علاج أمراض المخ لدى الأطفال.. بالخلايا الجذعية
علاج أمراض المخ لدى الأطفال.. بالخلايا الجذعية
د. هاني رمزي
من المعروف أن العلاج بالخلايا الجذعية بدأ في الانتشار في الآونة الأخيرة، وهذه الخلايا ليست نوعا واحدا، ويمكن أن توجد في النخاع العظمى وتكون مسؤولة عن تكوين خلايا الدم، وتوجد أيضا في الخلايا العصبية وهو السبب مجازا في تسميتها بالخلايا الجذعية. ويتم نقل هذه الخلايا إلى المريض لتحل بدلا من الخلايا التالفة، وما زال العلاج بهذه الطريقة في طور التجريب ونتائجه غير مؤكدة ويتم استخدامه في العديد من الأغراض.
* مرض مخ وراثي وفى بادرة أمل للأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة في المخ، توصل العلماء من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة لعلاج تلك الأمراض في فئران التجارب، وذلك باستخدام الخلايا الجذعية stem cells. ونشرت هذه الدراسة المثيرة في عدد شهر يوليو (تموز) الماضي في «مجلة العلاج الجزيئي» Molecular Therapy. ويأمل الباحثون بعد نجاح التجربة على الفئران في تجربتها على الأطفال خلال عامين من الآن، وأجريت الدراسة على مرض وراثي نادر في المخ يصيب الأطفال بنسبة حالة لكل 89 ألف طفل في المملكة المتحدة.
وهذا المرض الوراثي الذي تمت تسميته على اسم مكتشفه «سانفيلبو» Sanfilippo يسبب تلفا في أنسجة المخ تؤدي إلى التخلف العقلي، وفى الأغلب يتوفى الشخص في منتصف العشرينات من العمر جراء الإصابة. وينتج المرض عن نقص إنزيم معين مسؤول عن تكسير وإعادة تكوين أنواع معينة من الكربوهيدرات heparan sulphate وهي كربوهيدرات مسؤولة عن بعض الوظائف الحيوية للعديد من الخلايا. ونظرا لنقص الإنزيم، يتم تراكم هذه الكربوهيدرات (HS) منذ الولادة وهذا التراكم يؤثر سلبا على أنسجة المخ ويؤدي إلى تلفها تدريجيا وينتج عنه زيادة النشاط بشكل مرضي وعدم القدرة على المشي أو البلع.
وفى هذه الدراسة حاول العلماء زيادة تكوين هذا الإنزيم باستخدام الخلايا الجذعية الموجودة في النخاع العظمي، في كريات الدم البيضاء وتم زرعها، بحيث تصل إلى خلايا المخ. وأظهرت النتائج أن الفئران التي تم حقنها قامت بتكوين الإنزيم بنسبة خمسة أضعاف ووصل تركيزه في المخ إلى 11% من نسبته. ويتم استخدام الإنزيم من قبل خلايا المخ التالفة ويكون بكميات كافية لتصحيح معدلات الإنزيم، وتمت معالجة زيادة النشاط بشكل كامل في الفئران، وهو ما يعد انتصارا علميا كبيرا ويفتح باب الأمل لعلاج مثل هذه الحالات في الأطفال بعد إجراء مزيد من التجارب حتى عام 2015.
* شلل دماغي وفى السياق نفسه وفى انتصار علمي جديد تمكن الأطباء الألمان من علاج طفل مصاب بالشلل الدماغيcerebral palsy (مرض عصبي يصيب الأطفال نتيجة لتلف أنسجة المخ للعديد من الأسباب، ويؤثر بشكل أساسي على الجهاز الحركي، ومن المعروف أنه لا يوجد علاج شاف من المرض حتى الآن). وكان الطفل الذي يعانى من هذا المرض قد حدثت له غيبوبة وتوقف القلب وحدث تلف كبير في أنسجة المخ في عام 2008 وأخبر الأطباء والديه بأن فرص الحياة بالنسبة له ضعيفة للغاية.
وبعد محاولة علاجه بالخلايا الجذعية التي كانت محفوظة ومجمدة من دم الحبل السري للطفل لحظه ولادته، قام العلماء بدراسة التغيرات التي حدثت لمخ الطفل بعد شهرين، وخمسة أشهر، ثم عام وعامين، ثم عامين ونصف، وأخيرا 40 شهرا. وبعد بدء العلاج بالخلايا الجذعية تحسنت الحالة بشكل ملحوظ في فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين، ثم بدأ التحسن تدريجيا في الأشهر التالية واستطاع الطفل التحرك والتحدث بجمل بسيطة والابتسامة بعد نحو 40 شهرا من بدأ العلاج.
