• ×
admin

لقاح شلل الأطفال يخفض حدوث الإصابة بنسبة 99%

لقاح شلل الأطفال يخفض حدوث الإصابة بنسبة 99%
تم التعرف عليه عام 1952.. ولا يزال من أهم اللقاحات في جدول تطعيمات الطفل

د. خالد عبد الله المنيع

قالت منظمة الصحة العالمية أنه جرى إثر وفود تقارير في 17 أكتوبر 2013 م عن مجموعة حالات للإصابة بالشلل الحاد عددها 22 حالة في الجمهورية العربية السورية عزل فيروس شلل الأطفال من النمط 1 في عشر حالات من تلك الحالات الخاضعة للفحص. ومن المنتظر ورود النتائج النهائية لتسلسل الفيروسات الجيني للبت في أصل الفيروسات المعزولة، هذا ولم يُكشف عن فيروس شلل الأطفال في الجمهورية العربية السورية منذ عام 1999م.

وقد أصابت معظم الحالات أطفالاً دون السنتين من العمر من غير الحاصلين على اللقاح . وتشير التقديرات إلى أن معدلات اللقاح في الجمهورية العربية السورية انخفضت من 91 في المائة في عام 2010 م إلى 68 في المائة في عام 2012 م.

شلل الأطفال Poliomyelitis

هو من أمراض العصر القديم لقد ظل هذا المرض عبر التاريخ مرضاً مخيفاً، نجمت عنه مئات الألوف من حالات الشلل في جميع أنحاء العالم، حتى تم اكتشاف لقاح ضده في خمسينيات القرن العشرين.

شلل الأطفال مرض فيروسي حاد، تتراوح حصيلته ما بين عدوى خفية وبين مرضى شللي قد يفضي إلى الوفاة إن أصاب أعصاب الجهاز التنفسي أو غيرها من أعصاب العضلات الحيوية. وهو يؤدي في معظم الحالات إلى شلل رخو في أحد الساقين أو كليهما.

مسبب العدوى:

يسببه فيروس توجد منه ثلاثة أنماط (1، 2، 3). وهذا الأنماط الثلاثة يمكنها أن تسبب الشلل، ولكن النمط 1هو أكثرها إحداثاً للشلل، كما يشاهد في معظم الأوبئة. وبمجرد أن يدخل هذا الفيروس إلى جسم الإنسان فإنه يتجه بصفة خاصة إلى مهاجمة الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي والدماغ، مما ينتج عنه إتلافها.

الملامح الوبائية للمرض:

تؤكد المعلومات المتاحة أن فيروس Poliomyelitis لا يصيب إلا البشر فقط. فلا ينتقل هذا الفيروس من شخص إلى آخر وهو ينتشر أساساً عن طريق وصول التلوث البرازي إلى الفم، ولا سيما في المناطق التي يتدنى فيها مستوى الصحة البيئية، أما في البلدان التي يرتفع فيها مستوى الصحة فإن الرضع والأطفال هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض دون السنة الخامسة من العمر. كان المرض موجوداً في جميع بلدان العالم قبل استخدام اللقاحات المضادة لشلل الأطفال. ومنذ ذلك الحين أخذ المرض يختفي في البلدان التي طبقت برامج وطنية قوية للتطعيم على نطاق واسع.

في كثير من البلدان يعتبر المرض موسمياً، إذ يكون أكثر حدوثاً في موسم ارتفاع الحرارة والرطوبة. وعندما يصاب أي شخص بنمط معين من فيروسات شلل الاطفال فإنه يكتسب مناعة ضد هذا النمط تستمر طوال حياته. ولكن لا توجد مناعة تبادلية بين الأنماط المختلفة للفيروس.

ما مدى انتشار المرض؟

يقدر أن هناك ما بين عشرة ملايين وعشرين مليوناً من الأشخاص من جميع الأعمار يعيشون بشلل الأطفال في العالم ومنذ استخدام اللقاحات المضادة لشلل الأطفال أخذت الحالات في الاختفاء سريعاً في كثير من بلدان العالم التي تصل فيها التطعيمات الروتينية إلى نسب مرتفعة بين الرضع وصغار الأطفال. فلقد سجلت آخر إصابة محلية بهذا المرض في أمريكا عام 1991 م.كما أن بلدان غرب المحيط الهادي ومن بينها الصين، أصبحت الآن خالية تماماً من هذا المرض. وفي إقليم شرق المتوسط تحررت من شلل الأطفال بلدان متعددة. ولقد كان عدد الحالات الجديدة التي سجلت في العالم كله عام 1997 م يبلغ عشر العدد الذي سجل في عام 1988 م.تتناقص الحالات المبلغة سريعاً مع استمرار الجهود الفعالة ضد المرض في جميع أنحاء العالم.

علامات المرض وأعراضه:

تمر العدوى بفيروس Poliovirus بصورة خفية في أكثر من 90% من الذين يصابون بها، أضف إلى ذلك أن ما بين 4% و8% من حالات العدوى تؤدي إلى اعتلال طفيف، فيما تحدث مع حوالي 1% من الحالات أعراض عصبية. وتؤدي العدوى بهذا الفيروس إلى الشلل في ما بين شخص واحد وعشرة أشخاص من كل 1000شخص معرض. وبينما لا تلاحظ أي علامات مرضية في الإصابات الخفية، فإن هؤلاء المصابين يستطيعون نشر الفيروس بين الآخرين.

