عيوب القلب الخلقية
عيوب القلب الخلقية.. معظمها يلتئم قبل أن يكتشفها الأهل!!
شائعة بين الأطفال وتحدث في المراحل الأولى لتكوين الجنين
شائعة بين الأطفال وتحدث في المراحل الأولى لتكوين الجنين
د. خالد بن عبد الله المنيع
قلب الإنسان يتكون من أربع حجرات غرفتان في اليمين ومثلهما في جهة اليسار والغرفة العلوية في كل جانب تسمى الأذين والسفلية يطلق عليها البطين. ففي كل قلب هنالك أذين أيسر وبطين أيسر وأذين أيمن وبطين أيمن. ويفرغ كل أذين الدم الذي يصله إلى البطين المتعلق به وذلك من خلال صمام يسمح بخروج الدم إلى البطين ولا يسمح بعودته مرة أخرى إلى الأذين (يعمل كالباب في اتجاه واحد). ويخرج الدم من القلب عن طريق شريانين اثنين كبيرين احدهما يخرج من البطين الأيمن ويسمى الشريان الرئوي ويحمل الدم إلى الرئتين للتزود بالأكسجين من الهواء الداخل لهما. والشريان الأخر والأكبر يخرج من البطين الأيسر ويذهب بالدم المحمل بالأكسجين والقادم إلى الأذين الأيسر من الرئتين فيذهب به هذا الأنبوب لتوزيعه على بقية الجسم. عيوب القلب الخلقية عند الأطفال ليست بالنادرة أو القليلة الحدوث بل أن طفلاً من بين كل مائة طفل لديهم بعض من هذه العيوب. وهي أكثر العيوب الخلقية الكبيرة التي تكتشف عند الولادة يبدأ قلب الجنين في التخلق بعد فترة وجيزة من عملية تلقيح البويضة وأثناء فترة التكوين هذه تحدث هذه العيوب والتي قد تحدث في جدران القلب وتؤدي إلى وجود ما يعرف بالفتحة في القلب أو تحدث في الصمامات فتكون ضيقة أو مغلقة بالكامل أو تكون في الشرايين والأوردة الكبيرة القريبة من القلب. وتتسبب هذه العيوب في تعطيل مرور الدم في القلب إلى المسارات الطبيعية فيكون تأثيرها إما بإبطاء مرور الدم وإما بإغلاق كامل للاتجاه الطبيعي وتوجيه الدم إلى الاتجاه الخاطئ. وهناك عيوب أخرى تتسبب في عدم انتظام حركة القلب ونبضه وذلك بسبب خلل الشبكة الكهربائية والمنتشرة داخل الجدران.
أسباب حدوث العيوب الخلقية في القلب:
تحدث هذه العيوب عند مراحل التكوين الأولى في رحم الأم وغالباً لا يستطيع الطبيب أن يحدد سببا بعينه لان هناك أسباباً متعددة وفي أحيانا كثيرة قد لا تكون معروفة. نعم هناك أسباب قد يكون منها تعرض الأم لبعض الالتهابات الفيروسية أو داء القطط في الشهور الأولى من الحمل أو تناول بعض الأدوية في نفس تلك الفترة الحرجة من الحمل أو بعض الأمراض المناعية أو سكر الحمل قد تلعب دورا في حدوث هذه العيوب الخلقية.
الأعراض:
الكثير من الأطفال يبدون بصحة جيدة ولا يلاحظ الأهل أن لدى الطفل عيبا في القلب وفي معظم هذه الحالات قد تلتئم تلك العيوب قبل أن يشعر بها الأهل. لكن غالبا تتضح أعراض عيوب القلب عند الأطفال في الأيام أو الأسابيع القليلة بعد الولادة. وهذه الأعراض مثل
1-الازرقاق في الفم والشفاه وفي الجلد.
2-صعوبة في الرضاعة.
3-صعوبة وتسرع في التنفس.
وهذه الأعراض تنتج من نقص في تزويد الجسم بالأكسيجين. يكون سببه إما عدم حمل الدم للأكسجين الكافي أو عدم قدرة القلب على ضخ الكمية الكافية من الدم المشبع بالأكسجين.
الفحوصات المطلوبة لتشخيص أمراض القلب:
تجرى عدة فحوصات لتشخيص عيوب وأمراض القلب لدى الأطفال وهي عادة فحوصات بسيطة وسريعة وغير مؤلمة.
1-أشعة الصدر
2-التخطيط الكهربائي للقلب (ECG) وهي أسلاك تتصل بعقد تلصق على الصدر والأطراف وموصلة بجهاز يرصد النشاط الكهربائي للقلب. ولا تستغرق أكثر من عشر دقائق. ولا يشعر خلالها الطفل بأي شيء عدا وجود تلك العقد الملصقة بجسمه. لكن على الطفل أن يبقى ساكنا لمدة دقيقة على الأقل وهذا يبدو صعبا على صغار الأطفال
3- الايكو وهي أشعة صوتية لفحص القلب حيث تظهر الصورة الداخلية للقلب على الشاشة المتصلة بالجهاز وقد يشعر الطفل ببعض الضغط على صدره أو معدته لكن هذا غير مؤلم مع انه غير مريح.
