مجرمون بفيز أطباء
مجرمون بفيز أطباء
صالح إبراهيم الطريقي
بين فترة وأخرى تخرج علينا الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بإحصائيات عن عدد الشهادات المزورة في القطاع الصحي، وكانت دائما تخرج بأرقام عالية، آخر إحصائية كانت العام الماضي 1430هـ، التي كشفها أمين عام الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، فقد أكد في بيان/تصريح أن الهيئة حصرت ما يزيد عن 15000 ممارس صحي على قائمة الممنوعين من العمل، وهناك 1093 ممن يحملون شهادات تخصصية مزورة، تصدر المزورين مهنة التمريض بـ336 مزورا، يليها مهنة الصيدلة بـ312 مزورا، أما فنيو التخصصات الأخرى فهم 144 مزورا، فيما فنيو الأسنان والبصريات كان التزوير فيها متساويا 80 شهادة مزورة لكل قطاع.
وتنهي الإحصائية بالأقل تزويرا وهم الأطباء، فقد بلغ عدد الشهادات المزورة 57 شهادة، أي 57 طبيبا يعالجون الأفراد بشهادات مزورة، وهذا رقم وإن بدا أنه الأقل بين شهادات التزوير، إلا أنه الأكثر خطورة، إن لم أقل الأكثر رعبا للمجتمع، أما لماذا هم الأكثر رعبا؟
حسب آخر إحصائية أعرفها عن نسبة الأطباء للمجتمع في السعودية فهي اثنان على عشرة آلاف، بمعنى كل طبيب يقابله خمسة آلاف مواطن، وحسب الأرقام هؤلاء الأطباء أصحاب الشهادات المزورة يهددون حياة أكثر من ربع مليون مواطن، لهذا وصفت هذا التزوير بالمرعب، لأننا أمام جريمة قتل جماعي يمارسها أشخاص أحضروا دون تدقيق بشهاداتهم؛ ليعيثوا في المواطنين فسادا.
من هذه الزاوية المرعبة لي كمواطن، ألا يحق لي أن أسأل: ما هي الإجراءات القانونية التي تتخذ حيال هذا الأمر؟
وهنا لا أعني أصحاب الشهادات المزورة فقط ــ فالفقر أحيانا يدفعك للتزوير طالما لن يسألك أحد عن شهادتك ويتفحصها ــ بل من استقدمهم دون أن يتفحص شهاداتهم ويدقق بها ويتأكد أنها ليست مزورة، وجاؤوا بهم لا من أجل علاج المواطن، بل من أجل تحقيق أرباح أعلى وأسرع، لأن صاحب الشهادة المزورة بالتأكيد تكلفته أقل، فهو سيقبل بالقليل حتى لا يتم التدقيق في شهادته فيفضح.
الحق يقال: لا أعرف ما هي الغرامة التي تدفع حيال هذا التزوير، وهل يكتفى بإبعاده أو ترحيله أو سجنه مؤقتا دون المساس بتجار المستشفيات؟
ومع هذا يمكن لي القول إن هذه الأرقام العالية جدا في تزوير الشهادات تكشف لنا أن العقوبة أو الغرامة التي تطال المستشفيات التي استقدمت هؤلاء، ضعيفة أو ربما ليست موجودة، لأنه لو كان هناك غرامة بالملايين على أي مستشفى يحضر شخصا يحمل شهادة طبية مزورة، ستعيد المستشفيات حساباتها في هذا الأمر، وستدقق كثيرا في الشهادات قبل أن تستقدم مجرما بفيزا طبيب.
فهل تفعل وزارة الصحة ووزارة العمل شيئا حيال هذا الأمر وتضع قانونا صارما يمنع كل هذا التزوير، أم أن المواطن لا قيمة له أمام التاجر صاحب المستشفى الذي يريد أن يحقق أعلى ربحية، لهذا يستقدم مجرمين بفيز أطباء.
المصدر: صحيفة عكاظ