• ×
admin

سفير السياح في الخارج

سفير السياح في الخارج

فهد عامر الأحمدي

إن زرت أي مدينة عالمية.. وسرت بما يكفي بخط مستقيم.. ستصادف حتما مطعما لماكدونالد أو كنتاكي..

هذا ما اكتشفته شخصيا ويمكنني اتخاذه كدليل على مظاهر عالمية مشتركة (بدءا من الانفتاح والعولمة، وانتهاء بانهيار الحدود السياسية وسيطرة الشركات العالمية)..

والغريب فعلا أن المطاعم السريعة - التي تبدو من مظاهر العصر الحديث - هي في الحقيقة واحدة من أقدم الممارسات التجارية في العالم؛ فقد رافقت الانسان منذ اكتشف أهمية طبخ الطعام وامكانية تحقيق مكسب معقول من بيعه على المارين.. ويشير التاريخ المكتوب الى أن خانات بغداد وبكين وبلاد الأغريق كانت تبيع طعاما يمكن تحضيره بسرعة كبيرة على المارة والمسافرين (بسرعة تغطيس سمكة مقلية مسبقا في زيت مغلي)..

غير أنه يجب أن نعترف أن الأمريكان - في عصرنا الحالي - وصلوا بهذه الصناعة الى حدود غير مسبوقة جعلت من المطاعم السريعة المزود الرئيسي للأطعمة المباعة في العصر الحديث.. قد لا يكونون أول من اخترع الهامبرجر (الذي يعود لمدينة هامبورج الألمانية) أو البيتزا (التي لم تتجاوز حدود ايطاليا قبل بيتزاهت) إلا أنهم أول من قلب المعادلة وجعلوا من الطعام السريع حجر الأساس في تغذية الانسان.. ففي أمريكا نفسها يأكل الأمريكان يوميا 17 مليون سندوتش هامبورجر ويدخل مواطن (من كل اربعة) مطعما للمأكولات السريعة. أما مطاعم ماكدونالد الشهيرة فتقدم وجبة الغداء لشخص من بين كل 15 اثناء فترة العمل فيما تقدم (مع بقية المطاعم السريعة) 85% من طعام الغداء للقوى العاملة في كامل امريكا!!

.. ويعود اكتساح "مطاعم المأكولات السريعة" المتأخر الى تجاوبها المرن مع طبيعة وايقاع العصر الحديث. فهي قادرة على خدمة اكبر عدد من الناس وفي اقل زمن ممكن.. كما نزلت لأكبر قدر من الشعبية فأصبحت لا تمانع (بل وتشجع) حضور الاطفال مع والديهم لتناول وجبة عائلية ممتعة.. وهي في الغالب لا تبتعد أكثر من دقيقتين سيرا على الأقدام في المدن العالمية الكبيرة. كما تتفهم كره الناس للانتظار وبروتوكولات الاكل المتحفظة في المطاعم التقليدية.. وبفضل شعبيتها وخدمتها السريعة اكتسحت المطاعم التقليدية وهددت المأكولات الوطنية في كل دولة تدخلها؛ ففي اليابان مثلا يوجد أكثر من 1000 مطعم لشركة ماكدونالد تستقطب (لوحدها) أكثر مما تستقطبه مطاعم الستوشي والتامبورا التقليدية. أما في المانيا فتجاوزت في عددها مطاعم "الشيش كباب" مصدر الرزق الأول للجالية التركية هناك.. وبوجة عام تأتي 20% من ارباح هذه الشركة من (الخارج) حيث يوجد لها 630 مطعما في المانيا و940 في كندا و 500 في بريطانيا..

واليوم تتجاوز ميزانية الشركة ميزانية دول الخليج (بثلاثة اضعاف) وتعد اكبر مشتر للأبقار في العالم وتستهلك لوحدها 15% من محصول البطاطس في امريكا الشمالية. كما تعد ثاني اكبر موظف للعمال في امريكا "بعد حكومة الولايات المتحدة" ويقدر ان 20 مليون مواطن عملوا لديها وتدربوا في مراكز تفوق مراكز تدريب الجيش الأمريكي.. ورغم أن شخصا يدعى "راي كروج" اشترى الشركة من الأخوين ماكدونالد قبل أربعة عقود (اللذين افتتحا أول مطعم بهذا الاسم) الا ان اسم "ماكدونالد" ظل ثابتا وتحول اليوم الى واحد من أغلى العلامات التجارية في العالم (بل ومصدر رزق أساسي للشركة الأم التي أصبحت تكتفي هذه الأيام بتأجير علامتها التجارية لشركات أغذية محلية تبيعك الساندوتش حسب معاييرها القياسية)!!

أنا شخصيا لا أحب الهامبرجر.. ولكنني حين أتواجد في دول (لا أستهضم) أطعمتها المحلية كل ما أفعله هو المشي بخط مستقيم لرؤية سفير السياح في الخارج.. العم ماكدونالد.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1048