ويلزم بقاء الطفل هادئاً وساكنا خلال هذا الفحص ومن اجل توفير ذلك الهدوء يعطى الأطفال الصغار أدوية مهدئة حتى يشعر الطفل بالرغبة في النوم وتعطى هذه الأدوية إما شراب عن طريق الفم أو بضع قطرات تضخ في الأنف.
العلاج :
تحديد المواعيد في عيادة القلب يرجع لتقدير الطبيب فبعض الأطفال قد يعطى موعداً بعد بضعة أسابيع وبعضهم قد يعمد إلى إدخاله المستشفى في نفس اليوم. وكثير من الأمهات عندما اخبرها بما لدى طفلها من عيوب خلقية تلجأ دائما للمقارنة وأكاد أجزم بان كل الأمهات يذكرن أن هناك طفلاً لقريبتهم أو جارتهم عنده مشكلة في القلب واحتاج إلى عملية جراحية أو العكس شفي من دون الحاجة للعملية. وهذه المقارنة دائما خاطئة فكل طفل يختلف عن الآخرين سواء بنوع العيب الموجود أو حجمه ومكانه أو وجود عدة عيوب مجتمعة والتي قد تكون مخففة للتأثير أو تفاقم الأثر وهل الوقت للتدخل الجراحي مناسبا أو مبكرا أو متأخرا. أمور كثيرة يحدد على ضوئها الطبيب نوع العلاج المناسب لكل طفل.
بعض هذه العيوب الخلقية قد لا تحتاج إلى أي علاج ومعظمها تفيد في علاجها الأدوية وبعض الأطفال قد يتم علاجه عن طريق القسطرة أو يحتاج إلى عملية جراحية.
الدواء:
بعض الأطفال قد لا يحتاجون إلى الدواء فترة طويلة بينما البعض قد يحتاجه لسنوات والبعض الآخر قد يستمر عليه طول العمر.
القسطرة القلبية:
وهي أنبوب صغير يدخله الطبيب في الوريد في أعلى الفخذ ثم يدفع به إلى أن يصل إلى المكان المطلوب في القلب حيث تتم مشاهدة ذلك من خلال الشاشة التي أمام الطبيب وهذه القسطرة يلجأ إليها الطبيب أحيانا للوصول إلى التشخيص الدقيق وأحيانا أخرى للعلاج أيضا حيث يستعان بها إلى غلق بعض العيوب الموجودة أو لتوسيع مضيق
وتجرى القسطرة تحت التخدير العام. وقد يخرج الطفل من المستشفى في نفس اليوم.
الجراحة:
وتفيد العمليات الجراحية في إنهاء دائم لبعض هذه العيوب والشفاء التام ولكن في حالات نادرة وقليلة جداً قد لا يفيد فيها لا الدواء ولا العمليات الجراحية وتكون زراعة القلب ربما هي الحل الوحيد.
ما مدى خطورة العيوب الخلقية في القلب على حياة الطفل؟
بعض الأهل يكونون في قلق وخشية من أن يموت الطفل فجاءه من مرض القلب. ولحسن الحظ فان هذا نادر جدا حدوثه بل أن معظم الأطفال المصابين يستجيبون بفاعلية للعلاج ويعيشون حياة صحية ونشيطة.
وبعض الأهل يشعرون بالرغبة في حماية طفلهم من أي أذى قد يضر بحالتهم المرضية وهذا أيضا لا يفيد الطفل فالعديد منهم يستطيع الاعتماد على نفسه ويلعب ويتنافس مع الأطفال الآخرين ويقوم تقريبا بكل الأنشطة التي يقوم بها غيره من الأطفال. وفي بعض الأحيان قد تطلب المدرسة بان يحضر لها الأهل تقريرا يوضح الأنشطة المسموح للطفل بممارستها ويمكن للأهل أن يطلبوا هذا التقرير من الطبيب.
نقاط هامة
1- أن العيوب الخلقية في القلب ليست نادرة بل شائعة (واحد من كل مائة طفل)
2- العلاج يعتمد على أمور كثيرة. في بعض الحالات قد لا يكون العلاج ضروريا وبعضهم قد يكتفي بالدواء والبعض تفيده القسطرة والبعض يحتاج إلى إجراء عملية جراحية وآخرين قد يحتاجون إلى جميع ما ذكر.
3- الأطفال الذين لديهم عيوب صغيرة قد تستمر معهم طول العمر وهم لا يشعرون بها ولا يحتاجون إلى أي علاج بل يمارسون حياتهم الطبيعية
4- الأطفال الذين يحتاجون إلى العلاج غالبا يستطيعون أن يعيشوا حياة طبيعية مع قليل جدا من القيود.
المصدر: صحيفة الرياض