هشاشة العظام
دراسات محلية تتوقع أن تصل تكلفة علاج مرضى هشاشة العظام إلى 32 ملياراً عام 2030
د. بسام بن عباس
يعتبر مرض هشاشة العظام أو مرض وهن العظام أو ما قد يعرف بتخلخل العظم من أكثر الأمراض انتشارا في العالم أجمع، وإذا نظرنا إلى عالمنا العربي سنجد أن هذا المرض أكثر انتشارا ومضاعفاته أكثر استفحالا، ولذا سنلقي الضوء على مسببات هذا المرض وطرق علاجه ووسائل الوقاية منه مع استشاري أمراض الغدد الصماء والهرمونات بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وعضو الجمعية السعودية للغدد الصم والاستقلاب د. بسام بن صالح بن عباس، فالي ثنايا الحوار :
* ( الرياض ) : ما مدى انتشار مرض هشاشة العظام لدى المواطنين ؟
-"د. بسام" : مرض هشاشة العظام هو مرض يصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال، فهو يصيب تقريبا نصف النساء بعد سن السبعين بينما يصيب ثلث الرجال بعد هذا العمر، وكلما تقدم بنا العمر قلت كثافة العظم فالهيكل العظمي يفقد كثافته بمعدل 0,3% لدى الرجل و0,5 % لدى المرأة سنويا، ويبدأ هذا الفقدان في منتصف سن العشرينات وقد يزداد هذا المعدل فوق سن الأربعين ويصبح الأمر أكثر حدوثا بعد انقطاع الطمث لدى النساء، حيث يزداد معدل الفقدان ليصبح 2-3 % سنويا وتكون العظام هشة ورقيقة مما قد يعرضها للكسر بسهولة وهنا تكمن خطورة هذا المرض فهو مسبب رئيسي للإعاقة والعجز الحركي.
وأبان د . بسام أن من أبرز الدراسات المحلية دراسة علمية لجامعة الملك عبد العزيز بجدة قامت من خلال فريق علمي منذ 15 عاما، بدراسة بحثية عن أمراض هشاشة العظام في المجتمع السعودي وخلصت الجامعة من خلال أبحاث الكراسي العلمية لهشاشة العظام إلى أن جملة الخسائر التي تتكبدها الدولة من جراء علاج ورعاية المصابين بكسور بسبب هشاشة العظام في المملكة العربية السعودية قدر بأكثر من 20 مليار ريال وسترتفع هذه التقديرات إلى 32 مليار ريال بحلول عام 2030 وهي أرقام عالية جدا وتفوق ما يصرف على مستشفيات وزارة الصحة حاليا.
وأوضح أن من بين الدراسات التي أجرتها الجامعة دراسة عن مستويات فيتامين (د) في فئات المجتمع السعودي من الجنسين، حيث تمت دراسة مدى عوز نقص فيتامين (د) في فئات المجتمع السعودي وخلال فترة الرضاعة والحمل والتغييرات الهرمونية والغذائية والعلاجية والكثافة الكتلية العظمية لدى مرضى البول السكري، لافتا النظر إلى دراسة أخرى أجريت على مستوى المملكة من خلال عينة عشوائية تمثل أفراد المجتمع تبلغ 5 آلاف شملت الجنسين من فئات عمرية مختلفة بدءا من 20 إلى 89 عاما وتم تحديد القياسات العيارية للكثافة المعدنية المستخدمة في تشخيص هشاشة العظام باستخدام أحدث التقنيات الحديثة المعمول بها دوليا لكل فئات الاعمار من 20 إلى 79 عاما وتوصلت الدراسة إلى تحديد مدى انتشار هشاشة العظام في الرجال والنساء من أفراد المجتمع السعودي، وكانت النتائج أن نسب الإصابة بين الرجال تصل إلى 32.2 في المائة بينما تصل إلى 44.5 في المائة بين النساء فوق سن الخمسين عاما.
* ( الرياض ) : هل للغذاء أو لهرمونات الجسم دور في المحافظة على كثافة العظم ؟
- "د. بسام ": بالتأكيد هناك نظام غذائي هرموني هام يتحكم في العظم وفي المحافظة على كثافته ويضم هذا التنظيم الهرموني كلا من هرمون الغدة جار الدرقية الذي يزيد من نسبة الكالسيوم في الدم ويقلل من كثافة العظم، وهرمون الغدة الدرقية الكالسوتونين الذي يقلل من نسبة الكالسيوم في الدم، وهرمون التستستيرون الذكري وهرمون الإستروجين الأنثوي والذي يعمل كل منهما على زيادة كثافة العظم، وهرمون الغدة النخامية وهو هرمون النمو الذي يزيد من كثافة العظم، وفيتامين دال الذي يزيد من نسبة الكالسيوم في الدم، بالإضافة الى بعض المعادن الهامة مثل الكالسيوم والفوسفات وغيرها من المعادن والتي تلعب دورا هاما في كثافة العظم.
وأفاد استشاري أمراض الغدد الصماء والهرمونات بمستشفى الملك فيصل التخصصي أن لمرض هشاشة العظم علاقة بما يعرف بالتمثيل الغذائي وكيفية تنظيم الكالسيوم وبقية الفيتامينات في الجسم، فالهيكل العظمي الذي يحمي الجسم يعتبر مخزنا للكالسيوم الذي له وظيفة هامة وحيوية في نشاط الخلايا ووظائف القلب والاتصال بين الأعصاب، وهذا يتطلب وجوده بنسبة كافية بالدم لهذا الغرض الوظيفي، فلو قل معدل الكالسيوم عن مستواه الطبيعي يستعوضه الدم من المخزون المتواجد بالعظام، ولذا كان من الضروري الحفاظ على نسبة كافية من الكالسيوم في الدم ويكون ذلك بالحرص على تناول كمية كافية منه، موضحاً إن عملية ترسيب الكالسيوم بالعظام أو انطلاقه بالدم ينظمها النشاط الهرموني والفيتامينات وحاجة الجسم للكالسيوم سواء بالدم أو العظام، ويلعب فيتامين دال دورا هاما في امتصاص الكالسيوم في الجهاز الهضمي والكلى وحمله في الدم ومن ثم إيصاله إلى العظام.
