البكتريا 2
البكتيريا الضارة تحطم الخلايا السليمة في الجسم وتمنعه من أداء وظائفه!
النافعة منها تساعد في تحلل الكائنات الميتة وتستخدم في تنقية مياه الصرف الصحي و صناعة بعض الأدوية (2)
النافعة منها تساعد في تحلل الكائنات الميتة وتستخدم في تنقية مياه الصرف الصحي و صناعة بعض الأدوية (2)
أ. د. جابر بن سالم القحطاني
تواصلا للحديث حول البكتيريا نشير اليوم الى معظم البكتيريا التي تتكاثر لا جنسياً ويعني ذلك أن كل خلية تنقسم ببساطة إلى خليتين متماثلتين بطريقة تسمى الانشطار الثنائي. وتتكاثر معظم البكتيريا بسرعة، وبعض الأنواع تضاعف عددها كل 20 دقيقة. وإذا أعطيت أحدى هذه الخلايا طعاماً كافياً، نتج عن ذلك أكثر من بليون خلية بكتيرية في 10 ساعات. وتنتج عمليات المصانع والمختبرات عادة تلك الأعداد الهائلة من البكتريا. ولكن في الطبيعة لا يمكن الاحتفاظ بهذا المعدل المرتفع للتكاثر لأن البكتريا سرعان ما تستنفذ إمدادها الغذائي.
وعندما تتكاثر البكتيريا بطريقة الانشطار الثنائي فإن DNA كل من الخليتين الناتجين عن الانشطار يتطابق مع DNA الموجود في الخلية البكتيرية الأصلية. ويمكن لبعض البكتريا تبادل DNA بنوع من العمليات التناسلية البسيطة يسمى الاقتران. ويشتمل الاقتران على انتقال DNA المباشر من نوع واحد من خلايا البكتريا، يسمى الذكر إلى نوع آخر يسمى الأنثى. كذلك يُنقلْ DNA عن طريق الفيروسات. ويمكن أيضاً أن تلتقط البكتريا أجزاء من DNA خلايا بكتيرية ميتة. وبانتقال DNA، تَنْقل الخلايا البكتيرية السمات الفردية فإذا كانت الخلايا البكتيرية مقاومة لنوع معين من المضادات الحيوية مثلاً، فمن الممكن أن تنقل هذه الصفة المميزة إلى خلايا بكتيرية غير مقاومة .
منافع وأضرار البكتريا
نعود إلى منافع وأضرار البكتريا على الإنسان والنبات. هناك نوعان من البكتريا يعرف بالبكتريا النافعة ونوع يعرف بالبكتريا الضارة. فالبكتريا النافعة يعيش بعض أنواعها في أمعاء الإنسان والحيوانات الأخرى. وتساعد هذه البكتريا في الهضم والقضاء على الكائنات الحية الضارة. كما تفرز البكتريا الموجودة في الأمعاء بعض الفيتامينات الضرورية للجسم. تؤدي البكتريا التي تعيش في التربة والماء دوراً مهماً في دورات الكربون والنيتروجين والكبريت، وعناصر كيميائية أخرى تستخدمها الكائنات الحية. ويساعد كثير من البكتريا في تحلل الكائنات الميتة وفضلات الحيوانات إلى عناصر كيميائية. وبدون التحلل البكتيري تبقى العناصر في الكائنات الميتة وفضلات الحيوان كما هي. وسرعان ما تتوقف الحياة بأكملها. وتساعد أنواع أخرى من البكتريا على تحول العناصر الكيميائية إلى أشكال يمكن أن يستخدمها النبات والحيوان. فمثلاً تحول أنواع معينة من البكتريا النيتروجين الموجود في الهواء والتربة إلى مركبات نيتروجين يمكن أن يستخدمها النبات في حياته.
تتسبب أنواع عديدة من البكتريا في عملية كيميائية تسمى التخمر، تستخدم في صنع المشروبات الكحولية والجبن والعديد من الأطعمة الأخرى. وتستخدم محطات معالجة الصرف الصحي البكتريا لتنقية المياه، كما تستخدم البكتريا في صناعة بعض الأدوية.
تشبه الخلايا البكتيرية خلايا الكائنات الحية في أنواع كثيرة، ولذلك يدرس العلماء البكتيريا لكي يعلموا المزيد عن الكائنات الحية الأكثر تعقيداً. فمثلاً ساعدت دراسة البكتيريا الباحثين على فهم كيفية انتقال بعض الصفات المميزة عن طريق الوراثة. ويتكاثر معظم أنواع البكتيريا بسرعة، مما يسمح للعلماء بزراعة كميات كبيرة منها لأغراض البحث.
