• ×
admin

حقن التعبئة.. تزايد عدد الذين يعانون من عواقب الممارسات الخاطئة

حقن التعبئة.. تزايد عدد الذين يعانون من عواقب الممارسات الخاطئة
يستغلون رخص ثمنها ويمارسون العمل في المنازل أو المشاغل دون مراعاة للضوابط الصحية والتعقيم

د. أحمد فراز باتي

إنها بلا شك رغبة كل شخص تقدم به السن أن يستعيد المظهر الشبابي. يفضل بعض الناس الطرق الجراحية التي تحقق النتائج الجمالية المنشودة حيث يتم شد الجلد المترهل وإزالة الزائد منه. بينما تفضل شريحة كبيرة من الناس اللجوء إلى وسائل غير جراحية للحصول على مظهر شبابي.

لقد شهدت الطرق التجميلية غير الجراحية الكثير من التطورات وأضافت إلى الخيارات المتاحة مواد التعبئة أو ما يطلق عليها الفيلرز. وعلى الرغم من عدم توفر مادة التعبئة المثالية حتى وقت قريب إلا أن أنواعاً عديدة من منتجات التعبئة كانت موجودة في الأسواق خلال السنوات القليلة الماضية.

تأتي مواد التعبئة على ثلاثة أشكال:

ذاتية (مشتقة من الجسم نفسه مثل الدهون التي تؤخذ من منطقة من الجسم وتحقن في منطقة أخرى من الجسم ذاته)

بيولوجية أو حيوانية (مشتقة من الانسان أو الحيوان أو البكتيريا مثل الكولاجين أو حمض الهيالورونيك)

اصطناعية (مثل السليكون أو حمض Poly-L-lactic مثل Sculptra).

وتقتصر استخدامات العديد منها على مناطق مختارة وضمن طبقات الأنسجة اللينة من الجسم. بالإضافة إلى أنها تنطوي على عواقب على المدى القريب والبعيد مع مستويات مختلفة من الشدة والخطورة.

وتعطي بعض هذه المواد نتائج دائمة بينما يستمر مفعول البعض الآخر من 6 12 شهراً. كان الاتجاه سابقاً إلى استخدام الكولاجين لأن نتائجه طويلة الأمد ولكنه قد يتسبب بالحساسية في كثير من الأحيان، وبالتالي، فإن الاتجاه قد تحول إلى استخدام حمض الهيالورونيك. وبما أنه نتيجته مؤقته وغير دائمة أصبح حقن الدهون الذاتية هو الخيار الأكثر شعبية للحصول على نتائج دائمة ولكنه قد يستدعي عدة جلسات لأن جزءاً من الدهون التي يتم حقنها تتحلل لاحقاً، كما أن الأمر يعتمد على رغبة المريض الشخصية والتقنية الطبية المستخدمة.

ونظراً لإقبال الناس الشديد على حقن التعبئة وانتشار شعبيتها على نطاق واسع امتهن البعض ممارسة الحقن على نحو غير مدروس وبدون تدريب أو خبرة تؤهلهم عملياً لمزاولتها مع التركيز في المقام الأول على الهدف الربحي. وهذا ما حدا بهم إلى استخدام أنواع رخيصة وغير معتمدة من الفيلرز المصنعة عادة في الصين وهي أنواع غير معروفة لدى الأطباء ذوي الخبرة في هذا المجال. ويتم الترويج لها بين الأبرياء من الناس بالقول إنها تعطي نتائج دائمة وبأسعار زهيدة. ومن المثير للدهشة أنهم يمارسون العمل في المنازل أو المشاغل دون مراعاة المستوى الأمثل للعمل في بيئة تامة التعقيم. وقد صممت هذه الأنواع من الفيلرز في أغلبها لحقن المناطق الكبيرة كالصدر والأرداف.