* ( الرياض ) : أوضحت أن هنالك علاقة عمرية للإصابة بهذا الداء بالإضافة إلى علاقة الهرمونات والغذاء للإصابة فهل له أنواع معينة؟
-"د. بسام" : هناك نوعان أساسيان لهشاشة العظام وهي هشاشة العظم الأولية ويمكن أن يحدث في الجنسين، وفي كل الأعمار ولكن غالباً يحدث عند النساء بعد سن توقف الحيض ويحدث في سن متأخرة عند الرجال بالمقارنة، كما أن النوع الآخر هي هشاشة العظم الثانوية
و ينشأ عن استخدام بعض الأدوية أو الظروف الطبية الأخرى كبعض الأمراض والتي تؤثر سلبا على العظم.
* ( الرياض ) : سلطت الضوء سابقا على سبب هشاشة العظم الأولية هل منحتنا مزيدا من التفاصيل حول هذا الداء ؟
-"د. بسام" : من أهم مسببات هذا النوع من وهن العظم أو هشاشة العظم الشيخوخة لدى الرجال وانقطاع الطمث لدى النساء ويتصف تخلخل العظم أو ترقق العظام لدى النساء أو الرجال بانخفاض كتلة العظم ويشكل تهديداً هاما لملايين الأمريكيين حيث تكون الإحصائيات أكثر وضوحا ودقة منها في عالمنا العربي، فتشير أحد التقارير بوجود 10 ملايين أمريكي مصاب بوهن العظم و 18 مليوناً آخرين معرضين لخطر الإصابة به.
ونظراً لازدياد الشيخوخة في سكان الولايات المتحدة الأمريكية كما هو الحال في عالمنا العربي فمن المتوقع أن تتضاعف نسبة حدوث هذا النوع من هشاشة العظم وبالتالي تتضاعف نسبة مضاعفاته في الأعوام القادمة كما، بلا شك ستتضاعف تكلفة العلاج سواء للمرض نفسه أو لمضاعفات المرض.
وتقدر نفقات علاج الكسور الناشئة عن تخلخل العظم ب1015 مليار دولار سنوياً كما هو موثق في أحد المواقع العلمية الإلكترونية وهذا الرقم أخذ معظمه من نفقات المرضى المنومين في المستشفيات ولا يشمل نفقات علاج الأفراد الذين لم يتعرضوا للكسور كما لا يشمل حساب النفقات غير المباشرة من فقدان الأجور أو انخفاض الإنتاجية للفرد المصاب وللشخص الذي تقدم له العناية.
إن وهن العظم له آثار كبيرة على الفرد وأسرته ومجتمعه منها المالية والبدنية والنفسية فكسر الورك مثلاً يحدث تأثيراً كبيراً على نوعية الحياة وقد أظهر استطلاع للرأي أن 80% من النساء بعمر يزيد على سن 75 سنة يفضلن الموت على كسر الورك الشديد والذي يؤدي بهن إلى البقاء في المنزل قيد العلاج. ومن المعلوم أن الكسر المتسبب عن وهن العظم يصاحبه صعوبة في النشاطات الحياتية اليومية، فإن ثلث المرضى فقط يستعيدون المستوى الوظيفي السابق للكسر كما أن ثلث المرضى يحتاجون إلى التمريض والاقامة في المنزل، وتذكر الدراسات أن هناك حالات من الخوف والقلق والاكتئاب لدى النساء اللواتي شخص لديهن مرض هشاشة العظم، فمضاعفات هذا المرض لا تتوقف على العجز الكامل أو الجزئي ولكن تتعداه إلى تبعات نفسية متعددة.
ويتضح لنا هنا من ربط مرض وهن العظم بالشيخوخة بأن السبب الهرموني لهذا المرض هو نقص هرمون الإستروجين لدى المرأة ونقص هرمون التستستيرون لدى الرجل.
* ( الرياض ) : ما هي عوامل الخطورة التي تزيد من احتمالية الإصابة بهشاشة العظم الأولية ؟
-"د. بسام" : أظهرت عدة دراسات أن للجنس وللعرق دوراً في الإصابة بتخلخل العظم وحدوث الكسور، فعلى سبيل المثال النساء ذوات البشرة البيضاء اللاتي تجاوزن سن الحيض لديهن أعلى نسبة لحوادث الكسور ويتعرضن لثلاث أرباع كسور الورك تقريباً، وعلى كل حال فالمرض يصيب النساء من كل الأعمار وكل الفئات القومية كما يصيب الرجال والأطفال، بينما تمتلك النساء ذوات البشرة السوداء أعلى كثافة للعظم وهن أقل تعرضاً لكسور الورك أما النساء من الأصل المكسيكي مثلا فيمتلكن كثافة عظم متوسطة بين الاثنين، ويعتبر الرجال المصابون بوهن العظم والنساء المصابات به قبل تجاوز سن انقطاع الطمث غالباً ما يكون لديهم أسباب ثانوية للخسارة العظمية بخلاف النساء بعد سن اليأس من الحيض..
وأضاف استشاري أمراض الغدد الصماء والهرمونات بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرغم من أن الرجال والنساء يحدث عندهم نقص في كثافة العظم وهو مرتبط بتقدم السن ابتداءً من منتصف العمر، لكن النساء يتعرضن إلى خسارة أكثر سرعة في السنوات التي تلي توقف الحيض مباشرة مما يجعل النساء أكثر عرضة لخطر الإصابة بوهن العظم بشكل مبكر، وقد تطرقنا إلى ذلك بشئ من التفصيل وأوضحنا أن الشيخوخة وتقدم العمر عاملان أساسيان في حدوث هشاشة العظم نتيجة نقص إفراز هرمون التستستيرون والإستروجين وتؤثر هذه الهرمونات على صحة الهيكل العظمي في كلا الجنسين عبر سنين العمر كلها، وتزيد نسبة الستيرويدات الجنسية المفرزة من الخصية والمبيض خاصة في مرحلة البلوغ وتؤثر إيجابا على كثافة العظم وذروة الكتلة العظمية ويلعب هرمون الاستروجين المنتج بشكل مستمر عند المراهقات والشابات دورا هاما في صيانة الكتلة العظمية ويشكل انخفاض إنتاج الاستروجين عند انقطاع الطمث عاملاً أساسياً في خسارة كثافة العظم في بقية الحياة، كما إن الاستروجينات يعتقد أن لها دوراً في نمو ونضج الهيكل العظمي عند الذكور أيضا، كما أن نقص هرمون النمو والذي يزداد بتقدم العمر يترافق مع كتلة عظم منخفضة عند كبار السن وعند الأطفال والمراهقين أيضا الذين يعانون من نقص هرمون النمو لديهم ويكونون عرضة لكتلة عظم أقل من المتوسط.
