لا تقدم بدون ثقافة «معايرة»
لا تقدم بدون ثقافة «معايرة»
رؤى صبري
لعل واحدة من أكثر الثقافات المفتقدة في الوطن العربي هي ثقافة (المعايرة) Calibration، وهي علم قياس دقيق ذي مجالات واسعة وتتمحور فكرته حول مجموعة من العمليات التي تتم تحت ظروف محددة لإيجاد العلاقة بين قيم كمية يبينها جهاز قياس أو نظام قياس أو مادة مرجعية والقيم المناظرة التي يعطيها المقياس العياري.
ولعل أشهر الأمثلة على المعايرة هي اختبار التخصصات الطبية، فكل مجال له امتحان معين إذا اجتازه المتقدم أصبح مؤهلا عالميا للعمل في أي مكان بحكم أن هذا الامتحان أجاز الشخص للقيام بالمهام المطلوبة منه.
طبعا، هذا نجده معمولا به في دول العالم المتحضرة ذات التقدم الصناعي والتكنولوجي، أما نحن في البلاد العربية ومعنا بقية الدول المتخلفة في العالم، فلا نملك حتى الإيمان بأهمية المعايير والمقاييس في حياتنا وأثرها على تقدمنا ولحاقنا بركب الدول ذات الشأن الاقتصادي والتكنولوجي على مستوى العالم؛ لأننا لا نهتم بما تعود به على إنتاجنا الصناعي والتجاري والخدماتي، وذلك لأن كل شيء لدينا يسير بالبركة أو بالحظ أو غيرها أو حتى بالمزاج.
وهنا، أعود إلى أيام دراستي الجامعية لأستعيد بعض الذكريات المتعلقة بما أتطرق له اليوم، وأذكر ــ في هذا الصدد ــ كيف كانت تتقدم المواعيد وتتأخر بحسب مزاج العمادة، إذ كانت تتأجل محاضرة الثامنة إلى العاشرة بحسب مواعيد نوم الأستاذة !!.
وفي حياتنا اليومية وما يتعلق بمعيشتنا نجد ــ على سبيل المثال ــ أن المعايير تساعد المشترين والبائعين على وضع عقود على أساس مواصفات الدستور الغذائي والتأكد من حصول المستهلكين على جودة المنتجات التي يتوقعونها، وهكذا في بقية جوانب المعايير الأخرى.
والمخجل في الأمر أن سياسية الإحكام والإتقان موجودة في ديننا الحنيف (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، لكننا نتبجح بهذا الحديث طيلة الوقت ولا نفكر حتى في الالتزام به، وهذا أيضا ينسحب على تلك التشريعات والقوانين التي نضعها كقواعد وأسس وأنظمة لكننا لا نعرف فائدة وضعها حين لا نلتزم بها أو يتم التلاعب بها حسب الأهواء الشخصية للبعض.
والواقع أن المشكلة الحقيقية تبدأ مع فقدان إيماننا بأهمية المعايير والمقاييس أو خلق طرق مختصرة للوصول للغاية متناسين أن قوة المعايير مرتبطة بالجودة العالية، وذلك فإننا في وطننا العربي نفتقر إلى الجودة في أغلب منتجاتنا الصناعية والخدمية حتى لو كانت بسيطة، ويبقى من المهم معرفة أن من أهم شروط المعايير والمقاييس هي الثبات، فلا يجوز تغييرها بين ليلة وضحاها أو بصورة دورية بحسب ما يراه أصحاب المصالح الخاصة.
عكاظ
رؤى صبري
لعل واحدة من أكثر الثقافات المفتقدة في الوطن العربي هي ثقافة (المعايرة) Calibration، وهي علم قياس دقيق ذي مجالات واسعة وتتمحور فكرته حول مجموعة من العمليات التي تتم تحت ظروف محددة لإيجاد العلاقة بين قيم كمية يبينها جهاز قياس أو نظام قياس أو مادة مرجعية والقيم المناظرة التي يعطيها المقياس العياري.
ولعل أشهر الأمثلة على المعايرة هي اختبار التخصصات الطبية، فكل مجال له امتحان معين إذا اجتازه المتقدم أصبح مؤهلا عالميا للعمل في أي مكان بحكم أن هذا الامتحان أجاز الشخص للقيام بالمهام المطلوبة منه.
طبعا، هذا نجده معمولا به في دول العالم المتحضرة ذات التقدم الصناعي والتكنولوجي، أما نحن في البلاد العربية ومعنا بقية الدول المتخلفة في العالم، فلا نملك حتى الإيمان بأهمية المعايير والمقاييس في حياتنا وأثرها على تقدمنا ولحاقنا بركب الدول ذات الشأن الاقتصادي والتكنولوجي على مستوى العالم؛ لأننا لا نهتم بما تعود به على إنتاجنا الصناعي والتجاري والخدماتي، وذلك لأن كل شيء لدينا يسير بالبركة أو بالحظ أو غيرها أو حتى بالمزاج.
وهنا، أعود إلى أيام دراستي الجامعية لأستعيد بعض الذكريات المتعلقة بما أتطرق له اليوم، وأذكر ــ في هذا الصدد ــ كيف كانت تتقدم المواعيد وتتأخر بحسب مزاج العمادة، إذ كانت تتأجل محاضرة الثامنة إلى العاشرة بحسب مواعيد نوم الأستاذة !!.
وفي حياتنا اليومية وما يتعلق بمعيشتنا نجد ــ على سبيل المثال ــ أن المعايير تساعد المشترين والبائعين على وضع عقود على أساس مواصفات الدستور الغذائي والتأكد من حصول المستهلكين على جودة المنتجات التي يتوقعونها، وهكذا في بقية جوانب المعايير الأخرى.
والمخجل في الأمر أن سياسية الإحكام والإتقان موجودة في ديننا الحنيف (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، لكننا نتبجح بهذا الحديث طيلة الوقت ولا نفكر حتى في الالتزام به، وهذا أيضا ينسحب على تلك التشريعات والقوانين التي نضعها كقواعد وأسس وأنظمة لكننا لا نعرف فائدة وضعها حين لا نلتزم بها أو يتم التلاعب بها حسب الأهواء الشخصية للبعض.
والواقع أن المشكلة الحقيقية تبدأ مع فقدان إيماننا بأهمية المعايير والمقاييس أو خلق طرق مختصرة للوصول للغاية متناسين أن قوة المعايير مرتبطة بالجودة العالية، وذلك فإننا في وطننا العربي نفتقر إلى الجودة في أغلب منتجاتنا الصناعية والخدمية حتى لو كانت بسيطة، ويبقى من المهم معرفة أن من أهم شروط المعايير والمقاييس هي الثبات، فلا يجوز تغييرها بين ليلة وضحاها أو بصورة دورية بحسب ما يراه أصحاب المصالح الخاصة.
عكاظ