وكانت الدراسات في فئران التجارب قد أظهرت أن الخلايا الجذعية المأخوذة من الحبل السري تهاجر إلى أنسجة المخ التالفة في فترة زمنية أقل، بحيث يمكن أن يبدأ التحسن في الفأر خلال أول يومين من بدء العلاج، وأيضا تم فصل الخلايا الجذعية من بعض الأورام التي تصيب المخ بالنسبة للأطفال، وهو ما يوفر أملا لعلاج مثل هذه النوعية من الأورام في المستقبل.
وعلى الرغم من ندرة حدوث هذه الأورام، فإنها شديدة الخطورة وتؤدي إلى الوفاة، وتعتبر ثاني سبب للوفاة من سرطانات الأطفال بعد سرطان الدم (الليوكيميا). وتأتى أهمية هذا الكشف عن تلك الخلايا، من أنه يتيح سرعة التعرف على الخلايا السرطانية وتشخيصها المبكر.
وتتميز الخلايا الجذعية بأنها ذاتية التجدد وطويلة العمر، ولذلك، فإن دراستها لا تساعد العلماء في إيجاد طريقة علاجية للخلية الأم المتسببة في الورم السرطاني، فحسب؛ ولكن أيضا في الخلايا المنبثقة منها daughter cells ومن خلال وصف التسلسل التركيبي للخلايا المسببة للورم بشكل كامل، ومن خلال ذلك يمكن وصف وتحديد أي مرحلة في بناء الخلية قد تكون المتسببة في الإصابة بالورم، وبالتالي استهدافها والقضاء عليها. وهذا الدراسات ذات أهميه طبية بالغة حتى إن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى إمكانية التوصل إلى لقاح واق من الأورام السرطانية باستخدام الخلايا الجذعية، وهو ما أشارت إليه دراسة أميركية نشرت العام الماضي في «مجلة الرابطة الأميركية لأبحاث السرطان».
بطبيعة الحال، يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات لإثبات فاعلية العلاج بهذه الطريقة، وكذلك دراسة الآثار الجانبية المترتبة عليه، ولكن هناك كثير من الآمال المعقودة لعلاج العديد من الأمراض بهذه الطريقة.
الشرق الأوسط
د. هاني رمزي
من المعروف أن العلاج بالخلايا الجذعية بدأ في الانتشار في الآونة الأخيرة، وهذه الخلايا ليست نوعا واحدا، ويمكن أن توجد في النخاع العظمى وتكون مسؤولة عن تكوين خلايا الدم، وتوجد أيضا في الخلايا العصبية وهو السبب مجازا في تسميتها بالخلايا الجذعية. ويتم نقل هذه الخلايا إلى المريض لتحل بدلا من الخلايا التالفة، وما زال العلاج بهذه الطريقة في طور التجريب ونتائجه غير مؤكدة ويتم استخدامه في العديد من الأغراض.
* مرض مخ وراثي وفى بادرة أمل للأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة في المخ، توصل العلماء من جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة لعلاج تلك الأمراض في فئران التجارب، وذلك باستخدام الخلايا الجذعية stem cells. ونشرت هذه الدراسة المثيرة في عدد شهر يوليو (تموز) الماضي في «مجلة العلاج الجزيئي» Molecular Therapy. ويأمل الباحثون بعد نجاح التجربة على الفئران في تجربتها على الأطفال خلال عامين من الآن، وأجريت الدراسة على مرض وراثي نادر في المخ يصيب الأطفال بنسبة حالة لكل 89 ألف طفل في المملكة المتحدة.
وهذا المرض الوراثي الذي تمت تسميته على اسم مكتشفه «سانفيلبو» Sanfilippo يسبب تلفا في أنسجة المخ تؤدي إلى التخلف العقلي، وفى الأغلب يتوفى الشخص في منتصف العشرينات من العمر جراء الإصابة. وينتج المرض عن نقص إنزيم معين مسؤول عن تكسير وإعادة تكوين أنواع معينة من الكربوهيدرات heparan sulphate وهي كربوهيدرات مسؤولة عن بعض الوظائف الحيوية للعديد من الخلايا. ونظرا لنقص الإنزيم، يتم تراكم هذه الكربوهيدرات (HS) منذ الولادة وهذا التراكم يؤثر سلبا على أنسجة المخ ويؤدي إلى تلفها تدريجيا وينتج عنه زيادة النشاط بشكل مرضي وعدم القدرة على المشي أو البلع.