وابان د. بسام بأن الدراسات دلت أن وجود تاريخ عائلي لنقص كثافة العظم أو ما يعرف بهشاشة العظم تزيد من فرص إصابة أفراد العائلة الآخرين بهذا المرض، كما أن وجود حالات كسر عظم أخرى في الشخص نفسه أو في أحد أفراد العائلة تزيد من خطورة الإصابة أيضا، كما يدخل التدخين أيضاً في زيادة احتمال الإصابة بأمراض كثيرة منها هشاشة العظم لما من سموم التدخين من آثار سلبية متعددة على العظم، وايضا يعتبر إدمان الكحول من العوامل الخطورة في هشاشة العظام وذلك يعود بأن تأثير الكحول السلبي لا يقتصر على الكبد والقلب والمعدة فقط بل يتعداه إلى العظم وتكوينه وتماسكه.
( الرياض ) : تطرقت إلى مشكلة هشاشة العظم الثانوية والتي تنشأ عن استخدام بعض الأدوية أو الظروف الطبية الأخرى ، ماهي ابرز تلك الأدوية؟
"د. بسام ": توجد هناك عدة مشاكل طبية تترافق مع وهن العظم وتزيد من خطر حدوث الكسور العظمية، ومن تلك الأسباب الثانوية التي تؤدي الى وهن العظم استخدام الكورتيزون، وهو دواء يستخدم في علاج الكثير من الأمراض مثل التهاب المفاصل وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة وبعض الأمراض الجلدية وأمراض الغدة الكظرية وبعض الأمراض السرطانية والأورام، وكذلك يستخدم عند زراعة الأعضاء وزراعة نخاع العظم، ولذلك يقترح بعض الخبراء أن المريض الذي يستخدم جرعة فموية من الكورتيزون تزيد على 5 ملغرامات أو أكثر لمدة تتجاوز الشهرين أو أكثر فهو معرض لخطر خسارة عظمية كبيرة من كثافة العظم.
كما يستخدم الكورتيزون في الأطفال أيضا ولا نعلم بشكل واضح ما هي الآثار البعيدة المدى على صحة العظم الناتجة عن فترات علاجية متقطعة من الستيرويدات المستنشقة لعلاج الربو مثلا.
ومن الأدوية الأخرى التي قد تسبب هشاشة العظم هرمونات الغدة الدرقية الزائدة ومضادات الاختلاج ومضادات الحموضة الحاوية على الألمنيوم والميتوتريكسات المستخدمة لعلاج السرطان والسيكلوسبورينA كعامل لتثبيط المناعة وعلاج الهيبارين المسيل للدم وعلاج الكوليسترامين المستخدم للتحكم بمستوى كولسترول الدم.
ومن الأمراض التي تسبب هشاشة العظم أمراض الجهاز الهضمي والتي تتصف بضعف الامتصاص ومنها التليف الكيسي ومرض الأمعاء الالتهابي والداء البطني (حساسية القمح) وغيرها.
* ( الرياض ) : هل يوجد مؤشرات تحذيرية يستطيع الشخص من خلالها تشخيص نفسه بإصابته بهذا الداء ؟
-"د. بسام" : يعتبر الكشف المبكر عن مرض هشاشة العظم أمرا هاما وهناك مؤشرات تحذيرية كعلامات لهشاشة العظام من بينها فقدان طول الجسم وآلام الظهر، بالإضافة إلى ذلك حصول كسر غير متوقع بسبب تعثر بسيط، عند الكشف على المريض يمكن التأكد من وجود تخلل أو هشاشة في العظام عن طريق الأشعة السينية والتي لا تعطي تشخصياً دقيقاً. بينما يبين جهاز قياس كثافة العظم مدى التخلل الحاصل بالنسبة لعمر المريض، إن قياس كثافة العظم يجب اعتماده حيث إن ذلك يساعد الطبيب في اتخاذ قرار البدء بالعلاج بهدف الوقاية من الإصابة بالكسور الناشئة عن وهن العظم وهشاشته، وهنالك توجه في الأوساط الطبية يدفع باتجاه اعتماد قياس كثافة العظم لدى المرضى المستخدمين للستيرويدات (كورتيزونات) لفترة شهرين أو أكثر ولقياسها للمرضى التي تضع حالاتهم الصحية في خطر كبير للإصابة بكسر ناشئ عن وهن العظم.
وأضاف د. بسام بأن هناك عدة وسائل إشعاعية لقياس كثافة العظم ولتقييم كثافة العظم المعدنية في مواقع متعددة من الهيكل العظمي بما فيها أطراف الهيكل والورك والعمود الفقري ، مؤكداً أن منظمة الصحة العالمية اختارت قياسات معينة لكثافة العظم تسمى BMD لتأسيس معيار لتشخيص وهن العظم وتعرف نتيجة T-score بعدد الانحرافات المعيارية أعلى أو أدنى من القيمة المتوسطة لقيمة لكثافة العظم المعدنية وهذه النتيجة تختلف عن نتيجة Z-score . وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فالمريض يكون مصاباً بهشاشة العظم عندما تكون نتيجة T-score على الأقل 2.5 انحراف معياري. إن نتائج اختبارات كثافة العظم والفحص الطبي الشامل يساعد الطبيب لتحديد استراتيجيات قادرة على جعل المرضى يتجنبون مرض وهن العظم.
