• ×
admin

وكيف نصحّح الخلل

.. وكيف نصحّح الخلل؟!


يوسف الكويليت

كارثة سيول جدة، لو لم تحدث لربما فقدت زخمها، لكنها كشفت عمّا كان مسكوتاً عنه خلال عدة عقود، ولعل تشكيل لجنة التقصي والتحقيق أعطى الموضوع وضعاً يلائم القضية، إذ من غير المنطقي أن تصل الكارثة للاستهتار بالمكان الذي أدى إلى موتى وخسائر في الأموال والممتلكات، ولا نعتقد أن الدولة بهذا الإجراء كانت لها أحكام مسبقة أو عداء مع أحد، إذا ماعلمنا أنها كلّفت العاملين والذين تسببوا في المشكلة من خلال الثقة المطلقة شأن العاملين في مختلف المراكز والدوائر، وبالتالي لا يمكن الشك بأن كل عامل فاسد، أو العكس..

ومثلما شُكلت إدارات للمراقبة والمظالم، وهيئة تحقيق، فالموضوع هو بداية للتصحيح بإعطاء تلك الإدارات دورها الفاعل، وهي صيغة معمول بها ، وشريعتنا الإسلامية لديها من النصوص ما جعل الحقوق ثابتة، ومثلها الجزاءات، فقد قُتل القاتل، وقطعت يد السارق، ورُجمت الزانية، ونحن في ظرف لم تختلف فيه الوقائع، وإن تغير الزمن، لكن الفساد بقي كشأن إنساني عام، ونحن لسنا استثناءً، لكن أن يستشري فقد يتحول إلى ظاهرة معقدة تجرّ معها قضايا أخرى..

التصحيح وارد إذا ماأدرك المسؤولون أن وطننا مقبل على نهضة كبيرة، لابد أن يدعمها تغيير في الهياكل الإدارية والاقتصادية وحماية المال العام من أي تلاعب، ولعل مدينة جدة التي حصلت على ميزانيات ضخمة لم تكن حالة المراقبة والانضباط في بعض الإدارات على نفس الكفاءة من العطاء من الدولة. والحادث ولّد قناعة أننا بحاجة إلى مراجعة أساليبنا التي أوجدت هذا الخلل الكبير، ونعتقد أن نتائج التحقيقات قد ترسم مساراً جديداً يفتح الباب للكشف عن تجاوزات أخرى مما يمهد لإصلاح إداري واسع ، وهي مهمة طويلة وشاقة لكن الطريق يبدأ بخطوة..

الملك عبدالله رسم خطوطاً كبيرة لإنشاء الدولة الحديثة بمؤسساتها وعطاءاتها ولعل ما يحمله من روح المبادرة والإصلاح وتبني خط واضح لمشاريع أحدثت نقلة كبيرة في التعليم والتصنيع والبنية الأساسية العامة، والتي تتجه لمصلحة المواطن، أيقظت حسّ المسؤولية وكيف أن الكفاءة مع الأمانة لا فواصل بينهما، وعندما تقع أخطاء وتجاوزات تصل إلى حالات الموت، هنا تصبح المسائل معقدة وصعبة، وخادم الحرمين الشريفين تكلم في كل مناسبة أن المسؤولية مشتركة وأن القصور في أداء الواجب يمثل خيانة للوطن ومؤسساته وتطلعاته، ونحن في هذه المرحلة نقود اتجاهاً لابد أن يكون بحجم موقعنا ونظرة العالم لنا، ومع ذلك فليس وقوع خطأ ما يشكّل قصوراً عاماً بل ان الاستفادة من الواقعة تأتي لصالح صانع القرار ومنفذه..

التحقيق جار والنتائج ستكون الحكم، لكنها بداية لوضع حد للتجاوزات أياً كان مصدرها..

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1344