• ×
admin

المفصل العجزي الحرقفي.. الآلام المبرحة تترافق مع صعوبة في التشخيص

المفصل العجزي الحرقفي.. الآلام المبرحة تترافق مع صعوبة في التشخيص
العلاج يبدأ باستخدام الأدوية المضادة للالتهابات والمسكنة ..والتدخل الجراحي نادراً ما يلجأ له الطبيب

د. ياسر محمد البحيري

هذه قصة حقيقية لمريض في العشرينات من العمر حضر إلى العيادة يشتكي من آلام شديدة ومبرحة في منطقة أسفل الظهر. وقد تم تشخيصه في السابق على أنه يعاني من انزلاق غضروفي (lumbar disc herniation) وتم علاجه بالأدوية والعلاج الطبيعي ولكن حالته كانت تزداد شدة مع مرور الوقت وأصبح لا يستطيع المشي بسهولة وآلام أسفل الظهر أصبحت تمنعه من ممارسة الأنشطة اليومية. وبعد مراجعة أشعات المريض وطلب أشعات جديدة تبين أنه يعاني من التهاب غير جرثومي (Inflammation) حاد وشديد في المفصل الأيمن والأيسر المعروف بالمفصل العجزي الحرقفي (sacroiliac Joint). وهذا المفصل والتهاباته هو سبب شائع لآلام أسفل الظهر ولكن كثيراً ما يتم علاج الحالة كحالة انزلاق غضروفي أو خشونة في أسفل الظهر ولا يتم الانتباه إلى التشخيص الصحيح وبالتالي لا يتم صرف العلاج المناسب والخطة العلاجية المناسبة للمريض. وعلى الرغم من أن التهابات هذا المفصل غير خطيرة إلا أنها تسبب آلاما شديدة تؤثر على حياة المريض المصاب بهذا المرض. وفيما يلي سوف نحاول التعريف بهذه المشكلة وكيف تظهر وكيفية التشخيص السليم في هذه الحالة وما هي أنواع العلاج المتاح.

من الناحية التشريحية

في الواقع فإن المفصل العجزي الحرقفي (Sacroiliac joint) يقع عند اتصال الجزء الأسفل من العمود الفقري والمعروف بالفقرات العجزية بالجزء الأيمن والأيسر من عظمتي الحوض. وهذا المفصل كبير وقوي وتقريباً تنعدم الحركة فيه وهو مثبت بأربطة أمامية وخلفية وقوية مسؤولة عن قوة المفصل وثباته حيث انه يمثل الأساس والبنية التي يتصل من خلالها العمود الفقري والجزء الأعلى من جسم الإنسان بمنطقة الحوض والجزء الأسفل من الجسم. ومن الخارج لا يظهر المفصل ولكن مكانه هو في أسفل الظهر في المنطقة التي تقع في الناحية اليمنى واليسرى من المنتصف وحيث عند الناس تكون هناك نغزة صغيرة أو انخفاض في الجلد (Dimple) في الناحية اليسرى واليمنى من أسفل الظهر وهي المنطقة التي يقع تحتها المفصل في الناحية اليمنى واليسرى. والمفصل كما ذكرنا سابقاً حركته قليلة جداً حيث يستطيع الحركة حوالي ملم إو مليمترين والدوران درجتين أو ثلاث درجات فقط لأن الغرض منه ليس توفير الحركة وإنما هو ربط الجزء الأعلى والجزء الأسفل من الجسم ببعضه البعض. وخلال الحمل وفي الجزء الأخير من الحمل وقبل الولادة تعمل بعض هرمونات الحمل على توفير بعض المرونة في هذا المفصل لكي تسهل عملية الولادة. وقد تبين أن كثرة الحمل كانت مرتبطة بحدوث الخشونة في هذين المفصلين.

الأسباب التي تؤدي إلى مشاكل المفصل العجزي الحرقفي

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور المشاكل والالتهابات والخشونة في هذا المفصل. فالحمل المتكرر كما ذكرنا سابقاً هو أحد هذه العوامل. أيضاً عند الأشخاص الذين يعانون من قصر في أحد الطرفين فإن اعوجاج الحوض يؤدي إلى ضغوط غير طبيعية على المفصل وبالتالي قد يؤدي إلى ظهور خشونة مبكرة. أيضاً إذا كانت هناك كسور في منطقة الحوض قريبة من المفصل فإن هذه الكسور قد تؤدي فيما بعد إلى ظهور خشونة مبكرة. بالإضافة إلى كل ذلك فإن هذا المفصل مثله مثل أي مفصل آخر في الجسم يكون عرضة للأمراض الروماتزمية مثل مرض الرماتويد (Rheumatoid arthritis) أو مرض النقرس (gout) أو الأمراض الأخرى (ankylosing spondylitis) التي قد تصيب المفاصل. أيضاً فإن الالتهابات الجرثومة الناتجة عن البكتيريا (Infections) يمكن لها أن تؤدي إلى التهابات جرثومية في هذا المفصل. وهذه الالتهابات الجرثومية قد تكون من أخطر الأمراض التي تصيب المفصل نظراً لشراسة البكتيريا ونظراً لتكون الصديد في المفصل وتبعاً لذلك الحاجة للتدخل الجراحي ولإخراج الصديد في كثير من الحالات.