*( الرياض ) : ما طرق الوقاية من مرض هشاشة العظم ؟
-"د. بسام" : إن النمو في حجم العظم وزيادة قوته لايحدث في الكبر فقط، ولكن العملية مستمرة وتبدأ من مرحلة الطفولة ولذلك فإن العناية بالعظم تبدأ من مرحلة الطفولة وليس فقط في مرحلة البلوغ أوما بعد البلوغ ففي خلال الطفولة وما بعدها هي مرحلة تراكم للعظم وهذا التراكم العظمي والنمو العظمي لا يكتمل حتى العقد الثالث من العمر. إن كتلة العظم المكتسبة في مقتبل الحياة ربما كانت العامل المحدد الأهم لصحة العظم طوال الحياة.
وتبدي العوامل الوراثية تأثيرا قويا ربما كان مهيمناً في تحديد قمة كتلة العظم، لكن العوامل الفيزيولوجية والبيئية والعوامل المرتبطة بنمط الحياة القابلة للتعديل قد تلعب أيضاً دوراً مهماً ومن هذه العوامل القابلة للتعديل التغذية السليمة وكمية الهرمونات الجنسية في سن البلوغ وممارسة النشاط البدني الرياضي من عدمه وتدخين السجائر من عدمها. وتناول الكحول من عدمه، مبيناً أنها جميعها عوامل تساعد أو تعيق اكتمال كثافة العظم وزيادة قوته، ولذلك ننصح دوما بالتغذية السليمة المحتوية على القدر الكافي من الكالسيوم والتعرض الكافي للشمس وممارسة الرياضة وتجنب التدخين والامتناع عن شرب الكحول. فهذه أهم الوسائل الوقائية من مرض هشاشة العظم، ويعتبر النظام الغذائي المتوازن مع سعرات حرارية كافية من مغذيات مناسبة يشكل الأساس لتطوير كل أنسجة الجسم بما فيها النسيج العظمي كما أن التغذية المناسبة والكافية مهمة لكل الأفراد ولكن لا يلتزم جميع الأفراد بنظام غذائي مثالي يناسب صحة العظم ولذلك فإن دعم الغذاء بالكالسيوم وفيتامين دال قد يكون ضرورياً، ومن جهة أخرى فإن النظام الغذائي الذي يحتوي على كمية عالية من البروتينات يؤدي إلى زيادة إفراز الكالسيوم في البول وقد تمّ ربطه بزيادة خطر الكسور.
ونبه د. بسام إلى تناول الكم الكافي من الكالسيوم حيث يوصي الأطباء بتناول 800 ملغ /اليوم كالسيوم للأطفال من سن السادسة حتى الثامنة و1200ملغ/اليوم للأطفال والمراهقين من سن التاسعة إلى السابعة عشرة ومع ذلك يقدر أن 25% فقط من الأولاد و10% من البنات من سن 9 إلى17عاماً يطبقون هذه التوصيات، ومن العوامل التي تؤدي إلى انخفاض الكالسيوم المتناول انخفاض استهلاك منتجات الألبان بشكل عام والاستهلاك المرتفع للمشروبات الفقيرة بالكالسيوم كالمشروبات الغازية، فحمض الفسفور المستخدم في المياه الغازية يعتقد أنه يضعف العظم عبر تداخله مع قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم وقد ذكرت بعض التقارير أن الأطفال الذين يشربون المياه الغازية بدلاً من الحليب يمتلكون عظاماً أكثر ضعفاً من غيرهم وهم أكثر عرضة للكسور العظمية، كما أن لفيتامين دال دورا ضروريا للحصول على الامتصاص المثالي للكالسيوم وهذا يجعله مهماً لصحة العظم. إن كمية فيتامين دال الموصى بها للبالغين هي 400 إلى 600 وحدة يومياً.
واشار د. بسام الى أن النشاط البدني المنظم له فوائد صحية كثيرة لكل الأعمار وقد تم التحقق من فوائد النشاط البدني عبر دراسات وتجارب سريرية مختلفة، ويوجد دليل قوي بأن النشاط البدني المبكر في الحياة يساهم في الحصول على ذروة أعلى لكتلة العظم وهنالك بعض الأدلة التي تشير إلى أن التمارين الشديدة يحتمل أن تكون الأكثر فائدة، كما أن للتمارين الرياضية في منتصف العمر فوائد صحية عديدة، ومن الواضح أن التمارين في الأعمار المتقدمة حتى فوق تسعين عاماً تفيد أكثر من مجرد مضاعفة حجم العضلات والقوة في الأفراد ضعيفي البنية، وهنالك أدلة مقنعة تؤكد أن التمارين عند المسنين تحسن من أداء الفرد وتطيل فترة استقلاله عن معونة الآخرين وبالتالي تساهم في تحسين نوعية الحياة.
وتطرق الى الوسائل الوقائية والعلاجية لهشاشة العظم لدى النساء بعد إنقطاع الطمث هو تعويضهم بهرمون الإستروجين والذي يبدأ عادة بعيد إنقطاع الحيض.
*( الرياض ) : ما هو العلاج الطبي الذي يمنح للمصابين ؟
- "د. بسام" : يشمل علاج هشاشة العظام تناول القدر الكافي من الكالسيوم وهو عبارة عن 1200 مليجرام يوميا وفيتامين دال وهو عبارة عن 400 الى 800 وحدة يوميا إلى 1000 وحدة، وهناك جرعات أكبر من فيتامين دال ويمكن إعطاؤها وتقدر ب 50 ألف وحدة أسبوعيا ومن العلاجات الجديدة البيسفوسفونات وهو يزيد من كثافة العظم في العمود الفقري والورك بشكل معتمد على الجرعة ويتم ذلك بتخفيض ارتشاف العظم و لديها القدرة على خفض معدل الكسور الفقرية بمعدل 30 الى 50 في المائة، وايضاً المعالجة بالتعويض بالهرمونات الأنثوية وبينت التجارب أن العلاج بالتعويض بالهرمونات ادى لانخفاض خطر الكسور الفقرية، بالاضافة الى علاج الكالسيتونين وهو فعال في علاج وهن العظم إذا أعطي بجرعة 100وحدة يومياً تحت الجلد أو بالعضل أو عبر الأنف وهو خيار جيد لعلاج وهن العظم عند النساء بعد سن توقف الطمث من اللواتي لا يستطعن استخدام الاستروجين وعند المرضى المسنين المصابين بكسور مؤلمة ناشئة عن السقوط.