أمراضاً كثيرة
أما النوع الضار من البكتريا فيسبب أمراضاً كثيرة للبشر وتشمل هذه الأمراض الخطيرة الكوليرا، والسيلان، والجذام، والالتهاب الرئوي، والزهري، والدرن الرئوي، حمى التيفوئيد، والسعال الديكي، والتهاب البلعوم، والالتهاب السحائي، والتهاب العظام، وتسمم الدم، والتسمم الغذائي، والتيفوس، والجمرة، حمى الأرانب، والحمى الروماتزمية، والحمى القرمزية، الخناق، وداء الملك، والدفتريا، وداء الرقاص، وصدمة التسمم الدموي، والكزاز، ومرض المحاربين القدماء، ومرض اليوز.
تدخل البكتريا إلى الجسم عن طريق الفتحات الطبيعية، مثل فتحة الأنف، أو الفم أو عبر شقوق في الجلد. وإضافة لذلك يحمل الهواء والطعام والماء. البكتريا من شخص لآخر. وتمنع البكتريا الضارة الجسم من أداء وظيفته كما ينبغي عن طريق تحطيم الخلايا السليمة. كما أن بعض أنواع البكتريا تنتج سموماً تسبب أمراضاً مثل الدفتريا والحمى القرمزية والكزاز، كما تُنتج السموم من بكتريا حية، وتفرز بعض السموم الأخرى بعد موت البكتريا فقط، وتسبب سموم البكتريا نوعاً من أنواع التسمم الغذائي يسمى التسمم الوشيقي في الأطعمة المعلبة بطريقة غير جيدة. ويمكن أن تسبب البكتريا المتعايشة في جسم الإنسان المرض عندما تقل مقاومة الإنسان للمرض. فمثلاً إذا كان تكاثر البكتريا في الحلق أسرع من قدرة الجسم على التخلص منها، فمن المحتمل أن يصاب الشخص بالتهاب في الحلق.
كما تسبب البكتريا أمراضاً في بعض الحيوانات والنباتات الأخرى. فالجمرة مرض بكتيري يصيب العديد من الحيوانات وبصفة خاصة الضأن. وتشمل أمراض النبات التي تسببها البكتريا آفة اللفحة النارية التي تصيب أشجار التفاح والكمثرى، والتعفن الفطري الذي يسبب تلف بعض الفواكه والخضروات. تسبب البكتريا أيضاً نمواً يسمى الورم التاجي يصيب نباتات مختلفة.
كيف نثبت أن نوعاً من البكتريا يسبب نوعاً معيناً من الأمراض:
يقوم علماء البكتريا عادة باتباع أربع خطوات رئيسية وتسمى هذه الخطوات مسلمات كوخ، على اسم الطبيب الألماني روبرت كوخ الذي صاغها في أواخر القرن التاسع عشر وهذه الخطوات هي:
1 تؤخذ البكتريا الممرضة من حيوانات مريضة.
2 تعزل البكتريا الممرضة وتنمى في المختبر.
3 تحقن البكتريا التي نميت في المختبر في أجسام حيوانات اختبارية.
4 تفصل البكتريا عن أجسام الحيوانات الاختبارية وتثبت على أنها من نوع البكتريا الأصلية نفسها.
يجب أن تحصل البكتريا التي تنمى في المختبر على الغذاء اللازم باستمرار ليساعدها على النمو. ويجب على علماء البكتريا أن يتمكنوا من زراعة سلالة معينة من البكتريا في المرة الواحدة. وتسمى الوسائل المستعملة في تنمية البكتريا في المختبر وسائط الاستنبات والعنصر العام لوسائط الاستنبات هو الأغره (الأجار Agar) وهي مادة هلامية تستخلص من بعض الطحالب أو الأشنات البحرية. يذوب الأجار في الماء المغلي ثم توضع في صحاف تسمى Petri dish حيث يتحول إلى مادة غروية عندما تبرد تحت درجة حرارة 40 درجة مئوية. وتضاف مواد غذائية مثل الدم وخلاصة اللحم والبيتونات والأملاح والسكر إلى الأجار لتكون صالحة لأستنبات البكتريا. ثم تزرع أفراد نوع معين من البكتريا على الأجار المتصلب بتشريطها بمواد تحتوي على البكتريا. ويؤدي هذا إلى نمو ملايين البكتريا من نوع واحد من كل كائن بكتيري.
بعد أن تم عزل سلالة معينة من البكتيريا واستنباتها يقوم علماء البكتيريا بوضع عدد من البكتيريا على شريحة من الزجاج ودراستها تحت المجهر. ومن أجل دراسة داخل البكتيريا يقوم علماء دراسة البكتيريا بتحضير عينة من البكتيريا المستنبتة لفحصها ودراستها تحت المجهر الالكتروني.
المصدر: صحيفة الرياض