ونشهد اليوم عددا متزايدا من الناس الذين يعانون من عواقب الممارسات الخاطئة لحقن التعبئة. تحتوي هذه الحقن على مواد دون مستوى الأمان المطلوب وتعمل مبدئياً على تعزيز الحجم في المنطقة التي تم حقنها ولكن سرعان ما تظهر آثارها الجانبية ومن أبرزها التهاب المادة حيث يعاني الجسم من ارتفاع طفيف في درجة الحرارة. وفي بعض الحالات تتكون الخراجات مما يستدعي دخول المستشفى لتفريغ الخراجات ومعالجتها. وتشمل آثارها الأخرى تغير لون الجلد وظهور تصبغات داكنة وتغير ملمسه ليصبح سطح الجلد قاسياً بما في ذلك الطبقات التحتية للجلد. وفي بعض الأحيان يتم حقن هذه المواد في العضلات. تنتشر هذه المواد على مساحة واسعة على كامل المنطقة تحت الجلد ويستحيل إزالتها. الطريقة الوحيدة لإزالتها هي استئصال الجلد والنسيج تحت الجلد بأكمله وإعادة بناء المنطقة وترميمها باستخدام الرقع الجلدية. وهذا يؤدي إلى التخلص من مادة الفيلرز ولكنه سيترك في الوقت نفسه مظهراً غير مقبول من الناحية الجمالية.

وبما أن أعداد هؤلاء المرضى في تزايد مستمر قررت جمعية جراحة التجميل في الرياض إنشاء سجل خاص بهؤلاء المرضى وتدوين حالاتهم لإحصائها والحصول على أرقام دقيقة تمكن الأطباء من إجراء الأبحاث لتطوير أشكال العلاج الفعال إلى جانب الاهتمام بوضع تشريعات لوقف هذا القبيل من الممارسات الخاطئة.

وفي هذا الصدد أودّ أن أطلعكم على قصة لإحدى ضحايا هذه الأنواع الرديئة من الفيلرز بعد أن أصرت عليّ شخصياً كتابة هذا المقال لتوعية الجمهور وأخذ العظة مما حدث لها حتى لا يقع الأخرون بين أيدي أصحابها.

سيدة في الواحدة والأربعين من العمر حضرت إلى قسم الطوارئ تعاني من ارتفاع درجة الحرارة ومن تدني صحتها العامة. وقد تبين أنها حصلت سابقاً على حقن الفيلرز من قبل شخص غير مؤهل وذلك في منطقة الأرداف وعلى الجانبين وانتهى بها الأمر إلى تكوّن خراجات في منطقة الأرداف. خضعت المريضة أولاً لتصوير المنطقة بالرنين المغناطيسي. ومن حسن الحظ كشفت الأشعة عن تجمع مادة الفيلرز ضمن جيب على جانبي الأرداف بالإضافة إلى وجود خراج في منطقة الأرداف. وهكذا أجريت جراحة عاجلة في الليلة ذاتها لتفريغ الخراجات كما تم إزالة 500cc من مادة الفيلرز المحقونة في المنطقة من خلال شقوق جراحية تركت دون إغلاق لتلتئم لاحقاً. شهدت حالتها تحسناً ملحوظاً بعد الجراحة وسمح لها بمغادرة المستشفى بعد يومين مع الاستمرار على تناول المضاد الحيوي. استمرت الجروح بإفراز كميات صغيرة من الفيلرز لمدة شهرين واستغرق التئامها التام حوالي 3 أشهر. وتطلب علاجها مرحلة ثانية من الجراحة وكانت هذه المرة لتفريغ الفيلرز من الجانبين ولاتزال تحضر إلى المستشفى لتغيير الضمادات بشكل يومي على مدى اسبوعين بعد العملية، وما تزال كميات ضئيلة من الفيلرز تترشح من خلال الجرح المفتوح الأمر الذي سيستمر شهراً آخر أو نحوه حتى تلتئم تماماً.

لقد كانت المريضة سعيدة الحظ لأن حالتها تضمنت تجمع مادة الفيلرز في مكان واحد مما جعل تفريغها أمراً ممكناً، بينما هناك الكثير من الحالات الأخرى التي شهدتها كان من المتعذر فيها التخلص من الفيلرز نظراً لانتشاره وتخلله بين الأنسجة المحيطة ويتطلب الأمر عندئذ عملية جراحية كبرى لاستئصال جميع الأنسجة المحتوية على الفيلرز بما فيها الجلد وما يليه من أنسجة المنطقة المتضررة.

في الواقع لا بأس من استخدام حقن التعبئة عند الحاجة إليها طالما أن هناك عددا من الخيارات الآمنة المتاحة. ولكن عليكِ في المقام الأول أن تحسني اختيار طبيبك ونوع الفيلرز بعناية فائقة وهذا ما سيجنبك عناء المشاكل والمضاعفات.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1199