المصدر: صحيفة الرياض
د. بسام بن عباس
يعتبر مرض هشاشة العظام أو مرض وهن العظام أو ما قد يعرف بتخلخل العظم من أكثر الأمراض انتشارا في العالم أجمع، وإذا نظرنا إلى عالمنا العربي سنجد أن هذا المرض أكثر انتشارا ومضاعفاته أكثر استفحالا، ولذا سنلقي الضوء على مسببات هذا المرض وطرق علاجه ووسائل الوقاية منه مع استشاري أمراض الغدد الصماء والهرمونات بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وعضو الجمعية السعودية للغدد الصم والاستقلاب د. بسام بن صالح بن عباس، فالي ثنايا الحوار :
* ( الرياض ) : ما مدى انتشار مرض هشاشة العظام لدى المواطنين ؟
-"د. بسام" : مرض هشاشة العظام هو مرض يصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال، فهو يصيب تقريبا نصف النساء بعد سن السبعين بينما يصيب ثلث الرجال بعد هذا العمر، وكلما تقدم بنا العمر قلت كثافة العظم فالهيكل العظمي يفقد كثافته بمعدل 0,3% لدى الرجل و0,5 % لدى المرأة سنويا، ويبدأ هذا الفقدان في منتصف سن العشرينات وقد يزداد هذا المعدل فوق سن الأربعين ويصبح الأمر أكثر حدوثا بعد انقطاع الطمث لدى النساء، حيث يزداد معدل الفقدان ليصبح 2-3 % سنويا وتكون العظام هشة ورقيقة مما قد يعرضها للكسر بسهولة وهنا تكمن خطورة هذا المرض فهو مسبب رئيسي للإعاقة والعجز الحركي.
وأبان د . بسام أن من أبرز الدراسات المحلية دراسة علمية لجامعة الملك عبد العزيز بجدة قامت من خلال فريق علمي منذ 15 عاما، بدراسة بحثية عن أمراض هشاشة العظام في المجتمع السعودي وخلصت الجامعة من خلال أبحاث الكراسي العلمية لهشاشة العظام إلى أن جملة الخسائر التي تتكبدها الدولة من جراء علاج ورعاية المصابين بكسور بسبب هشاشة العظام في المملكة العربية السعودية قدر بأكثر من 20 مليار ريال وسترتفع هذه التقديرات إلى 32 مليار ريال بحلول عام 2030 وهي أرقام عالية جدا وتفوق ما يصرف على مستشفيات وزارة الصحة حاليا.
وأوضح أن من بين الدراسات التي أجرتها الجامعة دراسة عن مستويات فيتامين (د) في فئات المجتمع السعودي من الجنسين، حيث تمت دراسة مدى عوز نقص فيتامين (د) في فئات المجتمع السعودي وخلال فترة الرضاعة والحمل والتغييرات الهرمونية والغذائية والعلاجية والكثافة الكتلية العظمية لدى مرضى البول السكري، لافتا النظر إلى دراسة أخرى أجريت على مستوى المملكة من خلال عينة عشوائية تمثل أفراد المجتمع تبلغ 5 آلاف شملت الجنسين من فئات عمرية مختلفة بدءا من 20 إلى 89 عاما وتم تحديد القياسات العيارية للكثافة المعدنية المستخدمة في تشخيص هشاشة العظام باستخدام أحدث التقنيات الحديثة المعمول بها دوليا لكل فئات الاعمار من 20 إلى 79 عاما وتوصلت الدراسة إلى تحديد مدى انتشار هشاشة العظام في الرجال والنساء من أفراد المجتمع السعودي، وكانت النتائج أن نسب الإصابة بين الرجال تصل إلى 32.2 في المائة بينما تصل إلى 44.5 في المائة بين النساء فوق سن الخمسين عاما.
* ( الرياض ) : هل للغذاء أو لهرمونات الجسم دور في المحافظة على كثافة العظم ؟
- "د. بسام ": بالتأكيد هناك نظام غذائي هرموني هام يتحكم في العظم وفي المحافظة على كثافته ويضم هذا التنظيم الهرموني كلا من هرمون الغدة جار الدرقية الذي يزيد من نسبة الكالسيوم في الدم ويقلل من كثافة العظم، وهرمون الغدة الدرقية الكالسوتونين الذي يقلل من نسبة الكالسيوم في الدم، وهرمون التستستيرون الذكري وهرمون الإستروجين الأنثوي والذي يعمل كل منهما على زيادة كثافة العظم، وهرمون الغدة النخامية وهو هرمون النمو الذي يزيد من كثافة العظم، وفيتامين دال الذي يزيد من نسبة الكالسيوم في الدم، بالإضافة الى بعض المعادن الهامة مثل الكالسيوم والفوسفات وغيرها من المعادن والتي تلعب دورا هاما في كثافة العظم.
وأفاد استشاري أمراض الغدد الصماء والهرمونات بمستشفى الملك فيصل التخصصي أن لمرض هشاشة العظم علاقة بما يعرف بالتمثيل الغذائي وكيفية تنظيم الكالسيوم وبقية الفيتامينات في الجسم، فالهيكل العظمي الذي يحمي الجسم يعتبر مخزنا للكالسيوم الذي له وظيفة هامة وحيوية في نشاط الخلايا ووظائف القلب والاتصال بين الأعصاب، وهذا يتطلب وجوده بنسبة كافية بالدم لهذا الغرض الوظيفي، فلو قل معدل الكالسيوم عن مستواه الطبيعي يستعوضه الدم من المخزون المتواجد بالعظام، ولذا كان من الضروري الحفاظ على نسبة كافية من الكالسيوم في الدم ويكون ذلك بالحرص على تناول كمية كافية منه، موضحاً إن عملية ترسيب الكالسيوم بالعظام أو انطلاقه بالدم ينظمها النشاط الهرموني والفيتامينات وحاجة الجسم للكالسيوم سواء بالدم أو العظام، ويلعب فيتامين دال دورا هاما في امتصاص الكالسيوم في الجهاز الهضمي والكلى وحمله في الدم ومن ثم إيصاله إلى العظام.
