العيد بين ماض قريب وتواصل من بعيد!!
العيد بين ماض قريب وتواصل من بعيد!!
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
وتبدأ براءة الأطفال في مزاولة اللعب بالمراجيح وشيطنة الشباب في استئجار الدبابات والدراجات والخيول، كل ذلك في مكان واحد هو المناخة بالقرب من زقاق الطيار، حيث مجمع أهل المدينة الترفيهي، وهو أول مجمع ترفيهي على مستوى المملكة يتوافد إليه أهل المدينة من الساحة والتاجوري والعطن وباب الشامي وباب العنبرية وحارة الأغوات وحوش خميس والسيح وحارات أخرى كثيرة ليقضوا لحظات من السعادة والوناسة، ويشترك الفقير مع الغني في اللعب دون تميز، لأن الناس في عيد وعطية العيد تجعل أن ليس هناك فقير، ومما تميزت به المدينة كان بها منتزه للفرجة على الحيوانات وتعرف بمنطقة «الزراعة» ويوم العيد يتقاطر إليها أهل المدينة من كل صوب، وهي قريبة من بئر سيدنا عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه، وهناك جدول زيارات الأحياء، وهو تنظيم اتخذه أهل المدينة، بحيث كل حارة لها يوم يكون كل أهل الحي متواجدون فيه للاستقبال، وأبواب البيوت مشرعة ومفتوحة والمجالس والقاعات فيها مستلزمات الضيافة (حلاوة ومرش العطر) وست البيت تنادي من بعيد: اتفضلوا البيت بيتكم والزائر يقول: من العائدين وكل عام وأنتم طيبين، وهناك عبارة معروفة، وهي قولهم «الله يرحم الأرواح التي ما عاد عليها»، الكل أتى للعيد من بعيد، لصلاة العيد من بعيد، للمعايدة من بعيد، للفرح والمرح في الملاهي من بعيد، لكن التواصل كان عن قريب بعكس اليوم.
اليوم الناس في أعيادها تعايد من بعيد كذلك، لكنه بعيد غير بعيد أيام زمان، فكثير من الأسر والعوائل لهم أبناء وبنات كمبتعثين في أمريكا وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والصين وماليزيا، فيعايدونهم من بعيد بتقنية الاسكاي بي والتانجو وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر والفيس بوك، وبعضهم بالهاتف والجوال، وهناك من يرسل رسائل، كما الناس داخل المملكة يتعايدون فيما بينهم بالرسائل العادية أو المجانية (الوتس آب) ويتداخلون ويعلقون ويتناقلون الكلام والأخبار ويتجاذبون أطراف الحديث عبر مجموعاتهم (القروب)، خصوصا مجموعات العوائل والأقارب والأصدقاء والجيران، كل ذلك يتم من بعيد لبعيد دون أن ترى الوجوه الوجوه، وليس هناك عناق وتقبيل كما زمان، وليس هناك حتى مصافحة، فقد ولى زمان المعايدة بالمصافحة وأصبحت المعايدة «التفاعلية» في اليوم الأول مقصورة على العائلة النووية (الأب والأم والأبناء وذريتهم)، وتطور نظام «العيدية» وتحول إلى تبادل الهدايا بين الزوجين وهدايا ذات قيمة أو معايدة نقدية لأفراد الأسرة، ولا تشمل الهدايا العينية أو النقدية صغار الجيران وبقية الأقارب لانعدام التزاور، فالكل من بعيد يعيد يتواصل، ويقول: كل عام وأنتم بخير، وأنا أيضا عبر «عكاظ» من بعيد أقول لكم: «كل عام وأنتم بخير».
عكاظ
أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم
وتبدأ براءة الأطفال في مزاولة اللعب بالمراجيح وشيطنة الشباب في استئجار الدبابات والدراجات والخيول، كل ذلك في مكان واحد هو المناخة بالقرب من زقاق الطيار، حيث مجمع أهل المدينة الترفيهي، وهو أول مجمع ترفيهي على مستوى المملكة يتوافد إليه أهل المدينة من الساحة والتاجوري والعطن وباب الشامي وباب العنبرية وحارة الأغوات وحوش خميس والسيح وحارات أخرى كثيرة ليقضوا لحظات من السعادة والوناسة، ويشترك الفقير مع الغني في اللعب دون تميز، لأن الناس في عيد وعطية العيد تجعل أن ليس هناك فقير، ومما تميزت به المدينة كان بها منتزه للفرجة على الحيوانات وتعرف بمنطقة «الزراعة» ويوم العيد يتقاطر إليها أهل المدينة من كل صوب، وهي قريبة من بئر سيدنا عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه، وهناك جدول زيارات الأحياء، وهو تنظيم اتخذه أهل المدينة، بحيث كل حارة لها يوم يكون كل أهل الحي متواجدون فيه للاستقبال، وأبواب البيوت مشرعة ومفتوحة والمجالس والقاعات فيها مستلزمات الضيافة (حلاوة ومرش العطر) وست البيت تنادي من بعيد: اتفضلوا البيت بيتكم والزائر يقول: من العائدين وكل عام وأنتم طيبين، وهناك عبارة معروفة، وهي قولهم «الله يرحم الأرواح التي ما عاد عليها»، الكل أتى للعيد من بعيد، لصلاة العيد من بعيد، للمعايدة من بعيد، للفرح والمرح في الملاهي من بعيد، لكن التواصل كان عن قريب بعكس اليوم.
اليوم الناس في أعيادها تعايد من بعيد كذلك، لكنه بعيد غير بعيد أيام زمان، فكثير من الأسر والعوائل لهم أبناء وبنات كمبتعثين في أمريكا وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والصين وماليزيا، فيعايدونهم من بعيد بتقنية الاسكاي بي والتانجو وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر والفيس بوك، وبعضهم بالهاتف والجوال، وهناك من يرسل رسائل، كما الناس داخل المملكة يتعايدون فيما بينهم بالرسائل العادية أو المجانية (الوتس آب) ويتداخلون ويعلقون ويتناقلون الكلام والأخبار ويتجاذبون أطراف الحديث عبر مجموعاتهم (القروب)، خصوصا مجموعات العوائل والأقارب والأصدقاء والجيران، كل ذلك يتم من بعيد لبعيد دون أن ترى الوجوه الوجوه، وليس هناك عناق وتقبيل كما زمان، وليس هناك حتى مصافحة، فقد ولى زمان المعايدة بالمصافحة وأصبحت المعايدة «التفاعلية» في اليوم الأول مقصورة على العائلة النووية (الأب والأم والأبناء وذريتهم)، وتطور نظام «العيدية» وتحول إلى تبادل الهدايا بين الزوجين وهدايا ذات قيمة أو معايدة نقدية لأفراد الأسرة، ولا تشمل الهدايا العينية أو النقدية صغار الجيران وبقية الأقارب لانعدام التزاور، فالكل من بعيد يعيد يتواصل، ويقول: كل عام وأنتم بخير، وأنا أيضا عبر «عكاظ» من بعيد أقول لكم: «كل عام وأنتم بخير».
عكاظ