وفى هذه الدراسة حاول العلماء زيادة تكوين هذا الإنزيم باستخدام الخلايا الجذعية الموجودة في النخاع العظمي، في كريات الدم البيضاء وتم زرعها، بحيث تصل إلى خلايا المخ. وأظهرت النتائج أن الفئران التي تم حقنها قامت بتكوين الإنزيم بنسبة خمسة أضعاف ووصل تركيزه في المخ إلى 11% من نسبته. ويتم استخدام الإنزيم من قبل خلايا المخ التالفة ويكون بكميات كافية لتصحيح معدلات الإنزيم، وتمت معالجة زيادة النشاط بشكل كامل في الفئران، وهو ما يعد انتصارا علميا كبيرا ويفتح باب الأمل لعلاج مثل هذه الحالات في الأطفال بعد إجراء مزيد من التجارب حتى عام 2015.
* شلل دماغي وفى السياق نفسه وفى انتصار علمي جديد تمكن الأطباء الألمان من علاج طفل مصاب بالشلل الدماغيcerebral palsy (مرض عصبي يصيب الأطفال نتيجة لتلف أنسجة المخ للعديد من الأسباب، ويؤثر بشكل أساسي على الجهاز الحركي، ومن المعروف أنه لا يوجد علاج شاف من المرض حتى الآن). وكان الطفل الذي يعانى من هذا المرض قد حدثت له غيبوبة وتوقف القلب وحدث تلف كبير في أنسجة المخ في عام 2008 وأخبر الأطباء والديه بأن فرص الحياة بالنسبة له ضعيفة للغاية.
وبعد محاولة علاجه بالخلايا الجذعية التي كانت محفوظة ومجمدة من دم الحبل السري للطفل لحظه ولادته، قام العلماء بدراسة التغيرات التي حدثت لمخ الطفل بعد شهرين، وخمسة أشهر، ثم عام وعامين، ثم عامين ونصف، وأخيرا 40 شهرا. وبعد بدء العلاج بالخلايا الجذعية تحسنت الحالة بشكل ملحوظ في فترة زمنية لا تتجاوز الشهرين، ثم بدأ التحسن تدريجيا في الأشهر التالية واستطاع الطفل التحرك والتحدث بجمل بسيطة والابتسامة بعد نحو 40 شهرا من بدأ العلاج.
وكانت الدراسات في فئران التجارب قد أظهرت أن الخلايا الجذعية المأخوذة من الحبل السري تهاجر إلى أنسجة المخ التالفة في فترة زمنية أقل، بحيث يمكن أن يبدأ التحسن في الفأر خلال أول يومين من بدء العلاج، وأيضا تم فصل الخلايا الجذعية من بعض الأورام التي تصيب المخ بالنسبة للأطفال، وهو ما يوفر أملا لعلاج مثل هذه النوعية من الأورام في المستقبل.
وعلى الرغم من ندرة حدوث هذه الأورام، فإنها شديدة الخطورة وتؤدي إلى الوفاة، وتعتبر ثاني سبب للوفاة من سرطانات الأطفال بعد سرطان الدم (الليوكيميا). وتأتى أهمية هذا الكشف عن تلك الخلايا، من أنه يتيح سرعة التعرف على الخلايا السرطانية وتشخيصها المبكر.
وتتميز الخلايا الجذعية بأنها ذاتية التجدد وطويلة العمر، ولذلك، فإن دراستها لا تساعد العلماء في إيجاد طريقة علاجية للخلية الأم المتسببة في الورم السرطاني، فحسب؛ ولكن أيضا في الخلايا المنبثقة منها daughter cells ومن خلال وصف التسلسل التركيبي للخلايا المسببة للورم بشكل كامل، ومن خلال ذلك يمكن وصف وتحديد أي مرحلة في بناء الخلية قد تكون المتسببة في الإصابة بالورم، وبالتالي استهدافها والقضاء عليها. وهذا الدراسات ذات أهميه طبية بالغة حتى إن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى إمكانية التوصل إلى لقاح واق من الأورام السرطانية باستخدام الخلايا الجذعية، وهو ما أشارت إليه دراسة أميركية نشرت العام الماضي في «مجلة الرابطة الأميركية لأبحاث السرطان».
بطبيعة الحال، يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات لإثبات فاعلية العلاج بهذه الطريقة، وكذلك دراسة الآثار الجانبية المترتبة عليه، ولكن هناك كثير من الآمال المعقودة لعلاج العديد من الأمراض بهذه الطريقة.
الشرق الأوسط