فرنسا في عالم الأدب والرواية والقصة القصيرة.. وفي حين تملك الأمم الغربية قوائم رأي وأرقام توزيع بخصوص الأكثر شهرة بين الكتاب والمؤلفين لايوجد فى العالم العربي جهة او مؤسسة معينة تحدد الاتجاهات الثقافية والادبية التى يفضلها القراء.. فنحن مثلا لانعرف من هو اكثر الكتاب شعبية فى العالم العربي(؟) ولانعرف من هو صاحب اكبر تأثير فكرى وفلسفي في هذا العصر(؟) ولاندرى ماهو أعظم كتاب ألف فى القرن العشرين(؟) ولانملك احصائية عن اكثر الأدبيات رواجا بين الناس وصغار السن.. وفي المقابل تجد أجوبة واضحة لهذه التساؤلات فى الدول المتقدمة من أفضل الكتب والروايات الى أكثر الأدباء والمؤلفين شعبية. والأمر لا يقتصر على استفتاءات تجري بنهاية كل عام؛ بل ظهرت في نهاية القرن العشرين استطلاعات رأي كثيرة لمعرفة: أهم كتاب؛ وأعظم كاتب؛ وأجمل قصيدة؛ وأفضل رواية، وأروع فيلم ظهر خلال "المائة عام الماضية" !!
خذ كمثال الاستطلاع الذى أجرته مجلة لير (أو اقرأ) الفرنسية لوضع ترتيب لأكثر الكتاب شعبية فى القارة الاوربية . ولم يحدد هذا الاستطلاع حقبة معينة او اتجاها أدبيا محددا ؛ بل كان شاملا فى كل شيء . وقد استعانت المجلة بكبريات الصحف فى كل بلد لجمع الآراء ؛ فمن بريطانيا مثلا ساعدتها التايمز ومن ألمانيا ديزايت ومن ايطاليا لاستامبا ومن اسبانيا البايس...
وقد جاءت النتيجة معبرة عن وحدة أوروبا إذ اختار معظم القراء أدباء ومفكرين من غير بلادهم الاصلية ؛ فقد جاء شكسبير مثلا فى المركز الأول فى كامل أوروبا فى حين اختار الانجليز أنفسهم الألماني توماس مان كأكثر الكتاب شعبية !!!
وقد ضمت القائمة النهائية خمسين اسما جاء (أعظم عشرة كتاب) فيها على النحو التالي :
1 شكسبير 2 غوته 3 سرفانتس 4 دانتي 5 كافكا 6 بروست 7 توماس مان 8 مولير 9جويس 10 وتشارلز ديكنز..
وقد ظهرت حقائق ومفارقات ونتائج عجيبة لم يكن بالإمكان معرفتها لولا القيام بمثل هذا الاستطلاع .. فعلى سبيل المثال:
فرنسا التى اعتبرت دائما قائدة الأدب فى أوروبا لم يأت من أدبائها ضمن المراكز العشرة الأول سوى بروست وموليير !
وفى المقابل احتلت بريطانيا وألمانيا نصيب الأسد فى قائمة الأدباء وجاء ثلاثة من كل منهما فى قائمة العشرة الأوائل
الأديب الانجليزي شكسبير أتى فى المركز الأول فى كافة القوائم التى أرسلت من كل بلد
وفى فرنسا حيث كان يظن ان فيكتور هيجو (صاحب رواية البؤساء) هو اكثر الكتاب شعبية اظهر الاستطلاع انه أتى فى المركز الثامن عشر بين الفرنسيين أنفسهم!!
اظهر الاستطلاع فضل انتشار اللغة الانجليزية فى احتلال الأدباء البريطانيين لأغلب المراكز الأولى
وفى المقابل رغم ثراء الأدب الروسي لم يحقق انتشارا كبيرا بسبب قلة المتحدثين بالروسية فى أوروبا الغربية
بعض القراء طالبوا باختيار هتلر كأفضل كاتب ومفكر ونسيان دوره كدكتاتور عنصري..
تبين ان الايطاليين اكثر الشعوب الأوربية تفتحاً حيث ضمت قائمتهم اكبر نسبة من الكتاب الأجانب !!
ايضا اتضح ان الايطاليين اكثر الأوربيين قراءة حيث تجاوب منهم اكبر عدد من القراء (من بينهم الرئيسان الاسبقان ساركات وساركوزي)
بقي فى النهاية ان أخبرك عن أغرب رسالة وصلت لمجلة لير ووضعت أدباءها فى حرج شديد.. فقد بعث طفل لم يتجاوز الثانية عشرة برسالة اختار فيها "سالاكاري" كأفضل كاتب. وعبثا حاول القائمون على المجلة معرفة سالاكاري هذا.. وفى النهاية اتضح انه مغامر ايطالي كتب 100 رواية تميزت بحبكة مميزة وآخر كتاب له طبع عام 1911 .. وهكذا أعيد اكتشاف سالاكاري بفضل هذا الطفل!!
... وأذكر أنني حين كنت أقرأ عن هذا الموضوع كان أحد الأصدقاء بقربي يحاول إقناعي بأحقية فوز دنيا على كارمن في "آراب آيدول" !!