تبدأ أعراض الإصابة غالباً باعتلال طفيف، تصحبه حمى خفيفة والتهابات بالحلق، وتقيؤ وألم بالبطن وفقدان الشهية وبعض التوعك. وهذه الأعراض ليست مميزة ولا يمكن التمييز بينها وبين حالات العدوى الفيروسية الخفيفة الأخرى. وسرعان ما يشفى المريض من هذه الأعراض شفاء تاماً. وتكون المظاهر العصبية مصحوبة بالتوعك والحمى و الصداع والآلام العضلية وفرط الإحساس وتشوش الحس، وربما توجد كذلك أعراض الغثيان أو التقيؤ أو الإسهال أو الإمساك أو فقدان الشهية، فضلاً عن تيبس الرقبة.

في الحالات التي تنتهي بالشلل يلاحظ أن مسار المرض يمر عبر طورين، طور أصغر minor، وأحياناً ما تفصل بين الطورين عدة أيام بلا أعراض، ويعاني المريض في الطور الأصغر من الحمى والأعراض التنفسية العلوية وأعراضاً معدية معوية، أما الطور الأكبر فيبدأ بآلام عضلية وتشنجات بالعضلات ومعاودة الحمى. وقد تختفي المنعكسات reflexes قبل أن يظهر بوضوح ضعف العضلات.

يصيب الشلل الساقين أكثر ما يصيب الذراعين، وعادة ما لا يتناظر في الجانبين asymmetric. ويمكن في الحالات الشديدة أن يصاب المريض بالشلل الرباعي، حيث يصيب الشلل عضلات الجذع والبطن والصدر، الأمر الذي تترتب عليه عواقب خطيرة وتصبح العضلات المشلولة رخوة وتفقد توترها. ومع ذلك فإن الإحساس بالألم واللمس يظل بدون تغيير.

يتسم فيروس الشلل بقدرة فائقة على الانتقال. فالتعرض لشخص يحمل العدوى في بيت ذو صحة بيئية متدنية، قد تؤدي إلى معدل يكاد يصل إلى 100% لعدوى المخالطين غير الملحقين. ويكون المصاب بالعدوى أشد قدرة على نقلها أثناء الطور المبكر للعدوى وفي الحالات قبل بداية الأعراض وأثناء الأيام المبكرة للمظاهر السريرية.

يمكن مشاهدة الفيروس في إفرازات الحلق في وقت مبكر يصل إلى 36ساعة بعد التعرض للعدوى. كما يشاهد في البراز بعد 72ساعة من التعرض، سواء أفضى ذلك إلى عدوى خفية أو إلى مظاهر سريرية.

كل شخص ليست لديه مناعة ضد المرض يمكن أن تصيبه العدوى. كما يمكن اكتساب المناعة من خلال مقرر كامل من التطعيمات، وكذلك بعد الإصابة بالعدوى الطبيعية، سواء نتج عنها الشلل أم لا ينتج. ويعتقد أن المناعة الناجمة عن مقرر كامل من التطعيمات تستمر طوال الحياة. أما المواليد الذين يولدون لأمهات متلقيات للقاح، فإنهم يحملون أجساماً مضادة تحميهم من شلل الأطفال بضعة أسابيع يصبحون بعدها معرضين للعدوى، إذا لم يكن قد بدأ تطعيمهم.

معدل الوفاة بين المصابين بشلل الأطفال عادة أقل من 50%، وغالباً ما تنجم الوفاة بسبب فشل الجهاز التنفسي، أما الشفاء من الإصابات الشللية فيتوقف على مدى تأثر العضلات. فبعد بداية المرض بستة أسابيع يختفي معظم التلف العصبي القابل للتحسن. أما العضلات التي تظل مشلولة بعد الأسابيع الستة فيرجح أنها تبقى مصابة بشلل دائم. وأي تحسن قد يحدث بعد ذلك سوف يكون طفيفاً، ويعتمد على تضخم حجم العضلات وتدريبها، وليس على استعادة وظائف الخلايا العصبية.

لقاح شلل الاطفال

يستخدم نوعان من لقاح شلل الأطفال حول العالم، وقد اكتشف العالم الأمريكي "جوناس سالك" أول لقاح يقي من شلل الأطفال وأجرى أول اختبار عليه في عام 1952 م. وكان جوناس سالك قد أعلن اكتشاف لقاحه هذا وقدمه للعالم في 12 إبريل عام 1955 م، وكان يتألف من جرعة من فيروس شلل الأطفال غير النشط (الميت) يتم إعطاؤها عن طريق الحقن العضلي. ثم استطاع "ألبرت سابين" التوصل إلى لقاح مضاد لشلل الأطفال يُعطى في صورة قطرات عن طريق الفم، وذلك من خلال استخدام فيروس شلل الأطفال الضعيف. وقد بدأ "ألبرت سابين" في عام 1957م بتطبيق تجارب على البشر من خلال إعطائهم هذا اللقاح، وتم اعتماد هذا اللقاح رسميًا في عام 1962 م.ونظرًا لأنه لا يوجد على الدوام حامل لفيروس شلل الأطفال بين الأفراد ذوي المناعة القوية، فإن فيروسات شلل الأطفال يكون لها مستودع أولي للعدوى في الطبيعة، كما أن الفيروس لا يمكنه البقاء في البيئة لفترة زمنية طويلة. ونتيجةً لذلك، فإن منع انتقال فيروس شلل الأطفال بين البشر عن طريق التطعيم يعد خطوة حاسمة في القضاء على مرض شلل الأطفال على مستوى العالم.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  905