الأغذية المعدلة وراثيا.. عدّلنا جيناتها فهل تنتقم منا؟
الأغذية المعدلة وراثيا.. عدّلنا جيناتها فهل تنتقم منا؟
د. أسامة أبو الرب
الأغذية المعدلة وراثيا هي مواد غذائية تم إدخال جينات غريبة (أي من حيوان أو نبات آخر) إلى تسلسلها الجيني الطبيعي، أي تم تغيير تسلسل مادتها الوراثية 'DNA' بشكل لا يحدث في الحالة الطبيعية، ويطلق على التقنية المستخدمة في ذلك اسم 'التكنولوجيا الحيوية الحديثة' أو 'التكنولوجيا الجينية'. ويمكن تطبيقها على النبات والحيوان والكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا.
وتوجد مخاوف من أن هذه التغييرات الوراثية التي أجراها البشر قد تحمل مخاطر صحية عليهم، كما قد تنتقل إليهم عبر هذه الأطعمة، وكأن النباتات المعدلة وراثيا 'تنتقم منهم' للتلاعب في مادتها الوراثية وترد لهم الصاع صاعين.
وبالرغم من أن التوصيات الحالية تفيد بأن الأغذية المعدلة وراثيا آمنة على عمومها، فإنها تؤكد في الوقت نفسه على ضرورة فحص كل منتج على حدة والتحقق منه، مع الإشارة إلى عدم وجود اختبارات وفحوصات كافية على هذه الأطعمة لحد الآن.
ومع أن البعض يظن أن مفهوم تغيير المادة الوراثية أمر حديث، فإن البشر قد استخدموه منذ آلاف السنين. فمثلا المزارعون كانوا يجرون تزاوجا بين أنواع مختلفة من الكلاب أو الخيول للحصول على سلالات بصفات مفضلة. بالإضافة لتطعيم النباتات بنباتات أخرى للحصول على ثمار أو أشجار بصفات معينة كأن تكون الثمرة حلوة المذاق.
وتمتاز تكنولوجيا الجينات بأمرين أساسيين:
السرعة، فبدل الاعتماد على إجراء تزاوج طويل بين الحيوانات أو تطعيم للنباتات يقوم العلماء بنقل الجينات مباشرة إلى النبات أو الكائن الحي المراد تغيير مادته الوراثية.
المدى الأوسع، فمثلا تغيير المادة الوراثية عبر التزاوج يظل محصورا في الفئة نفسها من النباتات أو الحيوانات، ولكن عبر الهندسة الوراثية فبإمكاننا نقل جينات من النبات مثلا إلى الحيوانات، والعكس صحيح أيضا.
أهداف تعديل الأغذية وراثيا:
الحصول على محاصيل أكثر مقاومة للحشرات.
زيادة مقاومة المحاصيل للفيروسات.
زيادة قدرة النباتات على تحمل المبيدات الحشرية.
الحصول على أغذية ذات قيمة غذائية أعلى.
تحسين طعم وشكل الطعام.
الحصول على محاصيل تتطلب مقدارا أقل من المصادر مثل الري والمبيدات الحشرية، مما يوفر الموارد ويقلل كلفة الانتاج.
إنتاج سلالات تنمو بشكل أسرع.
الحصول على أغذية ذات صفات معينة مرغوبة، مثلا إنتاج بطاطا تمتص مقدارا أقل من الزيت عند قليها.
ومن أبرز المحاصيل التي تم تعديلها وراثيا الطماطم والبطاطا والقرع والذرة وفول الصويا.
أمثلة على آليات تعديل الغذاء وراثيا:
لزيادة مقاومة النبات للحشرات يقوم العلماء بإدخال جين لإنتاج السموم، هذا الجين يتم أخذه من بكتيريا (bacterium Bacillus thuringiensis ) (BT)، وهذا السم يستعمل كمبيد حشري تقليدي ولا يسبب ضررا على الإنسان. وبعد إدخاله إلى المادة الوراثية للنبات تصبح محاصيله أكثر قدرة على مقاومة الحشرات، كما أنها تحتاج لكمية أقل من المبيدات الحشرية.
أما لتعزيز قدرة النبات على مقاومة الفيروسات فيتم إدخال جينات من فيروسات معينة، مما يجعله أقل عرضة للآفات الناتجة عن الفيروسات. ولزيادة تحمل النباتات للمبيدات الحشرية يتم إدخال جينات من البكتيريا التي تمتلك بالأصل مقاومة للمبيدات الحشرية.
المخاطر المحتملة للأغذية المعدلة وراثيا:
الحساسية: إذ قد يؤدي تغيير المادة الوراثية إلى تطوير حساسية لم تكن موجودة في المنتج الأصلي. فمثلا هناك تساؤلات بشأن ما إذا كان إدخال جينات من نبات الفول السوداني إلى نبات الطماطم يؤدي إلى جعل الشخص الذي لديه حساسية للفول السوداني حساسا للطماطم أيضا.