* ( الرياض ) : أوضحت أن هنالك علاقة عمرية للإصابة بهذا الداء بالإضافة إلى علاقة الهرمونات والغذاء للإصابة فهل له أنواع معينة؟
-"د. بسام" : هناك نوعان أساسيان لهشاشة العظام وهي هشاشة العظم الأولية ويمكن أن يحدث في الجنسين، وفي كل الأعمار ولكن غالباً يحدث عند النساء بعد سن توقف الحيض ويحدث في سن متأخرة عند الرجال بالمقارنة، كما أن النوع الآخر هي هشاشة العظم الثانوية
و ينشأ عن استخدام بعض الأدوية أو الظروف الطبية الأخرى كبعض الأمراض والتي تؤثر سلبا على العظم.
* ( الرياض ) : سلطت الضوء سابقا على سبب هشاشة العظم الأولية هل منحتنا مزيدا من التفاصيل حول هذا الداء ؟
-"د. بسام" : من أهم مسببات هذا النوع من وهن العظم أو هشاشة العظم الشيخوخة لدى الرجال وانقطاع الطمث لدى النساء ويتصف تخلخل العظم أو ترقق العظام لدى النساء أو الرجال بانخفاض كتلة العظم ويشكل تهديداً هاما لملايين الأمريكيين حيث تكون الإحصائيات أكثر وضوحا ودقة منها في عالمنا العربي، فتشير أحد التقارير بوجود 10 ملايين أمريكي مصاب بوهن العظم و 18 مليوناً آخرين معرضين لخطر الإصابة به.
ونظراً لازدياد الشيخوخة في سكان الولايات المتحدة الأمريكية كما هو الحال في عالمنا العربي فمن المتوقع أن تتضاعف نسبة حدوث هذا النوع من هشاشة العظم وبالتالي تتضاعف نسبة مضاعفاته في الأعوام القادمة كما، بلا شك ستتضاعف تكلفة العلاج سواء للمرض نفسه أو لمضاعفات المرض.
وتقدر نفقات علاج الكسور الناشئة عن تخلخل العظم ب1015 مليار دولار سنوياً كما هو موثق في أحد المواقع العلمية الإلكترونية وهذا الرقم أخذ معظمه من نفقات المرضى المنومين في المستشفيات ولا يشمل نفقات علاج الأفراد الذين لم يتعرضوا للكسور كما لا يشمل حساب النفقات غير المباشرة من فقدان الأجور أو انخفاض الإنتاجية للفرد المصاب وللشخص الذي تقدم له العناية.
إن وهن العظم له آثار كبيرة على الفرد وأسرته ومجتمعه منها المالية والبدنية والنفسية فكسر الورك مثلاً يحدث تأثيراً كبيراً على نوعية الحياة وقد أظهر استطلاع للرأي أن 80% من النساء بعمر يزيد على سن 75 سنة يفضلن الموت على كسر الورك الشديد والذي يؤدي بهن إلى البقاء في المنزل قيد العلاج. ومن المعلوم أن الكسر المتسبب عن وهن العظم يصاحبه صعوبة في النشاطات الحياتية اليومية، فإن ثلث المرضى فقط يستعيدون المستوى الوظيفي السابق للكسر كما أن ثلث المرضى يحتاجون إلى التمريض والاقامة في المنزل، وتذكر الدراسات أن هناك حالات من الخوف والقلق والاكتئاب لدى النساء اللواتي شخص لديهن مرض هشاشة العظم، فمضاعفات هذا المرض لا تتوقف على العجز الكامل أو الجزئي ولكن تتعداه إلى تبعات نفسية متعددة.
ويتضح لنا هنا من ربط مرض وهن العظم بالشيخوخة بأن السبب الهرموني لهذا المرض هو نقص هرمون الإستروجين لدى المرأة ونقص هرمون التستستيرون لدى الرجل.
* ( الرياض ) : ما هي عوامل الخطورة التي تزيد من احتمالية الإصابة بهشاشة العظم الأولية ؟
-"د. بسام" : أظهرت عدة دراسات أن للجنس وللعرق دوراً في الإصابة بتخلخل العظم وحدوث الكسور، فعلى سبيل المثال النساء ذوات البشرة البيضاء اللاتي تجاوزن سن الحيض لديهن أعلى نسبة لحوادث الكسور ويتعرضن لثلاث أرباع كسور الورك تقريباً، وعلى كل حال فالمرض يصيب النساء من كل الأعمار وكل الفئات القومية كما يصيب الرجال والأطفال، بينما تمتلك النساء ذوات البشرة السوداء أعلى كثافة للعظم وهن أقل تعرضاً لكسور الورك أما النساء من الأصل المكسيكي مثلا فيمتلكن كثافة عظم متوسطة بين الاثنين، ويعتبر الرجال المصابون بوهن العظم والنساء المصابات به قبل تجاوز سن انقطاع الطمث غالباً ما يكون لديهم أسباب ثانوية للخسارة العظمية بخلاف النساء بعد سن اليأس من الحيض..
وأضاف استشاري أمراض الغدد الصماء والهرمونات بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرغم من أن الرجال والنساء يحدث عندهم نقص في كثافة العظم وهو مرتبط بتقدم السن ابتداءً من منتصف العمر، لكن النساء يتعرضن إلى خسارة أكثر سرعة في السنوات التي تلي توقف الحيض مباشرة مما يجعل النساء أكثر عرضة لخطر الإصابة بوهن العظم بشكل مبكر، وقد تطرقنا إلى ذلك بشئ من التفصيل وأوضحنا أن الشيخوخة وتقدم العمر عاملان أساسيان في حدوث هشاشة العظم نتيجة نقص إفراز هرمون التستستيرون والإستروجين وتؤثر هذه الهرمونات على صحة الهيكل العظمي في كلا الجنسين عبر سنين العمر كلها، وتزيد نسبة الستيرويدات الجنسية المفرزة من الخصية والمبيض خاصة في مرحلة البلوغ وتؤثر إيجابا على كثافة العظم وذروة الكتلة العظمية ويلعب هرمون الاستروجين المنتج بشكل مستمر عند المراهقات والشابات دورا هاما في صيانة الكتلة العظمية ويشكل انخفاض إنتاج الاستروجين عند انقطاع الطمث عاملاً أساسياً في خسارة كثافة العظم في بقية الحياة، كما إن الاستروجينات يعتقد أن لها دوراً في نمو ونضج الهيكل العظمي عند الذكور أيضا، كما أن نقص هرمون النمو والذي يزداد بتقدم العمر يترافق مع كتلة عظم منخفضة عند كبار السن وعند الأطفال والمراهقين أيضا الذين يعانون من نقص هرمون النمو لديهم ويكونون عرضة لكتلة عظم أقل من المتوسط.