المصدر: صحيفة الرياض
فهد عامر الأحمدي
كل من سافر الى أوربا وأمريكا بدرجة أقل يدرك هوس الناس هناك بالقراءة .. ففي القطارات والباصات والطائرات والحدائق العامة تجد الجميع يحمل كتاباً أو قصة لا يكاد يشيح ببصره عنها .. وفي حين ينحصر نجومنا المفضلون في عالم الغناء والكرة ينحصر نجوم فرنسا في عالم الأدب والرواية والقصة القصيرة.. وفي حين تملك الأمم الغربية قوائم رأي وأرقام توزيع بخصوص الأكثر شهرة بين الكتاب والمؤلفين لايوجد فى العالم العربي جهة او مؤسسة معينة تحدد الاتجاهات الثقافية والادبية التى يفضلها القراء.. فنحن مثلا لانعرف من هو اكثر الكتاب شعبية فى العالم العربي(؟) ولانعرف من هو صاحب اكبر تأثير فكرى وفلسفي في هذا العصر(؟) ولاندرى ماهو أعظم كتاب ألف فى القرن العشرين(؟) ولانملك احصائية عن اكثر الأدبيات رواجا بين الناس وصغار السن.. وفي المقابل تجد أجوبة واضحة لهذه التساؤلات فى الدول المتقدمة من أفضل الكتب والروايات الى أكثر الأدباء والمؤلفين شعبية. والأمر لا يقتصر على استفتاءات تجري بنهاية كل عام؛ بل ظهرت في نهاية القرن العشرين استطلاعات رأي كثيرة لمعرفة: أهم كتاب؛ وأعظم كاتب؛ وأجمل قصيدة؛ وأفضل رواية، وأروع فيلم ظهر خلال "المائة عام الماضية" !!
خذ كمثال الاستطلاع الذى أجرته مجلة لير (أو اقرأ) الفرنسية لوضع ترتيب لأكثر الكتاب شعبية فى القارة الاوربية . ولم يحدد هذا الاستطلاع حقبة معينة او اتجاها أدبيا محددا ؛ بل كان شاملا فى كل شيء . وقد استعانت المجلة بكبريات الصحف فى كل بلد لجمع الآراء ؛ فمن بريطانيا مثلا ساعدتها التايمز ومن ألمانيا ديزايت ومن ايطاليا لاستامبا ومن اسبانيا البايس...
وقد جاءت النتيجة معبرة عن وحدة أوروبا إذ اختار معظم القراء أدباء ومفكرين من غير بلادهم الاصلية ؛ فقد جاء شكسبير مثلا فى المركز الأول فى كامل أوروبا فى حين اختار الانجليز أنفسهم الألماني توماس مان كأكثر الكتاب شعبية !!!
وقد ضمت القائمة النهائية خمسين اسما جاء (أعظم عشرة كتاب) فيها على النحو التالي :
1 شكسبير 2 غوته 3 سرفانتس 4 دانتي 5 كافكا 6 بروست 7 توماس مان 8 مولير 9جويس 10 وتشارلز ديكنز..
وقد ظهرت حقائق ومفارقات ونتائج عجيبة لم يكن بالإمكان معرفتها لولا القيام بمثل هذا الاستطلاع .. فعلى سبيل المثال:
فرنسا التى اعتبرت دائما قائدة الأدب فى أوروبا لم يأت من أدبائها ضمن المراكز العشرة الأول سوى بروست وموليير !
وفى المقابل احتلت بريطانيا وألمانيا نصيب الأسد فى قائمة الأدباء وجاء ثلاثة من كل منهما فى قائمة العشرة الأوائل
الأديب الانجليزي شكسبير أتى فى المركز الأول فى كافة القوائم التى أرسلت من كل بلد
وفى فرنسا حيث كان يظن ان فيكتور هيجو (صاحب رواية البؤساء) هو اكثر الكتاب شعبية اظهر الاستطلاع انه أتى فى المركز الثامن عشر بين الفرنسيين أنفسهم!!
اظهر الاستطلاع فضل انتشار اللغة الانجليزية فى احتلال الأدباء البريطانيين لأغلب المراكز الأولى
وفى المقابل رغم ثراء الأدب الروسي لم يحقق انتشارا كبيرا بسبب قلة المتحدثين بالروسية فى أوروبا الغربية
بعض القراء طالبوا باختيار هتلر كأفضل كاتب ومفكر ونسيان دوره كدكتاتور عنصري..
تبين ان الايطاليين اكثر الشعوب الأوربية تفتحاً حيث ضمت قائمتهم اكبر نسبة من الكتاب الأجانب !!
ايضا اتضح ان الايطاليين اكثر الأوربيين قراءة حيث تجاوب منهم اكبر عدد من القراء (من بينهم الرئيسان الاسبقان ساركات وساركوزي)
بقي فى النهاية ان أخبرك عن أغرب رسالة وصلت لمجلة لير ووضعت أدباءها فى حرج شديد.. فقد بعث طفل لم يتجاوز الثانية عشرة برسالة اختار فيها "سالاكاري" كأفضل كاتب. وعبثا حاول القائمون على المجلة معرفة سالاكاري هذا.. وفى النهاية اتضح انه مغامر ايطالي كتب 100 رواية تميزت بحبكة مميزة وآخر كتاب له طبع عام 1911 .. وهكذا أعيد اكتشاف سالاكاري بفضل هذا الطفل!!
... وأذكر أنني حين كنت أقرأ عن هذا الموضوع كان أحد الأصدقاء بقربي يحاول إقناعي بأحقية فوز دنيا على كارمن في "آراب آيدول" !!
المصدر: صحيفة الرياض