انتقال الجينات: وهو انتقال الجينات من الأغذية المعدلة وراثيا إلى خلايا الإنسان أو البكتيريا الموجودة في الأمعاء مثلا، وخاصة إذا كان الغذاء المعدل وراثيا قد تم تعديله بجينات مقاومة للمضادات الحيوية مما قد يؤدي إلى تكون بكتيريا في الأمعاء مثلا مقاومة للمضادات الحيوية. ومع أن احتمالية انتقال الجينات تبقى منخفضة، إلا أن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 'فاو' تشجعان على استخدام جينات لا تحمل خاصية مقاومة المضادات الحيوية في الأغذية المعدلة وراثيا.
التهجين: وهو انتقال الجينات من نبات أو حيوان إلى آخر في البرية. وهذا الخطر بالتحديد حقيقي، ففي الولايات المتحدة تم العثور على آثار من ذرة مخصصة للاستعمال كأعلاف للحيوانات في محاصيل ذرة للاستهلاك البشري. ويعتقد أن هذا حدث بسبب التهجين. ولذلك يجب تقليل هذه الاحتمالية وذلك عبر الفصل التام بين حقول الذرة المخصصة للأعلاف والذرة المخصصة للاستهلاك البشري.
السلالات الجديدة قد تكون أقل مقاومة لأمراض أو لآفات أخرى.
التغييرات الوراثية الجديدة قد تكون مضرة وتحدث تأثيرات غير متوقعة على الصحة.
المحاصيل أو السلالات الجديدة قد تطغى على السلالة الأصلية مما يؤدي لانقراض الأخيرة، وهذا قد يكون له تأثير دراماتيكي على البيئة مثلا.
هل الأغذية المعدل وراثيا آمنة؟
بالرغم من المخاطر المحتملة، فتشير المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى أن الأغذية المعدلة وراثيا بشكل عام آمنة، ولم يتم تسجيل حالات من الأمراض ناجمة عن تناول هذه الأغذية لحد الآن.
مع ذلك، تؤكد المكتبة الوطنية للطب التابعة للمؤسسات الوطنية للصحة في الولايات المتحدة أنه لحد الآن لا توجد اختبارات وفحوصات كافية على هذه الأطعمة، وتشير إلى أن كل غذاء أو منتج معدل وراثيا يتم طرحه يجب فحصه والتحقق منه بشكل منفصل وذلك للتأكد من سلامته وعدم وجود تأثيرات سلبية له على الصحة.
الجزيرة
د. أسامة أبو الرب
الأغذية المعدلة وراثيا هي مواد غذائية تم إدخال جينات غريبة (أي من حيوان أو نبات آخر) إلى تسلسلها الجيني الطبيعي، أي تم تغيير تسلسل مادتها الوراثية 'DNA' بشكل لا يحدث في الحالة الطبيعية، ويطلق على التقنية المستخدمة في ذلك اسم 'التكنولوجيا الحيوية الحديثة' أو 'التكنولوجيا الجينية'. ويمكن تطبيقها على النبات والحيوان والكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا.
وتوجد مخاوف من أن هذه التغييرات الوراثية التي أجراها البشر قد تحمل مخاطر صحية عليهم، كما قد تنتقل إليهم عبر هذه الأطعمة، وكأن النباتات المعدلة وراثيا 'تنتقم منهم' للتلاعب في مادتها الوراثية وترد لهم الصاع صاعين.
وبالرغم من أن التوصيات الحالية تفيد بأن الأغذية المعدلة وراثيا آمنة على عمومها، فإنها تؤكد في الوقت نفسه على ضرورة فحص كل منتج على حدة والتحقق منه، مع الإشارة إلى عدم وجود اختبارات وفحوصات كافية على هذه الأطعمة لحد الآن.
ومع أن البعض يظن أن مفهوم تغيير المادة الوراثية أمر حديث، فإن البشر قد استخدموه منذ آلاف السنين. فمثلا المزارعون كانوا يجرون تزاوجا بين أنواع مختلفة من الكلاب أو الخيول للحصول على سلالات بصفات مفضلة. بالإضافة لتطعيم النباتات بنباتات أخرى للحصول على ثمار أو أشجار بصفات معينة كأن تكون الثمرة حلوة المذاق.
وتمتاز تكنولوجيا الجينات بأمرين أساسيين:
السرعة، فبدل الاعتماد على إجراء تزاوج طويل بين الحيوانات أو تطعيم للنباتات يقوم العلماء بنقل الجينات مباشرة إلى النبات أو الكائن الحي المراد تغيير مادته الوراثية.
المدى الأوسع، فمثلا تغيير المادة الوراثية عبر التزاوج يظل محصورا في الفئة نفسها من النباتات أو الحيوانات، ولكن عبر الهندسة الوراثية فبإمكاننا نقل جينات من النبات مثلا إلى الحيوانات، والعكس صحيح أيضا.