وابان د. بسام بأن الدراسات دلت أن وجود تاريخ عائلي لنقص كثافة العظم أو ما يعرف بهشاشة العظم تزيد من فرص إصابة أفراد العائلة الآخرين بهذا المرض، كما أن وجود حالات كسر عظم أخرى في الشخص نفسه أو في أحد أفراد العائلة تزيد من خطورة الإصابة أيضا، كما يدخل التدخين أيضاً في زيادة احتمال الإصابة بأمراض كثيرة منها هشاشة العظم لما من سموم التدخين من آثار سلبية متعددة على العظم، وايضا يعتبر إدمان الكحول من العوامل الخطورة في هشاشة العظام وذلك يعود بأن تأثير الكحول السلبي لا يقتصر على الكبد والقلب والمعدة فقط بل يتعداه إلى العظم وتكوينه وتماسكه.
( الرياض ) : تطرقت إلى مشكلة هشاشة العظم الثانوية والتي تنشأ عن استخدام بعض الأدوية أو الظروف الطبية الأخرى ، ماهي ابرز تلك الأدوية؟
"د. بسام ": توجد هناك عدة مشاكل طبية تترافق مع وهن العظم وتزيد من خطر حدوث الكسور العظمية، ومن تلك الأسباب الثانوية التي تؤدي الى وهن العظم استخدام الكورتيزون، وهو دواء يستخدم في علاج الكثير من الأمراض مثل التهاب المفاصل وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة وبعض الأمراض الجلدية وأمراض الغدة الكظرية وبعض الأمراض السرطانية والأورام، وكذلك يستخدم عند زراعة الأعضاء وزراعة نخاع العظم، ولذلك يقترح بعض الخبراء أن المريض الذي يستخدم جرعة فموية من الكورتيزون تزيد على 5 ملغرامات أو أكثر لمدة تتجاوز الشهرين أو أكثر فهو معرض لخطر خسارة عظمية كبيرة من كثافة العظم.
كما يستخدم الكورتيزون في الأطفال أيضا ولا نعلم بشكل واضح ما هي الآثار البعيدة المدى على صحة العظم الناتجة عن فترات علاجية متقطعة من الستيرويدات المستنشقة لعلاج الربو مثلا.
ومن الأدوية الأخرى التي قد تسبب هشاشة العظم هرمونات الغدة الدرقية الزائدة ومضادات الاختلاج ومضادات الحموضة الحاوية على الألمنيوم والميتوتريكسات المستخدمة لعلاج السرطان والسيكلوسبورينA كعامل لتثبيط المناعة وعلاج الهيبارين المسيل للدم وعلاج الكوليسترامين المستخدم للتحكم بمستوى كولسترول الدم.
ومن الأمراض التي تسبب هشاشة العظم أمراض الجهاز الهضمي والتي تتصف بضعف الامتصاص ومنها التليف الكيسي ومرض الأمعاء الالتهابي والداء البطني (حساسية القمح) وغيرها.
* ( الرياض ) : هل يوجد مؤشرات تحذيرية يستطيع الشخص من خلالها تشخيص نفسه بإصابته بهذا الداء ؟
-"د. بسام" : يعتبر الكشف المبكر عن مرض هشاشة العظم أمرا هاما وهناك مؤشرات تحذيرية كعلامات لهشاشة العظام من بينها فقدان طول الجسم وآلام الظهر، بالإضافة إلى ذلك حصول كسر غير متوقع بسبب تعثر بسيط، عند الكشف على المريض يمكن التأكد من وجود تخلل أو هشاشة في العظام عن طريق الأشعة السينية والتي لا تعطي تشخصياً دقيقاً. بينما يبين جهاز قياس كثافة العظم مدى التخلل الحاصل بالنسبة لعمر المريض، إن قياس كثافة العظم يجب اعتماده حيث إن ذلك يساعد الطبيب في اتخاذ قرار البدء بالعلاج بهدف الوقاية من الإصابة بالكسور الناشئة عن وهن العظم وهشاشته، وهنالك توجه في الأوساط الطبية يدفع باتجاه اعتماد قياس كثافة العظم لدى المرضى المستخدمين للستيرويدات (كورتيزونات) لفترة شهرين أو أكثر ولقياسها للمرضى التي تضع حالاتهم الصحية في خطر كبير للإصابة بكسر ناشئ عن وهن العظم.
وأضاف د. بسام بأن هناك عدة وسائل إشعاعية لقياس كثافة العظم ولتقييم كثافة العظم المعدنية في مواقع متعددة من الهيكل العظمي بما فيها أطراف الهيكل والورك والعمود الفقري ، مؤكداً أن منظمة الصحة العالمية اختارت قياسات معينة لكثافة العظم تسمى BMD لتأسيس معيار لتشخيص وهن العظم وتعرف نتيجة T-score بعدد الانحرافات المعيارية أعلى أو أدنى من القيمة المتوسطة لقيمة لكثافة العظم المعدنية وهذه النتيجة تختلف عن نتيجة Z-score . وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فالمريض يكون مصاباً بهشاشة العظم عندما تكون نتيجة T-score على الأقل 2.5 انحراف معياري. إن نتائج اختبارات كثافة العظم والفحص الطبي الشامل يساعد الطبيب لتحديد استراتيجيات قادرة على جعل المرضى يتجنبون مرض وهن العظم.
