• ×
admin

ليبيا.. والعبور نحو الديموقراطية..

ليبيا.. والعبور نحو الديموقراطية..

يوسف الكويليت

ليبيا، إذا ما تجاوزت الأحداث التي سبقت الانتخابات، وحصل أي طرف إسلامي أو ليبرالي على الأصوات، فهي تخطو نحو اتجاه جديد، قد يرسم صورة الوحدة الوطنية، وفق نموذج متميز للحكم، وهذا قد ينهي المسائل الخلافية بين الفرقاء، ويؤكد، كما الوضع في اليمن، أن العوائق القبلية، والمناطقية لم تكن عائقاً، وهذا أفرز نوعاً من الوعي المتقدم، رغم ما ورثته ليبيا من تركة معقدة من حكم القذافي عندما حولها إلى بيئة فقيرة مادياً وتربوياً، وفروق بين الأقاليم والقبائل، وتعميم التفريق بين الشعب الواحد..

لاشك أن الصعوبات التي ستواجه أي حكومة قادمة، ليست سهلة، لأن الوضع يحتاج إلى هيكلة شاملة في البناء للمؤسسات الحكومية، والأهلية، وإعداد نموذج لدولة عصرية تتناغم مع عالم اليوم، وبدون شك فإن الشعب الذي أطاح بأسوأ نظام همجي متخلف، يعي المهمة والدروب غير السالكة، لكن التضامن الوطني ضرورة أساسية، لأنه لا نجاح لمشروع وطني، إلا بتوفر أساسياته، وليبيا تستطيع بملايينها الستة، ومواردها الكبيرة، ومساحاتها الهائلة أن تضع التنمية مجالاً لفتح النوافذ والأبواب لكل كفاءة وطنية، سواء في الداخل أو الذين فرض عليهم النظام السابق الهجرة، مع فتح حوار شامل مع كل الفصائل..

التحدي الآخر أن ليبيا، عانت من مسائل شائكة مع جيرانها، وتسويات ما زرعه القذافي من خلافات، أن تنتهي إلى حوار ينهي تلك التباينات، كذلك الأضرار التي لحقت بليبيا بسبب العزلة التي عاشتها مع العالم الخارجي، وهروب الأموال، وامتناع الاستثمارات الدولية الوصول إليها، وكذلك الخبرات التي حرمت منها، وأعاقت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية..

الدول العربية المحاذية لليبيا، أو تتصل معها بعقود ومصالح مختلفة، لابد أن تساهم بعبور ليبيا من مرحلة سيئة السمعة، إلى بلد يستطيع أن يكون رافداً لتلك الدول، وخاصة من ظلت عمالتها جزءاً من قوة العمل الليبي، وكذلك الدول العربية الأخرى، التي طالما تضررت من سلوك القذافي، والذي فتح النيران عليها بدون سبب، إلا أن يكون الزعيم الأوحد، وهي صورة خلقت عدم الثقة به، أو التعامل معه، طالما كان متقلب الأمزجة والمواقف لأن الحكومة القادمة ستكون محتاجة لموقف صادق وداعم لها من كل العرب..

ومثلما جاءت عواصف الربيع العربي حادة، فالأمر لا يتعلق بالزخم العاطفي الذي حرك الجموع الوطنية، وإنما بالقدرة على تجاوز الحاضر، بدور آخر، لأن التركات التي ورثتها من الأنظمة السابقة كبيرة، وبالتالي فالعودة إلى البناء لا ينجح بوصفات جاهزة، وإنما شرح العوائق والتحديات ضمن مكاشفة مع شعوب هذه الدول، وليبيا التي تتشابه مع اليمن في إطارها الاجتماعي، لا بد أن تعيد عامل الثقة بين الجموع الوطنية، وعدم المبالغة برسم صورة سيئة للوضع الاقتصادي، والاجتماعي، أو تصوير الوضع بأنه بلا مشاكل أو قضايا تحتاج التدرج بطرح الحلول لها، ومع كل الأوضاع التي سادت هذا البلد، فإن عبوره من الدكتاتورية إلى المجال الديموقراطي الواسع، نموذج جديد في تجربة عربية رائدة..

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1674