أهداف تعديل الأغذية وراثيا:
الحصول على محاصيل أكثر مقاومة للحشرات.
زيادة مقاومة المحاصيل للفيروسات.
زيادة قدرة النباتات على تحمل المبيدات الحشرية.
الحصول على أغذية ذات قيمة غذائية أعلى.
تحسين طعم وشكل الطعام.
الحصول على محاصيل تتطلب مقدارا أقل من المصادر مثل الري والمبيدات الحشرية، مما يوفر الموارد ويقلل كلفة الانتاج.
إنتاج سلالات تنمو بشكل أسرع.
الحصول على أغذية ذات صفات معينة مرغوبة، مثلا إنتاج بطاطا تمتص مقدارا أقل من الزيت عند قليها.
ومن أبرز المحاصيل التي تم تعديلها وراثيا الطماطم والبطاطا والقرع والذرة وفول الصويا.
أمثلة على آليات تعديل الغذاء وراثيا:
لزيادة مقاومة النبات للحشرات يقوم العلماء بإدخال جين لإنتاج السموم، هذا الجين يتم أخذه من بكتيريا (bacterium Bacillus thuringiensis ) (BT)، وهذا السم يستعمل كمبيد حشري تقليدي ولا يسبب ضررا على الإنسان. وبعد إدخاله إلى المادة الوراثية للنبات تصبح محاصيله أكثر قدرة على مقاومة الحشرات، كما أنها تحتاج لكمية أقل من المبيدات الحشرية.
أما لتعزيز قدرة النبات على مقاومة الفيروسات فيتم إدخال جينات من فيروسات معينة، مما يجعله أقل عرضة للآفات الناتجة عن الفيروسات. ولزيادة تحمل النباتات للمبيدات الحشرية يتم إدخال جينات من البكتيريا التي تمتلك بالأصل مقاومة للمبيدات الحشرية.
المخاطر المحتملة للأغذية المعدلة وراثيا:
الحساسية: إذ قد يؤدي تغيير المادة الوراثية إلى تطوير حساسية لم تكن موجودة في المنتج الأصلي. فمثلا هناك تساؤلات بشأن ما إذا كان إدخال جينات من نبات الفول السوداني إلى نبات الطماطم يؤدي إلى جعل الشخص الذي لديه حساسية للفول السوداني حساسا للطماطم أيضا.
انتقال الجينات: وهو انتقال الجينات من الأغذية المعدلة وراثيا إلى خلايا الإنسان أو البكتيريا الموجودة في الأمعاء مثلا، وخاصة إذا كان الغذاء المعدل وراثيا قد تم تعديله بجينات مقاومة للمضادات الحيوية مما قد يؤدي إلى تكون بكتيريا في الأمعاء مثلا مقاومة للمضادات الحيوية. ومع أن احتمالية انتقال الجينات تبقى منخفضة، إلا أن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة 'فاو' تشجعان على استخدام جينات لا تحمل خاصية مقاومة المضادات الحيوية في الأغذية المعدلة وراثيا.
التهجين: وهو انتقال الجينات من نبات أو حيوان إلى آخر في البرية. وهذا الخطر بالتحديد حقيقي، ففي الولايات المتحدة تم العثور على آثار من ذرة مخصصة للاستعمال كأعلاف للحيوانات في محاصيل ذرة للاستهلاك البشري. ويعتقد أن هذا حدث بسبب التهجين. ولذلك يجب تقليل هذه الاحتمالية وذلك عبر الفصل التام بين حقول الذرة المخصصة للأعلاف والذرة المخصصة للاستهلاك البشري.
السلالات الجديدة قد تكون أقل مقاومة لأمراض أو لآفات أخرى.
التغييرات الوراثية الجديدة قد تكون مضرة وتحدث تأثيرات غير متوقعة على الصحة.
المحاصيل أو السلالات الجديدة قد تطغى على السلالة الأصلية مما يؤدي لانقراض الأخيرة، وهذا قد يكون له تأثير دراماتيكي على البيئة مثلا.
هل الأغذية المعدل وراثيا آمنة؟
بالرغم من المخاطر المحتملة، فتشير المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى أن الأغذية المعدلة وراثيا بشكل عام آمنة، ولم يتم تسجيل حالات من الأمراض ناجمة عن تناول هذه الأغذية لحد الآن.
مع ذلك، تؤكد المكتبة الوطنية للطب التابعة للمؤسسات الوطنية للصحة في الولايات المتحدة أنه لحد الآن لا توجد اختبارات وفحوصات كافية على هذه الأطعمة، وتشير إلى أن كل غذاء أو منتج معدل وراثيا يتم طرحه يجب فحصه والتحقق منه بشكل منفصل وذلك للتأكد من سلامته وعدم وجود تأثيرات سلبية له على الصحة.
الجزيرة