الأعراض والتشخيص

الأعراض هي عبارة عن آلام يشعر بها المريض أو المريضة في منطقة أسفل الظهر من الناحية الخلفية تتركز في هذه المنطقة فقط وخصوصاً في المنطقة التي تقع فوق منطقة الإلية أو ما يعرف بالورك. هذه الآلام وبعكس آلام أسفل الظهر ومشاكل الانزلاق الغضروفي لا تذهب إلى الفخذ أو إلى الساق وتتركز في هذه المنطقة وتزداد مع المجهود والحركة الميكانيكية. وبالنسبة للفحص السريري فإن هذه الآلام تزداد عندما يستلقي المريض أو المريضة على ظهره وعندما يقوم بوضع الكاحل الأيمن على الركبة اليسرى ويقوم الطبيب بالضغط على الركبة اليمنى أو وضع الكاحل الأيسر على الركبة اليمنى ويقوم الطبيب بالضغط على الركبة اليسرى فإن هذه الحركات تجعل الآلام تزداد وهذا هو أهم فحص سريري في تشخيص هذه الحالة. بعد ذلك يأتي دور الأشعات والتي قد تتضمن الأشعة السينية العادية أو الأشعة المقطعية أو أشعة الرنين المغناطيسي أو حتى الأشعة النووية وهذه كلها قادرة على إظهار المفصل بوضوح وإظهار الالتهاب الواقع فيه. وفي بعض الأحيان يتم استخدام التحاليل المخبرية عندما يكون هناك شك في احتمال وجود التهابات جرثومية أو التهابات روماتزمية. كما أنه في بعض الأحيان عندما يختلط التشخيص لأمراض أخرى قد يتم اللجوء إلى الحقن الموضعي لمادة المخدر الموضعي (Local anethesia) في المفصل نفسه وإذا اختفى الألم أو قلّ بشكل كبير بعد عملية الحقن فإن هذا دليل على أن الآلام التي يشعر بها المريض هي فعلاً ناتجة من المشكلة من هذا المفصل.

العلاج غير الجراحي

وعادةً ما يبدأ علاج هذه الحالات عن طريق العلاج التحفظي غير الجراحي وذلك باستخدام الأدوية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة للآلام والأودية المرخية للعضلات. أيضاً يتم نصح المريض أو المريضة بمحاولة تقليل النشاطات التي تؤدي إلى ظهور الآلام مثل الرياضات العنيفة والمجهود البدني الشديد. كما أن هناك بعض الأحزمة الطبية المتوفرة التي تساعد على تقليل الحركة حول هذا المفصل وبالتالي إلى تخفيف الأدوية. أما العلاج الطبيعي فهو يلعب دوراً مهماً في علاج هذه الحالات عندما يتم تطبيقه بشكل صحيح. وإذا ما فشلت الطرق التي ذكرناها سابقاً في إزالة الأعراض وإعادة المريض أو المريضة لممارسة الأنشطة الحياتية بشكل طبيعي فإن هناك حلا ممتازا وسريعا وفعالا في التخفيف عن المرضى وذلك عن طريق الحقنة الموضعية التي تحتوي على مادة الديبومدرول ذات الخاصية المضادة للالتهاب. وهذه الحقنة يتم حقنها بشكل مباشر داخل المفصل وتؤدي إلى تخفيف الالتهابات بشكل قوي وسريع وفعال وقد يدوم مدى الحياة في معظم الحالات بإذن الله. وأيضاً هناك طريقة حديثة لعلاج مشاكل هذا المفصل يتمثل في إدخال قطب إلى المفصل يتم بعده توصيل أشعة متخصصة تعمل على إزالة الإحساس بالألم. وفي الغالبية العظمى من المرضى فإن العلاج اللازم يتكون من الخطوات الذي ذكرناها سابقاً وخصوصاً حقنة الديبومدرول الفعالة جداً في علاج هذا المرض.

التدخل الجراحي

التدخل الجراحي نادراً ما يكون لازماً في علاج هذه الحالات عندما يفشل العلاج التحفظي في إزالة الألم. والتدخل الجراحي يكون على شكل عملية دمج وتثبيت للمفصل (Fusion) بحيث تختفي الحركة بالمفصل تماماً. هذه العملية تتم عبر فتحة جراحية يتم من خلالها إزالة أجزاء الغضروف المكون من المفصل ووضع طعم عظمي ويتم تثبيت الأجزاء التي تثبت المفصل بمثبتات داخلية. وهذه العملية هي عملية جراحية كبيرة ونتائجها لا تكون دائماً مضمونة من حيث إزالة الألم ولذلك فهي نادراً ما يتم إجراؤها على المرضى ولحسن الحظ فإن أغلب المرضى يستجبون للعلاج التحفظي كما ذكرنا سابقاً.

النصائح والتوصيات

على الرغم من أن المفصل العجزي الحرقفي قد يسبب آلاماً أسفل الظهر إلا أنه في كثير من الأحيان يتم علاجه كحالة انزلاق غضروفي أو خشونة في أسفل الظهر ولا يتم الانتباه إلى التشخيص الصحيح وبالتالي لا يتم صرف العلاج المناسب والخطة العلاجية المناسبة للمريض. وعلى الرغم من أن التهابات هذا المفصل غير خطيرة إلا أنها تسبب آلاما شديدة تؤثر على حياة المريض المصاب بهذا المرض.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1470