*( الرياض ) : ما طرق الوقاية من مرض هشاشة العظم ؟
-"د. بسام" : إن النمو في حجم العظم وزيادة قوته لايحدث في الكبر فقط، ولكن العملية مستمرة وتبدأ من مرحلة الطفولة ولذلك فإن العناية بالعظم تبدأ من مرحلة الطفولة وليس فقط في مرحلة البلوغ أوما بعد البلوغ ففي خلال الطفولة وما بعدها هي مرحلة تراكم للعظم وهذا التراكم العظمي والنمو العظمي لا يكتمل حتى العقد الثالث من العمر. إن كتلة العظم المكتسبة في مقتبل الحياة ربما كانت العامل المحدد الأهم لصحة العظم طوال الحياة.
وتبدي العوامل الوراثية تأثيرا قويا ربما كان مهيمناً في تحديد قمة كتلة العظم، لكن العوامل الفيزيولوجية والبيئية والعوامل المرتبطة بنمط الحياة القابلة للتعديل قد تلعب أيضاً دوراً مهماً ومن هذه العوامل القابلة للتعديل التغذية السليمة وكمية الهرمونات الجنسية في سن البلوغ وممارسة النشاط البدني الرياضي من عدمه وتدخين السجائر من عدمها. وتناول الكحول من عدمه، مبيناً أنها جميعها عوامل تساعد أو تعيق اكتمال كثافة العظم وزيادة قوته، ولذلك ننصح دوما بالتغذية السليمة المحتوية على القدر الكافي من الكالسيوم والتعرض الكافي للشمس وممارسة الرياضة وتجنب التدخين والامتناع عن شرب الكحول. فهذه أهم الوسائل الوقائية من مرض هشاشة العظم، ويعتبر النظام الغذائي المتوازن مع سعرات حرارية كافية من مغذيات مناسبة يشكل الأساس لتطوير كل أنسجة الجسم بما فيها النسيج العظمي كما أن التغذية المناسبة والكافية مهمة لكل الأفراد ولكن لا يلتزم جميع الأفراد بنظام غذائي مثالي يناسب صحة العظم ولذلك فإن دعم الغذاء بالكالسيوم وفيتامين دال قد يكون ضرورياً، ومن جهة أخرى فإن النظام الغذائي الذي يحتوي على كمية عالية من البروتينات يؤدي إلى زيادة إفراز الكالسيوم في البول وقد تمّ ربطه بزيادة خطر الكسور.
ونبه د. بسام إلى تناول الكم الكافي من الكالسيوم حيث يوصي الأطباء بتناول 800 ملغ /اليوم كالسيوم للأطفال من سن السادسة حتى الثامنة و1200ملغ/اليوم للأطفال والمراهقين من سن التاسعة إلى السابعة عشرة ومع ذلك يقدر أن 25% فقط من الأولاد و10% من البنات من سن 9 إلى17عاماً يطبقون هذه التوصيات، ومن العوامل التي تؤدي إلى انخفاض الكالسيوم المتناول انخفاض استهلاك منتجات الألبان بشكل عام والاستهلاك المرتفع للمشروبات الفقيرة بالكالسيوم كالمشروبات الغازية، فحمض الفسفور المستخدم في المياه الغازية يعتقد أنه يضعف العظم عبر تداخله مع قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم وقد ذكرت بعض التقارير أن الأطفال الذين يشربون المياه الغازية بدلاً من الحليب يمتلكون عظاماً أكثر ضعفاً من غيرهم وهم أكثر عرضة للكسور العظمية، كما أن لفيتامين دال دورا ضروريا للحصول على الامتصاص المثالي للكالسيوم وهذا يجعله مهماً لصحة العظم. إن كمية فيتامين دال الموصى بها للبالغين هي 400 إلى 600 وحدة يومياً.
واشار د. بسام الى أن النشاط البدني المنظم له فوائد صحية كثيرة لكل الأعمار وقد تم التحقق من فوائد النشاط البدني عبر دراسات وتجارب سريرية مختلفة، ويوجد دليل قوي بأن النشاط البدني المبكر في الحياة يساهم في الحصول على ذروة أعلى لكتلة العظم وهنالك بعض الأدلة التي تشير إلى أن التمارين الشديدة يحتمل أن تكون الأكثر فائدة، كما أن للتمارين الرياضية في منتصف العمر فوائد صحية عديدة، ومن الواضح أن التمارين في الأعمار المتقدمة حتى فوق تسعين عاماً تفيد أكثر من مجرد مضاعفة حجم العضلات والقوة في الأفراد ضعيفي البنية، وهنالك أدلة مقنعة تؤكد أن التمارين عند المسنين تحسن من أداء الفرد وتطيل فترة استقلاله عن معونة الآخرين وبالتالي تساهم في تحسين نوعية الحياة.
وتطرق الى الوسائل الوقائية والعلاجية لهشاشة العظم لدى النساء بعد إنقطاع الطمث هو تعويضهم بهرمون الإستروجين والذي يبدأ عادة بعيد إنقطاع الحيض.
*( الرياض ) : ما هو العلاج الطبي الذي يمنح للمصابين ؟
- "د. بسام" : يشمل علاج هشاشة العظام تناول القدر الكافي من الكالسيوم وهو عبارة عن 1200 مليجرام يوميا وفيتامين دال وهو عبارة عن 400 الى 800 وحدة يوميا إلى 1000 وحدة، وهناك جرعات أكبر من فيتامين دال ويمكن إعطاؤها وتقدر ب 50 ألف وحدة أسبوعيا ومن العلاجات الجديدة البيسفوسفونات وهو يزيد من كثافة العظم في العمود الفقري والورك بشكل معتمد على الجرعة ويتم ذلك بتخفيض ارتشاف العظم و لديها القدرة على خفض معدل الكسور الفقرية بمعدل 30 الى 50 في المائة، وايضاً المعالجة بالتعويض بالهرمونات الأنثوية وبينت التجارب أن العلاج بالتعويض بالهرمونات ادى لانخفاض خطر الكسور الفقرية، بالاضافة الى علاج الكالسيتونين وهو فعال في علاج وهن العظم إذا أعطي بجرعة 100وحدة يومياً تحت الجلد أو بالعضل أو عبر الأنف وهو خيار جيد لعلاج وهن العظم عند النساء بعد سن توقف الطمث من اللواتي لا يستطعن استخدام الاستروجين وعند المرضى المسنين المصابين بكسور مؤلمة ناشئة عن السقوط.
المصدر: صحيفة الرياض