إنها مسؤوليـتكم أيها الوزراء
إنها مسؤوليـتكم أيها الوزراء
محمد الوعيل
«أسمع من الناس وأحس بنفسي بأن بعض المشاريع ضائعة.. من يجد تقصيرًا يخبرني..أرجوكم خدمة لدينكم ووطنكم .. ومستقبل أمتكم وأمنكم». هكذا خاطب المليك رجال الدولة من وزراء وأمراء ومسئولين.. طالباً منهم مضاعفة الجهد من أجل المواطن.. والوطن .. هكذا كان الرمز عبد الله بن عبد العزيز صادقاً وشفافاً مع رجال الدولة.. إنه يسمع من الناس ويحسّ بنفسه بأن هناك بعض المشاريع ضائعة.. بهذه اللغة خاطب المليك الوزراء وجميع المسئولين في الدولة. فالمليك الذي سخّر كل جهده وفكره لمصلحة أبنائه وإخوانه، جعل من ثروة الوطن أداة لتنمية الوطن، وخدمة المواطن، عبر هذه المشاريع الضخمة التي تنتشر في كل المناطق دون استثناء، وما لمسناه وشهدناه خلال السنوات الأربع الماضية يشهد على عظم الإنجاز قبل ضخامة الأرقام.
تاريخنا السعودي الحديث، يشهد للقائد عبد الله بن عبد العزيز، بأنه راصد أضخم ميزانية في تاريخ المملكة، ومانح أكبر الاعتمادات المالية ، وراعي الأرقام والخطط والاستراتيجيات القياسية، مالياً وتنموياً لخدمة المحاور الأساسية للتنمية في كافة المجالات.
عبد الله بن عبد العزيز، هو ذاته الذي يبشّر مواطنيه كل عامٍ بميزانية واعدة بالخيرات، ومفعمة بالأمل، ودافقة بالمنجزات العملاقة التي شملت كافة المناطق.. ورغم أن الأرقام التي أعلنت بالأمس تستحق الإبهار والانبهار، وتزيد من قناعة المواطن بأن قائد مسيرة التنمية الحديثة، إنما يراعي هموم المواطنين في كل خطوة يخطوها، مؤتمنا من الله عليها، وأميناً من خلالها على تحقيق كل ما يهم الوطن والمواطن، وفي نفس الوقت وأمام هذه الأرقام يكون من الضروري على كل منّا أن يستشعر المسؤولية الكاملة في الإنفاق، وفي تسخير أن يكون في مكانه الصحيح، لتحقيق الهدف المنشود.
وكلنا نذكر، قبل قرابة العام، كيف وجّه المليك/ القائد ـ وهو يعلن ميزانية مماثلة ـ الوزراءَ وكافة المسئولين، كلاً في موقعه لتحقيق الأهداف الوطنية وترسيخ الأبعاد المحلية للميزانية في إزالة هموم المواطنين بمختلف شرائحهم .. بل أبلغ ـ حفظه الله ـ الجمـيع في أكثر من مناسبة بأن الدولة لم تبخل بشيء أبداً.. وأعطت بسخاء ليبقى دور المسئولين والوزراء هو المعوّل الرئيس لتنفيذ تلك الطموحات الكبيرة.
كلنا كمواطنين (ومنّا الوزراء والمسؤولون) وفي إطار مرحلة الإصلاح والشفافية، وبعد هذه الميزانية الضخمة، في أمسِّ الحاجة لاستثمار المبالغ المرصودة لأوجه نواحي نهضتنا، في مكانها الصحيح، ذلك أننا ـ للأسف ـ ورغم كل الجهود الهائلة، لا نزال نعاني من أوجه قصورٍ لا بدّ من تجاوزها، وكارثة سيول جدّة الأخيرة، التي صدمت المجتمع، واستدعت وقوف القائد شخصياً على الأمر، ودعوته لمحاسبة أية ملامح للفساد، عبر تشكيل لجنة تحقيق عاجلة.. لا ينبغي لهذه الحادثة أن تمرّ مرور الكرام، لأنه لا يصح أبداً، وغير مقبولٍ إطلاقاً أنه رغم كل ما يضخّه المليك في شرايين التنمية الكبرى، ورغم تسخير كل هذه الثروات من أجل النهوض بمستوى الحياة في كل أرجاء المملكة، ألا يحاسب من تسبب في هذه الكارثة، أو يبقى من تواطأ على حياة إنسان ذهبت هدراً.. في مكانه أو على كرسيه.
لا يمكن لأي ضمير شعبي، أو خلق وطني أن يقف متفرجاً، وهو يرى قمة الهرم السياسي في المملكة، لا يبخل بفكر أو بجهد أو بمال أو بعرق، ثم يشعر لحظة واحدة بأن هناك من يتعامل باستهتار مع المال العام، لأن في ذلك ضربًا لكل خططنا، وأحلامنا، ومحاولة لنسف استراتيجياتنا واستهانة بمقدراتنا.
لا يجب أن تكون هذه المليارات مجرد أرقام مالية، نستعرضها فقط، ونتفاخر بها، لكن من منطلق المسؤولية الوطنية، أن نحقق حلم المليك القائد، لترجمة هذه الأموال في استثمارات متعددة، سواء في البنية التحتية العمرانية، أو في البنية البشرية الإنسانية، التوافق بين المحورين تناسبٌ طرديٌّ متوائم مع حلمنا الكبير وواقعنا العريض، ويتوازن أيضاً مع الكم والكيف، لتحقيق الإنجازات التراكمية المتعاقبة.
...بعيداً عن الأرقام..
بعيداً عن دلالاتها، وتحليلاتها وإيماءاتها..
فإن الهدف الأسمى، هو ذلك الذي لا يُقدّر بثمن..
هو ذلك المواطن البسيط جداً، القابع في كل قرية أو هجرة، أو مدينة أو محافظة أو منطقة..
هو ذلك المواطن الذي يفتح له عبد الله بن عبد العزيز قلبه، ويفسح له في مجلسه..
دققوا في كل صور استقبالات القائد جيّداً، ستجدوا دوماً هناك مواطناً ليس غريباً أبداً أن يكون محل عنايته ورعايته...
ولتعرفوا.. لماذا تكون هذه المليارات، والميزانيات.
المصدر: صحيفة اليوم